قوات «أتميس» الأفريقية تبدأ انسحاباً تدريجياً من الصومال

الفيضانات تشرد الآلاف بعد شهور من الجفاف

صورة وزعتها قوات الاتحاد الأفريقي «أتميس» لقواتها في الصومال
صورة وزعتها قوات الاتحاد الأفريقي «أتميس» لقواتها في الصومال
TT

قوات «أتميس» الأفريقية تبدأ انسحاباً تدريجياً من الصومال

صورة وزعتها قوات الاتحاد الأفريقي «أتميس» لقواتها في الصومال
صورة وزعتها قوات الاتحاد الأفريقي «أتميس» لقواتها في الصومال

أعلنت بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال، أن الاستعدادات لسحب 2000 جندي بحلول 30 يونيو (حزيران) المقبل، باتت في مرحلة متقدمة، بينما بدأ القائد الجديد للقوة الأفريقية مهام عمله.

واعتبرت البعثة، الأحد، أن «هذا الانسحاب التدريجي يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، بسحب 2000 جندي بحلول نهاية الشهر المقبل، وتسليم الأمن في المناطق المتفق عليها إلى قوات الأمن الصومالية».

وقال الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، السفير محمد الأمين الصيف، إن اجتماع اللجنة الفنية المشتركة مع أعضاء من أصحاب المصلحة المناسبين، بما في ذلك الحكومة الصومالية والأمم المتحدة، اتفق على قواعد التشغيل الأمامية. وأوضح خلال زيارة رسمية لمقر القوات الأفريقية، أن قوات الأمن الصومالية ستزيد من أعدادها لتتولى المناطق التي ستسلمها.

وأكد قائد قوات «أتميس» الميجور جنرال ماريوس نجندابانكا، أن «سحب 2000 جندي لن يؤثر على أمن المنشآت الحكومية الرئيسية والمراكز السكانية الرئيسية، إذا تسلمت قوات الأمن الخاصة المسؤولية».

وتعهدت قوات «أتميس» الأفريقية، بمواصلة إجراء عمليات مشتركة هادفة وروتينية لتقويض جماعة «الشباب الإرهابية». كما أعلنت «أتميس» وصول قائدها الجديد، الجنرال سام أوكيدينج، إلى الصومال لتولي المسؤولية رسمياً، علماً بأنه تولى في السابق قيادة الفرقة الأولى في أميصوم من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 إلى يناير (كانون الثاني) 2017.

وكان مجلس الأمن الدولي، أعلن العام الماضي تشكيل قوة جديدة تابعة للاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال، تتمثّل مهمتها في مكافحة حركة «الشباب»، على أن يتم خفضها تدريجياً إلى الصفر بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل.

وحلّت القوة التي يبلغ عديد أفرادها 20 ألف عسكري وشرطي ومدني وتحمل اسم «أتميس» محل القوة السابقة «أميصوم»، التي تولت في السابق مهمة الاتحاد الأفريقي في الصومال.

من جهة أخرى، استمرت عمليات نزوح آلاف المواطنين بعدما تسببت الأمطار الغزيرة خاصة بوسط الصومال في ارتفاع منسوب المياه بشكل حاد. وقدر علي عثمان حسين نائب محافظ الشؤون الاجتماعية في منطقة حيران: أعداد النازحين بحوالي 200 ألف شخص بسبب فيضان نهر شيبيل في بلدة بيليدوين، وقال لـ«فرانس برس»: «يرتفع العدد في أي وقت... نبذل قصارى جهدنا لمساعدة المتضررين».

وفي مدينة بلدوين وسط الصومال، تسبب فيضان نهر شيبلي الناجم عن الأمطار الغزيرة في وفاة ثلاثة أشخاص، وأجبر آلاف السكان على هجر منازلهم، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وحذَّر مكتب الأمم المتحدة من زيادة الأمراض مثل الكوليرا مع تضرر البنى التحتية المحلية. وتأتي هذه الكارثة عقب موجة جفاف قياسية جعلت ملايين الصوماليين على شفا المجاعة.


مقالات ذات صلة

المتمردون يوقعون عشرات القتلى والأسرى في صفوف الجيش المالي

أفريقيا آلية عسكرية محترقة قرب تينزاوتين شمال مالي (ناشطون متمردون)

المتمردون يوقعون عشرات القتلى والأسرى في صفوف الجيش المالي

أعلن ناشطون في تحالف للحركات المتمردة بشمال مالي أن المتمردين قضوا بالكامل على وحدة من الجيش المالي ترافقها مجموعة من مقاتلي «فاغنر»

الشيخ محمد (نواكشوط )
آسيا جندي من الجيش الباكستاني يقف للحراسة في إحدى المناطق خلال إحدى العمليات (الجناح الإعلامي للجيش الباكستاني)

إسلام آباد: لماذا لا يعد شنّ عملية عسكرية ضد «طالبان الباكستانية» فكرة جيدة؟

يعتقد المخططون العسكريون الباكستانيون أن هذه هي اللحظة المناسبة لشنّ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد حركة «طالبان» الباكستانية، بعد أن صعّدت الأخيرة من أنشطتها.

عمر فاروق (إسلام آباد)
آسيا وزيرا الدفاع التركي والصومالي وقَّعا اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي في أنقرة فبراير الماضي (وزارة الدفاع التركية)

البرلمان التركي يوافق على إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين

وافق البرلمان التركي على مذكرة رئاسية بشأن نشر عناصر من القوات المسلحة في الصومال بما يشمل المياه الإقليمية للبلد الأفريقي لمدة عامين.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة )
أفريقيا مسلحون من الطوارق في كيدال عام 2022 (أ.ف.ب)

«فاغنر» تشارك في معارك على حدود الجزائر

اندلعت، الخميس، معارك عنيفة ما بين الجيش المالي المدعوم بمقاتلين من «فاغنر» الروسية، والمتمردين الطوارق المتمركزين في مدينة تينزاواتين.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد ينظمون مسيرة حاشدة احتفالاً بيوم الجمهورية التونسية إلى جانب احتجاج أنصار أحزاب المعارضة للمطالبة بالإفراج عن المعارضين السياسيين في البلاد (د.ب.أ)

تطورات جديدة في قضايا المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة» في تونس

أعلنت مصادر أمنية رسمية تونسية أن قوات مكافحة الإرهاب ووحدات أمنية من النخبة في محافظات عدة ألقت مؤخراً القبض على عدد من المتهمين في قضايا إرهاب وتهريب بشر.

كمال بن يونس (تونس)

أنفاق «حزب الله»... ملاذه الآمن لصدّ هجوم برّي إسرائيلي

TT

أنفاق «حزب الله»... ملاذه الآمن لصدّ هجوم برّي إسرائيلي

جندي إسرائيلي عند مدخل نفق اكتُشف عام 2019 على حدود لبنان (أ.ف.ب)
جندي إسرائيلي عند مدخل نفق اكتُشف عام 2019 على حدود لبنان (أ.ف.ب)

جدّدت إسرائيل مخاوفها من شبكة الأنفاق التي يمتلكها «حزب الله» في جنوب لبنان، واحتفاظه بها كواحدة من أهم أوراقه الرابحة، وذلك في ذروة التهديد بحرب واسعة على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية.

يمكن عطف هذه المخاوف على التقارير الأمنية، وآخرها ما نشرته صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، في 21 فبراير (شباط) الماضي، وكشفت فيه أن «(حزب الله) اللبناني لديه شبكة أنفاق سرية أكثر تطوراً من تلك التي لدى (حماس) في غزة». وقالت إن الحزب «يمتلك أنفاقاً يبلغ طولها مئات الكيلومترات، ولها تشعبات تصل إلى إسرائيل، وربما أبعد من ذلك، وصولاً إلى سوريا»، في وقت وصفها خبراء بأنها ستتحول «إلى مستنقع للجيش الإسرائيلي إذا ما قرر اجتياح جنوب لبنان».

جندي إسرائيلي عند مدخل نفق اكتُشف عام 2019 على حدود لبنان (أ.ف.ب)

ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد الدكتور حسن جوني، أن «شبكات الأنفاق الموجودة لدى (حزب الله) كما حركة (حماس)، تقع ضمن الاستراتيجية الخاصة لمواجهة الهجمات الإسرائيلية، كونها تؤمّن وسيلة انتقال محمي وآمن». ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «شبكات الأنفاق ساهمت في إنشاء توازن بين باطن الأرض والسماء لمواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي، ما جعل القتال عمودياً أكثر منه أفقياً».

ويقول جوني، الذي كان يشغل منصب قائد كليّة القيادة والأركان في الجيش اللبناني، إن «استراتيجية الأنفاق تعدّ من أهم أوراق القوة التي يحتفظ بها (حزب الله) وتضمن له حرية المناورة تحت الأرض»، معتبراً أن «شبكات الأنفاق الأخطبوطية تم حفرها بشكل يجعلها تتكامل مع العمليات العسكرية فوق الأرض، خصوصاً لجهة نقل المقاتلين والأسلحة والصواريخ إلى نقاط أخرى تشكل مفاجآت صادمة في الميدان».

شبكة أنفاق إقليمية

وأشار مركز «ألما» للأبحاث، الذي يركّز على التهديدات الشمالية، إلى أنه «بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، أنشأ (حزب الله)، بمساعدة الكوريين الشماليين والإيرانيين، مشروعاً لتشكيل شبكة من الأنفاق الإقليمية في لبنان، وهي شبكة أكبر من (مترو حماس)»، معتبراً أن «جنوب لبنان ليس غزّة، حيث لديه نوع مختلف من التضاريس، بما في ذلك التلال الصخرية والوديان، وبالتالي التقديرات الإسرائيلية لا تتقبل مجرد فكرة أن (حزب الله) نجح في حفر أنفاق حتى 10 كيلومترات في العمق الإسرائيلي، إذ إن مثل هذا الأمر يحتاج إلى جهود خارقة، فالحديث هنا عن أرض صخرية صلبة وجبال، والنجاح في حفرها سيكون (فضيحة عسكرية) وليس إخفاقاً عادياً».

من جولات القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان (رويترز)

عند كلّ مواجهة مع «حزب الله»، تحدد إسرائيل بنك أهدافها، وتزعم أنه مواقع عسكرية أو منصات صواريخ أو مخازن أسلحة، لكنها تبقى عاجزة عن امتلاك خريطة الأنفاق أو توفر معلومات كافية عنها. ويعبّر الخبير العسكري حسن جوني عن اعتقاده بأن الحزب «بنى أنفاقه بطريقة متطورة جداً، لتصبح جزءاً مهماً من منظومته الدفاعية، خصوصاً أنه بناها في ظروف مريحة، وضمن بيئة جغرافية ملائمة، بخلاف قطاع غزّة الذي لطالما كان محاصراً ومراقباً أمنياً وجوياً بشكل متواصل». ويعتقد أن الحزب «استفاد من خبرات واسعة في مجال حفر الأنفاق، ويتردد أنه استفاد من وسائل حفر متطورة، ربما تكون استقدمت من كوريا الشمالية، وهذا سيضاعف حتماً من قدرته على مقارعة إسرائيل، حيث تساهم الأنفاق بتطوير عمليات حرب العصابات». ولا يستبعد جوني «إمكانية استخدام هذه الأنفاق لتنفيذ عمليات هجومية، وليس دفاعية فقط، أي أن هناك احتمالاً أن يكون لها امتداد إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة».

شبكة نقل آمنة

بخلاف الإعلام العسكري لدى «حماس»، الذي أطلق حملة دعائية مصورة عن أهمية الأنفاق، لم يتبع «حزب الله» هذا الأسلوب، رغم ارتفاع وتيرة التهديدات الإسرائيلية والتلويح باجتياح برّي لجنوب لبنان، وهو ما عزّز قناعة الخبراء والمتابعين بعدم امتلاك إسرائيل معلومات كافية عنها، وتخشى مفاجآت بشأنها. ويشير مدير مؤسسة «الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري»، الدكتور رياض قهوجي، إلى أن «كل المعلومات والمعطيات تفيد بأن (حزب الله) لديه شبكة أنفاق كبيرة، تتيح له التنقّل بأمان تحت الأرض، في ظلّ امتلاك إسرائيل تفوقاً جوياً كبيراً يجعلها قادرة على رصد أي ترك فوق الأرض».

ويقول قهوجي لـ«الشرق الأوسط»: «كلما كبرت الأنفاق وسمحت بعبور الآليات والسيارات داخلها، كما ازدادت أهميتها، وكما شاهدنا في غزّة كيف أن الأنفاق تربط منطقة بأخرى، وأن هناك أنفاقاً تستخدم لتخزين الأسلحة، وبعضها لتصنيع الأسلحة، والبعض الآخر تحول إلى مراكز لإطلاق الصواريخ، فإن (حزب الله) لديه شبكة أكبر وأكثر تطوراً وتعقيداً».

سفراء يجولون في أحد الأنفاق الحدودية التي اكتشفها الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان (أ.ف.ب)

أنفاق قتالية

لا يغفل قهوجي، وهو خبير في شؤون الأمن والتسلّح، الدور الذي تلعبه الأنفاق إذا ما قامت إسرائيل باجتياح برّي، متحدثاً عن «وجود أنفاق قتالية على الخطوط الأمامية للمواجهة، يستخدم أغلبها في العمليات التكتيكية ونصب الكمائن، وهذا سيفاقم من تكلفة الخسائر البشرية لدى الجيش الإسرائيلي». ويضيف قهوجي: «صحيح أن إسرائيل تملك قدرات عسكرية هائلة لتنفيذ هجوم برّي، لكنها بالتأكيد تحسب ألف حساب للتكلفة الكبيرة التي ستدفعها، وبالتأكيد ستكون الأنفاق مستنقعها الأكبر لأن (حزب الله) سيستخدمها بحرفية قتالية كبيرة».