مؤيدو أزعور يرفضون اتهامهم بـ«تحدي حزب الله»

الحزب دعا داعمي أزعور إلى عدم الذهاب «إلى المزيد من الرهانات الخاسرة»

الوزير السابق جهاد أزعور الذي اتفقت كتل المعارضة على دعمه للرئاسة (رويترز)
الوزير السابق جهاد أزعور الذي اتفقت كتل المعارضة على دعمه للرئاسة (رويترز)
TT

مؤيدو أزعور يرفضون اتهامهم بـ«تحدي حزب الله»

الوزير السابق جهاد أزعور الذي اتفقت كتل المعارضة على دعمه للرئاسة (رويترز)
الوزير السابق جهاد أزعور الذي اتفقت كتل المعارضة على دعمه للرئاسة (رويترز)

هاجم «حزب الله» تقاطع خصومه على دعم ترشيح الوزير الأسبق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، معتبراً على لسان عضو مجلسه المركزي الشيخ نبيل قاووق، أن «الاصطفافات المستجدة في ملف الرئاسة أكدت هواجسنا الوطنية وفضحت النيات المبيتة»، وذلك قبل أيام على جلسة انتخابات رئاسية يعقدها البرلمان يوم الأربعاء المقبل.

وينقسم معظم أعضاء البرلمان بين خيارين؛ أحدهما يدعم أزعور، وهم «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» و«الكتائب اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» وشخصيات مستقلة، في مقابل دعم «حزب الله» و«حركة أمل» وحلفائهما لترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، بينما لم يحسم آخرون من تغييريين ومستقلين قرارهم بعد.

ويشترط «حزب الله» انتخاب رئيس «يطمئن المقاومة»، حسبما كرر على لسان مسؤوليه، وينظر إلى الأمر على أنه «هاجس له»، كما يقول خصومه. وأجرى الحزب في الفترة الماضية مروحة اتصالات، وقال إن الشخص الأكثر طمأنة له، هو فرنجية.

ودخل البطريرك الماروني بشارة الراعي على خط الاتصال بـ«حزب الله» و«حركة أمل» في محاولة لتذليل العقبات أمام ترشيح أزعور وإنهاء الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، ويُنتظر أن يعلن الراعي موقفاً يوم الأحد، يتضمن حصيلة لقاءات موفديه بأمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، ورئيس البرلمان نبيه بري.

وينتظر اللبنانيون وصول الموفد الفرنسي المكلف من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، إلى بيروت، قبل جلسة الأربعاء، للقاء القوى السياسية، وإعداد تقرير عن التطورات والمواقف المتصلة بالأزمة الرئاسية، ضمن مهامه التي كلفه بها ماكرون ممثلاً خاصاً له، من أجل «الحوار مع كل من يمكنه أن يسهم في حل الأزمة، سواء داخل لبنان أم خارجه».

الهجوم على أزعور

واستبق «حزب الله» موعد الجلسة، التي يتوقع أن يحوز فيها أزعور على أصوات تتخطى أصوات فرنجية، بمهاجمة مرشح خصومه. وقال قاووق إن لبنان «يحتاج إلى تقاطعات وطنية تنقذه من الانهيار وتحصنه من الفتنة، وتقاطعات تصب في المصلحة الوطنية لا في مصلحة أشخاص»، متوجهاً إلى خصومه بالقول: «لا تخطئوا بالحسابات، ولا تأخذكم الحماسة الزائدة إلى المزيد من الرهانات الخاسرة».

وقال: «الاصطفافات المستجدة في ملف الرئاسة أكدت هواجسنا الوطنية وفضحت النيات المبيتة»، مضيفاً أن «مسؤوليتنا الوطنية تفرض علينا تحصين الساحة وقطع الطريق على الفتنة»، مجدداً دعوة «حزب الله» للحوار غير المشروط «سواء على مستوى المشاركين أو المرشحين»، مؤكداً أنه «موقف جدي وليس مناورة سياسية أو إعلامية».

وأعلن «حزب الله» أنه وحلفاءه سيصوتون لفرنجية في جلسة الأربعاء. وقال رئيس «تكتل بعلبك الهرمل» النائب حسين الحاج حسن إن هذا التصويت سيكون «في مقابل مرشح تم التقاطع عليه قبل أيام من قبل جهات بعضها كان قد وضع (فيتو) على ترشيحه، وبعضها كتب فيه ما لا يمكن أن يسمح لهم بتبني ترشيحه، وبعضهم يقول بوضوح إنهم توافقوا عليه فقط، وهم يختلفون في كل شيء في البرامج السياسية»، مضيفاً: «هذا يطرح أسئلة حول الغايات وحول مَن هندس هذا التقاطع»، معتبراً أن «هذا التقاطع يساهم في تأزيم الأمور أمام انتخابات رئاسة الجمهورية».

ويصف «حزب الله» أزعور بأنه مرشح تحدٍّ، وهو ما ينفيه معارضو الحزب. وتوجه عضو كتلة «الكتائب» النائب سليم الصايغ لـ«الجميع»، ناصحاً إياهم بـ«التجاوب مع حركة البطريرك الماروني التي تأتي لطمأنة الجميع، لأن أحداً لا يريد الذهاب نحو لغة التحدي»، مضيفاً في حديث إذاعي أن «المطلوب من جهاد أزعور التحرك تجاه كل الأفرقاء اللبنانيين على أثر حركة البطريرك وإجراء مروحة من اللقاءات».

وتابع الصايغ: «يهمنا، إذا وصل أزعور إلى الرئاسة، ولكي ينجح عهده، أن يعطي (حزب الله) تطمينات بأن ليس هناك من استهداف له ولا للمقاومة، والخطوة الفرنسية بتغيير الفريق الذي يتعاطى الملف اللبناني تصب في خانة اقتراب فرنسا أكثر إلى المقاربة الأميركية من الاستحقاق الرئاسي»، مضيفاً أن «التقاطع حول أزعور مقبول لدى الخماسية الدولية من أجل لبنان».

لكن التطمينات بأن أزعور ليس مرشح تحدٍّ، لا تكفي لضمانة انتخابه، أو على الأقل تأمين النصاب القانوني لانتخابه. وتتخوف المعارضة من فقدان الجلسة لنصابها القانوني في حال انسحب النواب الداعمون لفرنجية؛ إذ يفرض الدستور انتخاب الرئيس بأكثرية الثلثين (86 نائباً) في الجلسة الأولى، وحضور أكثرية الثلثين والاقتراع بالنصف زائداً واحداً في الدورة الثانية. ويضع مؤيدو فرنجية فرضية الانسحاب من الجلسة ضمن الخيارات لمنع انتخاب أزعور بأكثرية 65 نائباً في حال تأمن هذا العدد لانتخابه.

وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة: «لم نأخذ أزعور على أنه مرشح تحد، ولا نعتبر أنفسنا بمواجهة أحد. إنما الآخرون هم الذين يواجهون ويتجنون على أصحاب الخيارات». وأضاف: «مر علينا الكثير في العام والخاص، ولا نخاف، بل سنعمل وفق قناعاتنا، وإذا نجح فرنجية بأكثرية واضحة فأهلاً وسهلاً. في النهاية لا نستطيع أن نقول: لا، للعبة الديمقراطية، أما إذا حصلت لعبة النصاب وتطييره فهذا ما لا نقبل به».

ومع أن المعارضة تقول إن أرقام أزعور تقترب من 65 صوتاً، لا يزال التعويل على إقناع المترددين بالتصويت له، لضمانة تأمين أكثرية النصف زائد واحد له، في وقت يتجه قسم من نواب كتلة «التغيير» للتصويت بورقة بيضاء، لرفضهم الاصطفافات السياسية الأخيرة، والاقتراع لأحد المرشحيْن المدعومَيْن من قوى سياسية تقليدية. ويعبر عن هذا الواقع النائب ياسين ياسين الذي جزم بأن هناك «خيارين لن يصل أي منهما إلى سدة الرئاسة». وقال: «عندما تلقفنا الوضع وزرناهم في سبتمبر (أيلول) لم يتلقفوا مبادرتنا، بل استمروا إما في تعطيل النصاب أو التصويت لشخص واحد».

وأضاف في تصريح إذاعي: «نريد رئيساً يتكلم بكل وضوح للشعب ويحكم، فلا وضوح في الملفات عند الوزير السابق جهاد أزعور ولا يستطيع تشكيل الحكومة في ظل هذا الانقسام. نحن نريد رئيساً خارج الاصطفافات ويجمع اللبنانيين، ومن حقنا عدم أخذ قرار لأننا أمام مرشح للممانعة واستنساخ للعهد السابق ومرشح اتفاق تقاطع يمكن أن يكون استنساخاً لاتفاق (التيار الوطني الحر) و(القوات اللبنانية) في عام 2016، الذي أوصل الرئيس السابق ميشال عون إلى الرئاسة»، مضيفاً: «هذا مريب جداً ولا ثقة بالاثنين».



العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
TT

العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)
السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)

مع تسارع وتيرة الزيارات الدبلوماسية العربية والإقليمية والأجنبية إلى دمشق بعد إطاحة نظام بشار الأسد، خصوصاً في الأيام الأخيرة، ما زالت الحكومة العراقية «مترددة» في إرسال وفد رسمي إلى سوريا، رغم حالة الجوار الجغرافي والتقارب الاجتماعي بين البلدين الشقيقين.

وبينما تتواصل مواقف حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني بشأن الحرص على «مساعدة الشعب السوري»، وتأكيدها على هذا المسار، خلال اتصالاته ببعض المسؤولين والزعماء العرب، فإن عدداً غير قليل من المراقبين المحليين لاحظوا أن حكومة السوداني «ما زالت تمارس نوعاً من الانكفاء»، أو تتعاطى «بحذر وخشية» لجهة الانخراط في الحدث السوري.

وقال السوداني، الأحد، إن حكومته «بادرت بإجراء اتصالات وزيارات مع الدول الشقيقة، وأطلقنا مبادرة لإرساء الأمن في سوريا، وقدمنا ورقة عراقية في مؤتمر العقبة بالأردن بشأن سوريا، وحظيت بترحيب جميع الأشقاء».

غير أن المسؤولين الحكوميين، سواء في وزارة الخارجية، أو على مستوى الشخصيات المقربة من رئيس الوزراء، لم يتحدثوا عن طبيعة تلك المبادرة، واقتصروا على التصريحات العمومية، وكذلك الأمر مع ما ورد في ورقة العقبة، وهو ما يؤكد طبيعة «الحذر» الذي تمارسه بغداد حيال الحدث السوري.

ويقرّ الباحث والمحلل نزار حيدر بـ«الحذر والانكفاء» العراقي حتى الآن، ويتوقع أن يستمر لفترة غير معروفة.

ويعزو حيدر أحد أسباب ذلك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عدداً من عناصر الفصائل السورية المسلحة كانوا يقاتلون في العراق بعد عام 2003 ضمن جماعات أصولية»، لذا «تتأنى السلطات العراقية في التواصل مع الحكم الجديد في سوريا، ولا أظنها ستتخذ خطوة إيجابية قبل أن تجد مخرجاً لهذا الملف لتسويقه أمام الرأي العام العراقي الذي ينظر بعين الريبة لهذه الفصائل».

ويتابع حيدر أن «انتظار العراق لا يمكن أن يطول كثيراً، إذ لا بد أن يتخذ خطوة إيجابية لمد جسور العلاقات مع دمشق بعد عديد البيانات والتغريدات الإيجابية التي صدرت عن عدد من المسؤولين العراقيين بشأن التغيير الذي تشهده سوريا».

ويعتقد أن «انخراط العراق في فترة من الفترات في القتال ضد تنظيمات هذه الزعامات على الأراضي السورية عندما كانت طهران تقاتل كتفاً لكتف في سوريا لحماية نظام الطاغية المخلوع بشار الأسد، له تداعيات أيضاً على ملف العراق بين بغداد ودمشق ينبغي تفكيكها».

ويتفق رئيس «مركز التفكير السياسي» إحسان الشمري على أن الموقف العراقي بشكل عام «يتعاطى بحذر شديد جداً مع التطورات السورية لاعتبارات عديدة»، حسبما قال لـ«الشرق الأوسط».

وضمن تلك الاعتبارات «القناعات المسبقة لدى العراق، واتجاهات الفصائل السورية المسلحة و(هيئة تحرير الشام) واحدة منها، وتالياً يسعى إلى وضع هذه الجماعات في لحظات ترقب واختبار».

ويعتقد الشمري أن من بين أسباب الانكفاء العراقي «حالة الانقسام الحادة داخل (الإطار الشيعي) بين الراغبين في مد العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة والرافضين لذلك التي تمثلها الفصائل المسلحة، لذلك أعاق هذا الانقسام داخل حاضنة السوداني جهود أن يكون هناك تواصل رسمي أو ذهاب وفد عراقي لدمشق».

ويعد رئيس الوزراء الأسبق وعضو «الإطار التنسيقي»، حيدر العبادي، من بين المؤيدين للوضع السوري الجديد، وأطلق قبل أيام «مبادرة الرافدين» لإغاثة الشعب السوري، وطالب بجهد سياسي مواز للانخراط في الحدث السوري.

ولا يستبعد الشمري أن يكون «الفاعل الإيراني وراء التأثير الأكبر في التردد والانكفاء العراقي، فلا تزال حكومة السوداني تنظر إلى الموقف الإيراني تجاه الملف السوري، ويبدو أن طهران رافضةٌ للحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا، وهذا باعتقادي أثر على موقف حكومة السوداني».

ويضيف سبباً آخر لحالة الانكفاء والتردد يتمثل في أن «المواقف السابقة لرئيس الوزراء، خصوصاً حين أشار في وقت سابق إلى عدم إمكانية التعامل مع الجماعات الإرهابية، قد تدفع باتجاه عدم التواصل بشكل سريع مع الحدث السوري لأنه سيكون بمثابة تناقض كبير في المواقف».