لبنان... استبعاد مواجهة برلمانية بين أزعور وفرنجية

لا أحد منهما يملك القدرة على ضمان فوزه وفق المعطيات الراهنة

من لقاء سابق بين رئيس البرلمان نبيه بري وجهاد أزعور (مجلس النواب)
من لقاء سابق بين رئيس البرلمان نبيه بري وجهاد أزعور (مجلس النواب)
TT

لبنان... استبعاد مواجهة برلمانية بين أزعور وفرنجية

من لقاء سابق بين رئيس البرلمان نبيه بري وجهاد أزعور (مجلس النواب)
من لقاء سابق بين رئيس البرلمان نبيه بري وجهاد أزعور (مجلس النواب)

طرح الحديث الجدي عن اقتراب الإعلان رسمياً عن تفاهم انتخابي بين قوى المعارضة و«التيار الوطني الحر» المؤيد للرئيس السابق ميشال عون، أكثر من علامة استفهام حول حظوظ أي مرشح قد تتبناه هذه القوى بوجه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، الذي يدعم ترشيحه «الثنائي الشيعي» وحلفاؤه، خصوصاً أن تأييد البلوك الشيعي النيابي كاملاً (27 نائباً) لفرنجية يعني أن أي مرشح سيواجهه تحت قبة البرلمان لن يحصل على أي صوت شيعي، ما يجعل البعض يتحدثون عن «لا ميثاقية» تظلل هكذا عملية انتخاب.

وتشير الحسابات الحالية إلى أن لا فرنجية ولا مرشح المعارضة - التيار الوطني الحر الذي قد يكون بحسب آخر المعطيات الوزير السابق جهاد أزعور، قادران على حسم فوزهما بـ86 صوتاً من الدورة الأولى ولا حتى بـ65 صوتاً بالدورة الثانية، هذا إذا لم نتطرق إلى موضوع النصاب الذي يستلزم وجود 86 نائباً في القاعة في كل دورات الانتخاب.

وينطلق فرنجية من دعم 45 نائباً هم عملياً نواب «الثنائي الشيعي» (27)، إضافة لنائبين علويين، و9 نواب سُنة مقربين من «الثنائي» والنواب المسيحيين الـ4 في التكتل «الوطني المستقل» و3 نواب أرمن، بينما يؤكد «الثنائي» أن عدداً من النواب المستقلين سينضمون إليهم ليرتفع العدد إلى نحو 50.

في المقابل، إذا تفاهمت الكتل المسيحية الكبرى على اسم أزعور فسينطلق من دعم نواب «القوات اللبنانية» الـ19 ونواب «الكتائب اللبنانية» الـ4، إضافة لنواب «التيار الوطني الحر» الـ18. هذا إذا افترضنا أن كل هؤلاء سيسيرون بقرار رئيس التيار جبران باسيل، في ظل المعلومات عن استياء من طريقة مقاربته للملف. كذلك سيصوت لأزعور عدد من النواب المستقلين ونواب «التغيير» ما يرجح تخطيه بسهولة عتبة الـ50 نائباً. لكن فرنجية وأزعور غير قادرين على بلوغ عتبة الـ65 صوتاً، وهي الأصوات اللازمة لأي مرشح للفوز بدورة ثانية، في ظل اشتراط الحزب «التقدمي الاشتراكي» والنواب السنة القريبين من «14 آذار» أن يكون أي مرشح يصوتون له مرشحاً توافقياً لا مرشح مواجهة.

وفي هذا المجال، يقول النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» وعضو «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله: «ننتظر وضوح الموقف وجلاء الاتفاق. هناك كلام لكن حتى الآن من غير الواضح على ماذا اتفق الفرقاء الذين يتحاورون ووفق أي معايير، خصوصاً أننا نطرح مرشحاً توافقياً يطمئن الجميع يكون قادراً على تأمين النصاب لا مرشح تحدٍّ، أي أن المهم أن نتفق على اسم يرضى به الفريق الآخر وإلا نكون نكرر تجربة ميشال معوض فيُضاف على الأصوات التي ينالها أصوات نواب (التيار) ولا نعلم إذا كان سيحصل على كامل أصواتهم». ويشدد عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «أي اتفاق مثقل باعتبارات وسقوف وشروط لن تكون له فرصة لأن المطلوب تسوية مقبولة تستطيع إنقاذ البلد»، مضيفاً: «أما المناورات التي تجري من قبل هذا الفريق أو ذاك لتحسين شروطه فنحن غير معنيين بها».

من جهته، يؤكد النائب عن تكتل «الاعتدال الوطني» أحمد الخير أنهم «منذ البداية خارج أي اصطفاف، وما زلنا، وسنستمر كذلك حتى (تستوي الطبخة) وتنضج كل المناخات المواكبة لانعقاد جلسة لمجلس النواب يُؤمن نصابها القانوني». أما بالنسبة لموقفهم بالتصويت إذا وصلنا إلى جلسة مواجهة بين فرنجية وأزعور، حينها «نبني على الشيء مقتضاه ونحدد كتكتل لمن سنصوت من المرشحين في الجلسة بالاستناد إلى من نراه يلبي المواصفات التي نرى ضرورة أن يتمتع بها رئيس الجمهورية المقبل».

أما مصادر «القوات» فتشير إلى أنهم أبلغوا من مكونات المعارضة التي تتحاور مع فريق النائب باسيل أن «الاتفاق على اسم أزعور تم وحصل، وبالتالي قد دخلنا في الخطوات العملية»، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ذلك يستوجب اليوم تظهير هذا الموقف وإعلانه رسمياً من قبل كل الكتل المعنية وضمنها تكتل (لبنان القوي)». ووصفت المصادر ما حصل بـ«التطور الكبير الذي سيحرك الاستحقاق الرئاسي».

وفي حين يتردد أن «الوطني الحر» ليس بصدد خوض معركة «كسر عضم» مع «الثنائي» وأنه سيحاول إقناع حزب الله بأزعور، لعلمه أصلاً بأن عدم حصول أي مرشح على صوت شيعي واحد سيطرح مسألة الميثاقية، يوضح الخبير الدستوري المحامي الدكتور سعيد مالك أنه «حتى ولو كانت مقدمة الدستور تقول بألا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، لكن ما يمكن تأكيده أن الدستور نفسه لم يلحظ أي شرط مقيد لناحية وجوب انتخاب رئيس جمهورية تكون الأصوات التي ينالها مزيجاً من أصوات نواب من طوائف ومذاهب مختلفة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الميثاقية أمر ضروري وملح ومطلوب كي يتمكن الرئيس من الحكم مستقبلاً حتى لا يعرقل، وتوضع العصي في دواليب العهد، لكن لا شرط دستورياً يوجب إطلاقاً أن ينال أصواتاً من طوائف ومذاهب متعددة وهو ما يسري أيضاً على انتخاب رئيس للمجلس النيابي».



ميقاتي يتقدّم المرشحين لرئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة... بانتظار موقف المعارضة

الرئيس عون مستقبلاً المفتي دريان (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس عون مستقبلاً المفتي دريان (الرئاسة اللبنانية)
TT

ميقاتي يتقدّم المرشحين لرئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة... بانتظار موقف المعارضة

الرئيس عون مستقبلاً المفتي دريان (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس عون مستقبلاً المفتي دريان (الرئاسة اللبنانية)

شدّد رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوزيف عون، على أنه لم يأتِ ليعمل في السياسة «بل لبناء دولة لا تقوم إلا على العدالة والمساواة بين جميع المكونات التي تجمعها هوية واحدة»، مؤكداً أنه «ليس هناك غالب ولا مغلوب، بل لدينا فرصة كبرى إما نربحها وإما نخسرها»، معرباً عن أمله في أن «يتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لكي يتم وضع الأمور على السكة الصحيحة، لنبدأ بناء جسور الثقة مع الخارج».

وقال الرئيس عون خلال استقباله مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان على رأس وفد من مفتي المناطق: «إن المسؤولية ليست عليّ وحدي، وهذا ليس عهدي، هذا عهد كل لبناني، أيّاً كان مركزه ومهما كانت طائفته».

وأضاف: «إن لدينا فرصاً كبيرة وكثيرة، خصوصاً أن دول العالم بدأت الكلام على مؤتمرات لصالح لبنان، لكن يتوقف علينا أن نظهر لهذه الدول مدى مصداقيتنا لجهة بناء الدولة». وتابع: «علينا أن نستعين بمساعدة الخارج، لا أن نستقوي به على الداخل، فلا فضل لطائفة على أخرى أو شخص على آخر».

عون ودريان (الرئاسة اللبنانية)

من جهته، أعلن دريان تبني مضامين خطاب قَسَم عون، عادّاً أنه «بمثابة إعادة الروح إلى الكيان اللبناني الذي عانى من أزمات وويلات، كما عانى الشعب اللبناني من دموع وآلام وجراح لا ينهيها مطلقاً إلا تنفيذه».

الاستشارات النيابية

وقبل ساعات من موعد الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون لتسمية رئيس للحكومة، قررت الكتل النيابية التروي قبل الإعلان عن مرشحيها لهذا المنصب. ففي حين تعقد بعضها اجتماعات، مساء الأحد، لإعلان قرارها النهائي، تُفضل أخرى الكشف عن موقفها صباح الاثنين قبيل لقائها رئيس الجمهورية.

وكُلّف ميقاتي في عام 2022 بتشكيل الحكومة الذي يرأسها حالياً، والتي تحوّلت لحكومة تصريف أعمال مع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق، بـ54 صوتاً مع امتناع 46 نائباً، بينهم مستقلون وكتلة «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» عن تسميته، في حين حاز منافسه، السفير نواف سلام، بـ25 صوتاً.

وبخلاف انتخاب رئيس للجمهورية، الذي يستلزم حصول المرشح في الدورة الأولى على 86 صوتاً، وفي الثانية على 65 صوتاً، يفوز المرشح لرئاسة الحكومة الذي يحظى بالعدد الأكبر من الأصوات بين المرشحين المتنافسين.

ويُشير الخبير الدستوري، المحامي الدكتور سعيد مالك، إلى أن «مَن يحصل على أكبر عدد من الأصوات بين المرشحين سيكون هو رئيس حكومة لبنان المستقبلي، إذ لا توجد إشارة في الدستور إلى عدد أصوات معين»، وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، لفت إلى أنه «من الضروري أن يحصل على تصويت من جميع الفرقاء، لكن من الناحية الميثاقية، وباعتبار أن رئيس الحكومة يمثل الطائفة السنية، يفترض أن تكون له قاعدة وحيثية سنية تسمحان له باستلام مهام رئيس الحكومة».

ويلفت مالك إلى «دور معنوي لرئيس الجمهورية، ضمن إطار توجيه النواب باتجاه اسم معين إذا اختار ذلك، كما له أن يترك المعركة دون تدخل من قبله».

مواقف الكتل

وقال مصدر نيابي في تكتل «الاعتدال الوطني»، الذي يضم النواب وليد البعريني، ومحمد سليمان، وعبد العزيز الصمد، وسجيع عطية، وأحمد رستم وأحمد الخير، إنه يتّجه لتسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المسار الإصلاحي الجديد الذي يطالب الداخل والخارج بسلوكه يتضح بالرؤية التي سوف يضعها رئيس الحكومة كما بالتشكيلة الحكومية والبيان الوزاري».

ولفت، السبت، إلى خروج عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب مروان حمادة ليرشح نواف سلام لترؤس الحكومة؛ «نظراً للآفاق الجديدة في لبنان والشرق الأوسط»، إلا أن مصادر الحزب «التقدمي الاشتراكي» أكدت لـ«الشرق الأوسط» ألا قرار رسمياً بعد، على أن يكون هناك اجتماع وقرار يصدر عن كتلة «اللقاء الديمقراطي»، والأرجح أن يعقد مساء الأحد.

ويسعى التكتل، الذي يضم 31 نائباً من «القوات» و«الكتائب» ومستقلين وتغييريين، لأن يكون لديه مرشح واحد يخوض فيه استحقاق تسمية رئيس للحكومة.

وقالت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط» إن «المشاورات مستمرة بين الكتل النيابية السيادية وكتلة الـ31، وتسعى باتجاه التوافق على اسم واحد»، لافتة إلى أنه «حتى الساعة لا قرار نهائياً، والصورة قد تتضح خلال الساعات المقبلة»، مضيفة: «نحن نتمنى أن يكون رئيس الحكومة واحداً من النائبين اللذين هما من ضمن الفريق الذي خضنا معه المواجهة طوال الفترة الماضية»، في إشارة إلى النائبين أشرف ريفي، وفؤاد مخزومي.

وعما إذا كان حزب «القوات» سيشارك في حكومة لا يرأسها مرشحه، قالت المصادر: «من المبكر الحسم بذلك، إذ يفترض أن نجلس مع رئيس الحكومة المكلف للحديث عن رؤيته للحكومة التي يطمح لتشكيلها لنبني على الشيء مقتضاه».

وفي ظل المعلومات التي تحدثت عن توجه «الثنائي الشيعي» لدعم ترشيح ميقاتي بوصفه جزءاً من اتفاق مسبق سبق انتخاب عون رئيساً، دعا عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب مارك ضو إلى «بناء تحالف نيابي واسع لإسقاط ميقاتي»، مشدداً على وجوب أن تكون هذه «الأولوية المطلقة، ولا هدف غيره الآن». وأضاف: «أولاً نتفق على إسقاطه بوصفه مبدأ ملزماً للجميع، ثم نجمع الأصوات حول الاسم الأقدر على الربح. حتى ذلك الحين تتم الضعضعة ورمي أسماء غير مفيدة، والهدف منها الترويج وليس إسقاط ميقاتي».

من جهته، أشار النائب «التغييري» فراس حمدان، إلى أن «مرشحنا نهار الاثنين سيكون شخصية من قوام إبراهيم منيمنة ونواف سلام»، لافتاً إلى أن «عنوان المرحلة نهار الاثنين هو إسقاط تسمية الرئيس ميقاتي»، مشدداً على أن «أي تسمية لأي شخصية يجب أن يكون ماضيه يُشبه حاضره، أن يكون قادراً على مواكبة وتنفيذ خطاب القسم، وأن يكون وجهاً جديداً يعطي الأمل للبنانيين بنهج جديد».