وجهاء العشائر السورية انشغلوا في العيد بحل الخلافات

التوقيع على صلح بين عائلتين في منطقة دير حسان شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
التوقيع على صلح بين عائلتين في منطقة دير حسان شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

وجهاء العشائر السورية انشغلوا في العيد بحل الخلافات

التوقيع على صلح بين عائلتين في منطقة دير حسان شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
التوقيع على صلح بين عائلتين في منطقة دير حسان شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

استثماراً لعيد الأضحى المبارك، زار عدد كبير من وجهاء ورموز العشائر العربية وأعضاء من مجالس الصلح، كثيراً من المضافات والمرجعيات الشعبية والعشائرية في المناطق ذات الكثافة السكانية بشمال غربي سوريا. وتكللت زياراتهم خلال أيام العيد بحل كثير من الخلافات المعقدة، مع الدعوة إلى نبذها والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة والمواطنين.

وفي رابع يوم من عيد الأضحى، وفي مضافة أحد رموز قبيلة بني خالد في منطقة دير حسان بالقرب من الحدود التركية شمال إدلب، ذات الكثافة السكانية ومعظمهم من النازحين من مناطق مختلفة في سوريا، توصلت عائلتان من ريف إدلب (وقعت فيما بينهما مؤخراً خلافات كبيرة إثر مشاجرة وقعت بين شابين من كلتا العائلتين)، إلى حل توافقي وصلحي فيما بينهما، بجهود من رموز عشائرية، بينهم الشيخ صفوت الخالدي عن قبيلة بني خالد، والوجيه يوسف أبو عبيد عن قبيلة طي، والشيخ بسام الجنيدي أبو هشام عن قبيلة الجنيدات، وأعضاء مجالس الصلح في سرمدا ودير حسان.

وقدم الطرفان المتخاصمان الاعتذار لبعضهما، وتصافحا، وتم خفض الغرامة المفروضة على أحد الأطراف المتضررة من 1500 دولار إلى 1000 دولار، إكراماً لعيد الأضحى والضيوف من وجوه ورموز العشائر وممثلي مجالس الصلح في المنطقة على دورهم ومساعيهم البناءة.

ويقول الشيخ صفوت الخالدي في قبيلة بني خالد لـ«الشرق الأوسط»، إنه «انطلاقاً من حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: (إن لله في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها فلعل أحدكم تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً)، والشعور بالمسؤولية، يبادر شيوخ ووجهاء العشائر وأعضاء مجالس الصلح وبشكل دائم إلى حل الخلافات الاجتماعية في شمال غربي سوريا، ونستغل الأعياد والمناسبات وما تشهده من حب وتسامح كعيد الأضحى المبارك هذا العام، إلى تكثيف الجهود المبذولة في حل المشاكل وردم كثير من الخلافات بين أبناء الشعب السوري الواحد الذي يعيش حالة النزوح في المخيمات وغيرها من المناطق، للمحافظة على أكبر قدر من الاستقرار والهدوء، وقد نجحنا في حل كثير من الخلافات، منها المعقدة».

في إحدى المضافات بمنطقة دير حسان شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

ويضيف: «يبقى شيوخ ورموز ووجهاء العشائر وأعضاء المجالس الصلحية في المنطقة الركيزة الأولى في استقرار السلم الأهلي وتهدئة النفوس، من خلال جهودهم التي يبذلونها في حل الخلافات قبل أن تتطور إلى حد المواجهة بين الأطراف المتخاصمة، والبت في الحكم بشكل فوري، وفقاً إما لأعراف وقوانين أو لأحكام شرعية، تلزم جميع الأطراف بالحكم الأخير. وغالباً ما يجري التوصل إلى حل الخلافات إما بالاعتذار أو الجاهة (مجموعة من الشيوخ والرموز تتوجه إلى صاحب الحق وتحصل منه على الصفح عن الطرف الآخر)، كما حصل خلال أيام العيد في حل كثير من الخلافات كالشجار بين العوائل ومشاكل شخصية (الطلاق)، بهذا الشكل».

ولفت إلى أنه «تمكن مجلس القبائل والعشائر السورية ومجلس الصلح العام وشيوخ من العشائر ووجهاء المناطق، خلال أيام العيد، من حل قضية قتل بين عائلتين في مدينة إدلب، بعد حصولهم على عفو كامل لوجه الله تعالى من أهل القتيل».

وبعد اندلاع الحرب السورية وغياب دور المحاكم والقضاء الحكومي، يعتمد السكان في شمال غربي سوريا بحل قضاياهم ومشاكلهم في غالبيتها على المجالس الصلحية والعشائرية لكونها أقرب من المجتمع من المحاكم ودور القضاء ودرايتها بطرق ووسائل الحل. وغالباً ما تستعين المحاكم المدنية والجزائية في المنطقة على المحاكم العشائرية واللجان الصلحية في حل الخلافات المستعصية والمعقدة كالقتل والشرف وغيرها.

وشدد أبو سعيد (55 عاماً)، وهو أحد سكان منطقة سرمدا بريف إدلب، على أهمية المناسبات والأعياد ودور شيوخ العشائر والمجالس في حل المشاكل والخلافات المعقدة. وقال: «لدى السوريين طبيعة جميلة جداً؛ وهي الصفح والتسامح عند وقوع الخلافات والمشاكل. وخلال الأعياد والمناسبات، تتصاعد هذه الحالة عندهم، ويقف الأمر عند وقوع الخلافات على تدخل شخصية بارزة أو وجيهة للمبادرة في حلها، كما جرت العادة، واستشهد بقدرة شيوخ العشائر وأعضاء المجالس الصلحية على حل قضية معقدة خلال أيام العيد، كان قد تعرض فيها 4 شبان من عائلتين، لإصابات بليغة عقب مشاجرة وخلاف على قطعة أرض. وخضع الطرفان للحل النهائي الذي أبرمه الشيوخ بلجان الصلح، وتمت المصالحة فيما بينهما وانتهى الخلاف بشكل نهائي، وتبادل الطرفان الزيارات وسط أجواء من الرضا والتسامح في أول وثاني أيام العيد».

يذكر أن المحاكم العشائرية والمجالس الصلحية لعبت دوراً بارزاً ومهماً في حل وفض النزاعات والخصومات وتذليل كثير من العقبات التي عمقت الخلافات بين أفراد المجتمع خلال السنوات الأخيرة الماضية، وذهبت إلى أعضائها لتوعية المواطنين من خلال عقد لقاءات دورية مع الرموز الاجتماعية والشعبية، خصوصاً في المخيمات التي تشهد اكتظاظاً في السكان.



لبنان يترقب تداعيات المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية

المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في «دار الفتوى» (المركزية)
المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في «دار الفتوى» (المركزية)
TT

لبنان يترقب تداعيات المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية

المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في «دار الفتوى» (المركزية)
المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في «دار الفتوى» (المركزية)

استمر الاستنفار السياسي اللبناني على أشده، لمواكبة تداعيات المواجهة الإيرانية الإسرائيلية وانعكاساتها على الوضع اللبناني الهش، بينما شدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، على «أهمية نأي لبنان بنفسه عما يحصل» من حرب بين إيران وإسرائيل.

وتابع الرئيس اللبناني جوزيف عون التطورات الراهنة، في ضوء استمرار التصعيد الإسرائيلي- الإيراني، واطلع على تقارير حول مسار هذا التصعيد، والاتصالات الإقليمية والدولية الجارية لوضع حد له، وذلك في ضوء الاتصالات التي تلقاها من عدد من قادة الدول، حول الجهود المبذولة في هذا الصدد.

وحسب بيان الرئاسة اللبنانية: «ظل الرئيس عون على اتصال بالقيادات الأمنية التي تتابع الموقف ميدانياً، وفق ما اتفق عليه خلال الاجتماع الأمني الذي عُقد في قصر بعبدا يوم السبت الماضي».

كما تابع رئيس الجمهورية تنفيذ الإجراءات المتعلقة بتأمين عودة اللبنانيين إلى بيروت، الذين حالت هذه الأحداث دون عودتهم، على أثر إلغاء عدد من شركات الطيران رحلاتها إلى مطار رفيق الحريري الدولي، أو إقفال المجالات الجوية لعدد من الدول المجاورة.

دريان والسفير بخاري

واستقبل الشيخ دريان في «دار الفتوى» سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، الذي قدم للمفتي التهاني بعيد الأضحى المبارك، وعلى أدائه مناسك الحج بدعوة من المراسم الملكية. وكانت مناسبة جرى فيها التداول في الشؤون اللبنانية والعربية. وحسب بيان للمكتب الإعلامي في «دار الفتوى»، تم التأكيد خلال اللقاء على «أهمية نأي لبنان بنفسه عما يحصل من حرب» بين إيران وإسرائيل، والتشديد على ضرورة المساعي والجهود الدبلوماسية العربية والدولية، لاحتواء لغة الحرب، والعودة إلى لغة العقل، والتحذير من خطورة استمرار هذه الحرب، ومدى انعكاسها سياسياً واقتصادياً وبيئياً على المنطقة، وسعي لبنان للتمتع بالأمن والسلام والطمأنينة، رغم استمرار العدوان الإسرائيلي على بعض مناطقه، والاختراقات المتكررة لمضمون القرار 1701.

كما تم تأكيد ضرورة الاستمرار في الإصلاح الإداري والمالي، وترميم البنية التحتية، لإعادة عجلة التعافي إلى لبنان ومؤسساته، بدعم عربي شقيق، ومساندة من الدول الصديقة للبنان؛ لأنه في هذه المرحلة يحتاج إلى مزيد من التنسيق مع أشقائه العرب، والابتعاد عما يجري في دول الإقليم من صراعات دموية وتغيرات في التحالفات، تنعكس سلباً على دول المنطقة.