التزام سعودي - إيراني بتطبيق اتفاق بكين

اجتماع ثلاثي في العاصمة الصينية يصف العلاقات بـ«الإيجابية»

جانب من الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية في بكين (واس)
جانب من الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية في بكين (واس)
TT

التزام سعودي - إيراني بتطبيق اتفاق بكين

جانب من الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية في بكين (واس)
جانب من الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية في بكين (واس)

بعد 9 أشهر من إعلان المصالحة التاريخية واستئناف العلاقات بينهما برعاية صينية، أكدت السعودية وإيران، الجمعة، التزامهما الكامل بتطبيق الاتفاق الذي توصلتا إليه في 10 مارس (آذار) الماضي، معربتين عن تقديرهما للدور المهم الذي تؤديه بكين في هذا الشأن.

جاء ذلك في بيان صادر مع ختام أعمال الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية، في بكين لمتابعة الاتفاق، برئاسة دنغ لي نائب وزير الخارجية الصيني، ونظيريه السعودي المهندس وليد الخريجي، والإيراني علي باقري كني، ولقاء جماعي لرئيسي وفدي الرياض وطهران مع وانغ يي وزير الخارجية الصيني.

واستعرض الاجتماع ما تحقق من نتائج إيجابية في العلاقات بين السعودية وإيران على ضوء اتفاق بكين، وإعادة فتح سفارتي البلدين في كل من الرياض وطهران، واللقاءات والزيارات المتبادلة لوزيري خارجيتيهما، كما بحث أوجه التعاون الثلاثي بمختلف المجالات.

استعرض الاجتماع النتائج الإيجابية في العلاقات بين السعودية وإيران على ضوء اتفاق بكين (واس)

وأكد الجانب الصيني استعداده لمواصلة القيام بالدور البناء ودعم الجانبين السعودي والإيراني في اتخاذ مزيد من الخطوات نحو تعزيز العلاقات. وأكد المجتمعون استمرار عقد اجتماعات اللجنة، حيث تقرر إقامة اللقاء المقبل خلال شهر يونيو (حزيران) 2024 في السعودية، تلبية لدعوة منها.

ووصف الدكتور هشام الغنام، المشرف العام على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، البيان بأنه «مهم جداً؛ لأنه يعكس اتفاق الطرفين السعودي والإيراني على تثبيت آلية للحوار بين الطرفين برعاية الصين لحل أي خلافات بينهما ولتطوير العلاقات بينهما»، مشيراً إلى أن «هذه الآلية كما يبدو هي الاجتماع الثلاثي بين وزراء خارجية البلدان الثلاث كل 6 أشهر».

ويضيف الغنام في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «البيان يعكس أن المصالحة التي جرت في مارس (آذار) الماضي، برعاية الصين تتعزز وستنعكس بشكل إيجابي على منطقة الخليج، وعلى عدد من الملفات العربية الأخرى»، وهذا ما أكده مسؤولون من السعودية وإيران في كثير من اللقاءات والتصريحات منذ الإعلان عن اتفاق بكين.

من مراسم توقيع اتفاق استئناف العلاقات بين السعودية وإيران في بكين مارس الماضي (واس)

وأبدت الأطراف الثلاثة قلقها تجاه استمرار الأوضاع الجارية في قطاع غزة كتهديد للأمن والسلم بالمنطقة وعلى الصعيد الدولي، مؤكدين ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية، وإغاثة المدنيين بشكل مستدام، ومعارضة التهجير القسري للفلسطينيين. وشددوا على أن أي ترتيب حول مستقبل فلسطين يجب أن يجسد إرادة الشعب الفلسطيني، وعلى دعم حقه في إقامة دولته وتقرير مصيره.

ويعلّق الغنام: «من الواضح أن هنالك توافقاً بين الموقفين السعودي والإيراني بشأن الحرب على الشعب الفلسطيني في غزة، فكلا الطرفين يريد للعدوان الإسرائيلي أن يتوقف فوراً، وكلاهما يريد دخول المساعدات الإنسانية لأهل غزة بشكل دائم ومستدام»، متابعاً: «هما يريان أن مستقبل قطاع غزة يجب أن يقرره الشعب الفلسطيني لا أي أطراف خارجية، وهما متفقان على دعم الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة».

الاتفاق على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة (واس)

وعلى مدى الأشهر التسعة الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية، وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان من الرياض في 17 أغسطس (آب) الماضي، إطلاق مرحلة جديدة تتسم بالإرادة والرغبة الصادقة والجدية لتعزيز العلاقات بناء على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

كانت إيران، قد أعادت في 6 يونيو الماضي، فتح أبواب سفارتها بالرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».

فتحت السفارة الإيرانية في الرياض أبوابها يونيو الماضي (الشرق الأوسط)

وقبل ذلك، أكد وزيرا خارجية السعودية وإيران خلال مباحثات استضافتها بكين بتاريخ 6 أبريل (نيسان) الماضي، حرصهما على بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بين البلدين، الموقعة في 17 أبريل 2001م، والاتفاقية العامة للتعاون بمجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في 27 مايو (أيار) 1998م.

ومع زيارته الأولى لطهران في 17 يونيو، قال فيصل بن فرحان إن «العلاقات الطبيعية بين البلدين هي الأصل، وإنهما بلدان مهمان في المنطقة، تجمعهما أواصر الأخوة الإسلامية وحسن الجوار»، مؤكداً أنها «تقوم على أساس واضح من الاحترام الكامل والمتبادل للاستقلال والسيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ومبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي».

الرئيس الإيراني يرحّب بوزير الخارجية السعودي في زيارته الأولى لطهران (واس)

وأضاف أن لقاءه مع عبداللهيان «يأتي استمراراً للخطوات المتخَذة تجاه تنفيذ اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية، وما يمثله من محطة مفصلية في تاريخ البلدين ومسار الأمن الإقليمي، وتأكيداً للرغبة الصادقة وجدية الطرفين في تنفيذ بنود الاتفاق، التي تعود بالنفع على البلدين وشعبيهما، من خلال تعزيز الثقة المتبادلة، لتوسيع نطاق التعاون وتعزيز نطاق الاستقرار الإقليمي».

وفي 5 سبتمبر (أيلول)، وصل عبد الله العنزي السفير السعودي إلى طهران، لمباشرة مهام عمله، بعد ساعات من وصول نظيره الإيراني علي رضا عنايتي إلى مقر السفارة بالرياض. وقال العنزي إن توجيهات القيادة السعودية تؤكد أهمية تعزيز العلاقات، وتكثيف التواصل واللقاءات بين البلدين، ونقلها نحو آفاق أرحب، «لأن المملكة وإيران جارتان، وتمتلكان كثيراً من المقومات الاقتصادية والموارد الطبيعية والمزايا التي تسهم في تعزيز أوجه التنمية والرفاهية والاستقرار والأمن بالمنطقة ـ وبما يعود بالنفع المشترك على البلدين والشعبين الشقيقين».

السفير السعودي عبد الله العنزي بعد وصوله إلى طهران (واس)

وفي 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، على هامش انعقاد القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية في الرياض، وقدّم الأخير خلالها الشكر للسعودية على إقامة هذه القمة المهمة في ظل الظروف الراهنة «نيابة عن العالم الإسلامي لنجدة الفلسطينيين».

ولي العهد السعودي يلتقي الرئيس الإيراني في الرياض (واس)



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».