الكويت تنعى «عميد أسرة آل الصباح» الشيخ سالم العلي

تُوفي عن عمر ناهز الـ98 عاماً أمضاها في خدمة بلاده وتعزيز أمنها ووحدتها

الشيخ سالم العلي السالم الصباح (كونا)
الشيخ سالم العلي السالم الصباح (كونا)
TT

الكويت تنعى «عميد أسرة آل الصباح» الشيخ سالم العلي

الشيخ سالم العلي السالم الصباح (كونا)
الشيخ سالم العلي السالم الصباح (كونا)

نعى الديوان الأميري بالكويت، اليوم (الاثنين)، الشيخ سالم العلي السالم الصباح رئيس «الحرس الوطني»، الذي تُوفي عن عمر ناهز الـ98 عاماً أمضاها في خدمة بلاده وتعزيز أمنها ووحدتها وتلاحم أبنائها. ويُعدّ الشيخ سالم العلي عميد أسرة آل الصباح، وتقلّد عدداً من المناصب الرسمية، بالإضافة إلى المناصب الفخرية، كما كان له كثير من الأعمال الخيرية والمشاريع المجتمعية التي أقامها على نفقته الخاصة داخل الكويت وخارجها.

الشيخ سالم العلي هو عميد أسرة آل الصباح... وطوال مسيرته تقلّد عدداً من المناصب الرسمية وأخرى فخرية (كونا)

وتصدّر خبر وفاة الشيخ سالم العلي عناوين الصحف ومحركات البحث في الساعات الأخيرة، في الوقت الذي اجتاحت فيه البلاد موجة من الحزن، إذ يُعد الفقيد أحد الشخصيات الرئيسية في الجهود الوطنية والخيرية، وله بصمة كبيرة في قلوب الكويتيين من خلال إسهاماته في العمل الخيري والتنموي في البلاد.

وُلِد الراحل عام 1926 في فريج الشيوخ بمنطقة الوسط الواقعة في قلب مدينة الكويت حالياً، وبدأ تعليمه وفق التقاليد السائدة، حينذاك، في فريج الخميس على يد الملا حمادة، ثم الملا مرشد محمد السليمان، وبعد أن تلقّى التعليم التقليدي التحق الشيخ سالم العلي بـ«المدرسة المباركية»، التي كانت أول مدرسة نظامية أُنشئت في الكويت، ثم انتقل إلى الدراسة في «المدرسة الأحمدية»، وتلقّى عن معلمي المدرستين المواد الأدبية والعلمية.

وبعد ظهور النفط في أوائل الخمسينات وبدء إسهام عوائده في عملية التنمية في الكويت التحق الفقيد بسلك الخدمة العامة، وترأس خلال تلك المدة كثيراً من المشاريع التي تمحورت حول بناء الكويت وإدخال أساليب الحياة العصرية والمدنية إليها.

وفي منتصف الخمسينات ارتبط الشيخ سالم العلي، في بداية حياته العملية، بالراحل الشيخ فهد السالم المبارك الصباح في أول أعماله، فقد تولّى الفقيد منصب نائب الرئيس للشيخ فهد السالم، الذي كان يشغل منصب رئيس دائرتي «البلدية والأشغال».

وظل فقيد الكويت في ذلك المنصب حتى تولّى عام 1959 رئاسة «مجلس الإنشاء»، وكان من مهامه في ذلك المجلس وظيفة التخطيط التي كانت أهم الأعمال التي أسهمت في نهضة الكويت وتطورها. كما تولى رئاسة دائرة الأشغال التي كانت معنية بتنفيذ كثير من مشاريع البناء.

وفي مطلع الستينات تولى الشيخ سالم العلي منصب رئيس المجلس البلدي، الذي كانت قوانينه تنصّ، حينها، على أن يتولى رئاسته أحد أفراد الأسرة الحاكمة من آل الصباح، وتُناط به أعمال التنظيم والعمارة والمحافظة على الصحة العامة والنظافة والتجميل وإنشاء المجمعات العمرانية الجديدة.

وبعد استقلال الكويت في عام 1961 أسهم الشيخ سالم العلي في عضوية «المجلس التأسيسي»، الذي أُنيط به إعداد الدستور، وتولى، حينها، منصب وزير الأشغال في أول حكومة تُشكّل في البلاد بعد الاستقلال، وذلك في عهد المغفور له أمير الكويت الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح، طيّب الله ثراه.

وفي الحكومة الثانية، التي شُكّلت في عام 1963، استمرّ الفقيد في منصبه وزيراً للأشغال؛ إذ كانت البلاد تشهد نهضة عمرانية كبيرة، واستمر في ذلك المنصب حتى عام 1964. كما تولى في عام 1963 منصب أول رئيس فخري لـ«جمعية المهندسين الكويتية».

وتتويجاً لمسيرة العطاء الوطنية تقلّد الراحل في عام 1967 منصب رئيس «الحرس الوطني»، إذ عمل على تأسيسه بصفته كياناً وطنياً حيوياً مسؤولاً عن تعزيز الأمن والأمان في البلاد، وترسيخ الاستقرار في ربوعها وتطوير كوادره ومرافقه.

وحرص الشيخ سالم العلي، خلال ترؤسه «الحرس الوطني»، على تعزيز مهامه في مساندة الجيش في الدفاع عن الوطن ضد كل من يعتدي على ترابه الطاهر، أو يحاول اختراق حدوده، ومعاونة قوات الشرطة في الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية الجبهة الداخلية ضد كل الأخطار التي تتهدّدها، وتأمين الأهداف أو المنشآت الحيوية في البلاد، والاستعداد الدائم لتلبية أي مهمة أخرى يُكلّف بها من قبل «مجلس الدفاع الأعلى».

وإلى جانب مهامه في رئاسة «الحرس الوطني» تولّى الراحل عدداً من المناصب الأمنية والعسكرية، فكان عضواً في مجلس الدفاع الأعلى منذ 1969، ثم عضواً في مجلس الأمن الوطني منذ عام 2005.

وتقديراً للجهود الكبيرة، التي بذلها الفقيد في سبيل نهضة البلاد وتطوّرها وتعزيز مكانتها، فقد أصدر الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2004 أمراً أميرياً بمنحه لقب «سمو».

بالإضافة إلى المهام الرسمية كانت للفقيد إسهامات مجتمعية عديدة، وعدد من الأعمال الخيرية والمشروعات التي أقامها على نفقته الخاصة، سواء داخل الكويت أو خارجها، ومنها تبرعه في عام 2007 بـ100 مليون دينار إلى الكويتيين المحتاجين وذوي الشهداء، و10 ملايين دينار إلى أسر شهداء المعارك والحروب.

وحرصاً منه على دعم الثقافة والمعرفة فقد أطلق جائزة «مسابقة الشيخ سالم العلي للمعلوماتية» عام 2000، التي تُعد من الأنشطة المميزة على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهدف إلى نشر الوعي الإلكتروني وتشجيع الطاقات والمواهب المتخصصة في مجال تقنية المعلومات.

وكان للفقيد الراحل اهتمام كبير بالحياة الطبيعية والبيئية، وولع شديد بالصحراء ورحلات القنص، بالإضافة إلى ممارسته الهوايات البحرية واهتمامه بالإبل واقتناء أجودها.


مقالات ذات صلة

«تصفيات المونديال»: الكويت تحبط الأردن بالتعادل

رياضة عربية منتخب الأردن اكتفى بالتعادل مع الكويت (الاتحاد الأردني)

«تصفيات المونديال»: الكويت تحبط الأردن بالتعادل

فرّط منتخب الأردن في تقدمه بهدف رائع ليزن النعيمات، بعدما سجل محمد دحام في الشوط الثاني ليتعادل 1 - 1 مع مضيفه الكويت.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة عربية عبد الرحمن المطيري وزير الرياضة والشباب الكويتي (كونا)

وزير الشباب الكويتي لـ«الشرق الأوسط»: جاهزون لاستضافة كأس الخليج

أكد عبد الرحمن المطيري، وزير الرياضة والشباب الكويتي، استفادة بلاده بشكل كبير من التجارب السابقة في تنظيم المباريات، وذلك خلال مواجهة الكويت وكوريا الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج الشيخ مبارك حمود الجابر الصباح

مبارك حمود الصباح رئيساً للحرس الوطني في الكويت

وافق مجلس الوزراء الكويتي في اجتماعه الأسبوعي، اليوم (الثلاثاء)، على مشروع مرسوم بتعيين الشيخ مبارك حمود الجابر الصباح، رئيساً للحرس الوطني.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان

محمد بن زايد يبدأ زيارة دولة إلى الكويت غداً

أعلنت دولة الإمارات أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس البلاد، يبدأ غداً الأحد زيارة دولة إلى الكويت.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
الخليج قرار اللجنة العليا لتحقيق الجنسية بسحب الجنسية الكويتية من 930 حالة هو أكبر إجراء من نوعه منذ بدء عملها مارس الماضي (كونا)

رقم قياسي لسحب الجنسية الكويتية... 930 حالة في يوم واحد

في أكبر إجراء من نوعه، قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية سحب وفقد الجنسية من 930 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».