رفض واسع في لبنان لقرار «البرلمان الأوروبي» إبقاء اللاجئين السوريين

الحكومة ماضية في التنسيق مع دمشق للعمل على عودتهم

من مخيم للنازحين السوريين في بلدة سعدنايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
من مخيم للنازحين السوريين في بلدة سعدنايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

رفض واسع في لبنان لقرار «البرلمان الأوروبي» إبقاء اللاجئين السوريين

من مخيم للنازحين السوريين في بلدة سعدنايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
من مخيم للنازحين السوريين في بلدة سعدنايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

لقي قرار «البرلمان الأوروبي»، الذي دعّم بغالبيته إبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، استنكاراً لبنانياً واسعاً ورفضاً لأي توجه لدمجهم أو توطينهم، مقابل تأييد البنود الأخرى التي تطرَّق إليها القرار، والمرتبطة بتدهور الوضع في لبنان، والدعوة للإسراع بتنفيذ الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والمالية.

ورغم هذا القرار فإن لبنان سيستمر في المسار الذي كان قد بدأ به لجهة التنسيق والتواصل مع السلطات السورية للعمل على عودة اللاجئين، مع التمسك بموقفه المعروف، والذي عبّر عنه أخيراً وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، في مؤتمر بروكسل، الأسبوع الماضي، وفق ما تؤكد أوساط حكومية مطّلعة، لـ«الشرق الأوسط». وتقول: «رغم أهمية الجهة التي صدر عنها القرار، لكنه لم يكن مفاجئاً، وهو الموقف نفسه الذي طالما كنا، ولا نزال، نسمعه من المسؤولين الأوروبيين وفي المجتمع الدولي، ومن ثم فإن القرار اللبناني الجامع في هذه القضية لن يتغيّر، وستبقى اللجنة الوزارية التي أنشئت خصيصاً للبحث في ملف عودتهم إلى بلادهم تعمل وفق الخطة التي بدأت بها؛ لأنه ليس لدينا خيار بديل، ومن المفترض أن تكون زيارة الوفد الوزاري إلى دمشق في وقت قريب».

وفي تعليق له على القرار، اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور الحجّار أن تصويت البرلمان الأوروبي بأغلبيةٍ ساحقة على قرار يدعم إبقاء النازحين السوريين في لبنان، ليس مستغرباً، وما هو إلا تجسيدٌ لمواقف جوزيف بوريل (مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي) الواضحة في مؤتمر بروكسل». وانتقد الحجار، في تغريدة على «تويتر»، الصمت الرسمي اللبناني، سائلاً «هل هذا الصمت هو نتيجة الخنوع، التواطؤ أم للحفاظ على المصالح؟!».

بدوره قال وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إن القرار «تعسّفي ومرفوض، ويهدف للضغط على لبنان لعدم الذهاب بوفد وزاري رسمي إلى سوريا، بهدف البدء بوضع بروتوكول، وتنفيذ آلية للإعادة الآمنة للنازحين إلى ديارهم».

واعتبر شرف الدين أن القرار «تدخُّل سافر بشؤوننا الوطنية الداخلية»، معلناً أنه طالب «بعقد جلسة طارئة لحكومة تصريف الأعمال، للتنديد والاستنكار لهذا القرار المُجحف بحق لبنان الذي يعاني كثيراً، اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً وبيئياً، وقد يعاني مستقبلاً ديموغرافياً من جراء هذا الملف»، معتبراً أنه «مع تغيّر الأوضاع وتبدل الظروف نحو الأفضل، وانتفاء الأسباب الموجبة، فالعودة الكريمة والآمنة أصبحت أمراً إلزامياً».

وعبّر رئيس «لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في مجلس النواب» النائب فادي علامة (من «كتلة التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، عن استغرابه للقرار الأوروبي، وقال إنه «يتعارض مع الدستور والقوانين اللبنانية والدولية، وحق النازح بالعودة إلى وطنه».

ولفت إلى أنه كان «من الأفضل لو أن البرلمان الأوروبي طالب بتحويل المساعدات والدعم للنازحين إلى مناطق عودتهم في سوريا، لتمكينهم من الاستقرار في وطنهم عوض الحديث عن دعم المخيمات...».

في الإطار نفسه، أكد النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» بلال عبد الله أن «هناك إجماعاً لبنانياً على رفض قرار البرلمان الأوروبي المتعلق بالوجود السوري في لبنان، وعدم اكتراثه لحجم التداعيات التي يسببها، في بلد يعاني انهياراً اقتصادياً غير مسبوق». ووصف النائب في «التيار الوطني الحر» سيمون ابي رميا قرار «البرلمان الأوروبي» بأنه «دعوة مبطّنة لبقاء النازحين السوريين في لبنان». ولفت إلى خطورة القرار الذي قد يمهّد لدمج النازحين في المجتمع اللبناني.

وأصدر جهاز العلاقات الخارجية في «حزب الكتائب اللبنانية» بياناً لفت فيه إلى أن «البرلمان الأوروبي صوّت على قرار بشأن لبنان عالج عدداً من جوانب الأزمة في البلاد، بما في ذلك الفراغ الرئاسي، والعقوبات ضد شخصيات فاسدة من أحزاب السلطة، ودعم التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وموضوع اللاجئين السوريين في لبنان». وأضاف: «إن حزب الكتائب إذ يؤيّد بقوة المواد الواردة في القرار، والتي تدين مَن أسهم في تدهور الوضع في لبنان، يدين بشدةٍ المادة المتعلقة باللاجئين السوريين، والتي فشلت في وضع خريطة طريق ضرورية لعودتهم إلى بلادهم، وهو أمر مصيري لاستقرار لبنان ووجوده».

كما أكد جهاز العلاقات الخارجية في «حزب القوات اللبنانية» أنه «لم يعد باستطاعة لبنان تحمل أعباء اللجوء السوري نتيجة أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية»، داعياً، في بيان، «الغيارى على حقوق الإنسان وكرامته في المجتمع الدولي للعمل مع لبنان على عودة اللاجئين إلى بلادهم، والضغط على النظام السوري لتسهيلها، أو إعادة توطينهم في بلد ثالث».



الأمم المتحدة تندد بـ«أعمال تذكّر بأخطر الجرائم الدولية» في قطاع غزة

فلسطينيون يتجمعون على أنقاض مبنى دمرته غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتجمعون على أنقاض مبنى دمرته غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تندد بـ«أعمال تذكّر بأخطر الجرائم الدولية» في قطاع غزة

فلسطينيون يتجمعون على أنقاض مبنى دمرته غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتجمعون على أنقاض مبنى دمرته غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ندّدت مسؤولة أممية رفيعة، اليوم (الثلاثاء)، بـ«وحشية يومية» تواجه سكان قطاع غزة المحاصر، الذي تقصفه إسرائيل، واصفة ما يجري هناك بـ«أعمال تذكّر بأخطر الجرائم الدولية».

وتحدثت جويس مسويا التي تتولى بالوكالة رئاسة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في مداخلة أمام مجلس الأمن الدولي، عن أن مدنيين طردوا من منازلهم و«اضطروا لمشاهدة أفراد أسرهم يُقتلون ويُحرقون ويُدفنون أحياء» في غزة التي وصفتها بأنها «أرض أنقاض قاحلة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتساءلت: «ما الاحتياطات التي تم اتخاذها، إذا كان أكثر من 70 في المائة من مساكن المدنيين إما متضررة أو مدمرة؟». وتابعت: «نحن نشهد أعمالاً تذكرنا بأخطر الجرائم الدولية».

وشدّدت على أن «الوحشية اليومية التي نشهدها في غزة لا حدود لها».

تأتي تصريحات مسويا في خضم حملة إسرائيلية في شمال غزة وصفتها بأنها «نسخة مكثّفة ومتطرّفة ومتسارعة من أهوال العام الماضي».

انصب التركيز في الاجتماع الذي تحدثت فيه مسويا على تقرير أعد بدعم من الأمم المتحدة صدر مؤخراً، وحذّر من أن «احتمال حدوث المجاعة وشيك وكبير بسبب التدهور السريع للوضع في قطاع غزة».

وتُمنع المساعدات على نحو روتيني من دخول القطاع، وقد اتّهمت منظمة أوكسفام الخيرية الدولية لمكافحة الفقر إسرائيل في نهاية الأسبوع باستخدام «التجويع كسلاح حرب».

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن شهر أكتوبر (تشرين الأول) شهد دخول الكمية الأقل من المساعدات إلى غزة هذا العام، على الرغم من إعلان إسرائيل الثلاثاء فتح معبر جديد لدخول المساعدات إلى القطاع.

وتسبب هجوم «حماس» غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب إحصاء لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل رهائن ماتوا أو قتِلوا في الأسر في غزة.

وخلال الهجوم، خطف المسلحون 251 شخصاً، لا يزال 97 منهم في غزة، بينهم 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.

وتردّ إسرائيل مذّاك بقصف مدمّر وعمليات برّية في قطاع غزة ما أسفر عن مقتل 43665 شخصاً، غالبيتهم مدنيون، وفقاً لأرقام وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة.