رؤساء طوائف لبنانية يصعّدون ضد السياسيين على خلفية الأزمة الرئاسية

الراعي يطالب بمفاوضات مع دمشق والمجتمع الدولي لإعادة النازحين

صورة نشرتها البطركية المارونية في «تويتر» للراعي خلال قداس الأحد
صورة نشرتها البطركية المارونية في «تويتر» للراعي خلال قداس الأحد
TT

رؤساء طوائف لبنانية يصعّدون ضد السياسيين على خلفية الأزمة الرئاسية

صورة نشرتها البطركية المارونية في «تويتر» للراعي خلال قداس الأحد
صورة نشرتها البطركية المارونية في «تويتر» للراعي خلال قداس الأحد

صعَّد رؤساء الطوائف اللبنانية من حِدة انتقادهم للقوى السياسية، على أثر الفشل في إنهاء الشغور الرئاسي بلبنان. وبدا البطريرك الماروني بشارة الراعي، الأكثر قسوة، إذ اتهمهم بـ«الاستماع إلى مصالحهم الخاصة والفئوية، وأصوات الأحقاد والكيديات، على حساب هدم مؤسسات الدولة»، مطالباً، في الوقت نفسه، بـ«إجراء المفاوضات اللازمة مع سوريا والمجتمع الدولي؛ من أجل عودة النازحين السوريين».

وفشل البرلمان 11 مرة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا يزال الاستعصاء السمة الأبرز للأزمة، بالنظر إلى أن المعارضة لم تتفق بعدُ على مرشح واحد، كما لم تتفق مع «التيار الوطني الحر» على شخصية واحدة أيضاً، رغم الاتصالات بينهما. في المقابل، لا يزال «حزب الله»، و«حركة أمل» (الثنائي الشيعي)، يُصرّان على ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، للرئاسة.

وقال الراعي، في عظة الأحد: «لا يستطيع نواب الأمة والمسؤولون السياسيون عندنا، متابعة صمّ آذانهم عن سماع كلام الله، ومتابعة سماع أصوات مصالحهم الخاصة والفئوية، وأصوات الأحقاد والكيديات، على حساب هدم مؤسسات الدولة، بدءاً من عدم انتخاب رئيس للجمهورية مِن شأنه أن يوحي بالثقة في الداخل والخارج، وصولاً إلى إفقاد المجلس النيابي صلاحية التشريع، وحرمان الحكومة من كامل صلاحياتها، وتعطيل التعيينات المستحَقة، وتفشي الفساد في الإدارات العامة».

وأضاف: «لو يسمعون كلام الله، لتسارعوا إلى إصلاح الهيكليات والمؤسسات، وإلى النهوض بالاقتصاد، والحد من إفقار الشعب، ولأصلحوا الوضع المالي، وأوقفوا هجرة قوانا الحية، ولحزَموا أمرهم، ووحّدوا كلمتهم، وعمدوا إلى إجراء المفاوضات اللازمة مع سوريا والمجتمع الدولي؛ من أجل عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وقد أصبحوا خطراً متزايداً على بلادنا، مطالبين الأمم المتحدة بمساعدتهم على أرض وطنهم».

عودة: هوى خارجي

المطران إلياس عودة (الوكالة الوطنية)

ويواظب رؤساء الطوائف في لبنان على انتقاد المسؤولين السياسيين؛ على خلفية الأزمة الرئاسية. وقال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران إلياس عودة، إن «ارتباطات معظم الزعماء والمسؤولين في لبنان، وتعلقهم بهوى خارجي، أوصلاه إلى قاع الهوة التي يقبع فيها، اليوم».

وأضاف: «الدول المحيطة كانت ترنو إلى لبنان، بعضها يحبه، وبعضها يسعى إلى أن يكون مثله، والبعض الثالث يحسده، أما الآن فقد سبقوه جميعهم، وأصبحوا يفتشون عن حل لقضيته بسبب تقصير أبنائه وخلافاتهم وانقساماتهم».

«يطلقون المواقف والشعارات المرتكزة على المبادئ والقيم، لكن أعمالهم تفضح نياتهم»

المطران إلياس عودة

 

وأشار عودة إلى أن المسؤولين اللبنانيين «يقولون ما لا يفعلون، يطلقون المواقف والشعارات المرتكزة على المبادئ والقيم، لكن أعمالهم تفضح نياتهم». وإذ أكد أن «الجميع ينادون بضرورة انتخاب رئيس، ويحددون مواصفاته»، سأل عودة: «ماذا ينتظرون؟! ما هذه الاستحالة في انتخاب شخصية تترأس الدولة؟! هل خلا البلد من الرجال الذين ينبض قلبهم بحب لبنان؟!». 

 

قبلان: كارثة تاريخية

المفتي أحمد قبلان (الوكالة الوطنية)

وانسحبت انتقادات الكنائس المسيحية للمسؤولين على رجال دين مسلمين، ورأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان، أنه «بعيداً عن الكارثة التاريخية، التي تضرب لبنان، يبدو أننا أمام لحظة جِدية لتسوية رئاسية تضع البلد والدولة بقلب النهوض مجدداً»، مطالباً بـ«أكبر تضامن وطني؛ لأن الحلاوة لا تُستخرج من الحنظل، والإنقاذ الوطني ضرورة وطنية وسياسية واجتماعية ونقدية ومالية، وترك لبنان دون إنقاذ سياسي أكبر خيانة للبلد وشعبه».

وأضاف أن «الناس تنتظر وسط كارثة معيشية واقتصادية لا سابقَ لها بتاريخ لبنان، والقطار الوطني لمن يركب فيه، وتصحيح وضعية البلد يبدأ من مجلس النواب، والمسكِّنات السياسية وصفة وطنية مسمومة، والتسوية الحالية ستساهم برسم ملامح البلد، وإعادة بناء جسم الدولة». وأضاف قبلان: «حماية لبنان تبدأ من المقاعد النيابية، والجوع السياسي أسوأ خطر يهدد لبنان». 

 

فضل الله: عقلية الوطن

السيد علي فضل الله (الوكالة الوطنية)

بدوره قال العلامة الشيعي السيد علي فضل الله: «لن نستطيع أن نبني وطناً ونَقدر على مواجهة التحديات والأزمات التي نعيشها، إلا عندما نقرر أن نخرج من عقلية الطائفة والمذهب إلى عقلية الوطن وإنسانه»، مشيراً إلى أن «المشكلة لن تُحلّ بانتخاب رئيس أو تشكيل حكومة، ما دامت هذه الطبقة السياسة تفكر بهذا المنطق؛ منطق تقاسم الحصص والغنائم، وتسعى إلى تكريسه».  

وقال فضل الله: «المواطن اللبناني لا يهمُّه هوية من يتسلم هذا الموقع السياسي أو ذاك، بقدر ما يعنيه أن يكون صادقاً وشفافاً ويعمل لمصلحة الوطن والمواطن»، محذراً من أن «هناك من بنى موقعه وامتيازاته على بث المخاوف والهواجس بين مكونات هذا الوطن». 

الرأي



سوريون يتجولون بالمنتجع الصيفي لعائلة الأسد لأول مرة (صور)

سوريون يزورون المنتجع الصيفي لعائلة الأسد بالقرب من اللاذقية (رويترز)
سوريون يزورون المنتجع الصيفي لعائلة الأسد بالقرب من اللاذقية (رويترز)
TT

سوريون يتجولون بالمنتجع الصيفي لعائلة الأسد لأول مرة (صور)

سوريون يزورون المنتجع الصيفي لعائلة الأسد بالقرب من اللاذقية (رويترز)
سوريون يزورون المنتجع الصيفي لعائلة الأسد بالقرب من اللاذقية (رويترز)

قاد الدراج السوري باسل الصوفي دراجته مسافة 40 كيلومتراً بدءاً من مدينة اللاذقية في شمال غربي البلاد، اليوم الجمعة، لزيارة منتجع عائلة الأسد الساحلي الخاص في الوقت الذي تجول فيه سكان محليون بأنحاء المجمع لأول مرة منذ عقود.

وبعد 54 عاماً من حكم العائلة الوحشي و13 عاماً من الحرب الأهلية، أطاحت المعارضة السورية بالرئيس بشار الأسد، يوم الأحد، في أكبر تغيير في الشرق الأوسط منذ فترة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

سوريون يزورون المنتجع الصيفي لعائلة الأسد بالقرب من اللاذقية (رويترز)

وتتعرض ممتلكات كثيرة للأسد وعائلته للنهب أو التدمير منذ ذلك الحين على يد السوريين الذين يتطلعون إلى محو إرثه.

ومن بين تلك الممتلكات، المنتجع الصيفي الضخم الذي تملكه الأسرة في برج إسلام. وكانت حالة المجمع سيئة اليوم بعد أعمال نهب وتخريب واسعة النطاق. ويضم المجمع فيلا بيضاء بشرفات تطل على البحر المتوسط وشاطئاً خاصاً وعدة حدائق ومساراً للمشي.

وتحطمت النوافذ وتناثر الزجاج المهشم على الأرض ولم يتبق أي أثاث، في حين تحطمت وتناثرت قطع ومستلزمات أخرى من المراحيض والحمامات والأضواء وغير ذلك.

المنتجع الصيفي لعائلة الأسد بالقرب من اللاذقية شهد عملية تدمير (رويترز)

وقال الصوفي البالغ من العمر 50 عاماً الذي وصل على متن دراجته ويستخدم هاتفه في تصوير البحر: «أشعر بالحرية لأول مرة في حياتي لمجرد المجيء إلى هنا».

وأضاف العضو السابق في المنتخب السوري للدراجات لـ«رويترز»: «لا أصدق عيني، لقد بنوا شيئاً لم أر مثله في حياتي كلها»، موضحاً أنه يعتقد أن المجمع بأكمله يجب أن يكون الآن للشعب وليس «لرئيس آخر».

ومضى قائلاً: «لم يتمكن السوريون لزمن طويل من فعل أي شيء يحبونه. هذه هي المرة الأولى بالنسبة لي».

سوريون يزورون المنتجع الصيفي لعائلة الأسد بالقرب من اللاذقية (رويترز)

وبعد سقوط الأسد، دخل سكان محليون، معظمهم من التركمان السوريين الذين طُردوا للقرى المجاورة وقت بناء المنتجع، لأول مرة إلى المجمع منذ أن بنته عائلة الأسد قبل 50 عاماً.

وقال سعيد بايرلي المقاتل بالجيش السوري الحر من أصول تركمانية: «كل ما فعله كان بأموال الشعب. إذا نظرتم داخل الفيلا، فستجدون شيئاً غير معقول». وأضاف أن الأرض التي بُني عليها المنتجع كانت بساتين زيتون.

وأضاف لـ«رويترز»: «بعد ساعات قليلة من سقوط الأسد دخلنا... لا نريد أن تتعرض هذه المناظر، هذه الأماكن الجميلة للتدمير»، مضيفاً أنه يريد أن تنفذ الحكومة الجديدة نظاماً يتم بموجبه إعادة الممتلكات إلى أصحابها الأصليين.

سوريون يزورون المنتجع الصيفي لعائلة الأسد بالقرب من اللاذقية (رويترز)

وقال بايرلي إن الأسد نقل ممتلكاته الثمينة من المنتجع عن طريق البحر باستخدام قوارب صغيرة، وإن معلومات مخابرات الجيش السوري الحر تبين أن أطفاله كانوا في المجمع في الصيف الماضي.

وتابع بايرلي: «كان الأمر مثيراً على نحو لا يصدق، كان الجميع سعداء للغاية برؤية المكان بعد سنوات».