البياري لـ«الشرق الأوسط»: ننهض بالصناعات العسكرية عبر «التوطين» لتعظيم الأثر الاقتصادي

مساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذية شدد على رفع الكفاءة ومواكبة المستقبل

الدكتور خالد البياري (وزارة الدفاع السعودية)
الدكتور خالد البياري (وزارة الدفاع السعودية)
TT

البياري لـ«الشرق الأوسط»: ننهض بالصناعات العسكرية عبر «التوطين» لتعظيم الأثر الاقتصادي

الدكتور خالد البياري (وزارة الدفاع السعودية)
الدكتور خالد البياري (وزارة الدفاع السعودية)

يؤمن الدكتور خالد البياري مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية السعودي بأن أحد سواعد نهضة الصناعات العسكرية هو توطين تلك الصناعة، وهو ما يعظم في الوقت نفسه الأثر الاقتصادي. وأكد أن وزارة الدفاع السعودية تشهد أكبر عملية تطوير في تاريخها، وذلك من خلال تحول جذري في طريقة عملها ضمن برنامج تطويرها الطموح، مشيراً إلى أن التحولات بُنيت على أسس إدارية حديثة ومبادئ متطورة تستشرف المستقبل.

البياري قال في حديث مع «الشرق الأوسط» إن الوزارة قطعت شوطاً مهماً في تحولها المؤسسي عبر أكثر من 300 مبادرة لتحقيق الأهداف الرئيسية الخمسة لبرنامج التطوير، المتمثلة في تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، وتطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، وتحديث المعدات والأسلحة، وتطوير الأداء التنظيمي لوزارة الدفاع، وتحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري.

وأوضح أن النموذج التشغيلي الذي جرى تطويره يُعد مهماً جداً لإنجاز الأهداف الاستراتيجية، لافتاً إلى أن هيكل الوزارة التنظيمي صُمم في ثلاث وكالات متخصصة تقوم بوظائف التوجيه والتمكين، والاستحواذ، وهي وكالة الوزارة للشؤون الاستراتيجية، ووكالة الوزارة للمشتريات والتسليح، ووكالة الوزارة لخدمات التميز.

رحلة التطور

منجزات الأعوام الماضية التي ما زالت مستمرة يعدُّها البياري رحلة تطور كبيرة في عمل الوزارة، وقال: «تعمل الوزارة الآن من خلال خطط واضحة، بدأت كلها من خلال برنامج تطوير متكامل، أشرف على رحلة تصميمه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عندما كان وزيرا للدفاع». وأشار إلى مرحلة التخطيط التي قال إنها استغرقت ثلاث سنوات، من عام 2015 إلى 2018، وفي بداية عام 2018، أُطلقت رحلة تنفيذ برنامج التطوير في وزارة الدفاع عندما صدر أمر ملكي بالموافقة على وثيقة برنامج تطوير الوزارة.

تعمل وكالة الوزارة للشؤون الاستراتيجية على تطوير السياسات والاستراتيجيات من خلال خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، في الوقت الذي تدعم وكالة الوزارة لخدمات التميز مركزة الخدمات الإدارية والفنية والمالية والتقنية في كل قطاعات الوزارة والقوات المسلحة، ووفقاً للبياري، فإن وكالة الوزارة للمشتريات والتسليح تركز على كل ما يتعلق بموضوع المشتريات.

البياري لدى تجوله في معرض الدفاع العالمي (وزارة الدفاع السعودية)

ويقول المساعد إن وزارة الدفاع السعودية بدأت مرحلة إعادة هيكلة القوات المختلفة التي تشمل القوات البرية والبحرية والجوية والدفاع الجوي، بعدما تمت إعادة هيكلة رئاسة هيئة الأركان العامة وبناء القوات المشتركة.

وفصَّل الدكتور البياري ملامح الوكالات التي أنشأتها الوزارة، قائلاً: «تتضمن الوكالات الثلاث 19 إدارة عامة، معظمها تم بناؤها بناءً جديداً بالكامل عبر استقطاب قدرات من داخل الوزارة وخارجها، وجميع القطاعات تعمل الآن بتكامل كبير ومن خلال فصل للصلاحيات وتوازن بين القطاعات، وهو ما يجعل الهيكل التنظيمي للوزارة متفرداً من ناحية حوكمة اتخاذ القرار». وأضاف: «تعمل الوزارة من خلال مجالس متعددة، تتضمن مجلساً للدفاع يرأسه الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع، وخمسة مجالس رئيسية متخصصة، إضافة إلى 37 مجلساً وظيفياً متخصصاً». وأكد مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية أن تلك المجالس تعمل على صناعة القرار قبل رفعه إلى وزير الدفاع لاتخاذ ما يراه مناسباً، مستدلاً بقطاع تقنية المعلومات، الذي يملك سبعة مجالس متخصصة، ويقاس على ذلك القطاعات الأخرى، مما أوجد فاعلية كبيرة في اتخاذ القرار بالوزارة، ويرى البياري أن تلك الخطوات ألغت مفهوم اللجان، إذ بات العمل في الوزارة مؤسساتياً بالكامل.

توطين الصناعات العسكرية

مع إطلاق وتفعيل برنامج تطوير الوزارة - والحديث للبياري - تم إيجاد عمل موازٍ يهتم بمجال توطين الصناعات العسكرية، إذ جرى إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية، والهيئة العامة للتطوير الدفاعي، والشركة السعودية للصناعات العسكرية «سامي»؛ بهدف النهوض بالصناعات العسكرية وزيادة الجاهزية العسكرية مع تعظيم الأثر الاقتصادي للعقود العسكرية والاستفادة من القوة الشرائية الموحدة للقوات العسكرية والأمنية السعودية.

مساعد وزير الدفاع السعودي لدى تجوله في معرض الدفاع العالمي الذي استضافته الرياض الأسبوع الماضي (وزارة الدفاع السعودية)

ويؤكد البياري أن كل العمل يأتي لتحقيق أعلى مستوى من الكفاءة والإنفاق ضمن هيكلة منظومة الدفاع الوطني ولتعزيز الصناعات الوطنية العسكرية، مشيراً إلى وجود برامج تطوير مختلفة تعمل على قدم وساق في جميع قطاعات المنظومة الأمنية في السعودية، وعلى نسق مشابه لما تم في وزارة الدفاع؛ بهدف رفع كفاءة أعمال تلك المنظومات ووضع أفضل الممارسات الخاصة بحوكمة تلك الأعمال.

وشدد مساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذية على أن جزءاً مهماً من الاستراتيجية التي بنيت على أهداف محددة، التي كانت بقيادة الأمير محمد بن سلمان تركز على أهمية استغلال القدرات الشرائية لوزارة الدفاع والوزارات العسكرية والأمنية الأخرى في توطين هذه الصناعة. وقال: «من هنا جاء إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية (قامي)، وإنشاء الهيئة العامة للتطوير الدفاعي (جاد)، والشركة السعودية للصناعات العسكرية (سامي)، في الوقت الذي تُعدُّ الوزارة والقطاعات العسكرية والأمنية محركاً كبيراً لهذه المنظومة.

المشاركة في التصنيع والمساندة

«أحد الأهداف الاستراتيجية التي تقود العمل الآن في الوزارة، هو تأصيل قطاع الصناعات العسكرية، حيث بدأت الوزارة وبقوة»، يقول البياري «بالعمل مع الزملاء في الهيئة العامة للصناعات العسكرية، على توطين الكثير من المنظومات، سواء توطين صناعتها أو توطين مساندتها، فالعقود التي تم توقيعها في معرض الدفاع العالمي على سبيل المثال جميعها تشتمل على مشاركة صناعية، سواء كان في التصنيع أو المساندة المحلية». وتابع قائلاً: «هناك هدفان أساسيان لهذه الخطوة، الأول الاعتماد على صناعة تدعم رفع الجاهزية العسكرية لقواتنا المسلحة، والهدف الثاني متمثل في الأثر الاقتصادي، كون هذه المشاريع تولد وظائف وتساهم في زيادة حراك الاقتصاد».

وأكد أن الوزارة حققت نجاحات كبيرة، خاصة في المشاريع التي وُقعت خلال الفترة الحالية والماضية، التي ركزت كثيراً على موضوع المشاركة الصناعية والتوطين. وأشار الدكتور البياري إلى أهمية توطين الصناعات وزيادة المحتوى المحلي، وهناك برامج أخرى مرتبطة بكفاءة الأعمال، «ونعمل عن قرب مع هيئة كفاءة الإنفاق على كثير من المبادرات لخلق الفاعلية، ليس في المشتريات وحسب، لكن في عملنا بالمجمل، ليكون فاعلاً ويزيد من قدرتنا على استغلال الموارد الموجودة».

وأوضح مساعد وزير الدفاع للشؤون التنفيذية أن بلاده استثمرت في موضوع قطاع الصناعات العسكرية، منذ بداية التسعينات الميلادية، خاصة وزارة الدفاع التي كانت رائدة في هذا المجال، وأنشأت برنامج التوازن الاقتصادي، الذي أنتج الكثير من الشركات التي نراها الآن. وقال إن «استراتيجيتنا تُبنى على الاستفادة مما بُني في الماضي، مع التركيز على حوكمة فعالة وجهد مركز لكي يكون الانطلاق أكبر وبحسب طموحات القيادة التي رفعت سقف التوقعات من هذا القطاع».

البنية التحتية

شدَّد المساعد على أن منظومة الصناعة العسكرية مرتبطة ارتباطاً بأن تكون القوات المسلحة السعودية جزءاً أساسياً من بناء المتطلبات التي تعمل عليها الصناعة، خاصة في مجالات التطوير، كتطوير المنظومات، وهو ما يلاحظ في الشركات السعودية في الصناعات العسكرية، التي بدأت في الاستثمار بالقطاع، وقال: «دائماً نركز في أن تكون الشركات هذه قريبة منا، بحيث إن ما تعمل عليه يلبي متطلبات القوات المسلحة في نهاية المطاف». وأضاف: «من المهم لي كرجل عمل في مجال الصناعات العسكرية ما يقارب الثمانية عشر عاماً، ألا يتم التنازل عن الجودة، وبالتالي من المهم في صناعتنا أن تكون الجودة في صميم عملياتها، بحيث لا تكون منتجاتنا أقل جودة من الآخرين، فإذا لم تكن مماثلة تكن الأعلى، وهو في اعتقادنا يعدُّ نقطة أساس».

وتابع الدكتور البياري بالقول: «نسعى لأن تكون الصورة الذهنية عن المنتج السعودي عالي الجودة، وهناك تجارب ناجحة كثيرة نراها أمامنا في معرض الدفاع الدولي تثبت أن منتجاتنا السعودية تضاهي ما يتم تطويره وإنتاجه في الدول المتقدمة».

منظومة التطوير واستشراف المستقبل

يرى مساعد وزير الدفاع السعودي أن رحلة برنامج التطوير في وزارة الدفاع كهيكلة مكتملة، في الوقت الذي تمضي الوزارة في عملية البناء، وقال: «نحن في منتصف الطريق فيما يتعلق بالبناء، ولكن بدأنا فعلياً في لمس نتائج التطوير، من خلال احترافية أكبر في العمل، حيث بات تركيزنا الآن على ما يجب أن تركز عليه أي منظومة عسكرية، والجميع بدأ يلحظ نتائج عمليات التطوير، التي نُفذت في وزارة الدفاع».

وبيَّن أنه بدعم من القيادة السعودية، عملت وزارة الدفاع على بناء خططها وميزانياتها العشرية، مما يعطي الوزارة والصناعة العسكرية القدرة على التخطيط، حيث إن هذا النوع من القطاعات يحتاج إلى وقت طويل لتحقيق المستهدفات، مشيراً إلى أن هذا من أهم نتائج تطوير وزارة الدفاع، التي تتمثل بوجود خطط واضحة.

وكشف مساعد وزير الدفاع السعودي أن من أهم المجالات التي ركزت عليها الوزارة مفهوم مجتمعات التفكير، أو ما يطلق عليها بالإنجليزية «the think tank»، التي تركز على المواضيع الدفاعية، التي تخص المملكة والمنطقة. وقال: «نعيش في منطقة غير مستقرة، وبالتالي استشراف المستقبل، بالنسبة للوضع الدفاعي والجيوسياسي في هذه المنطقة مهم جداً، الأمر الذي دفعنا لإنشاء مركز للدراسات الاستراتيجية في مجال الدفاع، حيث يعد هذا استثماراً من الوزارة، لأننا نعي ونؤمن بأنه من المهم أن تكون الخطط نابعة من استشراف المستقبل».

توطين الكوادر

شدد الدكتور خالد البياري على أن نجاح أي منظومة يعتمد على مواردها البشرية، وأوضح بالقول: «تُعد وزارة الدفاع بتاريخها، من أكثر الوزارات التي استثمرت في الجانب البشري، سواء في القطاع العسكري أو المدني، حيث تملك ثاني أكبر منظومة صحية في البلاد، ولدى الوزارة 65 ألف زميل وزميلة يعملون في القطاع الصحي التابع وزارة الدفاع، وتم الاستثمار في هذا الجانب، ونحن نفخر بإنجازات منسوبي الوزارة منذ إنشائها».

جانب من إحدى تمارين القوات المسلحة السعودية (وزارة الدفاع السعودية)

وزاد: «في المنظومة العسكرية، استثمرت الوزارة الكثير في الكوادر البشرية الوطنية، سواء في قواتنا الجوية والبحرية والدفاع الجوي والبرية، وهي استثمارات ضخمة»، موضحاً أن العنصر البشري هو أساس النجاح لأي منظومة وأن المنظومة الجديدة التي بنيت في الوزارة تعمل باحترافية عالية من خلال استقطاب الأفضل من داخل وخارج الوزارة.

القدرات السعودية

تطرق البياري إلى إنجازات الكوادر السعودية، وقال: «أنا فخور بفريق العمل الذي يعمل معنا الآن من شباب وبنات الوطن، إبداع في كل منطقة نعمل فيها، وقد بدأنا نستثمر في الخريجين الجدد من خلال برنامج (فخور)، الذي يعني أنني فخور بالعمل في منظومة مهمتها حماية أمن الوطن، وتم استقطاب ما يقارب الـ200 من شباب وبنات الوطن، وتم تأهيلهم عبر برامج تدريب وعلى رأس العمل». وأكد مساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذية أن البعض كان متخوفاً من استقطاب خريجين جدد في مرحلة البناء مع عدم وجود خبرة... «هؤلاء المستقطبون الصغار أبهروا الكل، 200 شاب وشابة تم اختيارهم من بين 140 ألف متقدم ومتقدمة، 65 في المائة ممن تم قبولهم كانوا من بنات الوطن، اجتازوا إجراءات مقابلة مكثفة، جزء منها كان عن طريق تقنية الذكاء الصناعي، والآن أصبحوا جزءاً مهماً في منظومة وزارة الدفاع».


مقالات ذات صلة

الإنتاج الصناعي في السعودية ينخفض 0.3 % خلال سبتمبر على أساس سنوي

الاقتصاد مصنع تابع لإحدى شركات البتروكيميائيات في السعودية (واس)

الإنتاج الصناعي في السعودية ينخفض 0.3 % خلال سبتمبر على أساس سنوي

تراجع مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي في السعودية 0.3 % خلال سبتمبر، على أساس سنوي، متأثراً بانخفاض الرقم القياسي للصناعات التحويلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «سابك» في السعودية (واس)

​«سابك» تتحول إلى الربحية في الربع الثالث جرَّاء ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات

تحوَّلت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) إلى الربحية في الربع الثالث من العام الحالي وحققت مليار ريال

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أميت ميدا يتوسط الفريق في الجناح الخاص لشركة «آلات» في المعرض المصاحب لـ«مبادرة مستقبل الاستثمار» (الشرق الأوسط)

«آلات» تركز على بناء مركز صناعات عالمي فائق التقنية في السعودية

أكد الرئيس التنفيذي لـ«آلات» أميت ميدا لـ«الشرق الأوسط» أن الشركة تركز على تحقيق هدفها المتمثل في إنشاء مركز تصنيع عالمي في السعودية يعتمد على الطاقة النظيفة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد جناح الشركة في المؤتمر السعودي البحري واللوجستي 2024 (مكين)

تعاون بين «مكين» السعودية و«كونغسبيرغ ماريتايم» الفنلندية لتوطين صناعة النفاثات البحرية

وقّعت «الشركة السعودية لصناعة المحركات (مكين)»، وهي تعاون مشترك بين «أرامكو السعودية» و«هيونداي للصناعات الثقيلة» و«دسر»، مذكرة تفاهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى «الشركة السعودية للكهرباء» بالعاصمة الرياض (واس) play-circle 00:47

«السعودية للكهرباء»: قيمة مساهمة المحتوى المحلي تجاوزت 40 مليار دولار

تجاوزت «الشركة السعودية للكهرباء» أهداف توطين الصناعة بزيادة المحتوى المحلي في هذا المجال، وقد وصلت قيمة مساهمة هذا المحتوى إلى 150 مليار ريال.

عبير حمدي (الرياض)

السعودية تجدد دعوتها دول العالم للانضمام لتحالف «حل الدولتين»

الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)
TT

السعودية تجدد دعوتها دول العالم للانضمام لتحالف «حل الدولتين»

الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)

جددت السعودية دعوتها دول العالم إلى الانضمام للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي أطلقته اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية برئاسة السعودية وبالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والنرويج، مؤكدة وقوفها إلى «جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان، لتجاوز التبعات الإنسانية الكارثية جراء العدوان الإسرائيلي».

الموقف السعودي جاء خلال جلسة لمجلس الوزراء برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في الرياض، الثلاثاء. وأشاد المجلس بما توصلت إليه القمة العربية الإسلامية في الرياض من نتائج ستسهم في تعزيز العمل المشترك ومواصلة التعاون مع المجتمع الدولي لوقف الحرب على قطاع غزة، وبما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.

كما رحب المجلس بالتوقيع على «وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين» بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الأفريقي، وذلك إثر تناوله مضامين القمة العربية والإسلامية غير العادية التي عقدت بالرياض، الاثنين، ومجمل لقاءات ولي العهد السعودي بقادة عدد من الدول الشقيقة.

وأطلع ولي العهد السعودي، في مستهل الجلسة، مجلس الوزراء على مضمون الرسالتين اللتين تلقاهما خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من عمر سيسوكو أمبالو، رئيس غينيا بيساو، وعثمان غزالي، رئيس جمهورية القُمر المتحدة.

كما أحاط ولي العهد المجلس بفحوى محادثاته مع كل من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ورئيس وزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، وما اشتمل عليه الاتصال الهاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من التأكيد على تطلُّع السعودية إلى تعزيز العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين.

الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء السعودي في الرياض (واس)

واستعرض مجلس الوزراء إسهامات السعودية ومبادراتها الداعمة للعمل الدولي المتعدد الأطراف، ليكون أكثر فاعلية وسرعة في معالجة تحديات الحاضر والمستقبل والاستجابة للقضايا الملحة على المستوى العالمي؛ بما يرسخ التنمية والازدهار، ويعزز الأواصر الثقافية والاجتماعية المشتركة.

وأشار المجلس إلى ما أكدته السعودية خلال مشاركاتها في الاجتماعات الدولية التي عُقدت في الأيام الماضية؛ بشأن ما توليه من أهمية لتعزيز التعاون مع جميع دول العالم، وتوطيد أوجه التنسيق المشترك في مختلف المجالات، والاستمرار بدورها الإنساني والتنموي في مساعدة البلدان الأكثر احتياجاً والشعوب المتضررة من الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية.

جدد مجلس الوزراء السعودي التأكيد على وقوف بلاده إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان (واس)

وأوضح سلمان الدوسري، وزير الإعلام السعودي، أن مجلس الوزراء أكد اهتمام السعودية بدعم التواصل الحضاري بين مختلف الثقافات حول العالم، معرباً في هذا السياق عن شكره لكل من أسهم في نجاح مبادرة «الأسبوع العربي في (اليونسكو)» التي أطلقتها المملكة في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بالعاصمة الفرنسية باريس.

وفي الشأن المحلي، ثمّن أعضاء المجلس استقبال ولي العهد للفريق الطبي السعودي الذي نجح في إجراء أول عملية زراعة قلب كاملة باستخدام الروبوت في العالم، ودعمه الدائم للكفاءات الوطنية وتمكينها من تحقيق الريادة في جميع المجالات، وذلك انطلاقاً من أن الإنسان هو محور التنمية وأساسها.

وأشاد مجلس الوزراء، بما شهدته النسخة (العاشرة) لملتقى «بيبان 24» الذي أقيم بالرياض؛ من توقيع اتفاقيات وإطلاقات بقيمة تجاوزت 35.4 مليار ريال (9.44 مليار دولار) لدعم ريادة الأعمال في عدد من القطاعات، وتحقيق المستهدفات الوطنية في رفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بإجمالي الناتج المحلي.

المجلس أشاد بما توصلت إليه القمة من نتائج ستسهم في تعزيز العمل المشترك (واس)

واطّلع المجلس، على الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، من بينها موضوعات اشترك مجلس الشورى في دراستها، كما اطّلع على ما انتهى إليه كل من مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، واللجنة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء في شأنها.

وأصدر المجلس عدداً من القرارات، تضمنت الموافقة على مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد والتخطيط في السعودية والوزارة الاتحادية للعمل والاقتصاد في النمسا للتعاون في المجال الاقتصادي. وعلى اتفاقية خدمات النقل الجوي بين حكومة السعودية وحكومة موزمبيق في مجال خدمات النقل الجوي. وعلى مذكرة تفاهم بين حكومة السعودية والبنك الإسلامي للتنمية للتعاون في تنفيذ مبادرات برنامج استدامة الطلب على البترول.

وفوَّض المجلس وزير التعليم بوضع القواعد والضوابط في شأن الاتحاد السعودي للرياضة المدرسية، بينما قرر المجلس أن يكون تطبيق لائحة الاتصالات الرسمية والمحافظة على الوثائق ومعلوماتها استرشادياً لمدة سنة من تاريخ نفاذها، واعتمد الحسابين الختاميين لصندوق البيئة ومكتبة الملك فهد الوطنية لعامين ماليين سابقين، ووافق على ترقيات إلى المرتبتين (الخامسة عشرة) و(الرابعة عشرة).

كما اطّلع مجلس الوزراء على عدد من الموضوعات العامة المدرَجة على جدول أعماله، من بينها تقارير سنوية لوزارتي (التجارة، والنقل والخدمات اللوجيستية)، وهيئة تطوير المنطقة الشرقية، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، والهيئة العامة للمنافسة، وهيئة السوق المالية، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والبرنامج الوطني لتنمية قطاع تقنية المعلومات، والمكتب الاستراتيجي لتطوير منطقة الباحة، وقد اتخذ المجلس ما يلزم حيال تلك الموضوعات.