مصر تسعى إلى استقرار طويل في غزة تكون السلطة جزءاً منه

الفصائل لا تمانع لكنها تتحفظ على اتفاق يُظهر القطاع كياناً منفصلاً

لقاء وفدَي «حماس» و«الجهاد» في القاهرة (موقع «حماس»)
لقاء وفدَي «حماس» و«الجهاد» في القاهرة (موقع «حماس»)
TT

مصر تسعى إلى استقرار طويل في غزة تكون السلطة جزءاً منه

لقاء وفدَي «حماس» و«الجهاد» في القاهرة (موقع «حماس»)
لقاء وفدَي «حماس» و«الجهاد» في القاهرة (موقع «حماس»)

قالت مصادر فلسطينية مطّلعة إن مصر تريد الدفع بمشروع في قطاع غزة، يقوم على «استقرار طويل الأمد»، عبر الالتزام بالتهدئة مع إسرائيل، إلى جانب دفع مشاريع اقتصادية وتحسين المعيشة في القطاع.

وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المسؤولين المصريين الذي بدأوا، في القاهرة، لقاءات مع قادة حركتي «الجهاد الإسلامي» و«حماس»، يريدون استكشاف إلى أي مدى يمكن وضع اتفاق طويل الأمد يضمن وقف النار من جهة، وزيادة التبادل التجاري مع القطاع وإمداده بمصادر أكبر للطاقة، وإيجاد صيغة مناسبة لإقامة منطقة تجارية حرة على الحدود، والسماح بحركة أكبر عبر معبر رفح البري.

وكان وفد يرأسه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، وآخر يرأسه أمين عام «الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، قد وصلا إلى مصر يوم السبت بدعوة رسمية من رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل.

ويلتقي كامل مع النخالة، اليوم (الاثنين)، على أن يلتقي هنية لاحقاً. وقال القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» داوود شهاب: «إن اللقاء سيكون استكمالاً للجهد المصري الكبير خلال المعركة، وغيرها من الملفات».

وأضاف أن مصر تستكمل الخطوات والمساعي والإجراءات التي بدأتها في معركة «ثأر الأحرار»، (الجولة الأخيرة من القتال)، كون الإعلان عن وقف إطلاق النار بضمانات مصرية، «وتعهدات العدو قدمها لمصر، وبالتالي نحن بحاجة لنسمع ونتشاور مع الأشقاء في مصر بشأن كل التفاصيل».

وتابع أن «القاهرة لها دور كبير، بوزنها التاريخي وثقلها الجغرافي، ومكانتها على الساحة الإقليمية والدولية، وملف العلاقة مع غزة وإدارة الصراع، وتسعى لاستكمال دورها بما يتعلق بتداعيات معركة (ثأر الأحرار)، وما تبعها من وقف إطلاق النار».

ولاحقاً للقاء كامل مع النخالة، يُتوقع أن يلتقي رئيس المخابرات المصرية، أيضاً، هنية الذي كان قد التقى النخالة قبل ذلك في لقاء تشاوري موسَّع ضم قادة الحركتين.

وقال بيان لـ«حماس»، إن الطرفين ناقشا «القضايا الوطنية المختلفة في ظل ما يتعرض له شعبنا من اعتداءات الاحتلال في القدس والمسجد الأقصى والضفة، وما يتعرض له الأسرى من انتهاكات، كما تمت مناقشة سبل تعزيز وترسيخ العلاقة الاستراتيجية بين الحركتين وتطويرها بما يخدم المقاومة وقضايا شعبنا المختلفة».

وأكد المجتمعون، حسب البيان، «مضي الشعب الفلسطيني في خيار المقاومة الذي يمثل الخيار الوحيد لشعبنا في مواجهة الاحتلال والعدوان».

وتطرق الطرفان إلى ما تمر به المنطقة من تطورات سياسية متسارعة وكيفية توظيفها بما يخدم الفلسطينيين، كما أكدا أهمية دور الشقيقة مصر في دعم وإسناد شعبنا وقضيته العادلة.

استعراض وسط الأنقاض للترفيه عن أطفال عائلة المصري الذين فقدوا منزلهم بضربات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة في 27 مايو (إ.ب.أ)

وقالت مصادر مطلعة على تفاصيل النقاشات لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركتين تتحفظان على صيغة تُظهر اتفاقاً سياسياً مع إسرائيل يمكن أن يُظهر قطاع غزة «كياناً منفصلاً»، على الرغم من أنهما مع أي اتفاق من شأنه مساعدة القطاع وسكانه.

عمال بناء يضعون الأنابيب والشبكات الفولاذية لطابق في مبنى يطل على ميناء «24 مايو» (أ.ف.ب)

كانت «حماس» قد طلبت في مفاوضات سابقة، إعادة تشغيل المطار وإقامة ميناء في القطاع، ضمن اتفاق طويل الأمد، لكنّ إسرائيل رفضت والاتفاق لم يرَ النور.

وتحاول مصر الآن إيجاد صيغة جديدة تكون السلطة الفلسطينية أيضاً جزءاً منها. وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، قد أنهى جولة استمرت 3 أيام في مصر، قبل وصول قادة «حماس» و«الجهاد».

أشتية (يسار) يلتقي نظيره المصري مصطفى مدبولي في القاهرة 31 مايو (د.ب.أ)

وقال أشتية، (الاثنين): «إن زيارة وفد فلسطين للقاهرة، مؤخراً، أدت لنتائج مهمة». وتحدث أشتية عن تشكيل لجنة فنية لوضع مقترحات للاستفادة من برامج إعادة الإعمار الممولة من جمهورية مصر العربية في قطاع غزة، وإعادة النظر في مخرجات ومدخلات معبر رفح التجارية والبشرية.

واستهل جلسة الحكومة الأسبوعية بقوله إنه تم الاتفاق أيضاً على تقديم الخبرة لإنشاء النافذة الموحدة لخدمات الاستثمار، وتفاهم بين وزارتَي الاقتصاد في البلدين في مجال المواصفات والمقاييس ودمغ الذهب. كما تم الاتفاق على توقيع بروتوكول التعاون الزراعي بين البلدين، والنظر في زيادة الخصم في المصروفات الجامعية للطلبة الفلسطينيين، وتوسيع الشريحة الطلابية لتشمل اللاجئين الفلسطينيين من حملة الوثائق في بلدان اللجوء، والبدء بالإجراءات الفنية والأمنية لتفعيل خدمة الجوال الفلسطيني في مصر.

ويشمل الاتفاق أيضاً تدريب عدد من مديري تكنولوجيا المعلومات من موظفي الدوائر الحكومية على متطلبات حوكمة البيانات للبدء برقمنة الحكومة، وتدريب عدد من مديري التخطيط وقياس الأداء والجودة في القطاع الحكومي الفلسطيني. وهناك دورات لتأهيل الأئمة ودورات الواعظات مع وزارة الأوقاف المصرية، وتوفير 150 منحة من الأزهر الشريف لمختلف التخصصات، من طب وهندسة وعلوم دينية وغيرها، بما يشمل شهادة الماجستير والدكتوراه، وتدريب 20 طبيباً فلسطينياً سنوياً في المستشفيات المصرية، وتشكيل لجنة فنية لدراسة إيصال التيار الكهربائي من مصر إلى قطاع غزة.

وأشار أشتية أيضاً إلى الترتيب لزيارة وفد من رجال الأعمال المصريين لفلسطين في سبتمبر (أيلول) القادم، وزيارة وفد من رؤساء الجامعات المصرية لفلسطين.


مقالات ذات صلة

فصائل فلسطينية: وقف إطلاق النار في غزة بات «أقرب من أي وقت مضى»

المشرق العربي فلسطيني يبكي طفله الذي قتل في غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

فصائل فلسطينية: وقف إطلاق النار في غزة بات «أقرب من أي وقت مضى»

أعلنت ثلاثة فصائل فلسطينية أنّ التوصّل لاتفاق مع إسرائيل على وقف لإطلاق النار في قطاع غزة بات «أقرب من أيّ وقت مضى».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي قوات الأمن الفلسطينية (رويترز)

قوات الأمن الفلسطينية تحاول السيطرة على الاضطرابات بالضفة الغربية

تخوض قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية معارك مع مقاتلين إسلاميين في مدينة جنين منذ أيام، في محاولة لفرض سيطرتها على أحد المعاقل التاريخية للفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (الضفة الغربية)
المشرق العربي امرأة فلسطينية تحمل طفلاً مصاباً في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

غزاويون غاضبون من إطلاق صواريخ وسط الناس... وفتوى تؤيدهم

علا صوت الغزيين تعبيراً عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد مطلقي الصواريخ، خصوصاً أن إسرائيل ترد بقصف وقتل الناس في محيط الأماكن التي تُطلق الصواريخ منها.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي رجال أمن فلسطينيون في مخيم جنين (رويترز)

قوات الأمن الفلسطينية تشتبك مع مسلحين في جنين

قال سكان ومسعفون إن شخصا واحدا على الأقل قُتل عندما اشتبكت قوات الأمن الفلسطينية مع مسلحين فلسطينيين في جنين.

«الشرق الأوسط» (جنين (الضفة الغربية))

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية وقوات «قسد»، الاستعداد للحوار مع تركيا بعدما أظهر الصراع الذي يدور في الشمال السوري ما قال مسؤوله إنه «نيات تركيا السيئة»، وأن «قوات سوريا الديمقراطية» ستُدمج في الجيش السوري.

وفي مقابل الحشد والتوعد التركي ضد المسلحين الأكراد، كشف رياض درار رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوثين الأميركي سكوت بولز ونظيره الفرنسي فابريس ديبليشان، يعملان على نزع فتيل الحرب مع تركيا وقال: «لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار، بالنسبة لتركيا وفصائلها فإنها تهدد بقتال الكرد وقوات (قسد)، حيث إن فصائل (فجر الحرية) لم تشارك في حملة دمشق، واكتفت باحتلال تل رفعت بريف حلب، وحيي الأشرفية وشيخ مقصود بحلب، حيث الغالبية الكردية».

ويرى هذا المسؤول البارز أن «أفضل طريق للسلام مع تركيا هو نزع السلاح من المناطق المهددة، والدخول في حوارات سياسية مباشرة» في إشارة إلى مدينة عين العرب الواقعة بالريف الشرقي لمحافظة حلب شمالاً.

وقال درار: «حتى لا يبقى لدى تركيا حجج وذرائع لهجوم كوباني لأنها رمز للحرية والمقاومة، يريدون كسر إرادتها، وأنقرة تحرض هذه الفصائل على القتال، كما فعلوا في منبج عندما دخلوها ونهبوها».

أفراد من «قسد» خلال تشييع خمسة عناصر قُتلوا في منبج بمواجهات مع فصائل تدعمها تركيا (أ.ف.ب)

ولطالما هددت تركيا بسيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لها على مدينة عين العرب «كوباني» الواقعة على بعد نحو 160 كيلومتراً شرق محافظة حلب، واستقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود السورية - التركية اهتماماً عالمياً بعد هجوم واسع نفذه «تنظيم داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014، وباتت نقطة انطلاقة تعاون المقاتلين الأكراد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل لقتال «داعش»، والذي نفذ أولى ضرباته على المدينة الكردية دعماً للمقاتلين، وتم إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدّد بعد معارك عنيفة استمرت نحو 6 أشهر.

نزع فتيل الحرب

وأكد درار أن الوسيطين الأميركي والفرنسي «يعملان لنزع فتيل الحرب، لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار أولاً، ثم الذهاب إلى دمشق للتفاوض مع (هيئة تحرير الشام) للوصول إلى نوع من التفاهم لإدارة سوريا بشكل مشترك»، وأشار إلى أن تركيا تريد تقاسم الكعكة السورية «من خلال وجودها وتغييرها الديموغرافي للمناطق الشمالية، لكي تستطيع أن تسيطر على المشاركة، وتدير لعبة التدخل في سوريا من جديد».

وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012، وتمكنوا من إقامة إدارات ذاتية، وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات عامة، وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية، غير أن المقاتلين الأكراد خسروا بلدات رئيسة منذ إطلاق عملية «ردع العدوان» في 8 من ديسمبر (كانون الأول)، بعد سيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لتركيا على بلدة تل رفعت وقرى منطقة الشهباء ومدينة منبج بريف حلب الشرقي، وتتقدم نحو مدينة كوباني.

«غياب المجتمع الدولي»

ولفت رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» إلى أن تركيا الوحيدة التي استفادت من هذه التغييرات المتسارعة في سوريا، وتابع درار: «تستطيع أنقرة أن تدخل بكل حرية عندما تكون ذاهبة باتجاه الجوار الحسن، لكنها الآن عبر أسلوب التحريض للفصائل السورية التي تقاتل معها، تفعل شيئاً غير مطلوب، وتغتنم الفرصة بغياب المجتمع الدولي لما يجري في سوريا».

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية - السورية (الدفاع التركية)

ويعتقد المسؤول الكردي أن الولايات المتحدة «غير راضية عن السياسة التركية التصعيدية والعدائية تجاه أكراد سوريا»، ويقول إنه: «توجد إشارات خاصة من أميركا بأن هذا الفعل فاضح وغير مقبول، ولا يمكن أن يسمح به، لكن إردوغان استغل فرصة التشجيع من ترمب عندما مدح تركيا، كما مدح إردوغان بأنه ذكي ويفهم»، موضحاً أن الإدارة الذاتية، بجناحها السياسي «مسد»، شكلت وفداً للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

وقال درار: «يمكننا أن نصل معها إلى نتائج عبر التفاوض، وتوحيد القرار السوري، ومشاركة كل السوريين في المرحلة الانتقالية والحكومة المقبلة»، ويعزو تأخر ذهاب الوفد إلى العاصمة السورية إلى «الحرب التي تجري الآن في مناطقنا، وتهديدات تركيا المتصاعدة، وعندما يتوقف هذا التهديد سيكون الوفد جاهزاً للذهاب إلى دمشق».

وأكد في ختام حديثه استعداد الإدارة الذاتية للاشتراك في الحكومة السورية المقبلة، وفي فعاليات المرحلة الانتقالية، وختم قائلاً: «قوات (قسد) سوف تكون جزءاً من الجيش السوري بعد التسوية، عندما يتشكل الجيش الوطني سنكون جزءاً منه».