ضبط مصنعين للصواريخ والطائرات المسيرة شمالي الضفة بخبرات إيرانية

أعضاء الخلية اعترفوا بأن قائد «الجهاد» في غزة أشرف على إنتاجها

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية للمؤتمر الصحافي مساء الثلاثاء بحضور نتنياهو ومسؤولي الأجهزة الأمنية
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية للمؤتمر الصحافي مساء الثلاثاء بحضور نتنياهو ومسؤولي الأجهزة الأمنية
TT

ضبط مصنعين للصواريخ والطائرات المسيرة شمالي الضفة بخبرات إيرانية

صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية للمؤتمر الصحافي مساء الثلاثاء بحضور نتنياهو ومسؤولي الأجهزة الأمنية
صورة وزعتها وزارة الدفاع الإسرائيلية للمؤتمر الصحافي مساء الثلاثاء بحضور نتنياهو ومسؤولي الأجهزة الأمنية

كشفت مصادر أمنية في تل أبيب عن تفاصيل جديدة عن صنع صواريخ وطائرات مسيرة في منطقة جنين، كانت ستوجه لقصف مدينة العفولة في الشمال الإسرائيلي.

وقالت إن أفراد الخلية التي ضبطت في هذا الملف، اعترفوا في التحقيق بدور قائد الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، الذي اغتالته إسرائيل في قطاع غزة يوم الثلاثاء.

وكشفت المصادر عن أن الخلية عملت وفق تدريبات إيرانية على صنع الصواريخ، وضبطت في اللحظة الأخيرة قبل أن تنفذ خطتها لقصف العفولة، ونفذت عملية إطلاق رصاص على بلدة إسرائيلية بالقرب من جنين، لفحص مدى اليقظة الإسرائيلية، قبل أن تنطلق في إطلاق الصواريخ.

وكان رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار قد كشف، خلال مؤتمر صحافي (مساء الثلاثاء)، بمشاركة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي، عن أن جهازه أحبط مؤخراً نشاط الخلية التي كانت تخطط لإطلاق القذائف من جنين باتجاه مناطق إسرائيلية في الشمال.

وقال: «أحبطنا خلية تجهزت لإطلاق قذائف من جنين تجاه مناطق إسرائيلية، نحن نرى بذلك سابقة خطيرة. لا توجد لدينا نوايا بأن تتحول العفولة أو شاكيد إلى نقطة محورية لإطلاق النار بعيد المدى».

وأضاف بار في تصريحاته: «سنستخدم دائماً صندوق أدواتنا في مواجهة كل من يعمل ضد مواطنينا في غلاف غزة، ومن يحاول أن يحول الضفة إلى ساحة قتال». وتابع أن طارق عز الدين «كان المحرك لإرهاب (الجهاد) في الضفة. لقد عمل على نقل قدرات إرهاب من قطاع غزة للضفة، وقام بتوجيه مباشر لأكثر من 10 خلايا كانت تهدف لقتل الإسرائيليين».

تجدر الإشارة إلى أنه وبحسب المصادر الأمنية المذكورة، فإن إسرائيل نفذت عمليات اعتقال واسعة شملت عدداً كبيراً من أعضاء «الجهاد الإسلامي» في جنين ومنطقتها، وإن الصورة اكتملت باعترافات بعض هؤلاء المعتقلين، وتبين منها أن قوة خاصة من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، هي التي تولت الإشراف على هذه الخلية وتمويلها، بواسطة عز الدين، وقامت بتدريبها على صنع الصواريخ والطائرات المسيرة. وتمكنت من تهريب مواد أساسية تفيد بصنع هذه الأسلحة.

وأوضحت المصادر أن «الجهاد الإسلامي» تعتمد بنسبة 100 في المائة في تمويلها وتدريب كوادرها على إيران. وتلائم نفسها مع الأجندة الإيرانية، لدرجة أن طهران هي التي تمارس الضغوط على هذا التنظيم لأن يرد على اغتيال قادته الثلاثة في قطاع غزة، مع أن قادة «الجهاد» كانوا يؤيدون الانتظار قليلاً حتى يتسببوا في استنزاف إسرائيل ويمتنعوا عن إعطائها مبرراً لأن ترد بعملية حربية كبيرة. ولكن طهران رأت أن هذه الاغتيالات يجب أن تكون خطاً أحمر، ولا يجوز أن يتم من دون رد، وأن إسرائيل ليست معنية بعملية حربية كبيرة.

لهذا، فإن «الجهاد» بدأت تقصف إسرائيل بالصواريخ (بعد ظهر الأربعاء)، وردت القوات الإسرائيلية بموجة غارات جديدة.



اتفاقيات التعاون اللبنانية - السورية رهن الإلغاء أو التعديل

رفع علم المعارضة على السفارة السورية في لبنان بعد سقوط النظام (إ.ب.أ)
رفع علم المعارضة على السفارة السورية في لبنان بعد سقوط النظام (إ.ب.أ)
TT

اتفاقيات التعاون اللبنانية - السورية رهن الإلغاء أو التعديل

رفع علم المعارضة على السفارة السورية في لبنان بعد سقوط النظام (إ.ب.أ)
رفع علم المعارضة على السفارة السورية في لبنان بعد سقوط النظام (إ.ب.أ)

أكثر من 40 اتفاقية تعاون موقّعة بين لبنان وسوريا، باتت رهن الإلغاء أو التعديل مع سقوط النظام السوري الذي صاغ كلّ تلك الاتفاقيات، إلا أن هذه الخطوة رهن إرادة الطرفين ومقاربة الحكم الجديد الذي خلف الرئيس بشار الأسد في سوريا.

ويرى خبراء لبنانيون أن تعديل هذه الاتفاقيات يشكّل حاجة ماسّة للبلدين، ولا بد من إدخال تعديلات عليها تحاكي المتغيرات والتحولات السياسية والاقتصادية، وحتى الأمنية التي يتأثر بها الطرفان، بينما يرى آخرون أنها غير متوازنة ومكّنت النظام السوري من استباحة السيادة اللبنانية سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وحتى اجتماعياً وتربوياً.

ووقع لبنان مع سوريا 42 اتفاقية أغلبها بعد عام 1990، لكن لم تأخذ طريقها إلى التطبيق، وما طبّق منها صبّ في المصلحة السورية، أبرزها هذه الاتفاقيات: «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق»، و«اتفاقية الدفاع والأمن»، و«اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي»، و«اتفاق نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية».

نصوص منمقة

ويرى وزير العدل السابق المحامي الدكتور إبراهيم نجّار، أن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد «كان يرغب دائماً في تطمين الرؤساء اللبنانيين من أن سوريا تتعامل مع لبنان بوصفه دولة مستقلة ذات سيادة، إلّا أن هذه الاتفاقيات كانت مجرّد نصوص منمّقة لا تطبّق، وواجهة لوضع اليد على سياسة لبنان وإدارته». وأشار نجار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «أهم ما في هذه الاتفاقيات إنشاء المجلس الأعلى اللبناني - السوري برئاسة اللبناني نصري الخوري، على الرغم من إقامة علاقات دبلوماسية وتبادل السفراء بين بيروت ودمشق، لكن المجلس الأعلى تولّى إدارة الأعمال التي تقع في صلب صلاحيات السفارتين». وذكّر نجّار بأنه «شارك في صياغة وتوقيع عدد من الاتفاقيات بين البلدين، بينها اتفاقية نقل السجناء، إلّا أنها لم تأخذ طريقها إلى التنفيذ».

نازحون سوريون يعودون إلى سوريا عبر معبر المصنع بعد سقوط النظام السوري (إ.ب.أ)

وتنصّ المبادئ الدولية على وجوب احترام الاتفاقيات المعقودة بين الدول، انطلاقاً من قاعدة «الاتفاقيات ملزمة وتقيّد أطرافها»، لكن لا يمكن القفز فوق بعض الاستثناءات. ويقول نجّار: «صحيح أن اتفاقية فيينا ترعى الاتفاقيات الدولية، إلّا أنها تنظّم تعديلها أيضاً»، مشيراً إلى «وجود 5 حالات تجيز نقض تلك الاتفاقيات وتأتي في خانة الاستثناءات؛ أهمها: استحالة التنفيذ، واستقواء فريق على آخر، وتبدّل الحالات، ووجود أسباب قاهرة ونقض الاتفاقية من أحد الطرفين»، مذكراً بالقاعدة الشرعية التي تؤكد أنه «لا يُنكر تغيّر الفتوى بتغيّر الزمان والمكان»، مجدداً تأكيده أن «المجلس الأعلى اللبناني السوري بات من دون ضرورة، ويشكل عبئاً على البلدين، ويجب اعتماد القنوات الدبلوماسية ما دامت سوريا تعترف بسيادة لبنان».

تحكم بلبنان

و«يبدو أن التحوّل الاستراتيجي في سوريا أنهى حقبة غير صحّية وملتبسة وكارثية وظلامية من العلاقات اللبنانية - السورية»، على حدّ تعبير الباحث في السياسات العامة زياد الصائغ، الذي أشار إلى أن «نظام الأسد تحكّم في لبنان بتغطية من حلفائه وأتباعه في لبنان وبغطاء دولي، كما تحكّم بميزان هذه العلاقات حتى أصبح الحاكم الفعلي على كل المستويات السياسية والدستورية والقانونية والسيادية (العسكرية - الأمنية) والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى التربوية، حتى إنه نخر عظام كثير من المؤسسات الدينية ومرجعياتها».

وشدد الصائغ في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على الحاجة إلى «تطهير وتنزيه من كل موبقات تلك المرحلة السوداء مع مصارحة ومصالحة مع الذات اللبنانية، وبعدها مع الذات السورية حين توضّح صورة المرحلة الانتقالية». أما عن الاتفاقيات اللبنانية - السورية والمجلس الأعلى اللبناني - السوري الذي يشكل أحد تجلياتها، فيجزم الصائغ بأنه «لم يكن يوماً هناك مجلس أعلى لبناني - سوري، بل منصّة استتباع واستزلام وفرض، وبالتالي هذه المنصّة ساقطة أصلاً بفعل الفلسفة والتركيبة التي حكمت قيامها، عدا عن أنها وكما نقول بالعامية تنفيعة».

حبر على ورق

وفي مؤشر واضح على أن معظم تلك الاتفاقيات بقي حبراً على ورق، يتحدث الوزير نجّار عن تجربة عايشها مع هذه الاتفاقيات، ويضيف: «كنت معنياً بمتابعة موضوع المفقودين قسراً في سوريا، وشكلنا في عام 2009 لجنة لبنانية تضم قاضيين وضابطين أمنيين، وهذه اللجنة عقدت 35 اجتماعاً في جديدة يابوس (الحدود اللبنانية - السورية على طريق دمشق)، ونفى النظام السوري وجود معتقلين لبنانيين لأسباب سياسية وأمنية، لكنه اعترف بوجود سجناء محكومين بقضايا جنائية». وكشف نجار عن إبرام اتفاق يقضي بنقل الأشخاص اللبنانيين المحكوم عليهم في سوريا لقضاء محكوميتهم بلبنان، «وكان همّنا بالدرجة الأولى إخراجهم من السجون السورية، لكن للأسف بقيت الاتفاقية من دون تنفيذ ورفض النظام السوري تسليمنا السجناء رغم المراجعات المتكررة»، لافتاً إلى «أهمية تمسك لبنان بهذه الاتفاقية كما غيرها من الاتفاقيات الواجب استمرارها، وآخرها واجب تعديلها أو إلغاؤها».

استباحة لبنان

وأخذت كل الاتفاقيات أو معظمها طابع استباحة لبنان، لا سيما ما يتعلق باتفاقية الأخوة والتعاون والتنسيق واتفاقية الدفاع المشترك وغيرها، وأكد الباحث في السياسات العامة زياد الصّائغ، أن «كلّ الاتفاقيات المعقودة غير متوازنة، ويغلب عليها طابع استباحة السيادة اللبنانية في كل القطاعات، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية»، داعياً إلى «أولوية إسقاطها بآلية دستورية من خلال مجلس النواب ومجلس الوزراء في لبنان، لكن لا أعتقد أن ما سيقوم به رئيس مجلس النواب (نبيه برّي) ورئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) سيصبّ بهذا الاتجاه، لاعتبارات ما زالت تحكم الذهنية المرضية التي ينتميان إليها».

أما فيما يعنى بالآلية الأفضل لإسقاط هذه الاتفاقيات، فيعدّ الصّائغ أن «القوى السيادية الإصلاحية مع القوى المجتمعية الحيّة معنية بإعداد مطالعة دستورية قانونية تطعن علمياً بهذه الاتفاقيات، كما بالصفة المعنوية والقانونية الملتبسة، على أن تتقدم بهذا الطعن أمام القضاء المختصّ، ثمّ ينقل إلى مجلس النواب والحكومة العتيدة بعد انتخاب رئيس للجمهورية». وشدد الصائغ على تحويل مسألة الطعن بالاتفاقيات إلى «معركة لتصويب الخلل في الذاكرة اللبنانية والانطلاق في مسار استعادة السيادة، بترسيخ حكم القانون بناء على مقتضيات أمن لبنان القومي والمصلحة الوطنية العليا».