نيودلهي تؤكد شراكتها الاستراتيجية مع الرياض وتكشف عن نشرها 12 سفينة حربية في البحر الأحمر

مساعد وزير خارجيتها لـ«الشرق الأوسط»: الهند ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية

موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)
موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)
TT

نيودلهي تؤكد شراكتها الاستراتيجية مع الرياض وتكشف عن نشرها 12 سفينة حربية في البحر الأحمر

موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)
موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)

أكد موكتيش بارديشي، مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية، التزام بلاه الشراكة الاستراتيجية مع السعودية، لافتاً إلى أن حصة الحجاج الهنود لهذا العام بلغت أكثر من 175 ألف نسمة.

وأشار إلى أن نيودلهي نشرت أكثر من 12 سفينة حربية شرق البحر الأحمر لتوفير الأمن ضد القراصنة، مشدداً على قلق الهند البالغ إزاء التهديدات الحوثية للملاحة البحرية.

لقاءات ناجحة

بارديشي تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن أهداف زيارته الرياض ومضامين اللقاءات التي أجراها مع المسؤولين السعوديين، وقال: «تأكيداً لالتزامنا الازدهار المتبادل والتعاون بمختلف المجالات، شاركتُ في سلسلة لقاءات مكثفة في الرياض، بغية تعزيز العلاقة طويلة الأمد والشراكة متعددة الأوجه بين الهند والمملكة من جانب، وبين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي من جانب آخر».

وأوضح أنه بحثت مع نائب وزير الحج، الدكتور عبد الفتاح مشاط، «الترتيبات اللوجيستية وتطويرات البنية التحتية لضمان تجربة حج سلسة ومريحة لحجاجنا، وكجزء من حصة الحج لعام 2024، سيبدأ إجمالي 175.025 ألف حاج هندي رحلتهم الروحانية إلى المملكة»، إضافةً إلى بحث أوضاع الجالية الهندية بالسعودية، التي يبلغ عددها 2.4 مليون نسمة، وسبل الاستفادة من المبادرات المستقبلية، التي تهدف إلى تحسين رفاهيتهم بشكل عام واندماجهم داخل المجتمع السعودي.

شراكات استراتيجية

موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)

ولفت إلى أنه ناقش مع الدكتور سعود الساطي، نائب الوزير للشؤون السياسية بالخارجية السعودية، سبل تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتعاون في المسائل ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب استكشاف سبل التعاون الاقتصادي، ومع الدكتور رعد البركاتي، الرئيس والمدير التنفيذي للمركز السعودي للشراكات الاستراتيجية الدولية، فرص الاستثمار بمجالات البنية التحتية ونقل التكنولوجيا.

وناقش أيضاً مع مساعدَي الوزراء لشؤون الكهرباء والبترول والغاز د.ناصر القحطاني ومحمد إبراهيم على التوالي، التعاون في مجال الطاقة.

وبحث المسؤول الهندي مع الدكتور عبد العزيز العويشق، الأمين العام المساعد لدول مجلس التعاون الخليجي، تعزيز العلاقات الهندية - الخليجية، وتوسيع التعاون بمجالات التجارة والأمن والتبادل الثقافي.

العلاقات السعودية - الهندية

وقال بارديشي: «منذ الاستقلال، تطورت العلاقات الهندية - السعودية إلى شراكة استراتيجية متعددة الأوجه، وذات منفعة متبادلة، تشمل التبادلات الثقافية والتعاون الدفاعي والأمني ​​والتجارة والاستثمارات والرعاية الصحية والتكنولوجيا وأمن الطاقة والأمن الغذائي».

وأضاف: «حصلت العلاقات الثنائية على مزيد من الزخم مع زيارات رئيس وزرائنا للمملكة في عامي 2016 و2019، وزيارات ولي العهد رئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، للهند في عام 2019، حيث أُنشئ مجلس الشراكة الاستراتيجية الهندية - السعودية».

وأشار بارديشي إلى زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، الهند من 9 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023 للمشاركة في قمة قادة مجموعة العشرين، واصفاً الزيارة بأنها «تاريخية وحققت نجاحاً هائلاً، إذ عززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، خصوصاً أنه خلال الزيارة جرى توقيع مذكرات تفاهم واتفاقيات مختلفة من الجانبين في مختلف المجالات، فكانت زيارة ولي العهد السعودي للهند».

وقال: «نرى أن (رؤية المملكة 2030) توفر فرصاً هائلة توسع الشراكة الهندية - السعودية، تشمل الطاقة المتجددة والصحة والإسكان والسياحة والزراعة والأمن الغذائي وتصنيع الأغذية، والخدمات اللوجيستية، وتنمية المهارات، والفضاء، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات... تعد (رؤية 2030) مكمِّلة لسياسات الهند الخاصة مثل (صنع في الهند)، و(الهند الرقمية)، و(الهند الناشئة)».

موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)

وتابع: «كان الإعلان عن مشروع الممر بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEEC) خلال زيارة ولي العهد السعودي، بمثابة حدث تاريخي، سيوفر فرصاً في مجالات الاتصال والخدمات اللوجيستية والطاقة والبيانات، ويعزز تعاوننا الاقتصادي، وسنحافظ على الزخم والعمل على إبرام الاتفاقات الأولية في المجال».

التجارة والاقتصاد

شدد مساعد وزير الخارجية الهندي على أن بلاده تعد ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، في حين أن المملكة هي رابع أكبر شريك تجاري للهند، مبيناً أن قيمة التجارة البينية، تبلغ نحو 52.75 مليار دولار (2022 - 2023)، بينما بلغت قيمة الصادرات الهندية إلى المملكة 11.56 مليار دولار بين عامي 2023 و2024.

ووفق بارديشي، فإن السعودية تعدّ شريكاً رئيسياً للهند في ضمان أمن الطاقة، مبيناً أن المملكة كانت ثالث أكبر مصدر للنفط الخام للهند في فترة 2022 - 2023.

وأضاف بارديشي: «كان التركيز سابقاً على الطاقة المتجددة. والعام الماضي وقَّع البلدان اتفاقية بشأن الاتصال بالشبكة، والتطوير المشترك للمشاريع، والإنتاج المشترك للهيدروجين الأخضر النظيف والطاقة المتجددة».

ولفت إلى أن قطاع الطاقة أسهم في تنويع سلة التجارة، وتضاعفت صادرات الهند على مدى السنوات الخمس الماضية، وتشمل المواد الغذائية، والمنسوجات، وقطاع السيارات والآلات، مشيراً إلى المشاريع المشتركة، وتبادل الابتكار.

العلاقات الاستثمارية

وأكد بارديشي أن الشركات الهندية استثمرت في المملكة بمجالات الإدارة والاستشارات والإنشاءات والاتصالات السلكية واللاسلكية، إلى جانب تكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والأدوية، فيما استقبلت بلاده استثمارات صندوق الاستثمارات العامة؛ وبعض الشركات المملوكة للدولة والخاصة.

وقال: «تتمتع الهند بقطاع الشركات الناشئة النابض بالحياة، حيث قررنا مؤخراً تعميق تعاوننا في هذا القطاع، من خلال إطلاق جسر للشركات الناشئة»، مشيراً إلى أن اتفاقية ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا تعزز مجالات الاتصال والمواصلات والخدمات اللوجيستية، وتغيّر قواعد اللعبة لربط ثلاث قارات.

التجربة الهندية في خضمّ التهديدات الحوثية

وحول الموقف الهندي من التهديدات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، قال بارديشي: «تشكل الهجمات على السفن التجارية مصدر قلق للهند، ما يؤثر في الروابط التجارية ويعرِّض حياة البحارة للخطر، ولذا تدعم الهند مبدأ حرية الملاحة في البحر الأحمر».

موكتيش بارديشي مساعد وزير الخارجية الهندي للشؤون الخارجية (تصوير: عبد الرحمن القحطاني)

ووفق بارديشي، فإن الهند تراقب عن كثب التطورات في المنطقة، إلى جانب التحذيرات الأمنية لمختلف وكالات الشحن للتعامل مع أي هجوم محتمَل، ولذا تحافظ البحرية الهندية على وجود قوي في خليج عدن والمحيط الهندي لمساعدة السفن التجارية على المرور الآمن.

وأوضح أن بلاده نشرت أكثر من 12 سفينة حربية شرق البحر الأحمر لتوفير الأمن ضد القراصنة، حيث حقّق أفراد البحرية الهندية، بما في ذلك قوات الكوماندوز الخاصة، مع عديد من السفن والقوارب الصغيرة خلال الأشهر الماضية، وصعدوا على متن كثير من هذه السفن من أجل حماية حرية الملاحة في المياه الدولية.

وتابع بارديشي: «كانت هناك عدة حوادث جاءت فيها البحرية الهندية لإنقاذ سفن الشحن المعرَّضة للهجوم. وفي حادث وقع في يناير (كانون الثاني) 2024، استجابت المدمرة البحرية الهندية (INS Visakhapatnam) بنجاح لنداء استغاثة من السفينة التجارية (M.V.Genco Picardy) التي ترفع علم جزيرة مارشال، عقب هجوم بطائرة من دون طيار شنه الحوثيون».

وزاد: «في مارس (آذار) 2024، استولت القوات البحرية الهندية، بما في ذلك قوات الكوماندوز الخاصة، على سفينة شحن في بحر العرب اختطفها قراصنة صوماليون وأنقذت 17 من أفراد الطاقم. استسلم جميع القراصنة الخمسة والثلاثين، الذين كانوا على متن سفينة الشحن (MV Ruen) التي ترفع العلم المالطي، وجرى فحص السفينة بحثاً عن وجود أسلحة وذخائر وممنوعات غير قانونية».

وشرح بارديشي أن البحرية الهندية جاءت لإنقاذ الناقلة «MV Andromeda Star»، التي تعرضت لهجوم صاروخي من المسلحين الحوثيين بالقرب من اليمن في 26 أبريل (نيسان)، ونشرت البحرية الهندية المدمرة «INS Kochi» لمساعدة الناقلة، وأجرت استطلاعاً جوياً وأطلقت عملية للتخلص من الذخائر المتفجرة، موضحاً أن فريقاً لتقييم التهديد أبلغ عن سلامة جميع أفراد الطاقم الثلاثين، بمن في ذلك 22 هندياً.


مقالات ذات صلة

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

يوميات الشرق يُقدّم مجموعة حِرفيين سعوديين أعمالاً مبتكرة أمام زوار المهرجان (وزارة الثقافة)

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

تستعرض السعودية تنوعها الثقافي والفني أمام زوّار «مهرجان جرش للثقافة والفنون 2024» في المدينة التاريخية الأردنية، وذلك خلال الفترة بين 24 يوليو و3 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (جرش)
الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بالدمام شرق السعودية (موقع «موانئ»)

السعودية: الصادرات غير النفطية تسجل أعلى مستوى منذ عامين

حققت الصادرات السعودية غير النفطية في مايو (أيار) الماضي أعلى مستوى لها في عامين، حيث بلغت 28.89 مليار ريال (7.70 مليار دولار).

آيات نور (الرياض)
الخليج السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، وتنفيذ معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية كاملةً لتحقيق عالم خالٍ منها.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الاقتصاد أحد قطارات نقل الركاب التابعة للخطوط الحديدية السعودية (الموقع الرسمي)

قطارات السعودية تنقل 9 ملايين راكب في الربع الثاني

نقلت قطارات السعودية أكثر من 9.3 مليون راكب في الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة نمو بلغت 13 في المائة مقارنة بالربع المماثل من العام المنصرم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق وضعت رؤية السعودية 2030 خطة واضحة لتنمية القطاع غير الربحي وتطويره (واس)

أكثر من 800 ألف متطوع لمنظمات القطاع غير الربحي في السعودية

أصدر المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي تقريره لسنة 2023م، وتضمّن التقرير مستجدات مؤشرات أداء المركز ومنجزاته وفقاً للمرتكزات الاستراتيجية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
TT

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، مشددة على أهمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وضرورة تنفيذها بشكل كامل لتحقيق عالم خالٍ منها.

جاء ذلك في بيان ألقاه السفير عبد المحسن بن خثيلة، المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف خلال أعمال اللجنة التحضيرية الثانية لـ«مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار»، حيث دعا بن خثيلة إلى بذل جهود دولية أكثر فاعلية لتحقيق أهداف هذه المعاهدة وعالميتها، حاثاً الدول غير الأطراف على الانضمام إليها، وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وشدد على ضرورة وفاء الدول المسلحة نووياً بالتزاماتها بموجب المادة السادسة من المعاهدة، وأن الطريقة الوحيدة لضمان عدم استخدام تلك الأسلحة هي القضاء التام عليها، والحفاظ على التوازن بين الركائز الثلاث للمعاهدة، ومصداقيتها في تحقيق أهدافها، منوهاً بدعم السعودية للوكالة؛ لدورها الحاسم في التحقق من الطبيعة السلمية للبرامج النووية.

جانب من مشاركة السفير عبد المحسن بن خثيلة في افتتاح أعمال المؤتمر (البعثة السعودية بجنيف)

وأكد بن خثيلة الحق في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، مع الالتزام بأعلى معايير الشفافية والموثوقية في سياستها الوطنية ذات الصلة وأهمية التنمية الاقتصادية، داعياً جميع الأطراف للتعاون من أجل تعزيز الاستخدام السلمي لصالح التنمية والرفاه العالميين.

وبيّن أن المسؤولية عن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية تقع على عاتق المجتمع الدولي، خاصة مقدمي قرار عام 1995 بشأن المنطقة.

وأدان السفير السعودي التصريحات التحريضية والتهديدات التي أطلقها مؤخراً أحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام تلك الأسلحة ضد الفلسطينيين، عادّها انتهاكاً للقانون الدولي، وتهديداً للسلم والأمن العالميين.

ودعا إلى تكثيف التعاون بين الأطراف في المعاهدة لتحقيق نتائج إيجابية في «مؤتمر المراجعة» المقبل لعام 2026، بهدف تحقيق عالم آمن وخالٍ من الأسلحة النووية.