«واشنطن بوست»: إيران تخطط لتصعيد الهجمات ضد القوات الأميركية في سوريا

قاعدة التنف الأميركية في جنوب سوريا (رويترز)
قاعدة التنف الأميركية في جنوب سوريا (رويترز)
TT

«واشنطن بوست»: إيران تخطط لتصعيد الهجمات ضد القوات الأميركية في سوريا

قاعدة التنف الأميركية في جنوب سوريا (رويترز)
قاعدة التنف الأميركية في جنوب سوريا (رويترز)

كشف مسؤولون استخباراتيون ووثائق سرّية مسرَّبة أن إيران تسلِّح فصائل مُوالية لها في سوريا، لبدء «مرحلة جديدة من الهجمات العنيفة» ضد القوات الأميركية في البلاد، بينما تعمل إيران أيضاً مع روسيا على استراتيجية أوسع، لطرد الأميركيين من المنطقة.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، الخميس، أن إيران وحلفاءها يعملون على تأسيس وتدريب قوات على استخدام متفجرات خارقة للدروع أكثر تدميراً، تهدف تحديداً إلى استهداف المركبات العسكرية الأميركية، وقتل جنود الجيش الأميركي.

ووفق تقرير الصحيفة، فإن مثل هذه الهجمات ستشكل تصعيداً لحملة إيران الطويلة، التي تستخدم فيها ميليشياتها بالوكالة، لشن ضربات صاروخية، وهجمات من طائرات مسيّرة على القوات الأميركية في سوريا.

وقال محللون في الاستخبارات، وخبراء أسلحة حاليون وسابقون، إن هجمات الطائرات المسيّرة أصابت 6 من أفراد الخدمة الأميركية، وقتلت متعاقداً في وزارة الدفاع، ويمكن أن تزيد العبوات الناسفة الجديدة الخسائر في صفوف الأميركيين، مما يهدد بمواجهة عسكرية أوسع مع إيران.

واستخدمت الميليشيات، المُوالية لإيران، الأسلحة نفسها الخارقة للدروع، في هجمات مميتة ضد القوافل العسكرية الأميركية، خلال فترة الاحتلال الأميركي للعراق.

وأضاف تقرير الصحيفة أن مسؤولين في وحدة «فيلق القدس» الإيراني وجّهوا وأشرفوا على اختبار بعض المتفجرات، قيل إنها خرقت لوحة مصفحة لدبابة، في تجربةٍ أُجريت أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، في بلدة الضمير شرق العاصمة السورية دمشق، وفقاً لمعلومة استخبارية. وقالت الصحيفة إن الوثيقة المسرَّبة هي جزء من مجموعة من المواد السرّية التي سرَّبها مجنَّد أميركي على منصة «ديسكورد»، وبدا أنها تستند إلى اتصالات بين مسلَّحين سوريين ولبنانيين متحالفين مع إيران.

وأضافت الوثيقة أن إحدى المحاولات الواضحة لاستخدام مثل هذه المتفجرات ضد القوات الأميركية، جرى إحباطها، على ما يبدو، في أواخر فبراير (شباط) الماضي، عندما استولى مقاتلون أكراد متحالفون مع الولايات المتحدة على 3 قنابل في شمال شرقي سوريا.

ونقلت الصحيفة عن خبير في الجماعات المسلَّحة المدعومة من إيران، قوله: «حدث تغيير جذري في قبولهم المخاطرة في قتل الأميركيين بسوريا»، وأشار إلى الخسائر المدمرة التي خلّفتها القنابل الخارقة للدروع، خلال حرب العراق، وأضاف: «هذا سيقتل الناس بالتأكيد، وهم يفكرون بجدية حول كيفية القيام بذلك». وتصف وثيقة أخرى جهوداً جديدة وأوسع نطاقاً من جانب موسكو ودمشق وطهران للإطاحة بالولايات المتحدة من سوريا، وهو هدف طال انتظاره قد يسمح للرئيس السوري بشار الأسد باستعادة المحافظات الشرقية التي يسيطر عليها الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة.

وحافظت الإدارات الأميركية الثلاث الماضية على وحدة صغيرة من القوات الأميركية في سوريا تُقدَّر بحوالي 900 فرد، معزَّزة بمئات المتعاقدين الآخرين، لمنع عودة مقاتلي «داعش»، وإحباط الطموحات الإيرانية والروسية، وتوفير قاعدة نفوذ لأهداف استراتيجية أميركية أخرى.

وتصف وثيقة أخرى كيف كانت إيران والميليشيات المتحالفة معها تستعدّ للرد على الضربات الإسرائيلية على قواتها، من خلال ضرب القواعد الأميركية في سوريا. وتضيف أن هذه الجهود جزء من حملة واسعة النطاق gمعارضي الولايات المتحدة من شأنها أن تشمل تأجيج المقاومة الشعبية، ودعم حركة شعبية لتنفيذ هجمات ضد الأميركيين في شرق وشمال شرقي سوريا.

ووفق تقييم استخباري، فقد عقد مسؤولون عسكريون واستخباريون رفيعو المستوى، من روسيا وإيران وسوريا، لقاء، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، واتفقوا على إنشاء «مركز تنسيق» لتوجيه الحملة. وعلى الرغم من ذلك، لم تُشِر الوثائق إلى تورط روسي مباشر في التخطيط لتلك الهجمات، لكنها أشارت إلى دور أكثر نشاطاً من جانب موسكو في مناهضة الولايات المتحدة.



القصير... «دويلة» «حزب الله» السورية تحت النار الإسرائيلية

سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
TT

القصير... «دويلة» «حزب الله» السورية تحت النار الإسرائيلية

سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)
سحابة دخان تظهر بالقرب من القصير غرب سوريا (سانا)

لم تكتفِ إسرائيل بقصف المعابر الشرعية وغير الشرعية بين لبنان وسوريا، بل عمّقت غاراتها إلى الريف الغربي لمحافظة حمص، وتركّزت في الأيام الأخيرة على مدينة القصير وجوارها التي تبعد نحو 20 كيلومتراً على الحدود اللبنانية، ودمّرت عدداً من الجسور، بينها جسر نهر العاصي الرئيسي الذي يعدّ ممراً إلزامياً بين المدينة وعدد من البلدات الواقعة في ريفيها الغربي والجنوبي، وكذلك الطرق الرئيسية والفرعية والحواجز العسكرية التابعة للنظام السوري. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الغارات الأخيرة «استهدفت طرقات تربط الجانب السوري من الحدود بلبنان، التي تُستخدَم لتهريب الأسلحة إلى (حزب الله)».

تحوّلت القصير وريفها في الأسابيع الأخير أهدافاً للغارات الإسرائيلية، خصوصاً أنها تعدّ موقعاً استراتيجياً لـ«حزب الله»، الذي خاض أوّل معاركه في سوريا على مدى شهرين متواصلين في مواجهة ما كان يعرف بـ«الجيش السوري الحر» حتى السيطرة عليها خلال منتصف شهر يونيو (حزيران) من عام 2013 بعد تدميرها شبه الكامل وإفراغها من سكانها الذين نزحوا إلى لبنان. وأوضح مصدر في المعارضة السورية أن الحزب «حوّل مدينة القصير وريفها إلى (دويلة) تابعة له، باتت بمثابة حديقة خلفية له ومركز ثقل لقواه العسكرية، ولا تزال له اليد العليا فيها رغم وجود قوات النظام». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن القصير «تشكِّل موقعاً حساساً للحزب؛ بسبب قربها من الحدود اللبنانية وتعدّ عمقه الاستراتيجي مع المناطق الحدودية اللبنانية، لا سيما في بلدتَي الهرمل والقصر، وصولاً إلى بعلبك في البقاع اللبناني».

ورغم عودة عدد من أهالي القصير والبلدات الواقعة في ريفها، واستثمار أراضيهم في الزراعة مجدداً، فإن المصدر أشار إلى أن «العودة متاحة فقط للموالين للنظام السوري، والذين يرضى عنهم الحزب الذي حوّل المنطقة إلى ما تشبه الثكنة العسكرية، ومقرات أمنية ومراكز تدريب له ولميليشيات شيعية موالية لإيران، وتتلقى تدريباتها على يد مقاتلي الحزب»، لافتاً إلى أنه «بعد اندلاع المواجهة مع إسرائيل، نقل (حزب الله) الثقل الأكبر لمقاتليه من هذه المنطقة إلى لبنان، وكذلك كميات كبيرة من مخازن الأسلحة الموجودة في المنطقة».

وكان «حزب الله» نظّم في عام 2016 عرضاً عسكرياً كبيراً في مطار الضبعة في القصير، «كان بمثابة رسالة إلى أبناء المنطقة ذات الغالبية السنيّة، والذين تهجَّروا قسراً، بأن العودة إليها مستحيلة»، كما قال المصدر، الذي لفت إلى أن القصير «ورغم تنامي وجود قوات النظام فإن الحزب لا يزال صاحب النفوذ الأوسع فيها، وحتى الذين عادوا من أبناء البلدات حصلوا على موافقة مسبقة من الحزب، الذي احتفظ بالمعلومات الكافية عنهم، ووضعهم تحت رقابته».

صورة التُقطت من الجانب السوري للحدود مع لبنان تُظهر آثار غارة إسرائيلية على معبر جوسية الحدودي مع القصير بمحافظة حمص في 25 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وكثَّفت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة غاراتها على المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، إذ أقفلت معبرَي المصنع وجديدة يابوس في البقاع، ومعظم المعابر غير الشرعية سواء التي يستخدمها مقاتلو «حزب الله» في انتقالهم ما بين البلدين، أو لتهريب السلاح، أو تهريب السلع والبضائع.

وتكتسب القصير التي باتت مركز نفوذ للحزب أهميّة قصوى لا يمكن التفريط فيها بأي حال من الأحوال، وعدّ الخبير العسكري اللبناني العميد سعيد القزح أنها «تشكِّل بقعة لوجيستية أساسيّة له، خصوصاً أنها المركز الرئيسي لتجميع الصواريخ والمسيّرات التي تصل من إيران، كما أنها تحوي مصنعاً للمنصات التي تطلق بواسطتها صواريخ (الكاتيوشا) و(الغراد)». ورأى القزح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن القصير «تعدّ موقعاً استراتيجياً للحزب، بالنظر لقربها الجغرافي من مدينة الهرمل، وعلى المدخل الشرقي الشمالي لمنطقة البقاع التي تعدّ حاضنةً أساسيةً له وممراً للسلاح والمقاتلين إلى الجبهة الجنوبية». ولاحظ العميد قزح أن «الغارات الإسرائيلية على القصير والمناطق السورية المتاخمة للحدود اللبنانية لا تقتصر على تدمير الجسور والطرق الرئيسية والفرعية، بل تستهدف أيضاً الشاحنات المتجهة نحو الحدود اللبنانية»، لافتاً إلى أن «الطيران الإسرائيلي باتت لديه رقابة مشددة حتى في العمق السوري، لا على الحدود فحسب».