الجميلي لـ«الشرق الأوسط»: اقترح الجهاز اغتيال الخميني في النجف فرفض صدام الغدر بـ«الضيف»

مدير شعبة أميركا في مخابرات «البعث» العراقي يفتح لـ«الشرق الأوسط» دفاترها (1)

TT

الجميلي لـ«الشرق الأوسط»: اقترح الجهاز اغتيال الخميني في النجف فرفض صدام الغدر بـ«الضيف»

صدام رفض الغدر بـ "ضيف العراق" الخميني (غيتي)
صدام رفض الغدر بـ "ضيف العراق" الخميني (غيتي)

هل صحيح أن صدام حسين أنقذ الخميني من اقتراح باغتياله خلال إقامته في النجف لأنه «ضيف» العراق؟ وهل صحيح أن جملة قالها الخميني في باريس لموفد صدام أقنعت الأخير بأن التعايش مستحيل مع الرجل الذي سيخلف الشاه؟ وما هي قصة المتفجرة التي وصلت إلى وسادة الولي الفقيه في إيران ومسلسل التفجيرات الذي حصد عدداً من أركان النظام؟

ما هي قصة الاتصالات بين نظام صدام وأسامة بن لادن بعد غزو الكويت ومن كان الوسيط في ترتيب اللقاء؟ وماذا عن عبد الرحمن ياسين الذي شارك في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993، الذي سُجن طويلاً في العراق واختفى من سجنه بعد الغزو الأميركي عام 2003؟

ما هي جدية محاولة اغتيال الرئيس جورج بوش الأب؟ وما هي قصة السفينة التي فُخخت لإغلاق قناة السويس؟ وكيف نجت دانيال، زوجة فرنسوا ميتران، من عبوة المخابرات العراقية؟ وما هي قصة حقائب مترو باريس التي أرسلها صدام لصديقه جاك شيراك، كما أرسل مثلها لرئيسة الوزراء الباكستانية بيناظير بوتو؟ وماذا عن قرار صدام معاقبة حافظ الأسد بدعم العماد ميشال عون... ومعاقبة معمر القذافي بجسر جوي دعماً للمعارضة الليبية؟

وهل صحيح أن المخابرات فوجئت بإعدام المرجع محمد باقر الصدر بعدما اقترحت على الرئيس حمايته؟ وماذا عن حسين كامل الذي حالت الإجراءات الأمنية الأردنية دون الاقتراب منه فعاد فريق الاغتيالات خائباً إلى بغداد؟ وما هي قصة خاتم السم الذي سافر من بغداد إلى لندن والرؤوس المقطوعة التي جاءت في الحقيبة الدبلوماسية؟

الجميلي خلال الحوار مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط»

هذه الأسئلة وأخرى كثيرة ظلت معلقة منذ عقود دون إجابات. والصحافي تزعجه الأسئلة المعلّقة. لهذا كنت أبحث عن رجل من منجم المخابرات العراقية ليرد عليها. ويمكن القول إنني عثرت عليه. إنه ضابط المخابرات سالم الجميلي الذي أقام طويلاً في ردهات الجهاز وها هو يروي لـ«الشرق الأوسط» قصص محطات خطرة ومثيرة.

حين غزت القوات الأميركية العراق في 2003 كان الجميلي مديراً لشعبة أميركا في الجهاز. سارع إلى إتلاف ما أمكنه من الأرشيف، لكن القوات الأميركية لم تتأخر في اعتقاله وأمضى في سجونها تسعة أشهر غادر بعدها إلى عمان ثم ابتعد. وها هو يروي.

انفجرت آلة التسجيل وأصيبت يد خامنئي بشلل

سالم الجميلي

في منتصف الستينات جاء الخميني إلى العراق ولم يكن ناشطاً في البدايات. بعد ثورة تموز 1968 اتخذ العراق موقفاً معارضاً لقرار الشاه ضم الجزر الإماراتية الثلاث. حرّك محمد رضا بهلوي قواته في اتجاه الحدود العراقية بوصفها ورقة ضغط وتهديد. حضّ الخميني الجنود الإيرانيين على التمرد وعدم الانصياع لأوامر الشاه، معتبراً أنه لا يجوز لمسلم أن يقاتل مسلماً. دعم الشاه المعارضة الكردية في العراق وبدأنا دعم المعارضة الإيرانية ضده. سمحنا للخميني بأن يأتي بجماعته وأصدرنا لهم جوازات وسمحنا لهم بإذاعة وبدأ نشاطه السياسي.

تولّى التنسيق مع الخميني رفيق قديم للرئيس اسمه علي باوه، كان شارك في تأسيس «مكتب العلاقات العامة» الذي انبثق منه جهاز المخابرات. قدّم باوه للخميني وجماعته مختلف أشكال الدعم وحمّله الخميني أكثر من مرّة شكره للقيادة العراقية.

 

بعد اتفاق الجزائر في 1975 أوقفت إيران دعمها فانهارت الحركة الكردية. وكان من ضمن شروط الاتفاق أن يتوقف نشاط المعارضة الإيرانية على أرض العراق. تم لفت نظر الخميني إلى ضرورة مراعاة الوضع الجديد واحترام شروط العلاقة مع إيران. لم يقبل، ثم راح يتمادى. أبلغناه أن عليه مغادرة العراق إذا كان مصرّاً على مواصلة نشاطه. حاول التوجه إلى الكويت وبقي عالقاً في منطقة الحدود ثم وافقت السلطة العراقية على عودته إلى النجف.

حصل ارتباك في موضوع الخميني وفي العلاقة مع إيران بعدما تأكدت صعوبة تجاوبه أو السيطرة عليه. في هذا المناخ ناقشت قيادة الجهاز المشكلة وما يمكن أن يسببه إصرار الخميني على مواصلة نشاطه. في أحد الاجتماعات اقترح أحد الضباط اغتيال الخميني وتحميل المرجع الشيعي أبو القاسم الخوئي مسؤولية اغتياله، وبالتالي يتم التخلص عملياً من الاثنين. لم يجرؤ الجهاز على عرض الشق الثاني من الاقتراح على الرئيس واكتفى بعرض الشق الأول، أي اغتيال الخميني. لم يوافق الرئيس على الاغتيال ولا على تسليمه لمخابرات الشاه، وقال: «ألا تعلم المخابرات أنه ضيف العراق؟».

صدام رفض الغدر بـ "ضيف العراق" الخميني (غيتي)

في هذه الأجواء غادر الخميني إلى باريس. أراد صدّام استطلاع نوايا الخميني للمرحلة اللاحقة خصوصاً بعدما بدا أن نظام الشاه يترنح. كلّف الرئيس علي باوه الذي كان على علاقة مع الخميني بالتوجه إلى باريس وهذا ما حصل. سيترك ذلك اللقاء آثاره على المرحلة التالية. سأل باوه الخميني عما يمكن أن يفعله في حال سقوط الشاه وعودته إلى طهران، وجاء رده قاطعاً أن الأولوية بعد نجاح الثورة الإسلامية ستكون إسقاط نظام «البعث» في العراق. استمع صدام إلى تقرير مبعوثه فاستنتج أن المواجهة حتمية في حال عودة الخميني إلى طهران وهي تبدو شديدة الاحتمال.

غادر الشاه وعاد الخميني. سارعت التيارات الإسلامية الشيعية في العراق إلى التعاطف والتفاعل. وراح الخميني يحرّض المرجع العراقي محمد باقر الصدر على إعلان الثورة الإسلامية في العراق. هذا المناخ من الكره للنظام العراقي كان وراء التحرشات التي قامت بها إيران عبر وكلائها وخصوصاً محاولة اغتيال طارق عزيز وسعدون حمادي وزرع عبوات. تسارعت مؤشرات المواجهة لهذا احتفظنا طويلاً بطيار إيراني أُسقطت طائرته فوق العراق قبل اندلاع الحرب كدليل على أن إيران كانت عملياً الجهة التي بادرت.

برزان التكريتي (غيتي)

سألت سالم الجميلي عن صحة ما تردد أن مسؤول الجهاز برزان التكريتي (الأخ غير الشقيق للرئيس) أصيب بهاجس اغتيال الخميني فاستأنف روايته.

حين انتصرت «الثورة الإسلامية» في إيران كانت تضم خليطاً من القوى ومؤسساتها هشة. انقلب الخميني على «مجاهدي خلق» وأعدم قياداتهم على رغم الدور الذي لعبوه في إسقاط الشاه. بدأت الحرب وكان علينا أن نستجمع عناصر القوة الضرورية. صارت المواجهة مفتوحة وبلا ضوابط. كانت لدى «مجاهدي خلق» عناصر متمرسة وصلبة وصاحبة خبرة في العمل العسكري والأمني ولديها جذور في المجتمع. وكانت لدينا علاقات سابقة أيضاً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني. هذه العلاقات مكّنت المخابرات العراقية من توجيه ضربات موجعة إلى النظام الإيراني.

الضربات الموجعة

قدّم جهاز المخابرات كل سبل الدعم الإعلامي والفني والمادي والعسكري لـ «الديمقراطي الكردستاني» و«مجاهدي خلق» وكان الهدف الأول مجلس الشورى الإيراني وبإشراف مباشر من برزان التكريتي. وضعت خطة لتفخيخ مقر الاجتماع ونفذت في 28 يونيو (حزيران) 1981 فقتل آية الله حسين بهشتي رئيس السلطة القضائية و72 شخصية قيادية، بينهم وزراء ونواب ومسؤولون في قطاعات مختلفة. كانت الضربة قوية وشديدة وبدت المخابرات العراقية قادرة على الوصول إلى أماكن كان يُفترض أن تكون حصينة.

علي خامنئي يزور القوات الإيرانية خلال الحرب مع العراق عام 1981.. أصيب بتفجير عبوة في آلة تسجيل (غيتي)

المرشد الإيراني الحالي علي خامنئي استُهدف هو الآخر. أثناء إلقائه خطبة انفجرت عبوة مزروعة في جهاز تسجيل وتسببت في شلل في يده اليمنى. كان مقرراً أن يحضر الخميني ذلك الاجتماع لكنه تأخر ونجا.

كان برزان التكريتي يتطلع إلى تحقيق الضربة الكبرى، وهي اغتيال الخميني نفسه. في 1981 ظهر احتمال تنفيذ عملية من هذا النوع. ولم يكن الوصول إلى الخميني سهلاً لكن وجود رجل دين على مقربة منه وربما يكنّ تعاطفاً مع «مجاهدي خلق» سهّل المهمة الصعبة. تولى فريق من الجهاز إعداد عبوة صغيرة نُقلت وزُرعت في وسادة الخميني التي كانت من الوبر. انفجرت العبوة في توقيت خاطئ كان فيه الخميني خارج المنزل لكن مجرد الوصول إلى غرفة نومه أثار حالة من الرعب في صفوف قيادات الثورة الإسلامية. كان الجهاز يخوض معركة حياة أو موت وكانت كل الضربات مباحة.

صورة الخميني في احتفال لمعاقين من الحرس الثوري في طهران عام 1981 (غيتي)

استمرت الضربات وفي 30 أغسطس (آب) أدّى تفجير إلى مقتل رئيس الجمهورية محمد علي رجائي بعد أقل من شهر من توليه منصبه، وقُتل معه محمد جواد باهنر رئيس الوزراء إثر انفجار قنبلة زُرعت في مكتب الأخير أثناء اجتماع مع مجلس الدفاع الأعلى.

صراع مرير على أرض الكويت

لم تقتصر المواجهة بين المخابرات العراقية والإيرانية على أراضي البلدين بل تعدتها إلى ساحات قريبة وبعيدة. ويقول الجميلي إن الكويت كانت مسرحاً لصراع مرير خصوصاً أن حزب «الدعوة» العراقي المؤيد لإيران استخدم أراضي الكويت لتنفيذ عمليات ضد النظام العراقي. ويتهم الجميلي إيران بأنها حاولت في 1985 اغتيال أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح. وعندما قامت مجموعة من حزب «الدعوة» في أبريل (نيسان) بعملية جامعة المستنصرية مستهدفة طارق عزيز ردّت المخابرات العراقية بمحاولة اغتيال وزير الخارجية الإيراني صادق قطب زادة وهو في طريقه للقاء أمير الكويت. كما شهدت الكويت أيضاً استهداف السفارة الإيرانية فيها بقذائف، ومحاولة اغتيال لمسؤول في حزب «الدعوة» وهجمات أخرى.

صادق قطب زادة (غيتي)

محاولة الخميني نقل الثورة إلى الداخل العراقي كانت مصدر قلق كبير للنظام العراقي وأجهزته. وقد دفع المرجع الشيعي السيد محمد باقر الصدر حياته في هذا المناخ.

كان الصدر من أبرز منظّري الفكر الإسلامي الشيعي ما أعطاه شعبية واسعة وتأثيراً في صفوف الشيعة العراقيين. كانت أفكاره ثورية مخالفة لمنهج المرجع محسن الحكيم والسيد أبو القاسم الخوئي اللذين كانا يعارضان إقحام الدين في السياسة، ولعلهما تخوفا من أن يؤدي هذا الإقحام إلى إنهاء دور المرجعيات الدينية في النجف ونقل مركز القيادة الشيعية إلى إيران.

اقترح جهاز المخابرات حماية محمد باقر الصدر لكن الأمن العام اقترح إعدامه ووافقه الرئيس

سالم الجميلي

طهران تسرّب رسالة الخميني

شاه إيران (غيتي)

بعد نجاح ثورة الخميني في إسقاط نظام الشاه في 1979 ازداد تأثير الصدر في الوسط السياسي الشيعي المعارض للنظام في بغداد. وكان واضحاً أن الخميني يحث الصدر على الدعوة إلى ثورة إسلامية تطيح نظام «البعث». يقول الجميلي إن الصدر وجد نفسه جزءاً من حالة الصراع بين الدولتين والحرب التي كان يجري الإعداد لها من جانب الخميني. لم يتجاوب الصدر وأظهر قدراً كبيراً من الممانعة. أرسل الخميني إلى الصدر رسالة سرية يدعوه فيها إلى الشروع في العمل من أجل إطلاق ثورة إسلامية وعندما لم يتجاوب سرّبت الإذاعة الإيرانية نبأ الرسالة وكأنها تزوّد السلطات العراقية بدليل على تبادل الرسائل السرية بين الرجلين. وقد يكون الهدف إزاحة الصدر لأنه لم يدعم مشروع الخميني. وكشف الصدر للسلطات العراقية مضمون الرسالة السرية بعدما أعلنت إذاعة إيران عنها.

 

رسالة الصدر وإعدامه

محمد باقر الصدر

في أبريل 1980 أرسل الصدر أحد رجال الدين المقربين منه الشيخ (ع.خ) للقاء مدير المخابرات برزان التكريتي الذي طلب من أحد المديرين العامين استقبال الرجل. كان فحوى الرسالة التي حملها الشيخ هي أن السيد الصدر يبلغكم السلام، ويقول إنه سيترك العمل السياسي والحزبي ويتفرغ للمعرفة والكتابة ويطلب المحافظة على حياته. أثارت رسالة الصدر تساؤلات عن الجهة التي يعتقد الصدر أنها تهدد حياته... وما إذا كان يشعر بالقلق من المخابرات العراقية أم إيران. عرض الجهاز على الصدر الانتقال من النجف إلى بغداد لتأمين الحماية له وإفساح المجال لمريديه وأتباعه لزيارته.

أرسل برزان كتاباً إلى رئاسة الجمهورية ضمّنه فحوى رسالة الصدر وتصور جهاز المخابرات للتعامل مع قضيته وجاء في الكتاب:

  • إن الصدر يختلف عن الحوزات التقليدية ويتقاطع معها وله منحى خاص في التعاطي مع المعرفة والثقافة.
  • لا ينكر الصدر انتماءه القومي بل يعتز به.
  • لا يؤمن بولاية الفقيه إنما يؤمن بالشورى في إدارة الدولة.
  • إذا اغتيل الصدر أو أُعدم فإن أفكاره ستتسع وستصبح كما هي أفكار سيد قطب التي أُعيد طبعها 45 مرة بين 1966 وصولاً إلى 1980.
  • يقترح الجهاز رعاية الصدر وتأمين حياته ونقل مقر إقامته من النجف إلى بغداد والسيطرة على نشاطاته واتصالاته والسماح لمريديه وأتباعه بزيارته.

وهكذا تم تجهيز دار خاصة كبيرة في منطقة سلمان باك لاتخاذها مقراً جديداً للسيد الصدر. اطلع الرئيس صدام على الكتاب وأمر بإحالته إلى جهاز الأمن العام للوقوف على رأيه. فوجئ جهاز المخابرات باستدعاء الصدر من قبل مديرية الأمن العام وإعدامه في اليوم التالي. يبدو أن الرئيس تجاهل رأي المخابرات ووافق على رأي مديرية الأمن العام الذي اعتبر أن لا جدوى من رعاية الصدر، وشدد على ضرورة التخلص منه، وهكذا تم إعدامه في 9 أبريل 1980.

تذرّعت بطلب القهوة لضيفي كي أوقف التسجيل قليلاً. أردت إعداد نفسي لاستقبال مزيد من الإعدامات والجثث. يُصاب الصحافي عادة بالخيبة إذا غابت عن الحوار قطرة إثارة لا بد منها للفوز باهتمام ديكتاتور متطلب اسمه القارئ. يشعر الصحافي في المقابل بالحيرة حين تتدفق الإثارة كالنهر: إعدامات واغتيالات وانفجارات.

ما أقسى هذا الجزء من العالم. وما أقسى أن يدّعي نظام أو جهاز أو فرد أنه صاحب حق في شطب رجل وإرساله إلى التراب. لن تطول استراحة الجميلي وسيبوح بالمزيد عن قلعة الأسرار التي أقام طويلاً فيها.


مقالات ذات صلة

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد مستثمر ينظر إلى شاشة تعرض معلومات الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية (رويترز)

الأخضر يسيطر على الأسواق الخليجية بعد فوز ترمب 

أغلقت معظم أسواق الأسهم الخليجية تعاملاتها على ارتفاع في جلسة الأربعاء، وذلك بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رسمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».