السوداني يتحدى نظام المحاصصة السياسي والإداري في العراق ويضع معايير جديدة لاختيار الدرجات الخاصة

بعد أيام من إقالة نحو 57 مديراً عاماً

صورة أرشيفية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (إ.ب.أ)
TT

السوداني يتحدى نظام المحاصصة السياسي والإداري في العراق ويضع معايير جديدة لاختيار الدرجات الخاصة

صورة أرشيفية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (إ.ب.أ)

بعد أيام من إقالة نحو 57 مديرا عاما في مختلف الوزارات وفيما ينتظر صدور وجبات أخرى طبقا لمعايير التقييم التي وضعها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للمدراء العامين صعودا حتى الوزراء، يبدو أنه في صدد المضي قدما في تحدي نظام المحاصصة والسياق الإداري والسياسي المعمول به بعد عام 2003.

فسلسلة الإجراءات التي تخص النظام الإداري في العراق بشأن أصحاب الدرجات الخاصة (مدراء عامون، مستشارون، وكلاء) وصولا إلى الوزراء الذين قرر السوداني إخضاعهم للتقييم بعد مضي 6 أشهر على توليهم مناصبهم أحدث ضجة وصدمة في الأوساط السياسية العراقية التي اعتادت على نظام المحاصصة منذ تغيير النظام السابق عام 2003.

ونظام المحاصصة الذي تستفيد منه كل المكونات والقوى والأحزاب والذي يشمل كل المناصب بمن فيها السيادية العليا (الرئاسات) نزولا إلى باقي المواقع استطاعت بعض الأحزاب والقوى السياسية التي تغولت داخل هذا النظام بناء ما بات يسمى بالدولة العميقة.

والدولة العميقة فضلا عن كونها تعني تمدد الأحزاب والقوى النافذة في كل المواقع الرفيعة داخل جسم النظام الإداري والسياسي فإنها تعني كذلك وهو الأخطر بقاء ذات المسؤول في منصبه لسنوات طويلة بعضها يزيد على العقد والنصف من الزمن دون قدرة أي رئيس وزراء يتسلم السلطة على إزاحته.

الأسباب التي تحول دون قدرة رؤساء الوزراء على إجراء تغييرات جوهرية في النظام الإداري بالدولة تعود في الغالب إلى أن رئيس الوزراء نفسه مستفيد من هذا النظام عبر الكتلة السياسية التي ينتمي إليها أصلا، أو الكتلة التي جاءت به إلى السلطة.

الأمر بالنسبة للسوداني يبدو مختلفا إلى حد كبير. فالسوداني الذي يوصف بأنه ابن هرمية الدولة بدءا من اشتغاله مهندسا زراعيا قبل عام 2003 فمديرا للزراعة في أحد أقضية محافظة ميسان (400 كم جنوب بغداد) ثم قائممقام أحد الأقضية بعد عام 2003 فعضوا في مجلس محافظة ميسان ومن ثم محافظا فوزيرا لعدة وزارات خلال الحكومات السابقة يعرف تماما «بئر» الدولة الإداري و«غطاه» مثلما يقول المثل العراقي.

ومع أنه لم يعلن أي طرف سياسي حتى الآن اعتراضه على إجراءات السوداني لكن طبقا لما يدور خلف الكواليس وداخل الغرف السياسية المغلقة فإن العديد من القوى السياسية باتت ترى «تمدد السوداني بهذه الطريقة دون أن تكون لديه كتلة يمكن له زراعتها داخل المواقع التي تخلو سوف يكون مصدر قلق للآخرين» طبقا لما أفادت به مصادر متطابقة «الشرق الأوسط».

وطبقا للمصادر ذاتها فإن «السوداني وضع معايير لا تنسجم مع رغبة العديد من الكتل السياسية ليس فقط قوى الإطار التنسيقي الشيعي التي هو مرشحها لرئاسة الوزراء بل للكتل السنية والكردية التي تحرص أيضا على المحافظة على ما تعده حصصا لها سواء على مستوى المنصب أو الشخص الذي يشغل المنصب».

وتذهب المصادر إلى القول بأن «هناك من حاول أن يبين بطريقة أو بأخرى أن السوداني يريد جلب أشخاص بدلاء لكن واقع الحال يشير وطبقا للمعايير الصارمة سواء بالعمر أو الشهادة أو الخبرة أن التغيير سيكون شاملا وهو بمثابة أول محاولة جادة يقوم بها رئيس وزراء لتحدي نظام المحاصصة تمهيدا للقضاء عليه».

وطبقا للمعايير التي وضعها السوداني وصدرت على شكل بيان لمكتبه الإعلامي أن لا يزيد عمر المرشح لمنصب المدير العام على (55) عاما. وأن يكون حاصلا على شهادة جامعية أولية على الأقل، وبتخصص ينسجم مع مهام المنصب.

كما يتطلب الأمر أن تكون لديه خدمة فعلية لا تقل عن (10) سنوات، وتدرج في المناصب. والأمر نفسه ينطبق على منصب وزير أو وكيل وزارة أو مستشار ومن هم بدرجتهم.

وكان السوداني قد وجه في وقت سابق بأن يكون البدلاء للمديرين العامين الذين أخفقوا في التقييم من الملاكات العاملة داخل الوزارة. وترى أوساط سياسية عراقية أن هذه الخطوة تجيء كواحدةٍ من خطط الحكومة ضمن توجّهها الجديد، تأسيساً لمبادئ عمل لتحقيق دولة المواطنة المنشودة واعتماد الكفاءة الشخصية وإعادة الاعتبار لمبدأ المواطنة الصالحة، كأساسٍ في تولّي المناصب والمسؤوليات العامّة في الدَّولة بهدف معالجة عيوب التأسيس التي سادت منذ ٢٠ عاماً.

من جهته يرى السياسي والكاتب العراقي إياد السماوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الضوابط القديمة - الجديدة (كان معمولا بها في السابق بدءا من العهد الملكي) وقد وضعت مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب موضع التنفيذ شريطة أن يتمّ الشروع والعمل بها فورا».

ويضيف السماوي أنه «عندما يكون المعيار لارتقاء مناصب الدولة العليا هو الخبرة المتمثلة بالخدمة الفعلية التي لا تقّل عن عشر سنوات للمدراء العامين وخمس عشرة سنة لوكلاء الوزراء ويحمل شهادة جامعية أولية وبتخصص ينسجم مع مهام المنصب وبعمر لا يزيد عن 55 عاما مع مراعاة شروط القوانين الخاصة لبعض المناصب كالخدمة الجامعية والخدمة القضائية والخدمة الخارجية فهذا يعني أنّنا قد شرعنا بدّق أول مسمار في نعش نظام المحاصصات الذي تمّ بموجبه توزيع المناصب العليا في الدولة والمعمول به حتى هذه اللحظة».

ويوضح السماوي «هناك من يقول بأن العبرّة ليست بإصدار القوانين والتعليمات بل بوضع هذه القوانين والتعليمات موضع التنفيذ وهنالك من يقول بأنّ هذه التعليمات ليست بجديدة وهنالك قانون صادر بها سابقا لكن لم يقم أحد من رؤساء الحكومات السابقة بوضع هذا القانون موضع التنفيذ وهي خطوة تحسب للسوداني في أن يفعّله».



إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
TT

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف مجرى نهر الليطاني، في محاولة لفصل النبطية عن قضاء مرجعيون.

وفيما انتقل هوكستين إلى واشنطن من دون الإدلاء بتصريحات حول زيارته إسرائيل، أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنَّ الموفد الأميركي «بقيَ على تواصل مع المفاوضين اللبنانيين»، مشيرة إلى أنَّ المحادثات لوقف النار «تتقدم ببطء، لكن بثبات في اتجاه إيجابي».

ميدانياً، وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة ديرميماس، انطلاقاً من بلدة كفركلا، ما يعني أنَّها سارت على طريق لنحو 5 كيلومترات في العمق اللبناني، لتصل إلى مشارف الليطاني، بعد تمهيد ناري بالمدفعية وغارات جوية نفذتها طائرات حربية ومسيّرات. وقال «حزب الله»، في المقابل، إنَّه استهدف تلك القوات في النقاط التي وصلت إليها.

بالموازاة، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهدفت الأحياء المسيحية المقابلة للضاحية في عين الرمانة والحدت، وهي خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية، وذلك عقب إنذارات وجهها الجيش للسكان بإخلاء الأبنية.