مصر تستهدف «تصحيح صورتها» عبر تفنيد إفادات وسائل إعلام دولية

«الاستعلامات» تصف تقريراً لـ«إيكونوميست» بـ«عدم المهنية»

رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ضياء رشوان خلال لقاء مع عدد من المراسلين الأجانب (أرشيفية - هيئة الاستعلامات المصرية)
رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ضياء رشوان خلال لقاء مع عدد من المراسلين الأجانب (أرشيفية - هيئة الاستعلامات المصرية)
TT

مصر تستهدف «تصحيح صورتها» عبر تفنيد إفادات وسائل إعلام دولية

رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ضياء رشوان خلال لقاء مع عدد من المراسلين الأجانب (أرشيفية - هيئة الاستعلامات المصرية)
رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر ضياء رشوان خلال لقاء مع عدد من المراسلين الأجانب (أرشيفية - هيئة الاستعلامات المصرية)

أعادت انتقادات وجهتها «الهيئة العامة الاستعلامات»، التابعة للرئاسة المصرية، (الاثنين) لمجلة «إيكونوميست» بشأن تقرير لها عن الأوضاع الاقتصادية في البلاد، التذكير بتفنيدات متكررة لإفادات وسائل إعلام دولية، تصدرها الهيئة لـ«تصحيح صورة» البلاد.

وقالت الهيئة في بيانها بشأن «إيكونوميست»، إن التقرير «تضمن الكثير من المغالطات والأكاذيب، مستخدماً أسلوباً يفتقد أبسط القواعد المهنية المتعارف عليها عالمياً والمعمول بها في المجال الإعلامي» على حد وصف الهيئة.

وانتقدت «الاستعلامات» المسؤولة عن منح تصاريح العمل لمراسلي وصحافيي وسائل الإعلام الأجنبية بمصر، اعتماد التقرير على «مصادر جميعها مجهولة، و(أنه) نشر أرقاماً وبيانات خاطئة دون الاستناد إلى أي مصدر، وغير ذلك من ادعاءات ومعلومات مغلوطة تنم عن عدم دراية بما يحدث في مصر، ولم يلجأ لأية جهة مصرية لمراجعة ما تضمنه من بيانات ووقائع قبل نشرها».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على رد من مجلة «إيكونوميست» عبر رسالة إلكترونية، بشأن الاتهامات التي وجهتها «الاستعلامات» المصرية، لكن الصحيفة لم تتلق رداً حتى مساء (الثلاثاء).

وهذه ليست المرة الأولى التي تتولى فيها «الاستعلامات» الرد على تقارير وسائل إعلام دولية بشأن البلاد، إذ أصدرت عام 2017 بياناً بشأن تغطية وكالة «رويترز» وشبكة «بي بي سي» لحادث الواحات البحرية الإرهابي (راح ضحيته 16 فرداً من قوات الأمن المصرية)، حيث وجهت احتجاجاً شديد اللهجة، وأبدت ملاحظات على ما قامت بنشره كل منهما حول الواقعة.

وفي عام 2018 دعت «الاستعلامات» المسئولين المصريين ومن يرغب من قطاعات النخبة المصرية إلى «مقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية، والامتناع عن إجراء مقابلات أو لقاءات إعلامية مع مراسليها ومحرريها»، على خلفية ما وصفته بـ«تجاوزات مهنية ومزاعم بشأن الأوضاع في مصر»، وفق بيانها.

وركزت الهيئة المصرية في ردها على «إيكونوميست» على الرد على ما وصفته بـ«المغالطات التي تضمنها التقرير»، مشيرة إلى أن من بينها أنه «أسهب في استخدام الأرقام والبيانات الاقتصادية دون ضوابط ودون الإشارة إلى أي مصدر».

ورأى النائب نادر مصطفى، وكيل لجنة «الثقافة والإعلام والآثار» بمجلس النواب المصري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «تقرير الصحيفة تخطى الحدود المعقولة والمقبولة لحرية الرأي والتعبير، وبعُد تماماً عن الموضوعية»، متسائلاً: «لماذا لم تلجأ المجلة إلى المصادر الحكومية لعرض الرأي والرأي الآخر؟».

ويعتقد مصطفى أن «مصر من خلال هذه البيانات التي ترد على ما تنشره وسائل الإعلام الدولية من (مغالطات) تستهدف تصحيح صورتها خارجياً، وتوضيح الحقائق». مؤكداً أن «رد (الاستعلامات) يتطابق مع دورها، إذ إن تحسين صورة مصر في الخارج جزء أساسي من عملها».

ويتفق الدكتور شريف درويش اللبان، رئيس قسم الصحافة في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، مع ما ورد في بيان «الاستعلامات»، وما تضمنه من الرد على تقرير المجلة البريطانية «الممتلئ بالمغالطات» وفق تقييمه، واصفاً البيان بأنه «رد موضوعي ومتوازن من جانب الهيئة، يفند محاولات النيل من الدولة المصرية».

ويعتقد اللبان في هذا الإطار أن مصر بحاجة إلى «تدشين قناة إخبارية مصرية عالمية، ناطقة باللغة الإنجليزية، للرد على المغالطات التي تثار بين الحين والآخر».


مقالات ذات صلة

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي شخص يلوّح بعلم تبنته المعارضة السورية وسط الألعاب النارية للاحتفال بإطاحة الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق (رويترز)

فور سقوطه... الإعلام السوري ينزع عباءة الأسد ويرتدي ثوب «الثورة»

مع تغيّر السلطة الحاكمة في دمشق، وجد الإعلام السوري نفسه مربكاً في التعاطي مع الأحداث المتلاحقة، لكنه سرعان ما نزع عباءة النظام الذي قمعه لعقود.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
يوميات الشرق وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري يلقي كلمة أمام الحضور (الملتقى)

«ملتقى صناع التأثير» ينطلق في الرياض بحوارات وشراكات بـ267 مليون دولار

انطلاق «ملتقى صناع التأثير»، الأربعاء، في الرياض، بصفته أكبر تجمع للمؤثرين في العالم.

عمر البدوي (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نتنياهو في الجلسة السادسة لمحاكمته: الاتهامات الموجهة ضدي واهية

نتنياهو في قاعة المحكمة بتل أبيب للإدلاء بشهادته في محاكمته بتهم الفساد (أ.ب)
نتنياهو في قاعة المحكمة بتل أبيب للإدلاء بشهادته في محاكمته بتهم الفساد (أ.ب)
TT

نتنياهو في الجلسة السادسة لمحاكمته: الاتهامات الموجهة ضدي واهية

نتنياهو في قاعة المحكمة بتل أبيب للإدلاء بشهادته في محاكمته بتهم الفساد (أ.ب)
نتنياهو في قاعة المحكمة بتل أبيب للإدلاء بشهادته في محاكمته بتهم الفساد (أ.ب)

تواصلت محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إسرائيل، وحضر الثلاثاء جلسة أمام المحكمة المركزية في تل أبيب للرد على تهم الفساد الموجهة ضده، وذلك للمرة السادسة هذا الشهر.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن نتنياهو أدلى بتصريحات دفاعية في القضية المعروفة باسم «4000»، نافياً أي علاقة له بالتغطية الإعلامية في موقع «واللا» أو بتأثير مباشر على قرارات تحريرية تخصه أو تخصّ أسرته.

وهاجم نتنياهو الادعاء الإسرائيلي وقال إنه «يبني تهمه على أسس واهية»، مشيراً إلى أن التغطية الإعلامية السلبية تجاهه وأسرته كانت سائدة ولم تكن هناك استجابة استثنائية لصالحه. كما أكد أن توقيعه على قرارات تتعلق بشركة «بيزك» للاتصالات لم يكن نتيجة لعلاقة خاصة مع مالكها شاؤول إلوفيتش، (الذي يملك موقع «واللا») بل كان جزءاً من إجراءات تنظيمية روتينية.

نتنياهو في اليوم السادس من محاكمته (أ.ب)

وانطلقت محاكمة نتنياهو قبل نحو أسبوعين في حدث استثنائي في إسرائيل باعتباره أول رئيس وزراء (في منصبه) يقف متهما في قاعة محكمة. ويواجه منذ عام 2019 اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في قضايا تتعلق بهدايا من أصدقاء أغنياء، وبالسعي لمنح مزايا تنظيمية لأباطرة الإعلام مقابل تغطية تفضيلية. وفي «الملف 1000» تتهم النيابة نتنياهو بالحصول على منافع شخصية وهدايا ثمينة من رجال أعمال وأثرياء مقابل مساعدتهم، وفي «الملف 2000» يتهم بأنه خلال محادثات بينه وبين ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، اقترح وقف توزيع صحيفة «يسرائيل هيوم» التي توزع بالمجان، مقابل تغطية داعمة له في «يديعوت»، وفي «الملف 4000» يتهم بأنه أبرم صفقة مع رجل الأعمال، شاؤول إلوفيتش، ناشر موقع «واللا» الإلكتروني، تقضي بتغطية إعلامية إيجابية، مقابل منحه وشركته «بيزك للاتصالات» مزايا تنظيمية.

وحتى الآن يواصل الدفاع التركيز على القضية 4000. وقال نتنياهو إنه لم يكن يعرف شاؤول شخصياً عندما وقع على أحد التصاريح التي سمحت له أن يصبح المالك المسيطر في «بيزك». وأضاف: «العلاقة معه كانت كما وصفتها بالضبط، جزءا من مجموعة من الأشخاص البارزين في الاقتصاد. لم تكن علاقة شخصية».

نتنياهو في المحكمة المحصنة بتل أبيب (إ.ب.أ)

ودافع محامي نتنياهو عن نظرية مفادها أنه يجب النظر إلى المنشورات في «واللا» من منظور شامل، وليس التركيز على الحالات الفردية التي تم فيها تغيير التغطية لصالح نتنياهو. وقال: «لدينا حجة أساسية - إذا كان هناك مقال معين، فما قبله وما بعده كانت مقالات سلبية، لا يمكن تجاهل ذلك». وقال المحامي أيضا إن طلبات نتنياهو لم تتجاوز المألوف في علاقات السياسيين مع وسائل الإعلام. وأكد نتنياهو: «الجميع يفعل ذلك. جميع السياسيين على اتصال مع الصحافيين طوال الوقت ويطلبون دائماً إزالة المقالات. هذه ليست مسألة جديدة في إسرائيل، ولكنها أصبحت فجأة قضية جنائية. هذا يحدث طوال الوقت، وهو الأمر الطبيعي».

ويفترض أن يستكمل نتنياهو شهادته الاثنين المقبل في القاعة المحمية تحت الأرض، والتي قرر جهاز الأمن العام (الشاباك) أنه يجب أن تجري فيها المحاكمة، بعدما كانت مقررة في المحكمة المركزية في القدس. ويشهد نتنياهو ثلاث مرات في الأسبوع، ست ساعات في اليوم، بعد أن رفض القضاة طلبه للإدلاء بشهادته مرتين فقط في الأسبوع. وتم الاتفاق أن تبدأ المحكمة في الساعة 10:00 صباحا وتستمر حتى الساعة 16:00، وسيسمح لنتنياهو خلالها بتلقي إحاطات ومذكرات سرية من مساعديه. ويتوقع أن تستمر المحاكمة عدة شهور.

ولم تمنع محاكمة نتنياهو من مضي الائتلاف الذي يقوده قدما في إجراءات لعزل المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا، في خطوة قد تثير ضده اتهامات بخرق ترتيبات تضارب المصالح التي تم وضعها لمنعه من استخدام سلطات الحكومة للتأثير على محاكمته الجنائية الجارية.

وقالت «القناة 12» إن رؤساء الائتلاف اجتمعوا وقرروا المضي قدماً في عملية عزل المستشارة القانونية، دون إصدار بيان مشترك، بانتظار قرار من وزير العدل ياريف ليفين لبدء دفع العملية بشكل فعّال، وهو ما يعني عقد جلسة استماع وطرح قرار حول الموضوع على طاولة الحكومة. وبحسب القناة، فقد تم اتخاذ القرار بشأن المضي قدماً دون وجود ليفين، الذي ترك الجلسة قبل اتخاذ القرار، ولم يصدر بيان حول القرار حتى لا يُنظر إليه علنياً على أنه استسلام للإنذار السياسي من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ولتجنب أن يظهر الأمر وكأنه مدفوع من الحاجة لتحسين وضع الائتلاف.

وكان حزب بن غفير صوت الأسبوع الماضي ضد مشروع الميزانية لأن الائتلاف ألغى جلسة مقررة لمناقشة عزل المستشارة القانونية، ودبت خلافات واسعة، قبل أن يعود ويصوت هذا الأسبوع بالموافقة على ميزانية الدولة لعام 2025، محذرا من أن «دعمهم التلقائي» للقوانين التي يروج لها الائتلاف ليس شيكاً مفتوحاً: «صوّتنا مع الائتلاف ولكن هذا ليس شيكاً مفتوحاً، نحن في انتظار رؤية متى سيقدم ليفين قرار عزل المستشارة القانونية، إلى الحكومة».

ولم يتضح بعد، إلى أي حد سيمضي الائتلاف في ظل تسريبات مسؤولين كبار في الائتلاف بأن ليفين يحاول التهرب من عملية عزل المستشارة القانونية، لأنه لم يحصل على دعم من رؤساء الأحزاب لتسريع عملية تغيير تشكيل لجنة اختيار القضاة، ما يمنح الحكومة فعليا السيطرة على اختيار القضاة، وهي مسألة شائكة أخرى.

نتنياهو في المحكمة (أ.ب)

وتحتاج عملية عزل المستشارة إلى قرار يصدره وزير العدل ليفين، وبعد ذلك، ستبدأ جلسة استماع رسمية للمستشارة، وهو أمر يمكن أن يزيد من تعقيد الوضع داخل الائتلاف ويجبره على مواجهة ضغوط سياسية، شعبية وقانونية، باعتبار أن الخطوة من شأنها إزالة أحد أقوى حواجز الحماية التي تحد من سلطة الحكومة، ويربطها كثيرون بنية الائتلاف إعادة دفع خطة «الإصلاح القضائي» المثيرة للجدل التي تتبناها الحكومة، والتي تم تجميدها في أعقاب هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.