كارلوس غصن يطالب شركة «نيسان» بمليار دولار

قال إنه للتعويض عن «الضرر الشديد» الذي لحق بسمعته وأمواله

كارلوس غصن (رويترز)
كارلوس غصن (رويترز)
TT

كارلوس غصن يطالب شركة «نيسان» بمليار دولار

كارلوس غصن (رويترز)
كارلوس غصن (رويترز)

رفع كارلوس غصن الرئيس السابق لشركة «نيسان» للسيارات، دعوى قضائية ضد الشركة اليابانية أمام المحاكم اللبنانية يطالبها فيها بمبلغ مليار دولار تعويضاً عن «الضرر الشديد»، الذي لحق بسمعته وأمواله.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول قضائي، طلب عدم ذكر اسمه، أنّ غصن (69 عاماً) «تقدّم بدعوى أمام النيابة العامة التمييزية في بيروت، اتّخذ فيها صفة الادّعاء الشخصي ضدّ شركة (نيسان) في اليابان وموظفين فيها».

ويتّهم غصن، في نصّ الدعوى التي رفعها في مايو (أيار)، الشركة، بـ«فبركة الاتّهامات بحقّه في اليابان ما أدّى إلى توقيفه وملاحقته هناك»، مطالباً «بتعويض مالي قدره مليار دولار». وأكد غصن في الدعوى القضائية أن «الاتهامات الخطيرة والحساسة» بحقه «ستظل باقية في أذهان الناس سنوات»، مضيفاً أنه «سيعاني منها لما تبقى من حياته، لأن لها تأثيرات مستمرة وطويلة الأمد، حتى لو كانت بناء على مجرد الشك».

ويطالب غصن في دعواه بمبلغ 588 مليون دولار مقابل ما فقده وما تكبده من تكاليف، فضلاً عن 500 مليون دولار إجراءات عقابية.

كما تكبد المساهمون في شركة «نيسان» خسائر كبيرة بعد تبديد الشركة لميزة التحول الأول فيما يتعلق بإنتاج السيارات الكهربائية.

يشار إلى أن «رينو» تدخلت عام 1999 وأنقذت «نيسان» من الإفلاس، وأرسلت رئيسها التنفيذي آنذاك كارلوس غصن إليها، الذي أصبح فيما بعد رئيساً تنفيذياً للشركتين ورئيساً لمجلس إدارة التحالف. وبعد ذلك ضم شركة صناعة السيارات اليابانية «ميتسوبيشي موتورز غورب» إلى التحالف، لكن تم القبض عليه في 2018 بتهمة ارتكاب جرائم فساد في اليابان.

وحددّ المحامي العام التمييزي في لبنان منتصف شهر سبتمبر (أيلول) المقبل جلسة استماع للمدّعى عليهم، حسب المصدر ذاته، الذي أشار إلى أنّه يُفترض أن «يحضر المدّعى عليهم أو أن يرسلوا محامين يابانيين أو يقوموا بتوكيل محامين لبنانيين للمثول عنهم».

وذكرت شركة «نيسان» أنّها علمت بأمر الدعوى عبر وسائل الإعلام.

ويقيم كارلوس غصن في لبنان منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019 إثر فراره المثير للجدل من اليابان، حيث كان ينتظر محاكمته عقب توقيفه في 2018. وهو يحمل الجنسيات الفرنسية واللبنانية والبرازيلية. وتشتبه السلطات اليابانية بأنّ غصن، الذي كان رئيساً لتحالف «رينو - نيسان - ميتسوبيشي»، لم يصرّح عن قسم كبير من مداخيله للسلطات المالية.

كما وُجّهت له تهمة إخفاء دخله بين 2015 و2018. وأقيل غصن من رئاسة مجلس إدارة «نيسان»، ثم من شركة «ميتسوبيشي موتورز». وفي يناير (كانون الثاني) 2019 تخلّى عن رئاسة «رينو». لكنّ غصن يقول إنه فرّ من اليابان نظراً إلى قناعته بعدم إمكان حصوله على محاكمة عادلة في طوكيو. كما يتّهم شركة «نيسان» بالتواطؤ مع المدّعين العامّين لتوقيفه، نظراً إلى سعيه لتعميق التحالف بين الشركة اليابانية وشركة «رينو».

وفي فبراير (شباط) 2020، طالب غصن شركتي «نيسان» و«ميتسوبيشي موتورز»، أمام محكمة هولندية، بتعويضات قدرها 15 مليون يورو بتهمة فسخ عقده بشكل تعسّفي. وفي 12 من الشهر ذاته، رفعت «نيسان» دعوى في اليابان تطالب فيها غصن بعطل وضرر قيمته 10 مليارات ين (أكثر من 80 مليون يورو).

وبدأت المحاكمة في الدعوى المدنية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 في يوكوهاما. وفي العام نفسه، أصدر الإنتربول مذكرة توقيف بحقّ غصن، وأُبلغت بيروت بأنّه فارّ من العدالة من اليابان ومطلوب من سلطات طوكيو للمحاكمة.

والعام الماضي، تسلّم لبنان أيضاً نشرة حمراء من الإنتربول بحقّ غصن، بناء على مذكرة توقيف دولية أصدرتها السلطات الفرنسية بحقّه في إطار تحقيق بشأن إساءة استخدام أصول شركات وغسل أموال. غير أن قوانين لبنان لا تسمح بتسليم مواطنيه لدولة أجنبية لمحاكمتهم.


مقالات ذات صلة

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

يوميات الشرق لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

تطوّر اختبار «اللهجة الفلاحي» إلى «وصم اجتماعي» في مصر بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، مع انتشاره عبر مواقع التواصل.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق العقل هو مَن حلَّق أولاً (الباريزيان)

تحليق شراعي حُرّ لمُقعدين فرنسيين مع كراسيهم المتحرّكة

في بلدة أندليس بشمال فرنسا، يمكن للمُقعدين ممارسة التحليق الشراعي الحُرّ. فاستقبل نادٍ عدداً من ذوي الحاجات الخاصة ممّن دُرِّبوا على ممارسة هذه الرياضة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مشاهير وفنانون يحرصون على الحصول على لوحات مميزة لسياراتهم (صفحة حمو بيكا على «فيسبوك»)

مصر: اقتناء اللوحات المميزة للسيارات يكرس «الوجاهة الاجتماعية»

مسؤولون ومتابعون يشيدون بالمعارض الحكومية الدائمة التي دُشّنت بالشوارع والميادين لمحاربة الغلاء ودعم الفئات الاجتماعية الأقل دخلاً.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان أشرف زكي نقيب الممثلين المصريين (إنستغرام)

مصر: معركة «الممثلين» ضد «البلوجرز» تتصاعد

تصاعدت معركة نقابة المهن التمثيلية في مصر ضد صناع المحتوى (البلوجرز والتيك توكرز) الذين يدخلون مجال التمثيل، عقب تصريحات حول إجراءات مشددة ستتخذها النقابة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق وزير الشباب والرياضة المصري وعدد من المسؤولين خلال الاتفاق على إنشاء صالة ألعاب رياضية للموظفين (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

«صالات جيم» المقار الحكومية تفجِّر جدلاً في مصر

فجَّر خبر افتتاح «صالة جيم» في إحدى المصالح الحكومية بمصر «جدلاً سوشيالياً»، حيث عدَّه البعض خطوة جيدة، بينما رأى معلقون أنه «ليس من الأولويات».

محمد الكفراوي (القاهرة )

معظم القوى اللبنانية لا تمانع حواراً مع النظام السوري لإعادة النازحين

النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)
النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)
TT

معظم القوى اللبنانية لا تمانع حواراً مع النظام السوري لإعادة النازحين

النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)
النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الموائد السياسية اللبنانية، بعدما خرج الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، بتصريح مؤخراً أكد فيه أنه لا بد من حوار مع النظام السوري لحل مسألة النازحين السوريين.

وتصريح جنبلاط أظهر موقفاً جديداً يصب في سياق إجماع معظم اللبنانيين على وجوب الانكباب على حل هذه المشكلة؛ نظراً لتداعياتها الكبيرة على المستويات كافة.

لا مشكلة في التفاوض

عضو كتلة نواب الحزب التقدمي الاشتراكي (اللقاء الديمقراطي)، النائب بلال عبد الله، شرح، لـ«الشرق الأوسط»، خلفيات موقف جنبلاط، قائلاً إن مقاربة «اللقاء» والحزب لملف النزوح السوري تنطلق من «الوثيقة التي أصدرناها بهذا الخصوص، والتي تنمّ عن حرص على المصلحة الوطنية اللبنانية من خلال الإقرار بالعبء الاقتصادي لهذا النزوح ومشاكله على الصعيد الديموغرافي وغيرها، وما يتركه من هواجس لدى شريحة كبيرة من اللبنانيين، كما تنمّ عن حرص على ألا تكون هناك مقاربة عنصرية لهذا الملف، في ظل تراجع المجتمع الدولي عن مسؤولياته، وفي الوقت نفسه في ظل عدم حماسة النظام السوري لإعادة النازحين».

وأضاف: «انطلاقاً مما سبق، تقاربنا مع من يطالب بالتواصل مع النظام السوري لحل أزمة النزوح، كما أن مجلس النواب كلّف الحكومة وأعطاها الصلاحية الكاملة لإجراء حوار مع النظام والدولة السورية، لبحث كيفية إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، على قاعدة الحفاظ على أمن هؤلاء، وأن تكون هناك روزنامة معينة تخفف العبء عن لبنان».

وأضاف: «الرئيس جنبلاط أعاد تأكيد هذا الموضوع كي لا يُقال إن سبب عدم إعادة النازحين هو رفض التواصل مع سوريا، علماً بأن قناعتنا الثابتة هي أن النظام السوري يفاوض على هؤلاء للحصول أولاً على الشرعية الدولية التي لم يحصل عليها بعدُ، كما أنه يريد أموالاً بحجة إعادة الإعمار. وبالتالي، ما نقوله، اليوم، هو: إذا كان يجب أن نفاوض فلنفاوض لإعادة السوريين، وتأمين اللوائح المطلوبة، ووقف التهريب على الحدود».

اللواء إلياس البيسري المدير العام بالإنابة للأمن العام اللبناني (المركزية)

وقد جرى توكيل جهاز الأمن العام اللبناني بملف النزوح السوري، سواء لجهة التدابير الداخلية المتخَذة أم لجهة التنسيق المباشر مع سوريا، وجرى تسجيل زيارة لمدير عام الأمن العام، اللواء إلياس البيسري إلى دمشق لهذا الغرض.

مواقف متأخرة

من جهته، أشار عضو كتلة نواب «التيار الوطني الحر (تكتل لبنان القوي)»، النائب جيمي جبور، إلى أن لملف النزوح السوري «أبعاداً عدة؛ أحدها يفترض الحوار مع الدولة السورية بشكل رسمي وجِدي لوضع آليات العودة وبدء تطبيقها، لكن البعد الآخر يفترض إقناع المجتمع الدولي بأن لبنان لم يعد قادراً على تحمل أعباء النزوح».

وقال جبور، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتفق مع جنبلاط جزئياً، مع إدراكنا أن هذه المواقف المتأخرة قد تكون مفيدة لإقناع الحكومة اللبنانية بالتعامل جدياً مع هذا العبء الكبير الذي يشكله الوجود السوري غير الشرعي على الأراضي اللبنانية، ويبقى أن الحدود السائبة بين لبنان وسوريا يتحمل الجيش اللبناني المسؤولية الكبرى في ضبطها، وهو يحتاج بذلك إلى قرار سياسي لم تُقْدم عليه الحكومة اللبنانية حتى الآن».

لتفاوض عربي مشترك

ولا يمانع عضو كتلة «تحالف التغيير»، النائب مارك ضو، التفاوض مع النظام السوري، ويَعدُّه «ضرورة»، لافتاً إلى وجوب أن يكون «تفاوضاً عربياً مشتركاً، أردنياً لبنانياً، وكذلك يشمل تركيا؛ للوصول إلى حل شامل للموضوع، لا إلى حل ثنائي».

ورأى ضو، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يمكن للنظام أن يؤمّن مناطق آمنة على الحدود اللبنانية السورية ضمن الأراضي السورية، لإقامة مخيمات تقوم قوى دولية مثل الأمم المتحدة بإدارتها».

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يترأس أحد الاجتماعات للبحث في معالجة أزمة اللاجئين السوريين (حساب رئاسة الحكومة)

وعن أداء الحكومة اللبنانية في هذا الملف قال ضو: «لا نظن أن الحكومة تقوم بما يجب لحل المشكلة على صعيد دولي. وكل ما نراه هو استغلال الملف من قِبل البعض لكسب نقاط مع النظام السوري».

لإعادتهم فوراً

في المقابل، لا يزال موقف حزب «القوات اللبنانية»، برئاسة سمير جعجع، على حاله، وهو لا يؤيد التواصل مع النظام السوري، وعدَّ أنه لا دولة سورية للتواصل معها، وأن ما يقوم به مدير عام الأمن العام، اللواء إلياس البيسري، كافٍ.

وقالت عضو تكتل نواب حزب «القوات اللبنانية» (تكتل الجمهورية القوية)، النائبة غادة أيوب، لـ«الشرق الأوسط»: «مع انتفاء كل الأسباب السياسية والأمنية والعسكرية المرتبطة بالوجود السوري غير الشرعي في لبنان، بات لزاماً المباشرة فوراً بتطبيق القوانين اللبنانية المَرعية الإجراء والاتفاقية الموقَّعة بين الأمن العام ومفوضية اللاجئين، من خلال إعادة هؤلاء اللاجئين إلى بلدهم، أو إرسالهم إلى بلد آخر؛ لأن لبنان بلد عبور وليس بلد لجوء».

ولفتت إلى أن «الكلام عن وجوب حصول حوار بين لبنان وسوريا بملف السوريين الموجودين على أرضه بطريقة غير شرعية، لا داعي له؛ لأن هذا الملف تطبَّق فيه حصراً القوانين اللبنانية، وبالتالي من الأفضل تطبيق القانون فوراً وترحيلهم، وبعدها يجري إجراء حوار مع سوريا بأي شأن آخر مرتبط بالعلاقات بين البلدين، علماً بأن هناك تنسيقاً دائماً بين الأجهزة الأمنية».

وختمت أيوب: «بالنسبة للحكومة والجيش والأمن العام اللبناني، فهم مشكورون؛ للدور الذي يقومون به بالاستجابة لضبط الأوضاع، وتوجيه الإنذارات لكل من يخالف القوانين على الأراضي اللبنانية، لكن الحملة، التي بدأت منذ أشهر، تراجعت وتيرتُها بفعل الحرب، لكن هذا الخطر الداهم والوجودي الذي يهدد هوية لبنان لا يفترض أن يتوقف التصدي له، وعلى الأجهزة استكمال الإجراءات التي بدأتها، كما أن على الحكومة إصدار تقارير دورية؛ لمعرفة أعداد الذين يغادرون، والعقبات التي تقف بطريق إعادتهم إلى بلدهم، أو ترحيلهم إلى دولة أخرى».