الحوثيون يستهدفون رجال الأعمال لإحلال طبقة تجارية موالية لهم

‏القمع دفع عشرات التجار لمغادرة مناطق سيطرة الجماعة

مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يستهدفون رجال الأعمال لإحلال طبقة تجارية موالية لهم

مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

فيما تسعى دفعة جديدة من رجال الأعمال اليمنيين لمغادرة مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة المضايقات والجبايات التي تفرض عليهم، ذكرت مصادر اقتصادية في صنعاء أن الجماعة تعمل منذ سنوات على إحلال طبقة من التجار التابعين لها بدلاً من مجموعة التجار الذين يعملون في البلاد منذ عشرات السنين، استكمالاً لسياسة الإحلال المتبعة منذ اقتحام صنعاء في أواخر 2014.

وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين وعبر وزير التجارة في حكومة الانقلاب قاموا بإغلاق عدد من الشركات بذريعة مقاطعة المنتجات الأميركية، أو من خلال منع دخول البضائع واحتجازها في المراكز الجمركية المستحدثة لعدة أشهر حتى فسادها، أو من خلال هيئة المواصفات والمقاييس التي تمنع تداول البضائع إلا بعد نقل جزء من الحمولة بحجة فحصها، ومن ثم تعمد تأخير النتائج لعدة أشهر، وبهدف ابتزاز التجار.

الحوثيون استهدفوا عدداً من الشركات التجارية الكبرى تحت مبررات واهية (إعلام حوثي)

وكان سلطان السامعي عضو مجلس الحكم في مناطق سيطرة الحوثيين، انتقد علانية وزير الصناعة والتجارة الانقلابي محمد المطهر، وطالبه بالرد على شكاوى التجار الذين لا ينحدرون من المناطق التي يصنفها الحوثيون مناطق ذات ولاء لتوجهاتهم. كما اتهمه بـ«اتخاذ إجراءات غير قانونية بحق التجار والشركات، وتضييق الخناق عليهم مما اضطر الكثير منهم إلى النزوح إلى بلدان أخرى، يجدون فيها البيئة المناسبة لاستثماراتهم وضمان حقوقهم».

وقال مهدي المشاط رئيس مجلس حكم الحوثيين، الأربعاء، إن الجماعة «ماضية في المقاطعة، وإن من يشتكون هم مجموعة محدودة من التجار على علاقة بمنظمات دولية»، ووصف الشكاوى بـ«الزوبعات» التي لن تؤثر على موقف الجماعة، وتعهد بالمضي في هذه الخطوات مهما كان «الضجيج».

هروب جماعي

وذكر المحامي اليمني عبد الملك العقيدة، أن 43 تاجراً في صنعاء يستعدون لنقل نشاطهم التجاري بشكل نهائي إلى خارج البلاد، وإلى محافظة عدن حيث العاصمة اليمنية المؤقتة للحكومة اليمنية بسبب إجراءات وتعقيدات وتعسفات مصلحة الجمارك الحوثية التي تتعمد احتجاز بضائعهم في النقاط التابعة لها لشهور دونما حاجة إلى ذلك.

ووفق المحامي، فإن التجار «يشكون كذلك من التقديرات الكبيرة لمبلغ الجمارك، والعبث الحاصل بشكل يجعل المتابع للموضوع يدرك وبقناعة تامة، أن الهدف وراء تلك التعسفات غير المسبوقة هو دفعهم للهجرة بأموالهم إلى الخارج، وعدن وحضرموت ومأرب».

المراكز الجمركية الحوثية المستحدثة تقوم بحجز ناقلات البضائع لعدة أشهر (إعلام محلي)

‏وقال العقيدة إن «التجار ونتيجة لذلك تعرضوا لأضرار مادية كبيرة، وفاتتهم مواسم وصفقات بمئات الملايين. والأكثر من كل ذلك، أنهم لا يجدون من يشتكون إليه، لأن رئيس المصلحة الحوثية للجمارك لا يداوم نهائياً في مكتبه، ولا يُعلم مكانه».

وتساءل «‏إلى متى سيستمر هذا الوضع؟ ومن المستفيد من تعطيل أعمال التجار والتضييق عليهم ودفعهم لنقل نشاطهم والهروب باستثماراتهم؟ وهو ما سيفقد آلاف العمال مصدر رزقهم».

أما الصحافي غمدان اليوسفي فقال إن «أسوأ ما يفرض على الواقع اليمني هو سياسة الإحلال: إحلال سياسيين، ومشايخ، وصحافة، وأكاديميين، وطلاب، وجنود... غير أن ‏ القطاع الأخطر الذي يتم فيه إحلال الحوثيين ليكونوا بديلاً إجبارياً، هو القطاع الاقتصادي، حيث بدأ بدعم رجال أعمال حوثيين مقابل إقصاء القطاع الخاص التجاري بشكل ممنهج».

‏ووفق اليوسفي، فإن الحوثي «بدأ أخيراً في محاولة اختراق القطاع الصناعي، وتدمير البيوت الصناعية بأي ثمن، وقام بتجهيز مدينة صناعية في الحديدة، ويبحث الآن عن شركاء له في إنشاء مصانع مع توفير الخبراء من لبنان وإيران وغيرهما».

‏ورأى أن هذا التوجه «المرعب نحو تغيير كل القطاع الاقتصادي والصناعي يخلق واقعاً فقيراً يعزز الفقر الموجود بعد تدمير القطاع التجاري وهجرته من اليمن، والذي تسبب في خروج آلاف العاملين من هذه القطاعات، وسيلتحق بسوق البطالة الآلاف من القطاع الصناعي».

ووفق ما أورده اليوسفي، فإن «آلاف الأسر باتت الآن في مرمى الفقر، في حين تتعزز الترسانة المالية للجماعة الحوثية غير آبهة بتوسيع رقعة الفقر التي خلقتها على اليمنيين منذ سبتمبر (أيلول) 2014».

احتجاجات على مصادرة الحوثيين للأراضي بهدف تحويلها إلى مناطق صناعية (إعلام محلي)

وكان الحوثيون، وعبر وزير تجارتهم اقتحموا مقر الغرفة التجارية والصناعية بصنعاء، وقاموا بحل مجلس إدارتها المنتخب، وعينوا مجموعة من أتباعهم بديلاً لمجلس الإدارة. كما عملوا من خلال فرع «البنك المركزي» في صنعاء، وفرع بنك «كاك بنك»، على توفير تسهيلات لطبقة تجارية تنحدر من محافظة صعدة تحديداً، ودفعوا بهم إلى تجارة المشتقات النفطية وتجارة المبيدات الزراعية.

ووفق ما ذكرته مصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجماعة وعبر ما يسمى «الحارس القضائي» الذي استولى على الشركات والبنوك وممتلكات المعارضين السياسيين، تمكنت من خلق طبقة جديدة من رجال الأعمال بدلاً من الطبقة التي كانت قائمة في البلاد منذ خمسينات القرن الماضي، كما سخّرت قطاع النقل الثقيل في خدمة هذه الطبقة.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الإمارات تعلن هوية الجناة في حادثة مقتل مقيم بجنسية مولدوفية

عَلم الإمارات (رويترز)
عَلم الإمارات (رويترز)
TT

الإمارات تعلن هوية الجناة في حادثة مقتل مقيم بجنسية مولدوفية

عَلم الإمارات (رويترز)
عَلم الإمارات (رويترز)

أعلنت وزارة الداخلية الإماراتية، الاثنين، أن السلطات الأمنية المختصة بدأت إجراء التحقيقات الأولية مع ثلاثة جناة أُلقي القبض عليهم، لاتهامهم بارتكاب جريمة قتل بحق شخص يُدعى «زفي كوغان» يحمل الجنسية المولدوفية ويقيم بالإمارات؛ تمهيداً لإحالتهم إلى النيابة العامة، لاستكمال التحقيقات.

وكشفت السلطات الأمنية في الإمارات، في بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات، عن هوية الأشخاص الثلاثة الذين يحملون الجنسية الأوزبكية، وهم: أولمبي توهيروفيتش (28 عاماً)، ومحمود جون عبد الرحيم (28 عاماً)، وعزيز بيك كاملوفيتش (33 عاماً).

كانت الداخلية الإماراتية قد أعلنت، الأحد، إلقاء القبض على الجناة في حادثة مقتل «زفي كوغان» الذي يحمل الجنسية المولودفية، وفقاً للأوراق الثبوتية التي دخل بها إلى الإمارات.

وأفادت، في بيان: «بعد أن تقدمت عائلة المجني عليه ببلاغ عن اختفائه، جرى تشكيل فريق بحث وتحرٍّ، وأسفرت التحقيقات عن العثور على جثة الشخص المفقود وتحديد الجناة، حيث جرى إلقاء القبض عليهم وبدء الإجراءات القانونية اللازمة».