الصدر يطالب أنصاره بعدم تكرار اقتحام السفارة السويدية

السيستاني يدعو الأمم المتحدة لإعادة النظر في التشريعات التي تنتهك مبدأ «التعايش السلمي»

كتابة على جدار للمطالبة بطرد السفير السويدي فوراً خارج مبنى السفارة في بغداد الخميس (أ.ب)
كتابة على جدار للمطالبة بطرد السفير السويدي فوراً خارج مبنى السفارة في بغداد الخميس (أ.ب)
TT

الصدر يطالب أنصاره بعدم تكرار اقتحام السفارة السويدية

كتابة على جدار للمطالبة بطرد السفير السويدي فوراً خارج مبنى السفارة في بغداد الخميس (أ.ب)
كتابة على جدار للمطالبة بطرد السفير السويدي فوراً خارج مبنى السفارة في بغداد الخميس (أ.ب)

بينما دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، الأمم المتحدة إلى إعادة النظر في التشريعات التي تسمح بوقوع أعمال منافية لمبدأ «التعايش السلمي بين الشعوب»، طالب زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر أنصاره بعدم معاودة اقتحام السفارة السويدية في بغداد. وفي رسالة بعث بها مكتبه إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشأن حادثة حرق نسخة من المصحف على يد عراقي في السويد، قال السيستاني إن وسائل الإعلام «تناقلت أن أحدهم قام في مملكة السويد بالاعتداء على نسخة من القرآن الكريم وحرق بعض أوراقها، بهدف الإساءة إلى الدين الإسلامي الحنيف». وأضاف السيستاني أن نظير هذا التصرف كان قد وقع «أكثر من مرة في بلدان مختلفة خلال السنوات الأخيرة، إلا أنّ الملاحظ أنه وقع هذه المرة بترخيص رسمي من الشرطة السويدية، بزعم أنه من مقتضيات احترام حرية التعبير عن الرأي».

أنصار الصدر يتظاهرون بعد صلاة الجمعة في الناصرية (أ.ف.ب)

وأكد البيان أن «من المؤكّد أن احترام حرية التعبير عن الرأي لا يبرّر أبداً الترخيص لمثل هذا التصرف المخزي الذي يمثّل اعتداءً صارخاً على مقدسات أكثر من ملياري مسلم في العالم، ويؤدي إلى خلق بيئة مواتية لانتشار الأفكار المتطرفة والممارسات الخاطئة». وبيّن أن «المرجعية الدينية العليا، إذ تبدي إدانتها واستنكارها لما وقع، تطالب الأمم المتحدة باتخاذ خطوات فاعلة لمنع تكرار أمثاله، ودفع الدول إلى إعادة النظر في التشريعات التي تسمح بوقوعه، وتدعو إلى تثبيت قيم التعايش السلمي بين أتباع مختلف الأديان والمناهج الفكرية، مبنياً على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين الجميع».

إلى ذلك، وبعد يوم عصيب للسفارة السويدية في بغداد بعد اقتحامها من قبل متظاهرين غاضبين ينتمون إلى «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر مع التهديد بحرقها، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفيرة السويدية في بغداد وسلمتها رسالة احتجاج شديدة اللهجة على إقدام لاجئ من أصول عراقية، على إحراق نسخة من القرآن أمام مسجد في العاصمة استوكهولم. وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية، أحمد الصحاف، في بيان أنه تمت مطالبة «الحكومة السويديَّة باتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف الإساءة المتكررة للقرآن الكريم، على أن المسوغات القانونية وحرية التعبير لا تبرر السماح بذلك». ودعا زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر أنصاره الغاضبين الذين خرجوا بالمئات قبل يوم من دعوته لهم بالتظاهر يوم الجمعة أمام السفارة السويدية في العاصمة العراقية بغداد، إلى عدم معاودة اقتحام مقر السفارة. ودعا مَن يسمى «وزير القائد»، صالح محمد العراقي المقرب من زعيم «التيار» مقتدى الصدر، أنصار التيار لعدم تكرار اقتحام السفارة السويدية في بغداد، وذلك استعداداً لمظاهرة أمام مقرها؛ احتجاجاً على حادثة حرق نسخة من القرآن في استوكهولم. وقال العراقي في تعليق له، «وصلت رسالة الاقتحام العفوية، فلا داعي لتكرارها». وفي بغداد وإقليم كردستان، توالت ردود الفعل الغاضبة حيال قيام اللاجئ من أصول عراقية بحرق نسخة من القرآن الكريم.

أنصار الصدر يحرقون علم «قوس قزح» خارج السفارة السويدية في بغداد (أ.ف.ب)

وفي الوقت الذي عبّرت فيه الحكومة العراقية عن اتخاذها جملة إجراءات بشأن هذا العمل بعد استدعاء السفيرة السويدية في بغداد، أصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، مجموعة إجراءات بشأن إمكانية استرداد المواطن العراقي اللاجئ في السويد الذي أحرق نسخة من القرآن. أما في كردستان، فأصدرت حكومة الإقليم ورجال الدين هناك بيانات إدانة واضحة. ودعت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي أنصارها إلى تنظيم وقفات ومبادرات مناهضة لهذا التصرف على غرار ما فعله الصدريون. وقال «الإطار» في بيان له إنه «مرة أخرى وفي خطوة مستنكرة جداً ومستفزة للعالم الإسلامي، ولأكثر من ملياري مسلم في العالم، يقدم أحد الذين وصفهم كتاب الله بـ(السفهاء) على إساءة تدل على التطرف الفكري لمرتكبها، وتثبت همجية التفكير والسلوك». وأضاف أنه «في الوقت الذي يدين فيه الإطار التنسيقي هذا الفعل الشائن، يستنكر عمليات التغاضي والسماح التي تبديها تلك الحكومات والأنظمة بدواعي حرية الرأي التي تطبقها باتجاه واحد، بعيداً عن قيم التعايش السلمي بين الأديان والطوائف والقوميات، متجاهلة جميع القوانين التي تمنع المساس بالمقدسات»، مجدِّداً «المطالبة للخارجية العراقية بمتابعة حيثيات الحادثة وإيصال رسائلها بسرعة وشدة، واتخاذ ما يلزم، وبكل ما تقتضيه الضرورة».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في سوريا

المشرق العربي سيارات لمقاتلين تابعين للفصائل المسلحة على طول الطريق السريع الدولي حلب - دمشق (أ.ف.ب) play-circle 00:44

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في سوريا

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن «قلقه» إزاء تصاعد العنف في شمال سوريا، ودعا إلى وقف فوري للقتال، وفق ما قال الناطق باسمه ستيفان دوجاريك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية بغزة (الخارجية المصرية)

مؤتمر القاهرة لـ«إغاثة غزة»... مساعٍ لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية

شهدت العاصمة المصرية، الاثنين، مؤتمر «القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، بتنظيم مصري - أممي وحضور فلسطيني، ومشاركة 103 وفود لدول ومنظمات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا بلقاسم حفتر مستقبِلاً المبعوثة الأممية بالإنابة إلى ليبيا ستيفاني خوري (صندوق التنمية والإعمار)

خوري تناقش مع بلقاسم حفتر سبل ضمان التنمية العادلة لـ«جميع الليبيين»

قالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني خوري، إنها عقدت اجتماعاً مع مدير «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، ناقشا فيه ضمان التنمية العادلة لجميع مناطق البلاد.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من مؤتمر «برلين» بشأن ليبيا في يونيو 2021 (أرشيفية - البعثة الأممية)

بريطانيا تستضيف اجتماعاً حول ليبيا من دون حضور «أطراف الأزمة»

قبل التئام مؤتمر منتظر، في لندن بشأن ليبيا، زادت حدة الخلافات بين الأفرقاء المتنازعين على السلطة، فيما بدا عدم تمثيل «الفاعلين في الأزمة» أمراً مستغرباً للبعض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الموفد الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن في مؤتمر عبر الفيديو في 29  نوفمبر (أرشيفية - أ.ف.ب)

المبعوث الأممي: ما يحصل في سوريا دليل فشل جماعي

قال المبعوث الأممي إلى سوريا، إن ما يحدث اليوم دليل على الفشل الجماعي في تحقيق عملية سياسية حقيقية منذ سنوات كثيرة، لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2245.

«الشرق الأوسط» (لندن - جنيف )

الانسحاب الكردي من حلب ينذر بانتقال المواجهات إلى شرق الفرات

انتقال أكراد من حلب إلى الرقة بعد اتفاق بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا (الشرق الأوسط)
انتقال أكراد من حلب إلى الرقة بعد اتفاق بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا (الشرق الأوسط)
TT

الانسحاب الكردي من حلب ينذر بانتقال المواجهات إلى شرق الفرات

انتقال أكراد من حلب إلى الرقة بعد اتفاق بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا (الشرق الأوسط)
انتقال أكراد من حلب إلى الرقة بعد اتفاق بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا (الشرق الأوسط)

بعد إعلان القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، انسحاب قواته من مناطق سيطرتها داخل مدينة حلب في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، وكذلك انسحابها من بلدة تل رفعت وقرى ريف بلدة عفرين الكردية الواقعة بريف حلب الشمالي، شكلت هذه الاستدارة مقدمة لاحتمالية تقدم فصائل «الجيش الوطني» التي أطلقت عملية «فجر الحرية» نحو مدينتي منبج وعين العرب (كوباني) الواقعتين بالريف الشرقي لمحافظة حلب وتتبعانها إدارياً، بحسب مثقفين أكراد.

وتتلقى قوات «قسد» الدعم من القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في حربها ضد تنظيم «داعش»، في حين تدعم تركيا فصائل «الجيش الوطني» التابعة لحكومة الائتلاف السوري المعارض المؤقتة، وتعادي «قسد»، ما ينذر بحرب مستعرة بين هذه الجهات وتبدل مناطق التماس والنفوذ، وانتقال دائرة المعارك إلى شرق الفرات، بعدما أعلنت الإدارة الذاتية وقوات «قسد» التعبئة العامة والنفير العسكري.

قافلة لخروج مهجري عفرين من حلب إلى مناطق سيطرة «قسد» (الشرق الأوسط)

وتحدث بكر علو رئيس مجلس مقاطعة عفرين والشهباء التابعة للإدارة الذاتية، عبر اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، أنهم قبلوا الخروج والانسحاب من مدينة حلب وريفها الشمالي حقناً للدماء «ولمنع تعرض شعبنا للمجازر ولحماية الأبرياء، قررنا وبمحض إرادتنا الخروج من المنطقة، بعد تطويقها وحصارها من قبل مرتزقة الفصائل الموالية للاحتلال التركي»، على حد تعبيره.

وأشار المسؤول الكردي إلى أن الخروج من أحياء حلب وإقليم الشهباء، «لا يعني أننا تنازلنا عن نضالنا في سبيل تحرير عفرين، فمثلما تحملنا كل الظروف الصعبة خلال السنوات الماضية في الخيم وبالعراء، سيستمر نضالنا وبشكل أقوى».

مقاتلو الفصائل ينقلون دبابة تركها مقاتلو «قسد» في بلدة تل رفعت بشمال سوريا يوم الاثنين (أ.ف.ب)

ويقول براء صبري، وهو باحث مُساهم في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن أطماع تركيا وفصائل «الجيش الوطني» الموالية لها؛ لن تتوقف عند بلدة تل رفعت، وذكر في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على (قسد) إدراك أن منبج وكوباني (عين العرب)، هدفان لتركيا، وهي تستغل الضجيج المرتبط بسقوط حلب والمعارك على تخوم حماة وحمص، لتوجيه جماعاتها وتوسيع ما تسميه، المنطقة الآمنة، لاستهداف (قسد) والمناطق ذات الكثافة الكردية».

وزيرا خارجية تركيا وإيران خلال مؤتمر صحافي في أنقرة الاثنين (الخارجية التركية)

ويرى الباحث أن جولة الاتصالات الإقليمية والدولية حول التطورات المتسارعة والمفاجئة في سوريا بعد سقوط مدينة حلب، بالتزامن مع جولة وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي لدمشق وأنقرة واتصالات روسيا مع الأطراف المعنية، «يعني أن الصخب الإعلامي والهيجان العسكري بدأ يتحول إلى سياسة وصفقات عملية على الأرض، ستدفع تركيا بكل جهودها لتكون حصتها من الكعكة على حساب (قسد)، وهنا أين تقف أميركا من كل ما يحدث في المنطقة؟».

ولفت إلى أن الاتصال الأخير بين وزير الخارجية الأميركية بلينكن ونظيره التركي فيدان، تطرق بالضرورة إلى الخطوط التركية في تقسيمات ما بعد معركة حلب: «فهل طلبت تركيا من أميركا السماح لها بأخذ حصة جديدة من (قسد)، وهل سمحت أميركا بذلك؟ بالتأكيد التطورات العسكرية المقبلة على الأرض ستظهر ذلك».

أكراد سوريون يتظاهرون في مدينة القامشلي بشمال شرقي البلاد يوم الاثنين احتجاجاً على هجمات مقاتلين مدعومين من تركيا على مناطق خاضعة للسيطرة الكردية في شمال سوريا (أ.ف.ب)

أما ميرفان إبراهيم، وهو كاتب وباحث متخصص في شؤون الأحزاب الكردية ويتحدر من مدينة عفرين الكردية، فرجح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، امتداد الحرب إلى مدينتي منبج وكوباني (عين العرب) في مقبل الأيام، واقترح لتجنيب هذه المناطق ويلات الحرب؛ «تنظيم استفتاء شعبي لسكان هذه المناطق، إما الانضمام لمناطق الفصائل المسلحة التابعة لتركيا، أو البقاء ضمن مناطق الإدارة الذاتية»، وعبر عن اعتقاده بأن الفصائل المسلحة والائتلاف السوري المظلة السياسية للجيش الوطني، لن يقبلا بنتائج استفتاء كهذا.

ورأى إبراهيم أن التطورات المتسارعة، وما حدث في مناطق الشهباء والأحياء الكردية داخل حلب، تم عبر توافقات دولية وإقليمية: «انسحاب الجيش السوري ومن بعده القوات الروسية من قواعدها بالشهباء وكذلك من حلب، وترك (الوحدات الكردية) وحيده لم يكن صدفة، وأن الوحدات أدركت طبيعة هذه الحرب وفضلت تجنيب الشعب الكردي مجازر كبرى لو قررت البقاء».

وعن احتمال نشوب حرب بين قوات «قسد» والفصائل الموالية لتركيا في منبج وكوباني، لم يستبعد المتخصص بشؤون الأحزاب الكردية، حدوثها، لافتاً إلى أنهم «اختاروا الحل العسكري ويبدو هو الأنسب لهم، فمنبج تحريرها تطلب تضحيات كبرى قدمتها الإدارة وقواتها، أما كوباني وصمودها فسيكون عاملاً حاسماً بالنسبة للإدارة الذاتية (الكردية)، لأن انهيار الإدارة أو إضعافها مرتبطان بالشعب وبإرادته، وهذا مستبعد، والسنوات الماضية أثبتت ذلك».

نازحون أكراد من الشيخ مقصود إلى الرقة (الشرق الأوسط)

وعدّ الباحث في معهد واشنطن براء صبري، أن «السياسة التركية المرتبطة بعدائية مستمرة للطموحات الكردية بسوريا، تأتي في إطار سعيها لإنهاء المشروع الكردي القائم على اتفاق الكرد وباقي مكونات المنطقة، الذي لا يتعارض مع وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وأن الكرد جل طموحاتهم تأسيس كيان إداري يعيش فيه الكرد بهويتهم مع العرب والمسيحيين».

وختم صبري حديثه بالقول: «العامل الحاسم في المقبل من الأيام، هو الموقف الأميركي؛ هل ستقبل أميركا خسارة شريكتها (قسد) لمساحة جديدة على الأرض؟ وهل تقبل بتعرض منبج وكوباني، حيث قاتل الكرد مع الأميركان هناك ضد تنظيم (داعش)؟».