صحافيو العراق يخشون استيلاء «الحشد الشعبي» على مقراتهم

صورة متداولة للتجمع أمام مقر نقابة الصحافيين أثناء محاولة «الحشد» الاستيلاء عليه
صورة متداولة للتجمع أمام مقر نقابة الصحافيين أثناء محاولة «الحشد» الاستيلاء عليه
TT

صحافيو العراق يخشون استيلاء «الحشد الشعبي» على مقراتهم

صورة متداولة للتجمع أمام مقر نقابة الصحافيين أثناء محاولة «الحشد» الاستيلاء عليه
صورة متداولة للتجمع أمام مقر نقابة الصحافيين أثناء محاولة «الحشد» الاستيلاء عليه

لا تزال حادثة اقتحام فصيل مسلح تابع لـ«الحشد الشعبي»، مقر نقابة الصحافيين العراقيين، في الديوانية (جنوب)، الثلاثاء الماضي، بهدف الاستيلاء عليه، تثير مخاوف الصحافيين من محاولة جديدة يقوم بها الفصيل المسلح الذي لم يتمكن في المرة الأولى من الاستيلاء على المقر بعد تدخل النقابة ووصول قوة أمنية إلى المبنى، ما أجبر المسلحين الملثمين على الانسحاب.

ورغم أن الصحافيين في المدينة حافظوا على مقرهم الذي يخضع للصيانة حالياً، أدرجت حادثة اقتحام المقر من قبل مسلحين يستقلون سيارات رباعية الدفع بزي عسكري، ضمن قائمة طويلة من أنشطة الفصائل التوسعية في مدن مختلفة من البلاد.

وقال أحمد الشيباني، نقيب الصحافيين في المدينة، إن الفصيل المسلح زعم أنه «يمتلك أوامر عليا من بغداد للاستيلاء على المبنى»، رغم أنه تقدم عام 2019 بطلب قانوني للحصول عليه، وجوبه بالرفض حينها.

ويخشى الصحافيون من أن يعاود الفصيل المسلح اقتحام النقابة مجدداً، وطردهم من البناية التي تخضع لأعمال ترميم متواصلة على نفقة الصحافيين.

وقالت صحفية من المدينة، إنه «على الأكثر، الفصيل المسلح كان ينتظر انتهاء ترميم البناية المتهالكة، بعد إنفاق 70 مليون دينار عراقي، حتى يقوم بالاستيلاء عليها». وتداول رواد «تويتر» مقطع فيديو يظهر آليات أمام المبنى.

«قدرتنا على مواجهة الفصيل المسلح قد تتضاءل بسبب نفوذهم بين المؤسسات الأمنية والمدنية»

عضو في نقابة الصحافيين العراقية

وقال عضو في نقابة الصحافيين، فضل عدم الكشف عن هويته، إن «قدرتنا على مواجهة الفصيل المسلح قد تتضاءل بسبب نفوذهم بين المؤسسات الأمنية والمدنية»، لكن أعضاء في النقابة أكدوا لـ«الشرق الأوسط»، إنهم «لن يتخلوا عن مقرهم مهما كلف الأمر».

لقطة في فيديو متداول لعناصر من «الحشد الشعبي» أمام مقر الصحافيين أثناء محاول الاستيلاء عليه

ولم تكن هذه الحادثة الأولى في مدينة الديوانية، إذ شهد عام 2019 مشادات علنية بين قائد «الحشد» هناك أحمد العوادي، والحكومة المحلية، إثر خلاف على عائدية بناية دائرة التقاعد، التي شغلها فصيل مسلح.

وغالباً ما تخشى المجموعات المدنية والنقابية مواجهة الفصائل المسلحة، خصوصاً في قضايا النزاع على عائدية الممتلكات العامة المستأجرة من الدولة، ويضطر كثيرون إلى الانسحاب منها، أو عقد تسوية تنتهي أيضاً لصالح الفصائل. 

ويعتقد صحافيون عراقيون أن توسع نفوذ الفصائل من القضايا التي يجب أن تبقى طي الكتمان، إذ من الصعب الحصول على معلومات موثقة، بسبب تحفظ المصادر الرسمية على إشهار الحقائق للرأي العام. 

لكن قيادياً في «الحشد الشعبي»، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن جميع المباني التي يشغلها في بغداد وبقية المدن، حصل عليها بناء على موافقات أصولية من الحكومة، واستناداً إلى قانون بيع وإيجار ممتلكات الدولة. وأشار القيادي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن «(الحشد) مؤسسة كبيرة، ولديها أنشطة ساندة للحكومة، وتحتاج إلى مقرات لتأدية مهامها، كما هو الحال مع بقية المؤسسات الحكومية». 

ومطلع الشهر الحالي، قال صحافيون أكراد إن «(الحشد الشعبي) استولى على مساحة 60 دونماً، كان من المقرر أن تخصص لإنشاء حديقة عامة». وأفاد صحافي كردي بأن «(الحشد) كان ينوي تحويل قطعة الأرض إلى مقر له، وفيما رفضت السلطات طلبات أعضاء في البرلمان بوقف استيلاء (الحشد)».

وفي مدينة البصرة، قالت مصادر مختلفة، إن «الحشد» يسيطر على قصر رئيس النظام السابق صدام حسين في بلدة البراضعية، لكنه أيضاً يشغل مقرات أخرى، مثل مركز التجنيد الجيش السابق. 


مقالات ذات صلة

​بغداد تبحث «خياراتها القانونية» في مواجهة إسرائيل

المشرق العربي قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)

​بغداد تبحث «خياراتها القانونية» في مواجهة إسرائيل

في وقت لم تكرر الفصائل المسلحة العراقية تهديداتها بضرب المصالح الأميركية في العراق والمنطقة أكد أحد قادتها على «أهمية الالتزام في خطاب الدولة»

حمزة مصطفى (بغداد)
خاص رجل عراقي يخبز خبزاً تقليدياً في أحد أفران بغداد (إ.ب.أ)

خاص العراق يترقّب خسائره من «الاعتماد المفرط على إيران»

يترقب العراقيون على المستويين الرسمي والشعبي مآلات الحرب المشتعلة بين إسرائيل وإيران.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي أنصار «الإطار التنسيقي» يحاولون إزالة حواجز وضعها الأمن العراقي لإغلاق الجسر المؤدي إلى المنطقة الخضراء حيث تقع السفارة الأميركية (أ.ب)

محاولات عراقية لضبط الفصائل

تحاول الحكومة العراقية ضبط مواقف الفصائل المسلحة، حيالَ الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل وأبلغ رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بعثات دبلوماسية أن بلاده.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي أنصار «الإطار التنسيقي» يحاولون إزالة حواجز وضعها الأمن العراقي لإغلاق الجسر المؤدي إلى المنطقة الخضراء حيث تقع السفارة الأميركية (أ.ب)

بغداد تمسك «العصا من الوسط» بين إيران وإسرائيل

تضطر بغداد للبقاء في منطقة توازن حرج ودقيق للغاية في ظل مواجهة عسكرية مباشرة بين إيران وإسرائيل.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي اجتماع «الإطار التنسيقي» بحضور السوداني (واع)

دعوات للتظاهر ضد إسرائيل في العراق

في الوقت الذي أعلن العراق رسمياً مساندته لإيران في مواجهتها الصاروخية المفتوحة مع إسرائيل، بدأ تصاعد التهديدات من قبل بعض الفصائل المسلحة يثير مخاوف.

حمزة مصطفى (بغداد)

​بغداد تبحث «خياراتها القانونية» في مواجهة إسرائيل

قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)
قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)
TT

​بغداد تبحث «خياراتها القانونية» في مواجهة إسرائيل

قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)
قوات أمن عراقية تقطع الطريق إلى الجسر المؤدي إلى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد (أ.ب)

في وقت لم تكرر الفصائل المسلحة العراقية تهديداتها بضرب المصالح الأميركية في العراق والمنطقة أكد أحد قادتها، وفي لفتة نادرة، على «أهمية الالتزام بخطاب الدولة».

منح الهدوء الحذر الذي يسيطر على الشارع العراقي، وتراجع المظاهرات سواء التي أطلقتها الفصائل المسلحة أو التي دعا إليها الإطار التنسيقي، الحكومة فرصة للتحرك دبلوماسياً وسياسياً، فيما تم فتح المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مقرات الحكومة والبرلمان ومنازل كبار المسؤولين أمام حركة السير.

وبعد سلسلة بيانات وتصريحات ومواقف رسمية وسياسية بشأن رفض العراق استخدام أجوائه من قبل الطيران الإسرائيلي لضرب إيران، ومع تحرك بغداد في مجلس الأمن الدولي، بحث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، خيارات الحكومة «القانونية» بشأن الخروقات الإسرائيلية للأجواء العراقية.

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (أ.ب)

وبحسب بيان حكومي صدر مساء الثلاثاء، فإن «السوداني التقى زيدان، حيث جرى خلال اللقاء استعراض التعاون بين السلطات التنفيذية، والقضائية، والتشريعية، وأهمية توحيد الجهود في هذه المرحلة، خصوصاً إزاء ما تمر به المنطقة من أزمات».

وأضاف البيان أن «اللقاء أكد إدانة الخرق الصهيوني للأجواء العراقية، ودعم جهود الحكومة في اتخاذ المواقف والإجراءات القانونية على الساحة الدولية وأمام الهيئات الأممية لحفظ حق العراق، ومنع انتهاك السيادة بأي شكل من الأشكال، فضلاً عن إدانة العدوان الصهيوني على إيران، وما يؤدي إليه من زيادة مستويات التوتر إقليمياً».

شكوى لمجلس الأمن

بشأن قيام العراق بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي يرى الخبير القانوني علي التميمي أن «هذا الإجراء ينسجم طبقاً للقانون الدولي مع مبدأ سيادة الدول على مجالها الجوي». وأضاف التميمي لـ«الشرق الأوسط» أن «ذلك يعني أن للدول الحق في السيطرة على المجال الجوي فوق أراضيها بما في ذلك المياه الإقليمية». وبين التميمي أن «توجه العراق إلى الأمم المتحدة ينسجم مع سلسلة قرارات واتفاقيات دولية من بينها (اتفاقية شيكاغو) لعام 1944 التي تعد الأساس للقانون الجوي الدولي، حيث تتمتع الدول بموجب هذه الاتفاقية بسيادة كاملة على مجالها الجوي، ويحق لها أن تتحكم في حركة الطيران المدني والعسكري فوق أراضيها»، مشيراً إلى أن «للدول الحق في تحديد الشروط والقواعد لعبور الطائرات الأجنبية لمجالها الجوي».

تحركات دبلوماسية

بالتزامن مع دعوة العراق الأمم المتحدة وبريطانيا والمجموعة الأوروبية إلى وقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، جددت السفارة الأميركية تأكيد حرصها بشأن الحفاظ على سلامة العراق. وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أجرى عدة لقاءات في وقت سابق هذا الأسبوع مع سفراء وممثلي بعثات دبلوماسية أوروبية في بغداد، وكان رئيس البرلمان محمود المشهداني دعا الأمم المتحدة وبريطانيا إلى التدخل لإيقاف الحرب والتوصل إلى هدنة.

رجل أمن عراقي يؤشر إلى حافلة تنقل حجاجاً إيرانيين عند الحدود البريّة مع السعودية (رويترز)

تحركات المشهداني جاءت بعد فشل المجلس في عقد جلسة كاملة النصاب لمناقشة مجريات الحرب الإسرائيلية - الإيرانية بسبب غياب معظم أعضاء البرلمان، حتى أولئك الذين ينتمون إلى قوى الإطار التنسيقي.

وكان المشهداني دعا ممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، إلى أن تأخذ المنظمة الأممية دورها لتضع حداً «للتجاوزات التي تقوم بها إسرائيل» في إيران وغزة وسوريا واليمن.

وذكر بيان لمجلس النواب، مساء الثلاثاء، أن المشهداني استقبل الحسان، وأكد خلال اللقاء على «دور الأمم المتحدة في التطورات الجارية بالمنطقة، وتجنيبها كثيراً من الصراعات، وضرورة الحفاظ على السلامة والأمن الدوليين، ووضع حد للتجاوزات التي يقوم بها الكيان الصهيوني في إيران وغزة وسوريا واليمن، وأن تأخذ الأمم المتحدة دورها».

في السياق نفسه دعا المشهداني السفير البريطاني لدى العراق، عرفان صديق، إلى أن يكون للمملكة المتحدة دور في إنهاء الصراع الدائر بالمنطقة.

وفي بيان لمجلس النواب جاء فيه أن «المشهداني استقبل صديق، وبحث اللقاء عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك وتبادل وجهات النظر فيها، والعمل على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وتفعيل لجان الصداقة بين المؤسسات التشريعية». وأشار البيان إلى أن اللقاء بحث الأوضاع الراهنة في المنطقة، وشدّد المشهداني على ضرورة أن «ينصب العمل على إشاعة السلم والأمن في المنطقة بدل التوترات المتتالية في كل من إيران وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن التي يحدثها الكيان الصهيوني، فهي محط إدانة واستنكار». وأضاف: «نطمح أن يكون لبريطانيا دور في إنهاء الصراع الدائر، وموقف بارز في إنهاء الحرب».

من جانبه، أكد السفير البريطاني أن دولته تقف مع العراق، وتدعم استقراره، وضد التصعيد، وتعمل على الحلول السلمية والدبلوماسية، مؤكداً أن بريطانيا لم تشارك في الضربات، وليس لديها نية في التدخل، ومجلس العموم لا يؤمن بالحلول العسكرية.

وفي هذا السياق بحث وزير الخارجية فؤاد حسين مع القائم بالأعمال الأميركي في العراق ستيفن فاغن موقف العراق الثابت برفض استخدام أجوائه بالتصعيد العسكري في المنطقة.

وقال بيان لوزارة الخارجية، مساء الثلاثاء، إن حسين، استقبل القائم بالأعمال الأميركي، وجرى خلال اللقاء بحث التصعيد العسكري الخطير في المنطقة، والتأكيد على تداعياته المحتملة على أمن واستقرار الشرق الأوسط والأمن الدولي، فضلاً عن انعكاساته السلبية على الاقتصاد العالمي. وأشار البيان إلى أن الوزير حسين شدد على موقف العراق الثابت برفض استخدام أجوائه، ناقلاً عن فاغن قوله بأن لدى بلاده «رغبة حقيقية في العودة إلى مسار المفاوضات حول المشروع النووي الإيراني والالتزام بالسبل الدبلوماسية».

جانب من المظاهرات الرافضة للقصف الإسرائيلي على إيران قبالة المنطقة الخضراء حيث مقر السفارة الأميركية في بغداد (أ.ب)

في السياق نفسه، بحث وكيل وزارة الخارجية للعلاقات الثنائية محمد حسين بحر العلوم، مع نائب السفير الأميركي في بغداد، إليزابيث ترودو، العلاقات الثنائية وموقف العراق من المواجهة الجارية بين إسرائيل وإيران.

وقال بيان للخارجية العراقية يوم الأربعاء إنه «جرى خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع الخطيرة في المنطقة»، فيما أكد بحر العلوم إدانة العراق لهذا العدوان، وعدّه «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».

من جانبها، أكدت ترودو على «التزام الولايات المتحدة بدعم جهود الحفاظ على أمن العراق واستقراره، وأن واشنطن تبذل جهوداً حثيثة لوقف العمليات العسكرية والتصعيد في المنطقة، والعمل على دفع جميع الأطراف نحو التهدئة، وتغليب الحلول الدبلوماسية».