كشف رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وجود «شلة» من الفاسدين تنتظر الانقضاض على الموازنة المالية للعراق العام الحالي، التي تعد الأكبر في تاريخ البلاد.
السوداني، وفي سياق حديث داخل مجلس الوزراء، قال: «هناك شلة من الفاسدين تنتظر الانقضاض على التخصيصات المالية المرتبطة بالموازنة المالية... هذه الشلة تعد العدة؛ لكي تستثمر هذه الأموال كما استثمرت الأموال طوال الموازنات المالية في السنوات الماضية، ولم تترك أثراً للمواطن».
ويجيء حديث السوداني، على صعيد محاربة الفساد، بالتزامن مع بدء سلسلة إجراءات أقدمت عليها هيئة النزاهة، في ملاحقة أطراف متورطة في الفساد في عدد من المحافظات والأجهزة الحكومية.
وبين المحافظات التي شملتها ملاحقات الفساد، محافظة الأنبار غرب العراق. فبعد اعتقال مدير هيئة النزاهة فرع الأنبار بتهم فساد، قامت الأجهزة الأمنية المرتبطة بالهيئة باعتقال مدير تقاعد المحافظة، كاشفة، في بيان لها، عن العثور في منزله على مبلغ قدره 30 مليون دولار أميركي، فضلاً عن 3 سيارات فاخرة بأرقام مميزة يبلغ سعر الرقم عشرات آلاف الدولارات.
وبينما تعلن هيئة النزاهة يومياً إجراءاتها في المحافظات كافة، على صعيد محاربة الفساد وإلقاء القبض على مسؤولين وموظفين كبار، ومنهم موظفون تابعون لهيئة النزاهة نفسها، فإن السوداني أصدر أوامر بإعفاء رئيس ديوان الرقابة المالية، وهو أحد الأجهزة الأكثر عراقة في الدولة، وتكليف شخصية جديدة إدارته من دون معرفة الأسباب والدوافع.
كما أصدر السوداني (الأربعاء) قراراً لافتاً، وهو تعيين أبو علي البصري رئيساً لجهاز الأمن الوطني خلفاً لرئيسه السابق حميد الشطري، الذي نُقل بصفة «مستشار» إلى جهاز الأمن القومي.
وبحسب المراقبين السياسيين، فإن تعيين البصري على رأس جهاز الأمن الوطني أتي لأنه أصبح إحدى الأذرع الأساسية التي يعتمد عليها السوداني في محاربة الفساد، كون جهاز الأمن الوطني هو مَن يتولى في الغالب تنفيذ عمليات إلقاء القبض على المتهمين بالفساد.
إلى ذلك، وجّه السوداني نقداً لفريقه الحكومي؛ بسبب كثرة الإيفادات بين الوزراء ومن هم بدرجتهم. وقال السوداني مخاطباً الوزراء خلال جلسة مجلس الوزراء: «علينا تقليل الإيفادات، حيث لاحظنا هناك كثرة في الإيفادات».
وفيما حدد السوداني فترة 6 أشهر من أجل «تحقيق إنجاز خلال هذه الفترة بعد بدء تنفيذ بنود الموازنة المالية» فإنه أكد «ضرورة العمل ليل نهار من قبل الوزراء خلال فترة الستة أشهر؛ لكي يرى المواطن العراقي، الذي يسمع بموازنة مالية قدرها 200 تريليون دينار عراقي (نحو 180 مليار دولار أميركي)، إنجازات على أرض الواقع».
وقال: «الجهات الرقابية كلها في حالة استنفار، والأجهزة الأمنية تتابع عمليات الفساد؛ بهدف تنفيذ البرنامج الحكومي والإصلاح الاقتصادي» مؤكداً في الوقت نفسه أن «ما نقوم به كله قانوني».
وحول ما قيل عن عزم الحكومة الطعن في 12 مادة في الموازنة المالية، قال السوداني: «هناك مواد أُضيفت خارج الصلاحيات سوف ندرسها، ونرى إذا كانت تنسجم مع البرنامج الحكومي فيمكن اعتمادها... وفي حال كانت خارج البرنامج الحكومي والبرنامج الاقتصادي فإننا لن نعتمدها، حيث لا مجال للمجاملة».
وزير الكهرباء العراقي الأسبق، الدكتور لؤي الخطيب، رأى أن التحذيرات لا تكفي، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تحذيرات رؤساء وزراء العراق ضد الفساد متطابقة حد الملل، ولن تردع فاسداً ما دام المال العام تحكمه المحاصصة السياسية بنظام اشتراكي في ظل احتكار حكومي للقطاعات التشغيلية».
وأضاف الخطيب: «دور الحكومة إداري / تنظيمي، وجباية الضرائب برقابة الهيئات المستقلة ومجلس النواب». وعدّ أن «مكافحة الفساد تبدأ بوأد المحاصصة من خلال إنهاء موروث النظام الاشتراكي والهيمنة الحكومية على القطاعات جميعها لضبط سلوك الموظف الحكومي بعيداً عن الإغراءات، وتفعيل دور القطاع الخاص في إدارة الأذرع التشغيلية للدولة بمعايير عالمية ورقابة صارمة، بخطة واضحة وسقف زمني محدد».