الفارّون من جنين يروون مشاهد «الرعب والدمار والموت»

الآلاف غادروا المخيم في اليوم الثاني من العملية العسكرية الإسرائيلية

TT

الفارّون من جنين يروون مشاهد «الرعب والدمار والموت»

الهلال الأحمر الفلسطيني يساعد اللاجئين على إخلاء مخيم جنين إلى مكان آمن (إ.ب.أ)
الهلال الأحمر الفلسطيني يساعد اللاجئين على إخلاء مخيم جنين إلى مكان آمن (إ.ب.أ)

خرج الآلاف من سكان مخيم جنين في شمال الضفة الغربية في مسيرة ألم، بعد أن اضطروا إلى مغادرة منازلهم المتهالكة باتجاه مدينة جنين والقرى المجاورة إثر العملية العسكرية التي بدأتها القوات الإسرائيلية أمس (الاثنين) وأسفرت عن مقتل عشرة أشخاص.

ووصل النازحون من مخيم جنين إلى أماكن الإيواء المؤقت في المساجد والكنائس وغيرهما بوجوه عابسة، في حين كانت القنابل تنفجر في سماء جنين ومعها تتناثر شظايا حزن سكان المخيم.

يمسك طفل بوالدته في موكب الشتات العشوائي، ويعلو صوته متسائلاً: «متى راجعين على المخيم؟». تعجز الأم عن الإجابة وتكتفي بعبارة: «الله أعلم»!

وتصرخ طفلة وسط دخان قنابل الغاز: «يابا... يابا»، محاولة البحث عن الأمان مع والدها الذي يحتضنها في أثناء فراره إلى مكان أكثر أمناً.

غادر نحو ثلاثة آلاف مخيم جنين الذي يقدر عدد سكانه بنحو 14 ألف نسمة، ورفض السكان الرواية الإسرائيلية بأنهم خرجوا طوعاً.

ويقول ياسر النورسي، الذي غادر المخيم مع عائلته، لوكالة «أنباء العالم العربي»: «خرجنا بعد أن طلب الجيش ذلك عبر مكبرات الصوت. قالوا إنهم سيقصفون المخيم بالطائرات؛ لذلك اضطررنا للخروج».

فلسطينيون ينامون خارج مستشفى جنين (إ.ب.أ)

ويصف النورسي ما يجري في المخيم بأنه «حرب متكاملة الأركان». وعن أعداد القتلى قال: «من كان في المخيم يعرف أن هناك بيوتاً مدمرة بالكامل، ولم تستطع طواقم الإسعاف الوصول إليها. أظن أن العدد أكبر بكثير من الأرقام المعلنة».

«يوم رعب ودمار وموت»

وحسبما يقول شهود لوكالة «أنباء العالم العربي»، فإن مشهد النزوح كان مأساوياً، وتعرض النازحون لهجوم من الجيش الإسرائيلي خلال محاولتهم الخروج من المخيم.

ويحكي محمد أبو إرميلة: «كان العشرات يسيرون بشكل جماعي بعد أن خرجوا من المخيم، هاجمهم الجيش الإسرائيلي بقنابل الغاز المسيل للدموع. شاهدت نساء وأطفالاً يهربون من دخان الغاز».

فلسطينيون يتفقدون المحلات التجارية التي أُحرقت ودُمرت من قبل القوات الإسرائيلية في وسط مخيم جنين (د.ب.أ)

أبو إرميلة، الذي مكث نحو 24 ساعة في أثناء العملية العسكرية قبل اتخاذ قرار المغادرة بناء على التهديدات الإسرائيلية، يصف جزءاً من المشهد قائلاً: «لم يكن يوماً عادياً، كان يوماً من الرعب والدمار والموت، كان يوماً شهدت عليه السماء والأرض والحجارة. المخيم تحول إلى ساحة حرب وجحيم. صوت الرصاص والقصف لم يتوقف للحظة واحدة، كنا نعتقد مع مضي الوقت أن الموت يقترب منا أكثر وأكثر».

ويضيف: «لم يكن لدينا خيار سوى الفرار من الموت الذي يتربص بأهالي المخيم في كل زاوية».

على بعد مئات الأمتار من المخيم، تجمع أشخاص من مدينة جنين خرجوا من بيوتهم لاستقبال النازحين وإيوائهم في بيوتهم.

رجل من الهلال الأحمر الفلسطيني يساعد اللاجئين على إخلاء مخيم جنين إلى مكان آمن (إ.ب.أ)

ويقول إسلام زيتون واصفاً خروج سكان مدينة جنين بصورة جماعية لإيواء النازحين: «جنين كانت في الشارع وخرجت تبحث عن أهالي المخيم».

تدعو مآذن المساجد النازحين للذهاب إليها، في حين نشرت الكنائس بيانات تؤكد جاهزيتها لاستقبال النازحين.

وفي بلدة الزبابدة القريبة من جنين، جهزت كنيسة «سيدة الزيارة» نفسها لاستقبال النازحين، وأعلنت تأهبها لإيواء الناس وتقديم ما يلزم من مساعدة.

ولم تحدد إسرائيل موعداً لانتهاء عمليتها العسكرية في مخيم جنين الذي تبلغ مساحته أقل من نصف كيلومتر مربع.


مقالات ذات صلة

نتنياهو يناور غالانت وساعر بأنباء الإقالة والتحالف

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت (أ.ب)

نتنياهو يناور غالانت وساعر بأنباء الإقالة والتحالف

تفاعلت بقوة في إسرائيل، الاثنين، الأنباء عن مساعي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإقالة وزير دفاعه، يوآف غالانت، وتعيين الوزير السابق جدعون ساعر خلفاً له.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية جثمان عائشة نور إزغي ملفوفاً بعلم تركيا ومحمولاً على أعناق الجنود لدى وصوله إلى إسطنبول الجمعة (موقع ولاية إسطنبول)

تركيا شيّعت جنازة عائشة نور إزغي وتعهّدت بمحاسبة قتلتها الإسرائيليين

شيّعت تركيا، السبت، جنازة الناشطة الأميركية - التركية عائشة نور إزغي إيغي التي قُتلت برصاص جنود إسرائيليين خلال مظاهرة سلمية منددة بالاستيطان بالضفة الغربية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج السعودية عدّت اقتحام نتنياهو «الأغوار» استفزازاً يهدف إلى توسيع الاستيطان (أرشيفية - إ.ب.أ)

السعودية تؤكد رفضها تعدي نتنياهو على «الأغوار»

أعربت السعودية، الخميس، عن إدانتها ورفضها الشديدين الاقتحام السافر لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتعدي على منطقة الأغوار الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي العضوان المتطرفان في الحكومة الإسرائيلية إيتمار بن غفير (يسار) وبتسلئيل سموتريتش... كابينت الحرب استثنى الأول وضم الثاني (أ.ف.ب)

كابنيت جديد للحرب من دون بن غفير

شكّل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مجلساً وزارياً جديداً (كابينت الحرب) لإدارة الحرب، يضم سبعة وزراء ليس بينهم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي صورة للناشطة عائشة نور إزغي إيغي كما قدمتها حركة «التضامن» الدولية (أ.ب)

عائلة الناشطة الأميركية التركية التي قتلها الجيش الإسرائيلي: بايدن لم يتصل بنا

قالت عائلة الناشطة الأميركية-التركية، عائشة نور إزغي إيغي، التي قتلها جنود الجيش الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، إن الرئيس الأميركي لم يتصل بهم لتقديم التعازي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الأردن يتسلم جثمان منفذ هجوم معبر اللنبي

جنود إسرائيليون عند معبر اللنبي الفاصل بين الضفة الغربية والأردن (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون عند معبر اللنبي الفاصل بين الضفة الغربية والأردن (أ.ف.ب)
TT

الأردن يتسلم جثمان منفذ هجوم معبر اللنبي

جنود إسرائيليون عند معبر اللنبي الفاصل بين الضفة الغربية والأردن (أ.ف.ب)
جنود إسرائيليون عند معبر اللنبي الفاصل بين الضفة الغربية والأردن (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، اليوم (الثلاثاء)، أن المملكة تسلّمت من إسرائيل جثة سائق الشاحنة الأردني الذي قتل ثلاثة إسرائيليين عند معبر اللنبي - جسر الملك حسين بين الضفة الغربية والمملكة في الثامن من الشهر الحالي، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية «بترا» عن الناطق الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة قوله: «جرى تسلم جثمان المواطن الأردني ماهر الجازي، ليتم دفنه في المملكة بعد تسليمه لذويه».

وأضاف أن «الوزارة وبالتنسيق مع الجهات المعنية في المملكة تواصل جهودها للإفراج عن المواطنين الأردنيين مصلح العودات وحسين النعيمات المحتجزين جراء حادثة إطلاق النار التي وقعت في الجانب الفلسطيني من جسر الملك حسين».

وكان الجازي وصل إلى المعبر في شاحنته وترجل منها وأطلق النار في اتجاه قوات الأمن الإسرائيلية في الجانب الآخر من المعبر الذي تسيطر عليه إسرائيل.

ووصف الجيش الإسرائيلي الجازي بـ«الإرهابي».

وأعلنت الخارجية الأردنية أن «الحادث عمل فردي».

وجاء الهجوم النادر حدوثه على المعبر الحدودي وسط تصاعد وتيرة العنف في الضفة الغربية، حيث نفّذ الجيش الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية عمليات عسكرية واسعة النطاق وسط استمرار الحرب المستعرة في قطاع غزة منذ أكثر من 11 شهراً بين الدولة العبرية وحركة «حماس».

ويستخدم الفلسطينيون جسر اللنبي، المعروف أيضاً باسم جسر الملك حسين، للسفر إلى الأردن أو منه إلى الخارج. ويدير المعبر حراس أمن من شركة خاصة إلى جانب قوات الأمن الإسرائيلية.