جرحى الجماعة الحوثية يعانون من الإهمال المقصود

خسرت العشرات من عناصرها خلال أسبوعين

حافلة نقلت جرحى حوثيين من أحد المشافي إلى مركز الأطراف في صنعاء (فيسبوك)
حافلة نقلت جرحى حوثيين من أحد المشافي إلى مركز الأطراف في صنعاء (فيسبوك)
TT

جرحى الجماعة الحوثية يعانون من الإهمال المقصود

حافلة نقلت جرحى حوثيين من أحد المشافي إلى مركز الأطراف في صنعاء (فيسبوك)
حافلة نقلت جرحى حوثيين من أحد المشافي إلى مركز الأطراف في صنعاء (فيسبوك)

خسرت الجماعة الحوثية في اليمن، خلال أسبوعين، العشرات من عناصرها على خطوط التماس مع القوات الحكومية، في وقت يشكو جرحاها من الإهمال وعدم الحصول على الرعاية الطبية، خصوصاً مَن فقدوا أطرافهم.

في هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة في صنعاء، بأن الجماعة نقلت نحو 95 جريحاً من عدة مستشفيات حكومية تحت سيطرتها إلى مركز الأطراف الواقع بشمال المدينة، بعد أن عجزت تلك المستشفيات عن تقديم الرعاية الطبية لهم، بسبب التصاعد المستمر في أعداد القتلى والجرحى الذين يصلون من الجبهات.

عنصر حوثي يدفع قريبه على عربة للمعاقين عند مركز للأطراف في صنعاء (فيسبوك)

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن نحو 6 حافلات نقل كبيرة ومتوسطة وصلت إلى مركز الأطراف، وهي تُقِل عشرات من الجرحى الحوثيين، وتظهر على معظمهم حالة من التعب والتدهور صحياً ونفسياً.

وأشارت إلى أن قيادات حوثية تدير شؤون القطاع الصحي في مناطق سيطرة الجماعة، كانت باستقبال الحافلات لدى وصولها إلى بوابة وباحة المركز.

ولجأ الانقلابيون إلى نقل عشرات من جرحاهم من مستشفيات «الجمهوري والثورة والكويت ومجمع 48 الطبي»، إلى المركز المعني بعلاج الأطراف في صنعاء على خلفية الاحتجاجات المنددة بالإهمال والحرمان من الرعاية الصحية جراء الممارسات العنصرية والتمييز الذي تتبعه الجماعة، حيث تعطي الأولوية للجرحى المنتمين إلى سلالة زعيمها عبد الملك الحوثي.

تمييز عنصري

اشتكى حميد، وهو جريح حوثي اكتفى باسمه الأول، من معاناة جسدية ونفسية وظروف معيشية بالغة الصعوبة يكابدها منذ نحو عامين بعد فقدان ساقيه وهو يقاتل في إحدى جبهات الساحل الغربي.

وتطرق حميد، الذي كان يعمل بالأجر اليومي، وهو أب لسبعة أولاد، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى الإهمال المتعمَّد الذي تعرض له على يد أحد مندوبي ما تسمى «مؤسسة الجرحى» الحوثية بـ«مستشفى 48» في صنعاء، مؤكداً تعرُّضه للتمييز والعنصرية أثناء تقديم الرعاية الصحية لمئات الجرحى العائدين من الجبهات.

الجرحى يستخدمهم الحوثيون في العروض العسكرية للحصول على التعاطف والتأييد (إعلام حوثي)

ومنذ تعرّضه للإصابة، يفيد حميد، بأنه لم يتحصل على شيء من تلك الامتيازات والمنح العلاجية التي تقدمها الجماعة لجرحاها من كبار القادة والمشرفين والمنتمين إلى السلالة، سوى حصوله على بعض المساعدات المالية والغذائية البسيطة التي تمنحها «مؤسسة الجرحى» بشكل غير منتظم.

وأدى استمرار الإهمال والانتقائية إلى مفاقمة جِراح حميد مع تدهور مستمر في حالته الصحية... ومثله في ذلك مثل كثير من الجرحى الآخرين الذين لا تزال أغلبية المستشفيات الحكومية في صنعاء ومدن أخرى تعج بهم.

عجز في الرعاية

وبينما فقد آلاف من جرحى الجماعة كل الأمل في الحصول ولو على أقل التقدير والمتابعة الطبية اللازمة، أبدى عدد منهم، في مركز الأطراف، تخوُّفهم من مواجهة المصير ذاته، حيث التمييز العنصري والإهمال.

وتقول مصادر عاملة في مستشفى حكومي خاضع للجماعة في صنعاء، إن هناك عجزاً في تقديم العلاج للجرحى الجُدد الذين يصلون كل يوم، وهم بحالة حرجة ويحتاجون إلى رعاية كاملة.

وذكرت المصادر أن ذلك العجز يترافق مع حالة من التدهور الكبير بكل الخدمات، مع توقف العديد من الأجهزة الطبية، وشح الأدوية، وعدم توفر أسرّة فارغة، في ظل الأعداد الكبيرة من الجرحى.

ورغم التهدئة الميدانية المستمرة منذ أكثر من عامين، أفاد مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة خسرت في الأسبوعين الأخيرين جراء استمرار تصعيدها، العشرات من عناصرها في عدة جبهات، بينهم 12 من قادتها الميدانيين.

جرحى حوثيون في مركز الأطراف في صنعاء يشكون الإهمال (فيسبوك)

ووفقاً للمصدر، فإن معظم الجرحى العائدين من الجبهات يعانون إصابات شديدة في أنحاء متفرقة من أجسادهم، ونسبة كبيرة منهم يعانون من إعاقات دائمة، وهم بحاجة إلى خدمات الأطراف الصناعية وخدمات طبية أخرى.

ويشكو جريح حوثي آخر من صنعاء، فَقَد ذراعه في جبهة مأرب قبل أشهر، من أساليب استفزاز وتلاعب وحرمان مستمر من حق الحصول على الرعاية الطبية من قِبَل ما تُسمَّى «مؤسسة الجرحى».

وأكد الجريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية تتعمد تأخير مواعيد جلساته العلاجية مع جرحى آخرين، وتماطل في صرف الأدوية المخصصة لهم، ما يتسبب بتأخر شفاء جراحهم وتعفنها.


مقالات ذات صلة

تغيّرات المناخ أثّرت على سلوك المجتمع في اليمن

العالم العربي امرأة تحمل حصاد إحدى المزارع في حين تواجه البلاد موجة جفاف شديدة (الأمم المتحدة)

تغيّرات المناخ أثّرت على سلوك المجتمع في اليمن

وسط استياء الحكومة اليمنية من تأخر تنفيذ المشروعات البيئية، أكدت بيانات أممية أن التغيرات المناخية أثّرت على سلوك المجتمعات المحلية، وأثّرت سلباً على سبل العيش.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

أوسع موجة عقوبات أميركية تضرب عصب الاقتصاد الحوثي

فرضت واشنطن حزمة عقوبات جديدة استهدفت شبكة تمويل وتهريب ضخمة مرتبطة بالحوثيين، وشملت 4 أفراد و12 كياناً وسفينتَيْن لتوريد النفط والغاز.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون انخرطوا فيما يسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران (إ.ب.أ)

الحوثيون... أكثر حليف يخشى هزيمة النظام الإيراني

تتخوف الجماعة الحوثية من سقوط نظام المرشد الإيراني علي خامنئي أكثر من أي ذراع أخرى لطهران، حيث يعدّ بقاء هذا النظام أمراً وجودياً للاستقواء على اليمنيين

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك بعدن (غيتي)

اليمن: «أميرة» ليست امرأة... سقوط شبكة ابتزاز تقودها أصوات زائفة

ذكرت إدارة التحرّيات أنّ وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية قبضت على متّهم بارتكاب جرائم ابتزاز إلكتروني، كان يستخدم اسماً وهمياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي...

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي اجتماع لجنة الأزمات اليمنية في عدن برئاسة العليمي (سبأ)

مخاوف يمنية من انخراط الحوثيين في صراع إيران وإسرائيل

تتخوَّف الأوساط اليمنية على المستويين الرسمي والشعبي من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية جراء انخراط الحوثيين في الصراع بين إيران وإسرائيل.

علي ربيع (عدن)

الكويت تؤكد استقرار مستويات الإشعاع في البلاد

صورة ملتقطة بالأقمار الاصطناعية من محطة «فوردو» الإيرانية لتخصيب الوقود النووي شمال شرقي مدينة قم (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة بالأقمار الاصطناعية من محطة «فوردو» الإيرانية لتخصيب الوقود النووي شمال شرقي مدينة قم (أ.ف.ب)
TT

الكويت تؤكد استقرار مستويات الإشعاع في البلاد

صورة ملتقطة بالأقمار الاصطناعية من محطة «فوردو» الإيرانية لتخصيب الوقود النووي شمال شرقي مدينة قم (أ.ف.ب)
صورة ملتقطة بالأقمار الاصطناعية من محطة «فوردو» الإيرانية لتخصيب الوقود النووي شمال شرقي مدينة قم (أ.ف.ب)

أكدت الكويت، الأحد، استقرار الأوضاع الإشعاعية في أجوائها ومياهها الإقليمية، في أعقاب الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية في إيران، مشيرةً إلى أن الحالة العامة «طبيعية» ولا تستدعي القلق.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عن مديرية التوجيه المعنوي في الحرس الوطني الكويتي، أن «مركز الشيخ سالم العلي الصباح للدفاع الكيماوي والرصد الإشعاعي» يواصل عمليات الرصد على مدار الساعة، عبر شبكة من الأجهزة المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد، ولم يسجل أي تغيّر في القراءات.

ويأتي هذا البيان بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب تنفيذ «هجوم ناجح للغاية» ضد 3 مواقع نووية إيرانية، شملت منشآت في «فوردو» و«نطنز» و«أصفهان»، وهو ما أثار مخاوف من احتمال حدوث تسرّب إشعاعي في المنطقة.

وكانت دول خليجية، بينها السعودية، قد أعربت عن قلقها إزاء التصعيد الأخير، ودعت إلى التهدئة وضبط النفس، وسط مخاوف من انزلاق المنطقة إلى مواجهة واسعة النطاق.