العراق... المادة 14 تعرقل إقرار الموازنة و«الديمقراطي الكردستاني» يكسب الجولة الأولى

                   

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من ترؤس محمد الحلبوسي جلسة حول الموازنة العامة الجمعة
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من ترؤس محمد الحلبوسي جلسة حول الموازنة العامة الجمعة
TT

العراق... المادة 14 تعرقل إقرار الموازنة و«الديمقراطي الكردستاني» يكسب الجولة الأولى

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من ترؤس محمد الحلبوسي جلسة حول الموازنة العامة الجمعة
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من ترؤس محمد الحلبوسي جلسة حول الموازنة العامة الجمعة

صعّد الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني من موقفه حيال المواد الخلافية في مشروع قانون الموازنة المالية للعراق للسنوات الثلاث المقبلة، بينما صوَّت البرلمان العراقي على مدى جلستين مطولتين طوال اليومين الماضيين على نحو 20 مادة من مواد القانون بمن في ذلك حذف بعض المواد وإضافة أخرى، لكن المادة 14 التي تتعلق بنفط إقليم كردستان لا تزال عالقة.

وأعلن النائب الثاني لرئيس البرلمان شاخوان عبد الله عن الحزب الديمقراطي الكردستاني السبت أن حزبه لن يسمح بتمرير المادة الرابعة عشرة من قانون الموازنة. وفي المقابل، رفض الحزب الديمقراطي الكردستاني المهلة التي حددتها بغداد للتفاوض معه بشأن مستحقات الإقليم.

وقالت رئيسة كتلة الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي فيان صبري في تصريح صحافي إن «أبرز الخلافات على فقرة إذا كانت هناك خلافات بين الاتحاد والإقليم حول الالتزامات هم يريدون في هذه الحالة إعطاء مهلة الـ15 يوماً وبعدها يقطعون مستحقات الإقليم».

وأضافت: «نحن مع إنه في حالة الخلاف بين الاتحاد والإقليم تقوم لجنة مشتركة في ثلاثين يوماً بكتابة تقرير ويحال إلى رئيس وزراء الحكومة الاتحادية ليتخذ القرار الصحيح».

ولم يتمكن البرلمان العراقي على مدى جلستين مطولتين من استكمال التصويت على كل مواد المنازلة بسبب الدخول بين الحين والآخر، في جدل سياسي بين مختلف الأطراف، إن كان على مستوى مواد معينة يجري الخلاف حول حذفها ـ أو إضافتها، فضلاً عن استمرار الخلافات مع إقليم كردستان وبالذات الحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن بعض المواد التي يتم القفز عليها على أمل حسمها سياسياً، في محاولة لتجنب تصاعد الخلافات السياسية التي قد تؤثر على مسار التوافق بين القوى السياسية، لا سيما التي تشكل ائتلاف إدارة الدولة ومن بينها الحزب الديمقراطي.

وحتى مع استئناف جلسات البرلمان لمواصلة عملية التصويت على ما تبقى من مواد المنازلة فإن المؤشرات كلها تذهب إلى الاستمرار في الحوارات السياسية لحسم الخلاف بشأن المادة 14 وهي المعرقل الأكبر بعد أن تمت تسوية الخلافات بشأن المادة 13 التي كانت هي الأخرى مادة خلافية مع «الديمقراطي الكردستاني».

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من جلسة حول الموازنة العامة الجمعة

ومع أن الحزب الديمقراطي ينفرد دون باقي الأحزاب الكردية في اتخاذ موقف متصلب حيال ما يعده قضية تتعلق بمستحقات الشعب الكردي فإن القوى الكردية الأخرى لا تشاطره هذا الموقف.

في هذا الصدد، أكدت عضو البرلمان العراقي عن حزب «الجيل الجديد» سروة عبد الواحد في تغريدة لها على «تويتر»: «لن نسمح لحزبي السلطة (في إشارة إلى «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني») بقطع رواتب موظفي الإقليم مرة ثانية»، مشيرة الى أن الحزبين الرئيسيين في الإقليم الديمقراطي والاتحاد «قاما بعد سنوات من فرض الادخار الإجباري على موظفي إقليم كردستان برفع الفقرة المتعلقة بإجبار حكومة الإقليم بإعادة الأموال التي سلبتها من الموظفين»، على حد قولها.

وأضافت النائبة: «نحن نعلم أن الحزبين يتفقان دائماً على أذية المواطن ومعاقبته لكن ما قاما به بعد أن صوتت اللجنة المالية عليه بالأغلبية على إضافة تلك الفقرة يعد أمراً لا أخلاقي ولا إنساني».

حول ما إذا كان التصويت جزئياً على فقرات الموازنة مع تأجيل بعضها الآخر، فإنه وفقاً لخبراء القانون أمر جائز حيث إن النظام الداخلي للبرلمان يتيح له التصويت على بعض فقرات أي قانون وتأجيل بعض الفقرات لحين تعديلها والاتفاق عليها.

غير أن نفاذ القانون بالكامل يكون بعد التصويت على جميع فقرات القانون ثم التصويت عليه بالمجمل.

ويستمر الجدل والمشاورات بشأن بعض الفقرات والمواد الخلافية في المقدمة منها المادة 14 التي تتعلق بإقليم كردستان.

ويتعلق الجدل بشأن هذه المادة بخصوص التعديلات التي أجريت عليها من قبل اللجنة المالية، وهو أمر أثار قضية قانونية وأخرى سياسية. فمن الناحية القانونية فإنه لا يحق للجنة المالية إجراء تعديلات على مواد القانون، التي جاءت من الحكومة لكن من حقها تثبيت ملاحظاتها فيما تتكفل الحكومة إعادة النظر بها.

أما السياسية فتتعلق بكون المادة تخص إقليم كردستان فقد عدتها الكرد وبالذات الحزب الديمقراطي بمثابة استهداف سياسي مقصود، وهو ما لم يتم التوصل إلى حل نهائي له بعد.


مقالات ذات صلة

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

الاقتصاد منظر جوي لناطحة سحاب «شارد» في لندن مع الحي المالي «كناري وارف» (رويترز)

انكماش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ عام 2023

انكمش إنتاج الشركات البريطانية لأول مرة منذ أكثر من عام، كما أثرت الزيادات الضريبية في أول موازنة للحكومة الجديدة على خطط التوظيف والاستثمار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يمشون في شارع أكسفورد في لندن (رويترز)

تراجع مبيعات التجزئة البريطانية أكثر من المتوقع قبيل موازنة ستارمر

تراجعت مبيعات التجزئة البريطانية بشكل أكبر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية التي أضافت إلى مؤشرات أخرى على فقدان الزخم الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الاقتصاد منظر عام لأفق مدينة عمان (رويترز)

الأردن يقر موازنة 2025 ويخفض العجز الأولي إلى 2%

أقر مجلس الوزراء الأردني مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الأمة خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (عمان)

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

«حزب الله» يستعد سياسياً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار

الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)
الأمين العام لجماعة «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أثناء إلقاء كلمة من مكان غير محدد 20 نوفمبر 2024 (رويترز)

تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام «حزب الله»، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف «اتفاق الطائف»، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي «1701»، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.

فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين.

وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في «محور الممانعة»، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ«حماس».

انكفاء الحزب

وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار «1701»، في آب (أغسطس) 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما تحت السيطرة.

وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ«محور الممانعة» بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر.

لاريجاني

وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من «محور الممانعة» كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: «إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار».

وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب «اتفاق الطائف»، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى «محور الممانعة»، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟

تموضع تحت سقف «الطائف»

ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف «اتفاق الطائف»، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة.

وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بعين الاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟

لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ«1701».

وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق «الطائف»، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة، وما ترتب عليها من تراجع للنفوذ الإيراني، بالتلازم مع عدم فاعلية وحدة الساحات التي تتشكل منها القوة الضاربة لـ«محور الممانعة» الذي لم يكن له دور، ولو بحدود متواضعة، بتوفير الدعم للحزب كونه أقوى أذرعته في الإقليم، وبالتالي هناك ضرورة لاحتضانه لاسترداده إلى مشروع الدولة.