لبنان: هل يقر مجلس الوزراء ترقيات الضباط غداً؟

«الحرب المفتوحة» بين وزير الدفاع وقائد الجيش تعطل «المجلس العسكري»

ميقاتي مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (دالاتي ونهرا)
ميقاتي مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: هل يقر مجلس الوزراء ترقيات الضباط غداً؟

ميقاتي مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (دالاتي ونهرا)
ميقاتي مترئساً إحدى جلسات مجلس الوزراء (دالاتي ونهرا)

كشف مصدر وزاري لبناني أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سيوقّع على ترقية ضباط الجيش من رتبة عقيد إلى عميد في جلسة مجلس الوزراء التي تُعقد غداً (الأربعاء)، لأن «هناك ضرورة لإخراج الترقيات من التجاذبات السياسية وتحييد المؤسسة العسكرية عنها». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن الترقيات ستصبح نافذة إفساحاً في المجال لملء الشغور في المجلس العسكري، نتيجة إحالة ثلاثة من أعضائه إلى التقاعد لبلوغهم السن القانونية وهم: رئيس الأركان اللواء أمين العرم، ومدير الإدارة العميد مالك شمص، والمفتش العام العميد ميلاد إسحق.

ولفت المصدر إلى أن «ميقاتي لا يربط الترقيات بتعيين ثلاثة أعضاء في المجلس العسكري ليتمكن من معاودة اجتماعاته»، موضحاً أن تعطيل المجلس العسكري ينعكس سلباً على المؤسسة العسكرية، رغم سعي قائد الجيش العماد جوزف عون للتعويض عن غياب دور المجلس بتوفير الحلول لاحتياجات الجيش.

وعن ملء الشواغر في المجلس العسكري قال المصدر: «أولاً: من غير الجائز البحث في هذا الأمر قبل إصدار الترقيات، لأن العضو يجب أن يكون برتبة عميد، مع مراعاة الأقدمية. ثانياً: استكمال تعيين أعضاء المجلس العسكري يصطدم برفض وزير الدفاع العميد المتقاعد موريس سليم التقدم باقتراح يقضي بتعيين مدير الإدارة والمفتش العام، وكذلك اقتراح قائد الجيش رئيس للأركان، على أن يصدر مجلس الوزراء بعدها قراراً بترقيتهم إلى رتبة لواء».

مقاطعة وزير الدفاع

واعتبر المصدر نفسه أن «مقاطعة وزير الدفاع لجلسات مجلس الوزراء من جهة، ورفضه مبدأ ملء الشواغر في المجلس العسكري في ظل استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية من جهة ثانية، لا يهدفان للضغط لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، بل يأتيان في سياق الحرب المفتوحة التي يقودها رئيس (التيار الوطني الحر) النائب جبران باسيل، بغطاء سياسي مباشر من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ضد قائد الجيش على خلفية عدم تصدّيه للانقلاب الذي استهدفه فور اندلاع الانتفاضة الشعبية على الطبقة السياسية، خصوصاً أن وزير الدفاع ينتمي إلى تياره السياسي وكان سماه لتولي حقيبته الوزارية في الحكومة».

وفي هذا السياق، أكد مصدر سياسي أن «وزير الدفاع يدخل في مواجهة مع قائد الجيش استجابة لرغبة باسيل في محاولة لضرب مصداقيته محلياً ودولياً، التي كانت موضع تقدير من الدول المعنية، لدوره في الحفاظ على الاستقرار في لبنان وعدم استخدامه القوة المفرطة طوال فترة التحركات التي عمت معظم المناطق اللبنانية احتجاجاً على المنظومة الحاكمة محملة إياها مسؤولية تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية».

وقال المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» إن منسوب التوتر يتصاعد بين وزير الدفاع وقائد الجيش بالتلازم مع الحملة المنظمة التي يرعاها باسيل لقطع الطريق على قائد الجيش للوصول إلى رئاسة الجمهورية، برغم أنه لم يرشح نفسه ولا ينخرط في السجال الدائر وينصرف كلياً للاهتمام بأوضاع المؤسسة العسكرية. وأكد أن «قوة العماد عون في صمته وهذا ما يزعج باسيل، خصوصاً أن اسمه كمرشح رئاسي لا يزال يلقى التأييد على المستويين الإقليمي والدولي، مع أن باسيل اتهمه بالفساد وأخذ على رئيس الجمهورية السابق بأنه خالف رأيه وأصر على تعيينه في منصبه».

الرئيس نجيب ميقاتي في لقاء «المصالحة» أمس بين وزير الدفاع وقائد الجيش (دالاتي ونهرا)

ولفت إلى أن «الرئيس ميقاتي تمكن من جمعهما (سليم وعون) فور اندلاع الخلاف بينهما في محاولة لتنقية الأجواء ورأب التصدّع الذي أصاب علاقتهما لافتقادهما إلى الكيمياء السياسية الجامعة، لكن محاولته سرعان ما انهارت بدخول باسيل على الخط لمنعهما من التفاهم، وهذا ما أقحم المؤسسة العسكرية في تجاذبات سياسية يخطط لها باسيل، ظناً منه بأن استهدافه سيؤدي إلى تقليص حظوظه الرئاسية إن لم يسحب اسمه من التداول خارج الاصطفافات السياسية الراهنة.

وقال إن «تريث ميقاتي في ملء الشواغر في المجلس العسكري لا يعني أنه صرف النظر عن رغبته بتأمين النصاب العددي المطلوب لمعاودة قيامه بالمهام المطلوبة منه». وأكد أن «ميقاتي سيحاول مجدداً جمع وزير الدفاع وقائد الجيش لتهيئة الأجواء أمام إدراج تعيين الشواغر في المجلس العسكري على جدول أعمال الجلسة التي تعقدها الحكومة فور انتهاء عطلة عيد الأضحى».

لكن المصدر نفسه لم يخف مخاوفه من أن يصطدم ميقاتي مجدداً بامتناع وزير الدفاع عن حضور الجلسة التزاماً بقرار «التيار الوطني» بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء بذريعة أنه يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، و«كأن حكومة تصريف الأعمال هي من تعيق انتخابه وتنوب عن البرلمان في تعطيل جلسات الانتخاب». وسأل: «ما الجدوى من رفض وزير الدفاع بأن يتقدّم باقتراح يقضي بتعيين عضوين جديدين في المجلس العسكري؟ وكيف سيكون وضع المؤسسة العسكرية في حال تعذّر انتخاب الرئيس قبل إحالة قائد الجيش على التقاعد في مطلع العام المقبل؟».

كما سأل المصدر نفسه وزير الدفاع: «ما الجدوى من انضمامه إلى الحملات التي يراد منها تصفية الحسابات مع قائد الجيش وكعادته بالنيابة عن باسيل لإبعاده عن لائحة المرشحين وكان أول من وضع فيتو على اسمه، إضافة إلى اسم زعيم تيار (المردة) النائب السابق سليمان فرنجية لدى اجتماعه بالأمين العام لـ(حزب الله) حسن نصر الله؟». لذلك رأى أن «باسيل ماضٍ في مخططه بإقحام المؤسسة العسكرية في تجاذبات سياسية بوضعه وزير الدفاع في مواجهة مفتوحة مع قائد الجيش، برغم أن الأخير يحاول استيعابها وتفكيكها قدر الإمكان لئلا تؤثر سلباً على دور الجيش بالتعاون مع القوى الأمنية الأخرى في الحفاظ على السلم الأهلي وعلى ما تبقى من رموز الدولة بعد أن أصاب معظم إداراتها ومؤسساتها من انحلال».

وعليه، حذّر المصدر من التمادي في تعطيل المجلس العسكري الذي بات مشلولاً، وسأل: ما الذي يمنع جمع وزير الدفاع وقائد الجيش لحل هذه المعضلة؟ أم أن القرار بات واضحاً بأنه يعود لباسيل الذي يثير المخاوف حيال ذهابه في رهانه إلى أبعد مدى وصولاً إلى تكليف وزير الدفاع ضابطاً برتبة عميد للقيام بالمهام المناطة بقائد الجيش في حال أن الشغور الرئاسي استمر إلى ما بعد إحالته إلى التقاعد، خصوصاً أن قانون الدفاع يجيز للوزير ذلك في حال تعذَّر تعيين رئيس للأركان؟ ويبقى السؤال: إلى متى تستمر الحملة على قائد الجيش الذي يرابط في مكتبه ولا يغادر إلى خارج لبنان نظراً لشغور منصب رئيس الأركان الذي وحده ينوب عنه طوال فترة غيابه، ويعود لقائد الجيش الاقتراح بتعيينه في منصبه؟

 


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».