في خطوة وصفنها إسرائيل بأنها تاريخية، أعلنت السفارة الروسية في تل أبيب، الجمعة، أنها وقّعت اتفاقية رسمية مع بلدية القدس ووزارة الخارجية الإسرائيلية، جرى بموجبها «توضيح حدود ومساحة قطعة أرض تملكها روسيا في القدس الغربية»، وأكدت أن الاتفاقية «تشمل تفاهمات حول إنشاء ممثلية دبلوماسية روسية رسمية في القدس الغربية».
وجاء في بيان صدر عن السفارة الروسية في تل أبيب أن «روسيا الاتحادية وقّعت اتفاقية تسوية وبروتوكولات تابعة لها بشأن توضيح حدود ومساحة قطعة الأرض الروسية في القدس الغربية، بمساعدة السفارة الروسية ووزارة الخارجية الإسرائيلية. وتوقيع هذه الوثائق هو نتيجة عملية استمرت سنوات بدأتها وزارة الخارجية الروسية».
وأكدت السفارة ما كان قد نشر في إسرائيل من أنها تقيم للمرة الأولى مكتباً رسمياً في القدس، وقالت: «ننطلق من افتراض أن ملكية الأرض المذكورة ستُستخدم، بالتحديد، لبناء مجمع من المباني التي سيجري استخدامها لتلبية حاجات المكتب الفرعي للقسم القنصلي في السفارة الروسية في إسرائيل. وهذه الخطوة تخدم بشكل كامل مصالح تعزيز العلاقات الودية متعددة الأوجه بين روسيا وإسرائيل، كما أنها تتوافق مع مسار بلدنا غير المتغير نحو تسوية عادلة في الشرق الأوسط».
المعروف أن هذه الأرض هي واحدة من نحو 100 عقار روسي في إسرائيل يوجد عليها خلاف بين البلدين. وهي عقارات امتلكت روسيا معظمها في عصر القياصرة، قبل 100 – 150 سنة. وهي تقع عند تقاطع شارعي الملك جورج الخامس ومعلوت في القدس الغربية، وتمتلكها روسيا منذ عام 1885. وهي مسجلة في سجل العقارات العثماني لسوريا وفلسطين باسم الإمبراطورية الروسية. ومسجلة تحت رقم 50 في سجل العقارات الروسية في فلسطين وسوريا من يوم 19 يونيو (حزيران) سنة 1895، ووقع عليه مدير القنصلية العامة للإمبراطورية الروسية في القدس حينها، ألكسندر ياكوفليف. لكن المؤسسات الإسرائيلية حاولت الالتفاف على هذه الوثائق والمماطلة في الاستجابة لطلب روسيا تحرير هذه الممتلكات. وكاد الأمر يحول الموضوع إلى أزمة دبلوماسية.
غير أن حكومة بنيامين نتنياهو سارعت إلى تسوية الأمور، معلنة أنها ستحرر العقارات الروسية بالتدريج، من خلال محادثات تفصيلية مع روسيا حول كل عقار بمفرده. وشكلت وزارة الخارجية الإسرائيلية طاقماً برئاسة يوفال فوكس، رئيس دائرة أوروبا وآسيا فيها. وعيّن الروس لهذه المهمة، سيرغي مكروف، مساعد نائب وزير الخارجية، ميخايل بوغدانوف.
وبحثت إسرائيل، في الوقت نفسه، عن مكاسب سياسية أيضاً من خلال هذه الخطوة، فطلبت أن يقام على هذه الأرض مبنى يتبع بشكل مباشر السفارة الروسية في تل أبيب، ليضاف إلى مكاتب تمثيلية تابعة لسبع دول (بينها السفارة الأميركية وثلاث سفارات أخرى هي غواتيمالا وهندوراس وكوسوفو). ووافق الروس على المطلب الإسرائيلي على أساس أن المقر الجديد الذي سيبنى هو فرع قنصلي للسفارة الروسية في تل أبيب، على أن يجري بناؤه في غضون خمس سنوات. ويقدم الخدمات القنصلية للمواطنين الإسرائيليين الذين يحملون الجنسية الروسية ولمواطنين روس آخرين يعيشون في إسرائيل. وتعده إسرائيل «مكتباً تمثيلياً دبلوماسياً روسياً»، ينضم إلى مكاتب شبيهة أقيمت في القدس الغربية مثل مكاتب هنغاريا والتشيك وسلوفاكيا.
المعروف أن روسيا كانت قد اعترفت بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل. وتعد تل أبيب إقامة فرع قنصلي ارتقاءً بدرجة الاعتراف بالوجود الإسرائيلي في القدس.