فلسطينيون يشترطون شراء الأضحية بالتقسيط... والشيكات المؤجلة

تجار ومسؤولون يبرزون ضعف القدرة الشرائية في غزة والضفة

فتاة ترسم خروفاً على أحد الجدران بمناسبة عيد الأضحى في غزة (أ.ف.ب)
فتاة ترسم خروفاً على أحد الجدران بمناسبة عيد الأضحى في غزة (أ.ف.ب)
TT

فلسطينيون يشترطون شراء الأضحية بالتقسيط... والشيكات المؤجلة

فتاة ترسم خروفاً على أحد الجدران بمناسبة عيد الأضحى في غزة (أ.ف.ب)
فتاة ترسم خروفاً على أحد الجدران بمناسبة عيد الأضحى في غزة (أ.ف.ب)

تزدحم الأسواق في كل قطاع غزة والضفة الغربية كالمعتاد قبيل حلول عيد الأضحى، الذي يبدأ غدا (الأربعاء)، غير أن تجار ومسؤولين محليين يبرزون ضعف القدرة الشرائية.

ويعاني الفلسطينيون من تدهور اقتصادي منذ سنوات فيما زاد أزماتهم نقص الرواتب والتضخم، وهو ما انعكس سلبا على الاستعدادات لاستقبال العيد ودفع العائلات لتقليص مشترياتهم. ويرتبط عيد الأضحى لدى المسلمين بشراء الأضحية وذبحها، لكن ذلك لا يمثل مهمة سهلة بالنسبة للفلسطينيين مع تصاعد غلاء الأسعار والركود الاقتصادي المتزايد منذ سنوات.

ويقول مصطفى أبو زور، الذي يدير مزرعة لبيع مواشي الأضاحي في غزة لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن الأسعار لهذا العام سجلت ارتفاعا من 10 إلى 20 في المائة بفعل التضخم العالمي وغلاء أسعار الأعلاف. ويصف أبو زور إقبال سكان القطاع على شراء الأضاحي بأنه ضعيف جدا، مشيرا إلى أن غالبية عمليات البيع والحجوزات المسبقة في مزرعته تمت لصالح جمعيات خيرية تنشط في توزيع اللحوم على الفقراء.

ويؤكد عدد من تجار بيع الأضاحي أن الكثير من السكان ممن يطلبون المواشي للأضحية يشترطون الشراء بالتقسيط والشيكات المؤجلة، وهو أمر يقبلونه على مضض لمنع تكدس المواشي في مزارعهم. بينما يؤكد رئيس نقابة مربي الدواجن والإنتاج الحيواني في غزة مروان الحلو أن ارتفاعا طرأ على أسعار الأضاحي بجميع أنواعها في القطاع بفعل التضخم والغلاء العالمي.

ويقول الحلو إن متوسط ارتفاع كيلو لحوم الأضاحي بلغ من اثنين إلى ثلاثة شواكل (نحو دولار أميركي) مقارنة بالأعوام الماضية، إذ يباع كيلو لحم العجل هذا العام للمستهلك بنحو 32 شيكل مقارنة مع 29 شيكل العام الماضي، بينما يصل كيلو الخروف إلى خمسة ونصف دينار أردني للكيلو الواحد، مقارنة بـ 4.7 من الدنانير في العام الماضي.

بائعون فلسطينيون يعرضون أغنامهم في سوق للماشية في بيت حانون شمال شرق غزة قبيل عيد الأضحى (إ.ب.أ)

وأرجع سبب ارتفاع أسعار الأضاحي من العجول والأغنام إلى الغلاء الفاحش على أسعار الحبوب والأعلاف عالميا، مضيفا أن الغلاء جاء من البلد المنتج والمصدر، وليس حكرا أو استغلالا من التجار أو أصحاب المزارع في غزة.

ويستهلك قطاع غزة في موسم الأضاحي ما يقرب من 15 ألف رأس عجل، وأكثر من 25 ألفا من الأغنام، ويتم استيرادها غالبيتها من إسرائيل وبعض الدول الأوروبية.

ويعد المتحدث باسم وزارة الزراعة في غزة أدهم البسيوني أن ضعف الإقبال على الأضاحي في القطاع مرتبط بالتدهور الاقتصادي وواقع الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2007.

ويشير البسيوني إلى أنه في قطاع غزة لا تتوفر إمكانية الاستيراد المباشر من الدول المصدرة للمواشي إنما تمر عبر إسرائيل من خلال شركات وسيطة، وهو ما يزيد التكلفة على التجار وبالتالي ترتفع الأسعار.

وتصرف السلطة الفلسطينية رواتب الموظفين الحكوميين في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ أكثر من عام بنسبة 85 في المائة بفعل ما تعانيه من عجز مالي.

أما اللجنة الحكومية التابعة لحركة «حماس» فتصرف منذ سنوات 60 في المائة فقط لموظفيها في قطاع غزة الذي يسجل معدلات عالية من الفقر والبطالة.

ويعرب إسماعيل حسان، الذي يدير متجرا لبيع الملابس في شارع عمر المختار التجاري وسط غزة، عن سخطه من المصاعب الشديدة في تصريف بضائع موسم العيد.

ويعلق حسان على الحركة التجارية لديه بالقول: «الحالة المادية لهذا العيد أسوأ بكثير من العيد السابق، والوضع من ناحية البيع والشراء تراجع جدا مقارنة مع السنوات الأخيرة». ويضيف أن «أسواق غزة في تراجع مستمر عاما بعد آخر، ويمكن القول إنها في أسوأ مرحلة هذا العام، لم نبع سوى 20 في المائة مما جهزناه من بضائع لموسم العيد، وهذا يكبدنا خسائر كبيرة».

ورغم عرض التجار لكميات متنوعة من البضائع مصحوبة بعروض تخفيض أسعار تصل إلى 50 في المائة لجذب الزبائن، فإن الإقبال ظل ضعيفا، إذ يمر الغالبية من رواد الأسواق على المحلات التجارية دون شراء لعدم توفر السيولة المالية.

وبجانب محلات الملابس تصدرت أصناف الحلويات والكعك بسطات يقف خلفها عشرات الشبان إلا أن معدلات الشراء ظلت متدنية بسبب التدهور الاقتصادي الحاد للسكان.

امرأة تقوم بالخبز قبيل عيد الأضحى في غزة (أ.ف.ب)

ويعاني قطاع غزة من حصار إسرائيلي مشدد مفروض منذ منتصف عام 2007 على إثر سيطرة حركة «حماس» على الأوضاع فيه بعد نزاع مع السلطة الفلسطينية.

وحذرت الأمم المتحدة ومنظمات فلسطينية ودولية مرارا من تداعيات قاسية للحصار الإسرائيلي على سكان قطاع غزة الذين يناهز عددهم مليوني نسمة ويواجهون معدلات قياسية من الفقر والبطالة.

ويقول المسؤول في غرفة تجارة وصناعة غزة حسام الحويطي إن الحركة التجارية في القطاع تسجل تدهورا ملحوظا قبيل حلول عيد الأضحى في ظل حالة الركود التي تشهدها. وينبه الحويطي إلى أن ضعف القوة الشرائية يتسبب في خسائر فادحة للتجار والمستوردين الذين يعانون من ارتفاع الأعباء المالية ومصاريف النقل والشحن فضلا عن الضرائب الحكومية.

ولا يبدو الوضع في الضفة الغربية أحسن حالا عشية عيد الأضحى في ظل تأثير سلبي لموجة التوتر التي تشهدها مع إسرائيل منذ العام الماضي.

وبحسب حصيلة صدرت عن الأمم المتحدة، فإن قوات الأمن الإسرائيلية قتلت حتى الآن خلال العام الحالي 126 فلسطينيا على الأقل في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، من بينهم 21 صبيا وفتاة واحدة.

ويقول نقيب أصحاب الملاحم وتجار المواشي في الضفة الغربية عمر نخلة إن مجمل التطورات السياسية والاقتصادية ألقى بظلاله السلبية على استقبال عيد الأضحى لهذا العام. ويضيف نخلة أن «الإقبال على شراء الأضاحي في كافة مدن الضفة الغربية ضعيف جدا وغير مسبوق منذ سنوات نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي»، لافتا إلى أن القوة الشرائية لم تتجاوز 30 في المائة إلى 40 في المائة مقارنة بالأعوام الماضية.


مقالات ذات صلة

مقتل فتاة فلسطينية في عملية إسرائيلية بالضفة

المشرق العربي مركبة عسكرية إسرائيلية تمر على الطريق خلال مداهمة في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

مقتل فتاة فلسطينية في عملية إسرائيلية بالضفة

قتلت فتاة فلسطينية، تبلغ من العمر 16 عاماً، برصاص القوات الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، في بلدة كفر دان غرب جنين بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

الخارجية الفلسطينية: نتنياهو يعرقل اتفاق الهدنة لإطالة حرب الإبادة والتهجير

أفادت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الاثنين بأن «رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخترع العقبات أمام اتفاق الهدنة؛ بهدف إطالة الحرب

«الشرق الأوسط» (رام الله)
أوروبا محتجون يحملون توابيت بعد انتشال جثث رهائن من قطاع غزة خلال مظاهرة مناهضة للحكومة في تل أبيب (ا.ف.ب)

ماكرون يعبر عن «سخطه» بعد العثور على جثث الرهائن ويدعو لإنهاء حرب غزة

أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء (الأحد)، عن «سخطه» بعد العثور على جثث «الرهائن الستة الذين قتلتهم حماس في غزة»، داعياً إلى «إنهاء الحرب».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي عائلات فلسطينية تغادر مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية هرباً من العملية العسكرية الإسرائيلية (أ.ب)

الخارجية الفلسطينية: تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير

قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية الأحد إن «التحريض الإسرائيلي على تفجير الأوضاع في الضفة امتداد لجرائم الإبادة والتهجير بحق شعبنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله )
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء فلسطين

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفيًا، الأحد، من رئيس وزراء فلسطين وزير الخارجية والمغتربين الدكتور محمد مصطفى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السودان: حميدتي يصدر أوامر لقواته بوقف الانتهاكات ضد المدنيين

الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي» (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي» (رويترز)
TT

السودان: حميدتي يصدر أوامر لقواته بوقف الانتهاكات ضد المدنيين

الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي» (رويترز)
الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي» (رويترز)

تحصلت «الشرق الأوسط» على الأوامر المشددة التي أصدرها قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، لقادته العسكريين في الميدان، مشدداً فيها على الامتناع عن أي هجوم وانتهاكات يُمكن أن تتسبب في ضرر على المدنيين، ومساءلة كل من يُخالف الأوامر قانونياً.

ووفق المصادر، التزم حميدتي في رسالة بعث بها إلى الوسطاء والشركاء الدوليين في محادثات جنيف التي جرت في الفترة من 10 إلى 24 أغسطس (آب) الماضي، بإصدار توجيهات صارمة بناءً على ما تم الاتفاق فيما يتعلق بحماية المدنيين. وجاء في ديباجة مدونة قواعد السلوك لــ«قوات الدعم السريع» أن كل هذه الأوامر تأتي استناداً إلى القانون الدولي الإنساني والمعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان في حالات السلم والصراع داخل وخارج البلاد، ووفقاً لجميع أحكام قانون «قوات الدعم السريع» لسنة 2017 المعدل لسنة 2019.

وأكد حميدتي التزام قواته بتنفيذ الأوامر الدائمة لمنع جميع أنواع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وقواعد القانون الدولي الإنساني، من أجل تعزيز الانضباط العسكري وحسن السلوك، والسلوك العام. وشدد على الامتناع عن أي هجوم من المتوقع أن يسبب ضرراً عرضياً للمدنيين يكون مفرطاً مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة. ودعا إلى معاملة السجناء بطريقة إنسانية مع تقديم الرعاية الصحية اللازمة للجرحى والمرضى.

وأكد قائد «قوات الدعم السريع» أهمية الالتزام بتوفير الحماية للنساء والأطفال وكبار السن وذوي الهمم، وتقديم كل المساعدة الممكنة لهم. والتزم حميدتي باتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي قد يلحق بالمدنيين، بهدف إخلاء منازل المدنيين والمستشفيات والمدارس، مشدداً على أنه لا يجوز استخدام المدنيين دروعاً بشرية.

أرشيفية لقوة بالجيش السوداني في أحد شوارع العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

حرية التنقل للمدنيين

وحض قواته على تعزيز عمليات التنسيق مع وكالة الإغاثة والعمليات الإنسانية السودانية؛ لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى كل المحتاجين، وضمان عدم استخدام نقاط التفتيش لانتهاك مبدأ حرية التنقل للمدنيين والجهات الفاعلة الإنسانية.

ودعا إلى الالتزام بحماية واحترام العاملين في المجال الإنساني والأصول والإمدادات والمكاتب والمستودعات والمرافق الأخرى وعدم التدخل في العمليات الإنسانية.

ووجه جميع القادة للتعاون بشكل كامل مع قوة حماية المدنيين التي تم إنشاؤها حديثاً لضمان تنفيذ مهامها، والسماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية، وأي مناطق محاصرة طواعية بأمان. وتعهد بالتزام قواته بحماية الاحتياجات والضروريات لبقاء السكان المدنيين، التي تشمل الغذاء والمناطق الزراعية والمحاصيل والثروة الحيوانية، وحظر النهب والسلب والتخريب.

وشدد قائد «قوات الدعم السريع» على إلزام قواته في كل المواقع بالامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللا إنسانية بما في ذلك العنف الجنسي بجميع أشكاله، فضلاً عن الانتهاكات ضد الأطفال، والقتل والتشويه والعنف الجنسي والتجنيد والاختطاف والاستغلال والحرمان من المساعدات والهجمات على المدارس والمستشفيات.

أرشيفية تُظهر عناصر من «قوات الدعم السريع» بالعاصمة السودانية الخرطوم (رويترز)

الالتزام بالأوامر

وحض حميدتي جميع القادة على ضمان وصول هذه الأوامر إلى جميع ضباط الصف والجنود في المواقع، قائلاً: «يجب على القادة في جميع المستويات الالتزام بالأوامر وتنفيذ التعليمات باتباع القواعد التنظيمية المستمدة من قانون (قوات الدعم السريع) وقواعد الاشتباك وقواعد السلوك والإسعافات الأوّلية أثناء القتال بما يتفق مع القانون وقواعد القانون الدولي الإنساني».

وتلقّى الوسطاء الدوليون خلال محادثات جنيف التزامات من «قوات الدعم السريع»، بإصدار توجيهات قيادية إلى جميع المقاتلين بالامتناع عن ارتكاب أي انتهاكات ضد المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها القوات. وتتهم «قوات الدعم السريع» بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، بما ذلك مجازر عديدة في ولاية الجزيرة بوسط السودان لكنها تنفي ذلك.