نواف الأحمد «أمير العفو» وضرب «الفساد»

الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح «أمير العفو» (الشرق الأوسط)
الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح «أمير العفو» (الشرق الأوسط)
TT

نواف الأحمد «أمير العفو» وضرب «الفساد»

الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح «أمير العفو» (الشرق الأوسط)
الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح «أمير العفو» (الشرق الأوسط)

بدأ أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حياته أميراً للكويت بمراسيم العفو، وختمها باستكمال ما بدأه في إجراءات العفو عن مدانين مسجونين أو محكومين يعيشون في الخارج.

فبعد تسلمه مقاليد الحكم في 29 سبتمبر (أيلول) 2020 خلفاً للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، بدأ الأمير نواف بتهيئة المناخ لأجواء المصالحة والعفو، التي أسفرت عن طي ملفات مرحلة من التأزم السياسي شهدتها البلاد.

واستهل الإجراءات بإطلاق جلسات «الحوار الوطني»، في سبتمبر 2021، واستكمل مشروعه في العفو بمرسوم العفو في يناير (كانون الثاني) 2023، الذي شمل 34 شخصاً من المحكومين مسجونين أو يعيشون في الخارج.

وفي نفس الإطار، مضى قدماً في ضرب أركان الفساد ومواجهة أبرز المتهمين بالاعتداء على المال العام عبر القضاء الذي تصدى لكثير من القضايا التي شهدتها البلاد، وعلى رأسها قضية «صندوق الجيش» التي أدين فيها رئيس وزراء سابق ووزير دفاع وداخلية سابق.

أمير العفو

حصل الأمير نواف على لقب «أمير العفو» للجهود التي بذلها في مراسيم العفو التي شملت كثيراً من النواب والناشطين والشخصيات العامة والسياسية، الذين أدينوا بأحكام قضايا في تهم، أبرزها اقتحام مجلس الأمة في أعقاب الاحتجاجات المعارضة في الكويت (2011)، وبينهم نواب كانوا يعيشون في الخارج وتم العفو عنهم وعودتهم للبلاد، على رأسهم النواب السابقون، مسلّم البراك، وفيصل المسلم، وجمعان الحربش ووليد الطبطبائي، ومتهمون في قضية «خلية العبدلي»، التي كُشف عنها في 2015.

فقد صدر في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 عفو أميري، لطي صفحة الخلاف السياسي مع المعارضة، وبينهم ناشطون ونوابٌ سابقون، وخصوصاً المتهمين في قضية اقتحام مجلس الأمة عام 2011، وقالت مصادر إن الأمير دعا إلى التوسع في عدد المشمولين بهذا العفو.

وبدأت أولى الخطوات التنفيذية لوضع مرسوم العفو الأميري خلال اجتماع ضم رؤساء السلطات الثلاث «التنفيذية والتشريعية والقضائية»، من أجل اقتراح الضوابط والشروط اللازمة تمهيداً لإصدار العفو بحق المحكومين في قضايا خلال فترات ماضية.

وفي 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، أصدر الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح مرسومين أميريين بالعفو وتخفيض مدة العقوبة المحكوم بها على 35 شخصاً.

كما أصدر مجلس الوزراء الكويتي بياناً بشأن المرسوم رقم 8 لسنة 2023 المتضمن العفو عن العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها على بعض الأشخاص. واعتبر بيان صدر عن مجلس الوزراء، مساء أول من أمس، أن العفو جاء «إيماناً من القيادة السياسية بأن عهود الازدهار والاستقرار والنتاج المليء بالبناء والعطاء والإعلاء لا تتم وتكتمل وتزهو وتسمو إلا بمصالحة وطنية تعود بالخير على أبناء هذا الوطن وفتح صفحة جديدة مضيئة مشرقة يكون عنوانها تصحيح المسار من أجل الاستقرار، والتأكيد على أن الكويت أولى بأبنائها، وأن مكانة الشعب لدى قيادته محفوظة ومذكورة ومذخورة».

وكان لمبادرة العفو الأثر في حدوث استرخاء سياسي بعد شدّ خلال الفترة الماضية، نتيجة الخلافات بين الحكومة وأعضاء في مجلس الأمة.

أمير الكويت الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (كونا)

وقبيل رحيل أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد، شهدت البلاد مرحلة جديدة أخرى لاستكمال مشروع العفو، حيث وافق مجلس الوزراء الكويتي برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 خلال اجتماعه الأسبوعي على مشروع مرسوم بالعفو عن مواطنين كويتيين صدرت بحقهما أحكام بالسجن.

وقالت وكالة الأنباء الكويتية إن المجلس أحيط علماً «بتوجيهات أمير البلاد بشأن العفو عن بعض المواطنين ممن صدرت في حقهم أحكام، وذلك على النحو الذي تقدره الإرادة الأميرية السامية»، مضيفة: «تنفيذاً للتوجيهات السامية وافق المجلس على مشروع مرسوم بالعفو عن العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها على بعض الأشخاص، ورفعه لأمير البلاد».

وشمل المفرج عنهم شافي العجمي المحكوم بالسجن لمدة 7 سنوات بتهمة تمويل الإرهاب في سوريا، وحسن عبد الهادي حاجية المتهم الرئيسي في «خلية العبدلي»، مع أسماء معارضين ومحكومين يعيشون في الخارج، بينهم النائب السابق عبد الحميد دشتي.

محاربة الفساد

وقبل أيام من رحيل الشيخ نواف، طوى القضاء الكويتي أحد أهم ملفات الفساد في البلاد، حيث أصدرت محكمة التمييز الكويتية في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حكمها النهائي في القضية المعروفة بـ«صندوق الجيش»، بالامتناع عن النطق بعقاب رئيس مجلس الوزراء الأسبق الشيخ جابر المبارك، وحبس وزير الدفاع السابق الشيخ خالد الجراح وآخرين 7 سنوات مع الشغل والنفاذ.

وفي حين امتنعت المحكمة عن النطق بعقاب رئيس الوزراء الأسبق جابر المبارك الصباح، إلا أنها ألزمته برد مبالغ مالية في تهم تتعلق بإساءة استخدام أموال صندوق الجيش.

وقضت المحكمة برئاسة المستشار سلطان بورسلي ببراءة عادل العنزي مع تغريم المتهمين في قضية «صندوق الجيش» مبلغ 105 ملايين دينار كويتي (340.50 مليون دولار) وإلزامهم بردّ ضعف المبلغ (681 مليون دولار) عن المبالغ المستولى عليها.

وشملت الأحكام كلاً من الشيخ جابر المبارك الصباح، حيث «امتنعت المحكمة عن النطق بالحكم بشأنه»، والحكم بالسجن 7 سنوات مع الأشغال والنفاذ في حق كلٍّ من؛ الشيخ خالد الجراح الصباح، وجسار عبد الرزاق الجسار، وفهد عبد الرحمن الباز، وعلي سليمان العساكر، وحمد يوسف البنوان، ووائل عثمان الفريح. وامتنعت المحكمة كذلك عن النطق بالحكم على سمير مرجان آدم، وحكمت ببراءة عادل خلف العنزي.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».