الخوف من السوداني يدفع كتل «البرلمان العراقي» للمناورة بشأن الموازنة

لجنة المال في البرلمان العراقي أثناء مناقشة بنود الموازنة (تويتر)
لجنة المال في البرلمان العراقي أثناء مناقشة بنود الموازنة (تويتر)
TT

الخوف من السوداني يدفع كتل «البرلمان العراقي» للمناورة بشأن الموازنة

لجنة المال في البرلمان العراقي أثناء مناقشة بنود الموازنة (تويتر)
لجنة المال في البرلمان العراقي أثناء مناقشة بنود الموازنة (تويتر)

على الرغم من إعلان ائتلاف «إدارة الدولة»، التكتل السياسي الأكبر في «البرلمان العراقي» والداعم للحكومة، أن الموازنة سوف يصادق عليها، يوم 17 مايو (أيار)، فإنه حتى كتابة هذه السطور لم تقرّ الموازنة، وقد مضى أسبوع على ذلك الإعلان، ولا يزال مصير الموازنة غامضاً.

ائتلاف «إدارة الدولة» أعلن ، في بيان، على أثر اجتماعه الدوري، أنه حدد موعداً أولياً للتصويت على الموازنة هو 17 مايو الحالي، بعد أن كان قد حدد العاشر من الشهر نفسه موعداً لحسم المناقشات حول الموازنة. وطبقاً للبيان، الذي كان قد صدر عن الاجتماع الذي عُقد برئاسة عمار الحكيم، رئيس «تيار الحكمة» وأحد أركان الائتلاف (يضم قوى الإطار التنسيقي الشيعي، والقوى الكردية، والقوى السنّيّة)، فإن «المجتمعين ناقشوا المواد المُدرَجة على جدول الأعمال في الشأنين الحكومي والنيابي، ومشروعات الخدمات التي يمكن لحكومة الخدمة الوطنية تقديمها في المرحلة الحالية».

وأشار البيان إلى أن «الائتلاف حدد 17 من الشهر الحالي موعداً أولياً للتصويت على الموازنة، بعد الأخذ بكل الملاحظات، وإعادة صياغتها بما يتفق مع البرنامج الحكومي».

وفي حين لم يتمكن البرلمان بسبب استمرار الخلافات حول فقرات الموازنة من التصويت عليها، طبقاً لرغبة الائتلاف البرلماني الحاكم، فإن البرلمان لم يتمكن من عقد جلسة الاثنين بسبب استمرار الخلافات نفسها حول الموازنة المالية، التي أرادتها الحكومة أن تكون لـ3 سنوات، بخلاف الرغبة التقليدية للقوى السياسية في أن تبقى سنوية.

لكن إصرار الحكومة على ذلك أدى إلى خلق عراقيل مختلفة من قِبل بعض القوى السياسية غير الراغبة بذلك، خشية إنفراد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بالسلطة، بعد أن بدت عليه الجِدّية في العمل والتواصل اليومي، وطرح عدد من المشروعات التي تحتاج تنفيذها إلى غطاء مالي.

ليس هذا فحسب، فإن السوداني حتى مع وجود تخصيصات مالية كافية تمكَّن، خلال فترة الشهور السبعة الماضية، بعد تشكيل حكومته، من إحداث نقلة نوعية على صعيد عدد من الخدمات والبنى التحتية، ومنها داخل العاصمة العراقية بغداد. وبينما يضغط المواطنون، سواء عبر التظاهرات أم السوشيال ميديا، على الطبقة السياسية من أجل إقرار الموازنة المالية، فإن تلك القوى باتت حائرة بين مطرقة السوداني الذي تحوَّل إلى ماكينة لا تهدأ من العمل والنشاط اليومي، وسندان الجمهور الغاضب الذي يريد إطلاق الموازنة لتمويل المشروعات، واحتمال الحصول على وظائف أو فرص عمل أو تسلم أموال مجمدة بسبب التأخر في إقرار الموازنة.

وبينما لا يزال الجدل مستمراً بين الحكومة من جهة، والبرلمان من جهة أخرى، بشأن استكمال الفقرات التي لا تزال عالقة، على الرغم من تصويت اللجنة المالية على معظم مواد الموازنة، فقد توالت، في غضون اليومين الماضيين، الاجتماعات واللقاءات السياسية بين عدد من القادة ورئيس الوزراء للغرض نفسه.

في هذا السياق التقى السوداني، رئيس مجلس النوّاب محمد الحلبوسي؛ لبحث التطورات في البلاد، يتقدمها ملف الموازنة الاتحادية. وقال بيان صادر عن مكتب السوداني إن اللقاء شهد مناقشة الأوضاع العامّة في البلاد، وأبرز الملفّات التي تعمل عليها الحكومة بشكل متوازٍ، في إطار برنامجها وأولوياته، بما يسهم في تحقيق تطلعات المواطنين في توفير أفضل الخدمات، وتحسين المستوى الاقتصادي.

وتناول اللقاء مشروع قانون الموازنة العامّة الاتحادية، المعروض أمام «مجلس النوّاب»، وأهمية سرعة إقراره؛ لتلبية متطلبات البرنامج الحكومي في معالجة ملفّات البطالة والخدمات والفقر والإصلاح الاقتصادي والحدّ من الفسادين المالي والإداري. في السياق نفسه التقى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، رئيس «ائتلاف الفتح» هادي العامري. ووفق بيان مماثل، فإنه جرى، خلال اللقاء، بحث أهمّ القضايا والملفات الوطنية، ومسارات عمل الأجهزة التنفيذية وفق البرنامج الحكومي، والتقدّم الحاصل في خطوات التنفيذ. كما شهد اللقاء التباحث في آخِر تفاصيل مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية، المعروض أمام «مجلس النواب»، وتكييفه في سبيل إقراره، والشروع بتنفيذ ما جاء في القانون من برامج خِدمية وتنموية تخصُّ احتياجات المواطنين وأولويات الخدمات والاقتصاد.

وطبقاً للمعلومات المتداولة في الغرف المغلقة، فإن كثيراً من القوى السياسية باتت تخشى اندفاعة السوداني باتجاه العمل، وهو ما يعني تكوين قاعدة شعبية له يمكن أن تساعده في تحقيق قفزة كبيرة بعدد المقاعد التي يملكها تياره السياسي «تيار الفراتين»، في حال خوضه الانتخابات المقبلة، وأقربها انتخابات مجالس المحافظات، المقررة نهاية العام الحالي. وبينما تنظر تلك القوى إلى نجاح السوداني بوصفه سيكون على حسابها، فإنها تحاول مرة بطريقة مباشرة، وأخرى بطريقة غير مباشرة، مضايقة الحكومة في الإنفاق المالي، عبر المناورة في بعض فقرات الموازنة. السوداني، الذي يعرف لعبة القوى السياسية معه، يستمر، من جهته، في محاولة سحب البساط من تلك المحاولات، عبر التواصل المباشر مع الناس، حتى عبر البرامج التلفازية اليومية التي تعرض بشكل مباشر هموم المواطنين.

وطبقاً لذلك، فإن السوداني أجرى، الاثنين، اتصالاً هاتفياً مع برنامج «الوطن والناس»، الذي تعرضه القناة العراقية الإخبارية، حيث كان يتجمع جمهور كبير من الناس يتحدثون عبر التلفزيون عن سُلّم الرواتب الذي هو ملف إشكالي هو الآخر بين الحكومة والبرلمان. في هذا السياق أبلغ السوداني المتجمعين بأن مسألة سلم الرواتب «حساسة». وتعهّد رئيس الوزراء «بمتابعة جميع المشكلات التي طُرحت من قِبل المواطنين»، حاثّاً المواطنين على «مساعدة الحكومة في محاربة الفساد». وعن ملف تعديل سلم الرواتب، قال السوداني إنها «مسألة حساسة، ونعمل على الوصول إلى صيغة تحقق العدالة».


مقالات ذات صلة

سوق الإسكان البريطاني يواصل التباطؤ في نوفمبر قبل إعلان الموازنة

الاقتصاد صورة عامة لمشروع «وايتستابل هايتس» السكني الجديد في بريطانيا (رويترز)

سوق الإسكان البريطاني يواصل التباطؤ في نوفمبر قبل إعلان الموازنة

أظهرت بيانات صادرة عن «بنك هاليفاكس» للتمويل العقاري، يوم الجمعة، أن سوق الإسكان في المملكة المتحدة شهد تباطؤاً في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تعرض بيانات ومعلومات الأسواق المالية على شاشات داخل مقر مجموعة بورصة لندن (رويترز)

المستثمرون البريطانيون يبيعون الأسهم للشهر السادس على التوالي

استمرت موجة بيع الأسهم من قِبَل المستثمرين البريطانيين لتصل إلى ما يقرب من 14 مليار دولار على مدار ستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان ووزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى) play-circle 02:29

«ملتقى الميزانية»: الإنفاق الحكومي السعودي «يتحرر» من «الدورة الاقتصادية»

شكّل «ملتقى الميزانية السعودية 2026» منصة حكومية استراتيجية لتحليل مستهدفات الميزانية التي أقرّها مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزيرا «النقل» و«الإسكان» في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى)

«ملتقى الميزانية»: مبادرات تطوير البنية التحتية تدعم «النقل» و«الإسكان» وتوسع فرص الاستثمار

أكد وزيرا «النقل» و«الإسكان» أن القطاعين شهدا نهضة كبيرة، مع استثمارات ضخمة توسع الوظائف وتوفر وحدات سكنية للأسر المستفيدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الإبراهيم يتحدث وإلى جانبه وزير المالية في ملتقى «ميزانية السعودية 2026»... (الشرق الأوسط)

السعودية: لدى «هيوماين» فرصة لقيادة الاقتصاد الوطني مثل «أرامكو»

أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن المملكة تستعد لدخول مرحلة جديدة سيكون فيها الذكاء الاصطناعي المحرك الأكبر للنمو غير النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)
سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)

قُتل فلسطيني وأُصيب 3 آخرون برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة شمال غربي قطاع غزة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية اليوم.

وأشارت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إلى أن القوات الإسرائيلية استهدفت مجموعة من المدنيين في محيط المنطقة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.


مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية اليوم (السبت)، إن مصر ترحب بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة 3 سنوات.

وأضافت «الخارجية» المصرية في بيان نشرته في صفحتها على «فيسبوك»، إن مصر تشدد على أن دور وكالة الأونروا محوري، ولا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله.

ودعت المجتمع الدولي إلى توفير التمويل المستدام لوكالة «الأونروا»، لضمان «استمرار خدماتها الحيوية».

وأشارت إلى أن وجود «الأونروا» يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجوهر قضية اللاجئين ذاتها، وبالمسؤولية الدولية تجاه إيجاد حل دائم لها، وفق قرارات الشرعية الدولية.


احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.