«تسويات درعا»... شبان يسعون إلى السفر وتأجيل الخدمة العسكرية

13 ألفاً تقدموا لتسوية أوضاعهم في الجنوب السوري

جانب من عملية التسوية في مركز قصر الحوريات بمدينة درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)
جانب من عملية التسوية في مركز قصر الحوريات بمدينة درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)
TT

«تسويات درعا»... شبان يسعون إلى السفر وتأجيل الخدمة العسكرية

جانب من عملية التسوية في مركز قصر الحوريات بمدينة درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)
جانب من عملية التسوية في مركز قصر الحوريات بمدينة درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)

في حين تستمر عمليات «التسوية» التي باشرتها السلطات السورية في محافظة درعا الجنوبية، قال عدد من الشبان الذين تقدموا لتسوية أوضاعهم إن معظمهم من المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، وبعضهم من الفارين من الجيش، أو أنهم مطلوبون للأفرع الأمنية.

وأضاف هؤلاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قائمة المتقدمين للالتحاق بـ«التسوية» تتضمن أيضاً أشخاصاً كانوا طلاباً في الجامعات السورية ولا يوجد في سجلهم ملاحقات أمنية لدى الدولة السورية، لكنهم مشمولون بالتجنيد الإلزامي ويتعرضون لملاحقات للقبض عليهم وسحبهم للخدمة العسكرية بعد اعتكاف كثير منهم عن الذهاب للالتحاق بمراكز التجنيد. وأوضحوا أن التسوية الجديدة تمنحهم تأجيلاً عن السحب للخدمة العسكرية وموافقة على السفر، بحسب ما يبلغهم قائمون على عملية إجراء التسوية داخل مركز التسويات في قصر الحوريات بمدينة درعا المحطة. وقالوا إن التأجيل عن السحب للخدمة العسكرية والموافقة على السفر ستصل إلى شُعبة التجنيد التي يتبع لها المتقدم للتسوية.

وكان العدد الكبير منَ الاستفساراتِ المتعلِّقةِ بإمكانية استخراج جواز السفر والسماح بمغادرة البلاد للمتقدِّمين للتسوية الأخيرة لافتاً. وعند سؤالهم عن سبب الرغبة الكبيرة في السفر، قال أحدهم إن ذلك مرتبط بالمخاوف من الأوضاع الأمنية في محافظة درعا والتي تتمثل في حالات انفلات أمني شبه يومية، على غرار عمليات القتل والاغتيالات والسرقة والسطو المسلح، وأحياناً خطف الأفراد بدافع الحصول على فدية مالية، واستمرار وجود مخاوف أمنية بسبب التخلف عن الالتحاق بالخدمة العسكرية وبقاء الأشخاص رهائن لهذه المخاوف.

صورة الرئيس السوري بشار الأسد في مركز التسوية بقصر الحوريات في درعا (المكتب الصحافي في محافظة درعا)

في المقابل، أرجع بعض الذين تحدث إليهم «الشرق الأوسط» مشكلته إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة، والغلاء الفاحش في جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الحاجات الأساسية، بحيث لم يعد أي راتب، سواء في القطاع العام أو الخاص، في مقدوره مواجهة الضغوط الاقتصادية والغلاء، نتيجة الانهيار المتواصل لسعر صرف الليرة السورية المحلية مقابل العملات الأجنبية. ووصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 9 آلاف ليرة سورية، بينما يصل راتب الموظف الحكومي السوري إلى 150 ألف ليرة سورية، وفي القطاع الخاص لا يتجاوز الراتب 500 ألف ليرة سورية.

وتعاني محافظة درعا أيضاً تزايداً في مشكلة البطالة، وتراجع الاهتمام بقطاعات الإنتاج بما في ذلك الزراعة؛ إذ تعدّ المحافظة من بين أبرز المناطق الزراعية في سوريا. ولكن مع غلاء أسعار أدوات ومستلزمات الزراعة والتي تشمل البذور والحراثة والمبيدات الحشرية والأسمدة والوقود، فإن الشباب يبحثون عن فرص للهجرة والسفر وتحسين وضعهم الاقتصادي ومساعدة من تبقى من أفراد أسرهم في سوريا.

شبان أمام مركز التسويات في مدينة درعا المحطة (الشرق الأوسط)

ويوضح بعض المتقدمين للتسوية أنهم من المطلوبين للخدمة الاحتياطية في الجيش السوري، حيث تحوي محافظة درعا آلاف الشباب الذين تمنعوا عن أداء الخدمة الاحتياطية في الجيش بعدما وصلت قوائم بأسمائهم ودعوات للالتحاق بالخدمة الاحتياطية بعد التسويات الأولى التي جرت في المنطقة عام 2018. وبعض هؤلاء ما زالوا يعانون من ملاحقات الأفرع الأمنية، رغم إجرائهم عمليات التسوية أكثر من مرة. وغالبية هذه الفئة من العناصر السابقة في فصائل المعارضة، الذين فضّلوا البقاء بالمنطقة على الترحيل إلى الشمال السوري، بعدما سيطرت الحكومة السورية، برعاية روسية، على المنطقة، بموجب اتفاق التسوية عام 2018. ونتيجة عدم تسوية أوضاعهم، لم يتمكن هؤلاء من إجراء معاملاتهم الحكومية وحتى العائلية باعتبار أن معظم المعاملات الحكومية السورية تتطلب ورقة تسمى «لا حكم عليه» وورقة «الوضع التجنيدي». كما تشمل قائمة الساعين إلى «التسوية» أشخاصاً يبحثون عن الرعاية الصحية في مستشفيات دمشق التي يتوفر فيها الأطباء المختصون والأجهزة، بينما تفتقر محافظة درعا لهذا النوع من الخدمات. ولا يمكن لهؤلاء الحصول على الرعاية الصحية المطلوبة بسبب الملاحقات الأمنية التي لم يتم شطبها في حقهم بالتسويات السابقة أو لتخلفهم عن أداء الخدمة العسكرية.

وتحدثت الجهات الرسمية في محافظة درعا عن تقدم 13 ألف شخص للتسوية الأخيرة في المحافظة الجنوبية. وأدى هذا الدفق الكبير من الراغبين في التسوية إلى تمديد فتح مركز التسوية لكل أبناء محافظة درعا داخل سوريا وخارجها. وتشمل التسوية كل الذين فروا من الخدمة العسكرية أو الشرطية والذين تخلفوا عن أداء الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية والذين عليهم ملاحقات أمنية أو عسكرية والذين حملوا السلاح ضد الدولة السورية. وهي مشابهة لتسويات سابقة جرت في محافظة درعا، حيث تعدّ هذه التسوية الرابعة التي تشهدها المحافظة منذ دخولها اتفاق التسوية الأول برعاية روسية في عام 2018.


مقالات ذات صلة

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)
TT

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

وأوضح الوزير، في مؤتمر صحافي بالكويت، إن «مزيداً من العسكرة في البحر الأحمر يضر ضرراً بالغاً بالتجارة العالمية والاقتصاد المصري»، وفقاً لوكالة «رويترز».

وتابع عبد العاطي: «خاصة أن هناك تراجعاً كبيراً في عائدات قناة السويس نتيجة التصعيد (غير المقبول) في البحر الأحمر».

وقال عبد العاطي إنه تحدث مع وزير خارجية الكويت عن الأوضاع «الكارثية» في البحر الأحمر والتصعيد الحالي، الذي يؤثر على حركة الملاحة الدولية.

وأضاف: «إذا كانت هناك جدية لمنع التصعيد، لا بد من معالجة جذور المشكلة وهي بطبيعة الحال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وأيضا على لبنان حتى لا نعطي الذريعة لأي طرف».

وأكد أن «الاستقرار أمر هام جداً ولن يتحقق الاستقرار إلا بمعالجة جذور المشكلة ووقف هذا العدوان الغاشم».

وتشن جماعة «الحوثي» اليمنية هجمات تستهدف السفن في مدخل البحر الأحمر تقول إنها ضد سفن متجهة إلى الموانئ الإسرائيلية.