على الرغم من أن رئيس جهاز الأمن العام في إسرائيل (الشاباك) رونين بار، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، أوصيا بالسعي إلى وقف إطلاق النار في غزة باعتبار أنه «تم استنفاد معظم أهداف العملية»، بحسب ما قالت مصادر أمنية في تل أبيب، صباح الجمعة، فإن القوات الإسرائيلية واصلت ممارسة الضغوط العسكرية والسياسية على تنظيم «الجهاد الإسلامي»، بينما رفض رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، التوقيع على اتفاق تهدئة، وأصرّ على اتفاق شفهي وفق مبدأ «الهدوء يقابَل بهدوء»، الذي لا يتعهد فيه بوقف عملياته الحربية.
وقال مصدر سياسي مقرب من رئيس الوزراء إن «إسرائيل تتصرف وفق تصرفات الطرف الآخر». وفي رد على مطلب «الجهاد» بأن تتوقف عمليات الاغتيال، أكد المصدر: «عندما نقول الهدوء مقابل الهدوء فإن هذا يعني أيضاً وقف الاغتيالات. ولكن في حال خرق وقف إطلاق النار على أي مستوى كان، فإن الاغتيالات أيضاً تتجدد». أما بخصوص مطلب الإفراج عن جثمان الشيخ خضر عدنان، الذي كان قد توفي نتيجة تدهور حالته الصحية بعد إضرابه عن الطعام طيلة 86 يوماً، وبسبب وفاته اشتعلت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، فقد أعربت إسرائيل عن خشيتها من تحويل جنازته إلى مظاهرة ضخمة ضدها، وطلبت تعهداً بدفنه في جنازة متواضعة.
وقال المصدر نفسه إن محادثات التهدئة التي يديرها عدد من ضباط المخابرات المصرية، واستمرت طوال ساعات الليل (الخميس - الجمعة)، شهدت صعوداً وهبوطاً. وتحدث المصريون طيلة الوقت عن سعيهم إلى إزالة العقبات التي لا تنتهي وتحُول دون التوصل إلى اتفاق.
وقد لفت النظر إلى أن استطلاعات الرأي في إسرائيل أشارت إلى أن نتنياهو بدأ يسترد بعضاً من شعبيته بعد هذه العملية ضد «الجهاد الإسلامي»، مما جعل عدداً من المعلقين يعبّر عن خشيته من أن يتصرف من خلال مصلحة ذاتية فيعرقل الوصول إلى اتفاق. ولذلك حرصت أجهزة الأمن على تسريب الموقف بأن الجيش والمخابرات يؤيدان وقف إطلاق النار فوراً.
وقالت مصادر إسرائيلية إن موقف بار وهليفي هذا طرح خلال المداولات الأمنية التي عقدت قبيل منتصف ليلة الخميس - الجمعة، في مكتب نتنياهو. لكن هذا المكتب نشر صورة لهذا اللقاء ظهر فيها مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون دريمر (الذي يدير الحوار مع المعارضة بخصوص خطة «الانقلاب» على منظومة الحكم، بحسب رأي المعارضين)، ولا يظهر فيها قادة الأجهزة الأمنية.
وبحسب القناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي، فإن قادة الأجهزة الأمنية يعتقدون بأنه «من الصواب السعي لإنهاء العملية». وأضافت، نقلاً عن مصدر مطلع، أن رئيس «الشاباك» اتخذ موقفاً أكثر حسماً في هذه المسألة. وعلى الرغم من أن نتنياهو أعرب عن غضبه من مقتل مواطن وجرح 13 آخرين في قصف صاروخ فلسطيني على مبنى في مدينة رحوفوت، جنوب تل أبيب، فإن رئيس «الشاباك» أوصى بالسعي إلى إنهاء العملية، قائلاً: «نحن استنفدنا معظم أهداف الاغتيالات». وأضاف المصدر: «رئيس الشاباك ورئيس الأركان أوصيا بأنه إذا لم يتم إطلاق النار من قطاع غزة، فعلى إسرائيل الامتناع عن الهجمات من جانبها إلا لغرض إحباط إطلاق النار على مواقع إسرائيلية».
وذكر المصدر أن «رسالة إسرائيل إلى حركة (الجهاد الإسلامي) هي أنه مع كل لحظة تمر قد يخسرون مزيداً من الموارد، لذلك عليهم الموافقة على وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن». واعتبر أن «النقاش في الواقع رمزي جداً. (حركة) الجهاد تطلب التزاماً بشيء يحدث بالفعل عندما لا تطلق النار. أي أنه لا توجد اغتيالات دون إطلاق قذائف».
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت، صبيحة الجمعة، أن «حصيلة العمليات الإسرائيلية على غزة أسفرت عن استشهاد 31 فلسطينياً، بينهم 6 أطفال و4 نساء، و5 من قادة حركة الجهاد الإسلامي».
ونشرت صحيفة «معريب» (الجمعة) استطلاعاً يشير إلى أن نتنياهو استعاد قسماً كبيراً من شعبيته التي فقدها خلال الأشهر الخمسة التي مرت، منذ عاد إلى رئاسة الحكومة. وعلى الرغم من أن الاستطلاع يشير إلى أن معسكر المعارضة الحالي ما زال يحظى بأكثرية، فإن نتنياهو قلص الفرق بينهما بفضل العملية الحربية في غزة. وقال 55 في المائة من المواطنين الذين استُطلعت آراؤهم إنهم يثقون بقدراته على إدارة الحرب.