موسكو مرتاحة لمسار التطبيع بين دمشق وأنقرة... وتحذّر من «رفع سقف التوقعات»

3 شروط لعودة اللاجئين... وانتقاد لـ«منع واشنطن الأكراد من الحوار مع دمشق»

مخيم للنازحين السوريين في مرجعيون بجنوب لبنان... مسألة النازحين السوريين أحد الموضوعات المطروحة أمام اجتماعات آستانة (رويترز)
مخيم للنازحين السوريين في مرجعيون بجنوب لبنان... مسألة النازحين السوريين أحد الموضوعات المطروحة أمام اجتماعات آستانة (رويترز)
TT

موسكو مرتاحة لمسار التطبيع بين دمشق وأنقرة... وتحذّر من «رفع سقف التوقعات»

مخيم للنازحين السوريين في مرجعيون بجنوب لبنان... مسألة النازحين السوريين أحد الموضوعات المطروحة أمام اجتماعات آستانة (رويترز)
مخيم للنازحين السوريين في مرجعيون بجنوب لبنان... مسألة النازحين السوريين أحد الموضوعات المطروحة أمام اجتماعات آستانة (رويترز)

حذّر الكرملين (الثلاثاء) من رفع سقف التوقعات السياسية، خلال جولة مفاوضات آستانة التي تنطلق (الأربعاء) بحضور وفود روسيا وتركيا وإيران وممثلين عن الحكومة والمعارضة السوريتين. ومهّد المشاركون للمحادثات الموسعة بلقاءات ثنائية (الثلاثاء)، بينما اتجهت الأنظار إلى لقاء رباعي، يجمع نواب وزراء خارجية البلدان الثلاثة الضامنة لوقف النار في سوريا، إلى جانب وفد الحكومة السورية، الذي يرأسه معاون وزير الخارجية أيمن سوسان، الذي كرر التمسك بضرورة انسحاب تركيا من شمال سوريا من أجل تطبيع العلاقات.

ومع الملفات المطروحة تقليدياً على الطاولة في جولات آستانة السابقة كلها، وعلى رأسها مسائل مكافحة الإرهاب، وإجراءات تعزيز الثقة بما فيها الملف الإنساني، وتبادل الأسرى والمعتقلين، يُنتظر أن يتركز الاهتمام في هذه الجولة على ملفَي التطبيع السوري - التركي، وعودة اللاجئين، في إطار مناقشة مسودة «خريطة الطريق»، التي اقترحتها موسكو لدفع مسار التقارب بين دمشق وأنقرة.

على الرغم من ذلك، فإن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف حذر من «رفع سقف التوقعات السياسية» من جولات الحوار المنتظرة، وقال في إفادة للصحافيين، صباح الثلاثاء، إن «طريق التسوية طويلة للغاية، وروسيا تواصل التمسك بمواقفها الثابتة في هذا الشأن».

الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف حذّر من رفع سقف التوقعات في خصوص التطبيع السوري - التركي (د.ب.أ)

في الأثناء، عكست تصريحات ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية، حجم الارتياح الروسي حيال الخطوات الجارية في إطار التحركات الساعية لتطبيع العلاقات السورية - التركية، وقال إن موسكو تأمل في «إحراز تقدم في العمل على خريطة طريق لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق». وكانت موسكو، أعلنت في وقت سابق، أنها أنجزت وضع «مسودة خريطة الطريق» لطرحها خلال اجتماع نواب وزراء خارجية البلدان الأربعة.

وقال بوغدانوف: «للمرة الأولى (منذ انطلاق مسار آستانة) ينظم هنا حدث ثانٍ وبشكل متوازٍ... هو اجتماع لأربع دول، هي تركيا وسوريا وروسيا وإيران، على مستوى نواب وزراء الخارجية... نعمل من خلاله على قضايا تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة».

وأضاف بوغدانوف أن تلك «عملية مهمة يجب أن تستند إلى مبادئ متفق عليها، هي الاحترام المتبادل لسلامة الأراضي والوحدة والسيادة».

وزاد نائب الوزير، في حديث مع الصحافيين: «كما تعلمون، لقد عُقد في 10 مايو (أيار) الماضي اجتماع لوزراء خارجية روسيا وسوريا وتركيا وإيران في موسكو، وصدرت توجيهات لنا بإعداد خريطة طريق لعملية تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا. ونأمل بأن نحرز تقدماً في هذا العمل أيضاً».

ومُنح هذا المسار أفضلية للوفد الحكومي السوري، في مقابل تهميش وفد المعارضة المدعومة من جانب تركيا، إذ كانت الجولات السابقة تشتمل على عقد لقاءات ثلاثية للضامنين فقط، مع حضور وفدَي الحكومة والمعارضة في الجلسات العامة الموسعة فقط.

وانطلقت المحادثات في الجولة الحالية باجتماعات ثنائية كان أبرزها اللقاء الذي جمع وفدَي روسيا والحكومة السورية. ومثّل الجانب الروسي مبعوثان للرئاسة هما ألكسندر لافرنتييف وميخائيل بوغدانوف.

كما عُقد في آستانة، صباح الثلاثاء، اجتماع ثنائي آخر جمع الوفد الحكومي السوري برئاسة أيمن سوسان، والوفد الإيراني برئاسة علي أصغر خاجي، كبير مساعدي وزير الخارجية للشؤون السياسية الخاصة.

وشاركت في هذه الجولة (بصفة مراقب)، وفود من لبنان والأردن والعراق والأمم المتحدة.

وكان بوغدانوف أكد في وقت سابق أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، أكد خلال زيارته موسكو أخيراً أنه سوف يشارك في الجولة الحالية.

قوات أميركية قرب آبار نفط في القامشلي بمحافظة الحسكة... روسيا تتهم أميركا بالضغط على الأكراد في شرق سوريا بهدف عدم التفاوض مع حكومة دمشق (أ.ف.ب)

على صعيد الملفات السياسية المطروحة، في اللقاءات الرباعية، بات واضحاً أن ملف التطبيع السوري - التركي يشتمل، وفقاً لخريطة الطريق التي اقترحتها موسكو، فضلاً عن ملفَي الوضع على الشريط الحدودي، ومكافحة الإرهاب، وهما عنوانان بارزان على أجندة الحوارات، ملفات عدة أخرى على رأسها مسألة توفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين السوريين، خصوصاً من تركيا، وموضوع آليات التعامل مع المكوّن الكردي في إطار مساعي محاربة النزعات الانفصالية، ودفع الأكراد لتوسيع الحوار مع دمشق.

في هذا الملف وجه بوغدانوف انتقادات قوية لواشنطن، واتهمها بأنها «ليست مهتمة بحل القضية الكردية في سوريا، وتمنع حلفاءها من الأكراد من التفاوض مع دمشق».

وأوضح أنه «بذريعة مكافحة الإرهاب، يستمر وجود أميركي غير شرعي في سوريا، في مناطق مهمة اقتصادياً لسوريا في شرق الفرات، تحتوي على النفط وموارد طبيعية مهمة، وكذلك الحال في جنوب سوريا في منطقة التنف».

وأشار بوغدانوف إلى أن القوات الأميركية تدعم «الإدارة الذاتية الكردية»، التي تعارض وحدة الأراضي السورية. وقال: «بالطبع، الأميركيون يدعمون عدداً من المنظمات الكردية التي أنشأت شبه دويلة مع إدارة خاصة بها. هذا أمر غير مقبول إطلاقاً».

وزاد: «بالطبع نحن نقف مع حل مشكلات الأكراد من خلال الحوار. لكني أعتقد بأن الأميركيين، للأسف، غير مهتمين بذلك، ولا يسمحون لحلفائهم الأكراد بالتحاور مع دمشق».

وفي موضوع اللاجئين، حدد نائب الوزير 3 شروط ينبغي توافرها لتسوية هذا الملف. وقال: «إن حل قضية اللاجئين السوريين يتطلب إعادة إعمار الاقتصاد السوري، إضافة إلى القضاء على الوجود الإرهابي في أراضي سوريا».

وأوضح بوغدانوف أن «قضية اللاجئين معقدة، ولا يتطلب حلها القضاء على الوجود الإرهابي وإعادة الوضع الأمني إلى طبيعته فحسب، بل هو مرتبط أيضاً بالوضع الاقتصادي وإعادة إعمار الاقتصاد والبنية التحتية، والمدن والقرى».

وأضاف شرطاً ثالثاً، مؤكداً الحاجة إلى توافر «الإرادة الدولية، وإشراك المجتمع الدولي في حل المشكلة، وتضافر جهوده»، معرباً عن أمله في حصول سوريا على دعم من الدول العربية من خلال مسار تطبيع العلاقات معها.

غير بيدرسن المبعوث الأممي إلى سوريا (الأمم المتحدة - د.ب.أ)

وكان مصدر دبلوماسي روسي أبلغ «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن ملف اللاجئين سيكون بين العناصر المطروحة في إطار مسودة «خريطة الطريق» الروسية المقترحة، مشيراً إلى أن الرئيس رجب طيب إردوغان «يريد أن يفي بتعهداته الانتخابية لإعادة جزء من اللاجئين السوريين في تركيا، لكنه يطلب من أجل ذلك ضمانات مؤكدة تقوم على عدم تعرض العائدين لملاحقات، فضلاً عن ضرورة توفير بنى تحتية مهيأة لاستقبال العائدين إلى وطنهم في إطار طوعي وآمن.

في غضون ذلك، قال أيمن سوسان، رئيس الوفد السوري المشارِك في اجتماعات آستانة، إن انسحاب تركيا من سوريا هو المدخل الوحيد لأي «علاقات عادية» بين البلدين. ونقل تلفزيون «الإخبارية» السوري عن سوسان قوله (الثلاثاء) إن «مكافحة الإرهاب لا تتم بانتقائية»، مؤكداً أن «ضمان أمن الحدود مسؤولية سورية - تركية مشتركة»، بحسب ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأضاف، خلال اجتماع رباعي مع نواب وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، أن التصريحات التركية حول سيادة سوريا ووحدة أراضيها تتنافى مع استمرار «احتلالها» للأراضي السورية، وتخالف القانون الدولي وأبسط مقومات العلاقات بين الدول. وأكد المسؤول السوري أن انسحاب القوات التركية من سوريا، وفق جدول زمني واضح، يشكل الأساس لبحث ملفات أخرى مثل عودة اللاجئين ومكافحة «الإرهاب» بكل أشكاله. وتابع: «أي نتائج فعلية في مسار التقارب يجب أن تستند إلى إقرار تركيا بسحب قواتها من الأراضي السورية».


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

«حزب الله» يشن أكبر هجوم بالمسيّرات ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان

الدفاع الجوي الإسرائيلي يعترض هدفاً جوياً تم إطلاقه من لبنان (إ.ب.أ)
الدفاع الجوي الإسرائيلي يعترض هدفاً جوياً تم إطلاقه من لبنان (إ.ب.أ)
TT

«حزب الله» يشن أكبر هجوم بالمسيّرات ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان

الدفاع الجوي الإسرائيلي يعترض هدفاً جوياً تم إطلاقه من لبنان (إ.ب.أ)
الدفاع الجوي الإسرائيلي يعترض هدفاً جوياً تم إطلاقه من لبنان (إ.ب.أ)

ذكرت قناة تلفزيون «المنار» التابعة لـ«حزب الله»، اليوم الجمعة، أن الجماعة اللبنانية شنّت أكبر هجوم بالطائرات المسيّرة ضد القوات الإسرائيلية في جنوب لبنان منذ بداية المواجهات.

وقالت القناة إن 28 طائرة مسيّرة انقضاضية «دكت تجمعات العدو الإسرائيلي بمدينة الخيام جنوب لبنان».

وقال الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق اليوم، إن طائرة مسيّرة سقطت في منطقة الجليل الغربي، وإن هناك محاولات لاعتراض أهداف جوية أخرى.

وأضاف الجيش في بيان أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات حتى الآن.