من التعثر للانفراجة... كيف أثمرت وساطة مصر في التهدئة في غزة؟

بعد إعلان إسرائيل و«الجهاد» عن قبولها وإشادة أطراف دولية

شاحنة فلسطينية تمر عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي في رفح الأحد بعد فتح إسرائيل معابر غزة تدريجياً (أ.ف.ب)
شاحنة فلسطينية تمر عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي في رفح الأحد بعد فتح إسرائيل معابر غزة تدريجياً (أ.ف.ب)
TT

من التعثر للانفراجة... كيف أثمرت وساطة مصر في التهدئة في غزة؟

شاحنة فلسطينية تمر عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي في رفح الأحد بعد فتح إسرائيل معابر غزة تدريجياً (أ.ف.ب)
شاحنة فلسطينية تمر عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي في رفح الأحد بعد فتح إسرائيل معابر غزة تدريجياً (أ.ف.ب)

بعد 5 أيام من تبادل القصف بين إسرائيل و«حركة الجهاد»، وإعلانات عن «تعثر، وتشدد» في المفاوضات التي ترعاها مصر للتوصل إلى هدنة بين الطرفين؛ وصلت المشاورات (ليل السبت) إلى «انفراجة» أثمرت الإعلان عن وقف إطلاق النار، فكيف تطورت تلك المباحثات التي قادت القاهرة الوساطة فيه وصولاً إلى التهدئة؟

المواجهات الأخيرة التي وصفت بـ«الأعنف»، بين غزة وإسرائيل، منذ أغسطس (آب) 2022، وبدأت (الثلاثاء) الماضي بضربات جوية أسفرت عن مقتل 6 قادة عسكريين في حركة «الجهاد».

وعقب إعلان التهدئة، شكرت كل من إسرائيل وحركة «الجهاد»، مصر، على وساطتها التي أشادت بها واشنطن أيضاً، وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار، في بيان أن «البيت الأبيض يرحب بإعلان الهدنة، من أجل تجنب المزيد من الخسائر في الأرواح، وإعادة الهدوء لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين».

فلسطينيون يتفقدون ركام منزل القيادي في «الجهاد» زياد سلمي بعد استهدافه بغارة إسرائيلية في غزة السبت (أ.ب)

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، ووزير خارجية مصر الأسبق، محمد العرابي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مفاوضات التهدئة في هذه المرة، اتسمت بالتعقيد التام بسبب حجم الخسائر الكبير الذي تكبدته (حركة الجهاد) من قياداتها الميدانية». مضيفاً أن «الجانبين وهما يخوضان القصف المتبادل كانا يفضلان التوقف عند هذا الحد، لأن المعركة هذه المرة تضمنت الوصول لأهداف جديدة في العمق الإسرائيلي، وكذلك فإن مستوى الاغتيالات كان كبيراً».

العرابي، أشار أيضاً إلى أن «دور مصر المستند إلى خبرة طويلة في إدارة الملف، والمدعوم بثقة دولية وإقليمية، كان حاسماً في مسألة التوصل لصياغة تحظى برضا من الجانبين، وأن تكفل لكل طرف أن يقبلها دون أن يبدو مهزوماً أمام أنصاره».

ومع ذلك، فإن العرابي يرى أن «الرصيد الإسرائيلي في خرق الاتفاقيات والتهدئة سيئ»، وبالتالي فإن ثمة مخاوف من (مسيرة الأعلام) المرتقبة (الخميس المقبل) من قبل المتطرفين الإسرائيليين؛ إذ يمكن أن تشهد احتكاكات وتحرشات من قبل منظميها المدعومين من أحزاب متطرفة، بالعرب في القدس المحتلة.

وبدوره، قال الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، وعضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» الدكتور أحمد فؤاد لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجولة الحالية من المواجهة بين إسرائيل و(الجهاد) اتسمت بالتكافؤ النسبي بين الطرفين، وتصور كل جانب أنه يمكنه المضي بالمواجهة إلى مسار أطول محسوب».

وأضاف فؤاد أن «حسابات الداخل الإسرائيلي التي كانت تُظهر، زعيم المعسكر الوطني، بيني غانتس متقدماً في استطلاعات الرأي على رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، كانت عاملاً مهماً في رغبة الأخير في استمرار المواجهة، لتعزيز أسهمه في الشارع عبر خوض المعركة». منوهاً بأن «تقليص الفارق نسبياً بين غانتس ونتنياهو حدث بالفعل، لكن الأول لا يزال يحظى بتفوق نسبي على الثاني».

ونوه بأن هناك عاملين ضغطا على إسرائيل في تلك المواجهة، تمثلا في «الأعطال التي ظهرت في منظومة القبة الحديدية وفشلها في التصدي لصواريخ (الجهاد)، وكذلك تراجع تأييد قائد المعارضة الإسرائيلية للعملية».

ويتفق فؤاد مع العرابي في أن «المحك الحقيقي لاختبار صمود التهدئة يرتبط بمسيرة الأعلام (الخميس المقبل)، والتي يتوقع أن تشهد صدامات إذا ما جرى تنفيذها وفق مسار مرورها بالمناطق العربية والإسلامية في القدس المحتلة».



تركيا تدفع بتعزيزات ضخمة لقواتها في شمال سوريا

تعزيزات عسكرية تركية في حلب وإدلب (إعلام تركي)
تعزيزات عسكرية تركية في حلب وإدلب (إعلام تركي)
TT

تركيا تدفع بتعزيزات ضخمة لقواتها في شمال سوريا

تعزيزات عسكرية تركية في حلب وإدلب (إعلام تركي)
تعزيزات عسكرية تركية في حلب وإدلب (إعلام تركي)

دفعت تركيا بتعزيزات عسكرية مكثفة إلى منطقة «درع الفرات»، الخاضعة لسيطرة قواتها وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لها في حلب، إلى جانب نقاطها في إدلب، في ظل التصعيد مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وبدء «هيئة تحرير الشام» هجوماً على مواقع الجيش السوري في حلب.

ودخل رتل عسكري تابع للقوات التركية من معبر السلامة الحدودي في شمال حلب إلى النقاط التركية المنتشرة في منطقة «درع الفرات»، الأربعاء، ضم شاحنات محملة بأسلحة ثقيلة ودبابات وآليات إلى النقطة التركية على أطراف بلدة مريمين شمال حلب.

تعزيزات تركية

وسبق ذلك، وصول تعزيزات تركية، الثلاثاء، إلى جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي ضمن منطقة خفض التصعيد المعروفة باسم «بوتين - إردوغان»، عبر معبر كفر لوسين الحدودي، ضمت نحو 50 آلية، معظمها مدافع ودبابات، تمركزت في قاعدة قريبة من خطوط التماس مع مناطق سيطرة الجيش السوري.

تركيا كثفت تعزيزاتها العسكرية في منطقة درع الفرات في حلب وسط استهدافات «قسد» وتصعيد «تحرير الشام» ضد القوات السورية (إعلام تركي)

وجاءت التعزيزات وسط استمرار التوتر على محاور التماس مع «قسد» في حلب، والتصعيد العسكري من جانب «هيئة تحرير الشام» في حلب، وتصعيد الجيش السوري في إدلب.

وفي سياق هذه التطورات، نفذت قوات «مجلس منبج العسكري» التابعة لـ«قسد» عملية تسلل إلى مواقع سيطرة فصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، على محور قرية أم جلود في ريف منبج شرق حلب، ضمن مناطق عملية «درع الفرات».

ودارت اشتباكات مسلحة بين الطرفين على محور قرية الحمران بريف منبج الغربي. وقصفت مدفعية «الجيش الوطني» قريتي أم جلود وعرب حسن في ريف منبج.

كما قُتل عنصران من «الجبهة الشامية» الموالية لتركيا، وأصيب 3 آخرون بجروح متفاوتة، في عملية تسلل نفذتها «قسد» على محور كفر خاشر بريف أعزاز شمال حلب، ضمن مناطق سيطرة «درع الفرات».

وشهد محور مارع بريف حلب الشمالي قصفاً متبادلاً بين «قسد» والقوات التركية، الاثنين، كما شهد محور حربل بريف حلب الشمالي قصفاً متبادلاً مماثلاً، الثلاثاء، حيث سقط عدد من القذائف بالقرب من القاعدة التركية في قرية «تل مالد»، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

عملية لـ«تحرير الشام»

في غضون ذلك، أطلقت «هيئة تحرير الشام» والفصائل العاملة بغرفة عمليات «الفتح المبين»، عملية أسمتها «ردع العدوان»، تستهدف مواقع الجيش السوري في حلب.

وأفاد «المرصد السوري» بتقدم الهيئة وفصائل «الفتح المبين» في ريف حلب الغربي، والسيطرة على نقاط في قبتان جبل وشيخ عقيل قرب الفوج 46، وسط اشتباكات عنيفة، وتبادل للقصف المدفعي والصاروخي مع القوات السورية.

عناصر من «هيئة تحرير الشام» تشارك في عملية «ردع العدوان» في حلب (إكس)

وشنت طائرة حربية روسية غارات بالصواريخ الفراغية على النقاط الخلفية للفصائل في محيط مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، كما قصفت القوات السورية بعشرات القذائف المدفعية والصواريخ مدينتي الأتارب ودارة عزة والقرى المحيطة بهما.

وشاركت الطائرات الحربية السورية، للمرة الأولى منذ سنوات، باستهداف مناطق خفض التصعيد (التي وقعتها روسيا وتركيا في 2020)، باستهداف مواقع «هيئة تحرير الشام» في قرية الواسطة في ريف حلب بـ4 غارات، كما حلقت طائرة مروحية في أجواء ريف حلب.

غارات للطيران الروسي في إدلب (المرصد السوري)

ونفذ الطيران الحربي الروسي 3 غارات في محيط مدينة دارة عزة، وغارة قرب بلدة تفتناز بريف إدلب. وقصفت القوات السورية بالصواريخ حي الشيخ ثلث وبلدات البارة وكنصفرة وديرسنبل والفطيرة، ومعربليت في جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.

وقصفت القوات السورية بالصواريخ مدينة دارة عزة ومحيط الأتارب وتديل وكفرتعال بريف حلب، مما أسفر عن إصابة مدني بجروح في دارة عزة، واستهدفت عشرات القذائف المدفعية والصاروخية قرى الزيارة والمشييك في سهل الغاب بمحافظة حماة.

قصف سوري على مواقع لـ«هيئة تحرير الشام» في إدلب (المرصد السوري)

وحلق سرب طائرات حربية روسية في أجواء منطقة خفض التصعيد (بوتين - إردوغان) في شمال غربي سوريا، الأربعاء، غداة قصف القوات السورية بالمدفعية، سوقاً شعبية وأحياء سكنية في مدينة أريحا، ما أدى مقتل 4 مدنيين، بينهم طفلان، وإصابة 12 آخرين بينهم 8 أطفال.

وشهد ريف حلب الغربي، الثلاثاء، حركة نزوح كبيرة من مدينة الأتارب والقرى المحيطة، نتيجة الحشود العسكرية من قبل «هيئة تحرير الشام» بالقرب من خطوط الجبهة مع القوات السورية.

وأغلقت «هيئة تحرير الشام» معبر الغزاوية بريف عفرين شمال حلب، واكتفت بفتح معبر دير بلوط بين مناطقها مع عفرين، في ظل تصاعد الاشتباكات بين فصائل غرفة عمليات «الفتح المبين» والقوات السورية في ريف حلب الغربي، بالتزامن مع تحليق مكثف للطائرات الحربية الروسية التي نفذت ضربات جوية باستخدام صواريخ فراغية في ريف حلب الغربي.

«تحرير الشام» أغلقت معبر الغزاوية بين حلب وإدلب (المرصد السوري)

ويعدّ معبر الغزاوية مهماً للتجارة وحركة العبور بين مناطق ريف إدلب ومناطق شمالي حلب، كما أغلقت «الهيئة» طرقاً رئيسية عدة، وتم توجيه حركة المدنيين إلى طرق بديلة.

وأعلنت وزارة التربية التابعة لـ«حكومة الإنقاذ»، المحسوبة على المعارضة السورية، تعليق الدراسة في المدارس وجامعتي إدلب وحلب الشهباء والجامعات الخاصة، الأربعاء، على خلفية تصعيد القوات السورية في إدلب وريفها.

وجاء إطلاق «تحرير الشام» عمليتها في حلب على الرغم من تحذيرات تركيا، بعد سلسلة اجتماعات بين عسكرييها والعسكريين الروس، بإغلاق جميع المعابر الحدودية ووقف الإمدادات لها حال توسيع عملياتها إلى حلب.