جدَّد مجلس الوزراء السعودي تأكيد المملكة مواصلتها العمل مع جميع الشركاء لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في تجسيد دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشددةً على ضرورة الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة؛ لبدء إعادة الإعمار والاستقرار.
جاء ذلك خلال جلسته برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في الرياض، الثلاثاء، حيث أطلع ولي العهد في مستهلّها المجلس على نتائج زيارته الولايات المتحدة، وما تضمنته مباحثاته مع الرئيس دونالد ترمب من تأكيد روابط الصداقة التاريخية بين الرياض وواشنطن الممتدة لأكثر من تسعة عقود، وشراكتهما الاستراتيجية، ودعم أواصر التعاون المشترك على النحو الذي يحقق مصالح للبلدين وشعبيهما، وتبادل وجهات النظر حول الأحداث والقضايا الإقليمية والدولية المشتركة، ولقاءاته مع رئيس مجلس النواب الأميركي وقيادات من مجلسي الشيوخ والنواب.
وثمَّن مجلس الوزراء مباحثات القمة السعودية - الأميركية التي أكد البلدان خلالها حرصهما على تعزيز علاقاتهما والارتقاء بها في مختلف المجالات، وتوقيع الأمير محمد بن سلمان، والرئيس ترمب اتفاقية الدفاع الاستراتيجي، والاتفاقيات الموقَّعة خلال الزيارة التي تعكس ثقة المملكة بمتانة الاقتصاد الأميركي، وحرصها على الاستفادة من فرص السوق الأميركية؛ مما سيُعزز عوائد تلك الفرص التي ستستثمر في الاقتصاد السعودي، وستسهم في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، ودعم نموه، وإيجاد فرص للشركات الصغيرة والمتوسطة، كما ثمَّن الشراكة الاستراتيجية بمختلف المجالات لتعزيز المنافع المتبادلة، ودعم فرص العمل في السعودية، والإسهام في توطين التقنية، ونقل المعرفة، ونمو الناتج المحلي.
ونوّه المجلس بما تضمنته تلك المباحثات واللقاءات من تأكيد الجانبين أهمية تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، حيث أبدى الأمير محمد بن سلمان شكره للرئيس ترمب على جهوده لوقف الحرب في غزة، مؤكداً أهمية ضمان مسار حقيقي للتوصل إلى حل الدولتين؛ لينعم الشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة.
وثمّن مجلس الوزراء أيضاً استجابة الرئيس ترمب لما أبداه الأمير محمد بن سلمان من أهمية العمل على وقف الحرب في السودان، والمحافظة على وحدته وأمنه واستقراره وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.

وتطرق المجلس إلى مضامين قمة قادة دول مجموعة العشرين التي استضافتها جنوب أفريقيا، وتأكيد السعودية دعمها الجهود الرامية إلى إصلاح منظمة التجارة العالمية، وتعزيز نظام تجاري متعدد الأطراف عادل وشفاف يمكّن الدول من المشاركة الفاعلة في الاقتصاد العالمي.
واستعرض مخرجات النشاطات الدولية التي استضافتها السعودية خلال الأيام الماضية، منوهاً بتحقيق معرض «سيتي سكيب العالمي 2025» نجاحات ستسهم في تعزيز مستهدفات مساهمة القطاع العقاري في الاقتصاد الوطني، مع إطلاق صفقات عقارية بقيمة بلغت 237 مليار ريال؛ لتعكس بذلك حجم السوق السعودية عالمياً، وجاذبيتها للاستثمارات المحلية والدولية.
وتطلع مجلس الوزراء إلى نجاح أعمال القمة العالمية للصناعة الـ21 في الرياض بمشاركة 173 دولة؛ ضمن جهود السعودية لتحقيق التنمية الصناعية المستدامة، وتعزيز الشراكات الدولية، مشيداً بانتخاب المملكة رئيساً للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية لمدة عامين؛ بما يعكس مكانتها في قيادة الصناعة عالمياً.
وأشاد المجلس بمجمل أعمال الاجتماع العام ومنتدى الأسواق الناشئة والنامية التابع لمجلس الاستقرار المالي، وقمة الابتكار لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا التي استضافتها الرياض، وبانتخاب محافظ البنك المركزي السعودي عضواً في مجلس إدارة بنك التسويات الدولية.
وأكد حرص الدولة على ترسيخ منظومة عدلية تُعلي قيم العدالة وتصون الحقوق، معرباً عن إشادته بنتائج المؤتمر العدلي الدولي (الثاني) الذي عُقد برعاية ولي العهد وبمشاركة أكثر من 40 دولة؛ بهدف تبادل الخبرات وتعزيز كفاية الكوادر البشرية في مجال الجودة القضائية.
وقدّر المجلس التوصيات الصادرة عن المؤتمر السادس للشبكة العربية لضمان الجودة في التعليم العالي الذي استضافته السعودية بمشاركة أكثر من 30 دولة، وما تضمنت من الإشادة بالنموذج السعودي لجودة التعليم الذي طورته هيئة تقويم التعليم والتدريب.

وقرَّر مجلس الوزراء تفويض وزير الطاقة بالتباحث مع الإمارات بشأن مشروع مذكرة التفاهم بين الحكومتين في مجال الربط الكهربائي وتبادل وبيع الكهرباء والربط السككي، ووزير البيئة والمياه والزراعة بالتباحث مع جنوب أفريقيا حول مشروع مذكرة تفاهم للتعاون في مجال حماية البيئة، كذلك الموافقة على مشروع الإعلان المشترك بين حكومتي السعودية وإيطاليا بشأن إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية.
ووافق المجلس على اتفاقية مع الجبل الأسود في مجال خدمات النقل الجوي، ومشروع مذكرة تفاهم مع فلسطين للتعاون بمجال تنمية رأس المال البشري وتدريبه وتطويره، ومذكرتَي تعاون في مجال الملكية الفكرية مع طاجيكستان، وبين النيابة العامة السعودية ومكتب المدعي العام القرغيزي.
كما وافق على مذكرات تفاهم مع هونغ كونغ للاعتراف المتبادل ببرنامج المشغل الاقتصادي المعتمد لدى كلا البلدين، وفنلندا للتعاون بمجال الإحصاء، والكويت بمجال تبادل المعلومات المالية المتعلقة بغسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها وتمويل الإرهاب، وتركيا بمجال العمل المحاسبي والرقابي والمهني، وفلسطين بمجال تطوير المناهج.
وأقرّ المجلس نظامَي «الرياضة، والرقابة المالية»، والاستراتيجية الوطنية للتخصيص، وتعديل بعض مواد نظام التسجيل العيني للعقار، وتنظيم مركز دعم هيئات التطوير والمكاتب الاستراتيجية، وتعيين فهد آل بتار ويحيى مباركي؛ عضوين في مجلس إدارة المركز الوطني لأبحاث وتطوير الزراعة المستدامة، كذلك ترقيات إلى المرتبتين «الخامسة عشرة، والرابعة عشرة» ووظيفة «وزير مفوض».
كما اطّلع المجلس على موضوعات عامة مدرجة على جدول أعماله، من بينها تقارير سنوية لهيئات «تنمية البحث والتطوير والابتكار، والمحتوى المحلي والمشتريات الحكومية، والمواني، وتقويم التعليم والتدريب»، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، ومراكز «الرقابة على الالتزام البيئي، والنخيل والتمور، وإدارة الدين، التخصيص»، والبرنامج الوطني لتنمية قطاع تقنية المعلومات، وقد اتخذ ما يلزم حيالها.

