بوتين يزور الرياض... تطورات المنطقة و«أوبك بلس» في صدارة الملفات

حربا أوكرانيا وغزة ستلقيان بظلالهما على المباحثات السعودية – الروسية

تتمتع العلاقات بين البلدين بمستوى وثيق من التعاون السياسي والاقتصادي على وجه الخصوص (رويترز)
تتمتع العلاقات بين البلدين بمستوى وثيق من التعاون السياسي والاقتصادي على وجه الخصوص (رويترز)
TT

بوتين يزور الرياض... تطورات المنطقة و«أوبك بلس» في صدارة الملفات

تتمتع العلاقات بين البلدين بمستوى وثيق من التعاون السياسي والاقتصادي على وجه الخصوص (رويترز)
تتمتع العلاقات بين البلدين بمستوى وثيق من التعاون السياسي والاقتصادي على وجه الخصوص (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، (الأربعاء)، زيارة رسمية إلى السعودية، وفقاً للكرملين، في الوقت الذي تسعى فيه موسكو لتعزيز شراكاتها على عدة أصعدة، في ضوء التطورات الجارية في المنطقة والعالم.

وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، (الثلاثاء)، إن الرئيس بوتين سيقوم (الأربعاء) بزيارتَي عمل إلى الإمارات والسعودية، مضيفاً أنه سيُجري محادثات تتناول قضايا «الشؤون الدولية والإقليمية، والصراع الفلسطيني - الإسرائيلي»، ومسائل التعاون في سوق النفط.

وحسب يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية، فإن بوتين سيقوم بزيارتي عمل إلى الإمارات والسعودية، وقال: «ستكون المحادثات في المقام الأول مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقبل ذلك، سنكون في الإمارات، وستكون هناك أيضاً زيارة عمل، وآمل في أن تكون نتائج هذه الزيارة جيدة جداً»، حسب وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء.

وأكّد أوشاكوف أن بوتين سيتطرّق إلى العلاقات الثنائية والحرب بين إسرائيل و«حماس» والسياسة الدولية، بالإضافة إلى خفض إنتاج النفط في إطار عمل تحالف «أوبك بلس» الذي تنضوي تحت عضويته السعودية، وروسيا، والإمارات.

 

تاريخ الزيارات

كانت آخر مرة زار فيها بوتين السعودية والإمارات في عام 2019، حسبما ذكرت وكالة أنباء «تاس» الرسمية، وهي الزيارة الثانية لبوتين للرياض منذ تولّيه الحُكم في روسيا.

صورة أرشيفية للملك سلمان والرئيس بوتين في مركز الملك عبد العزيز التاريخي بالرياض خلال زيارة سابقة للرئيس الروسي (واس)

وتحظى العلاقات الثنائية بين السعودية وروسيا بسمات خاصة وفقاً لمراقبين، فالتاريخ السياسي بينهما يعود لعام 1926، في الحقبة السوفياتية حسب مراجع رسمية، إذ كان الاتحاد السوفياتي الدولة الأولى غير العربية، التي اعترفت في عام 1926 بالمملكة دولة مستقلة، وفي عام 1930 جرى تحويل القنصلية السوفياتية في جدة إلى سفارة.

وتُوِّجت الزيارات الرسمية من جانب السعودية، بزيارة تاريخية أجراها الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017. وعُدّت حينها أول زيارة لملك سعودي إلى موسكو، وشهدت احتفاءً مميزاً من الرئيس الروسي.

زيارة تاريخية أجراها الملك سلمان بن عبد العزيز لموسكو في أكتوبر 2017 (واس)

وخلال الفترة ما بين 2015 و2018 أجرى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، زيارات متعددة إلى روسيا التقى خلالها الرئيس بوتين، وعدداً كبيراً من الوزراء والمسؤولين ورجال الأعمال الروس، مما أسهم في رفع مستوى العلاقات بين الجانبين.

ويعدّ البلدان أكبر مصدّرين للنفط في العالم وفقاً لمراجع رسمية، إذ تأتي السعودية في الترتيب الأول، تليها روسيا، ويتعاون البلدان بشكل وثيق داخل إطارَي «أوبك»، و«أوبك بلس»، وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أشار الرئيس الروسي إلى أن موسكو ستواصل التعاون مع الرياض، مضيفاً: «السعر كان من الممكن أن ينخفض إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل إذا لم تكن تخفيضات الإنتاج المنسقة»، مشيداً في الوقت ذاته بما عدّه «دوراً كبيراً لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في سوق الطاقة».

 

الوساطة في الحرب الروسية - الأوكرانية

وبخصوص الحرب في أوكرانيا، تحدّث ولي العهد السعودي عن موقف بلاده منها، بالقول: «ما يحدث هناك هو أمر سيئ، لا أحد يريد رؤيته، أن تغزو بلداً هو أمر يعارض قواعد الأمم المتحدة، ولقد صوتت السعودية ضد هذا الغزو».

وفي حوار تلفزيوني مع محطة «فوكس نيوز» في سبتمبر (أيلول) الماضي، أضاف الأمير محمد بن سلمان: «الروس لديهم حجة لما قاموا به، بسبب توسيع الناتو وما إلى ذلك، ولديهم قائمة حجج، وغزو أي بلد هو أمر سيئ، ولكن السعودية لديها علاقات جيدة مع روسيا، كما أننا لدينا علاقات جيدة مع أوكرانيا، لدينا علاقات تجارية مذهلة وجوهرية مع كل من أوكرانيا وروسيا، ومن جهتنا، سوف نسعى جاهدين للمضيّ قدماً لحل هذه المشكلة»، متابعاً: «السعودية تدعم الوصول إلى حل بين روسيا وأوكرانيا، وتلعب دور الوسيط بين البلدين».

وأكّد الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي (الاثنين)، مستوى الثقة والتعاون بين الرياض وموسكو بشأن السياسة النفطية، مشيراً إلى أنها العلاقة الأساسية في «أوبك بلس».

جانب من أحد اجتماعات اللجنة السعودية - الروسية المشتركة (واس)

 

«دائماً هناك ما هو جديد في علاقات البلدين»

الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، كشف عن أن بلاده تسعى إلى التنسيق الدائم مع روسيا في شتى المجالات لتنمية العلاقات المشتركة ومواجهة التحديات الدولية، وأضاف خلال تعليق للصحافة بينما كان يزور موسكو في مارس (آذار) الماضي: «دائماً هناك ما هو جديد في العلاقات التي تجمع بلدينا الصديقين التي نسعى إلى تطويرها وتعزيزها على جميع الأصعدة، وأريد أن أثني على التنسيق القائم في شتى المجالات وعلى مستويات متعددة سواء فيما يتعلق بتنمية العلاقات المشتركة أو التنسيق لمواجهة التحديات الدولية».

من جهته أعرب سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، عن الارتياح الكبير لبلاده بمستوى العلاقات الروسية - السعودية، معتبراً أن تطوير العلاقات مع السعودية من الأولويات لدى روسيا، «ونحن نقوم بكل ما يلزم لتحقيق وتنفيذ الاتفاقيات التي تم الوصول إليها على مستوى قادة البلدين بين الرئيس فلاديمير بوتين والملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان».

 

توسيع التعاون

من جانبه شدّد ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء الروسي، على أنه «يمكن توقع توسيع التعاون بين البلدين في قطاع الطاقة من خلال مشاريع في مجال الطاقة النووية السلمية وتطوير وتنفيذ التقنيات في مجال الاستكشاف الجيولوجي والحفر وإنتاج ومعالجة الهيدروكربونات وتطبيق حلول التحول الرقمي وتطبيق الذكاء الاصطناعي»، منوهاً بأن «التبادل التجاري بين روسيا والسعودية نما بنحو 20 في المائة في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023 مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2022».

والخميس، أعلن مصدرٌ مسؤول بوزارة الطاقة السعودية أن الرياض ستُمدد خفضها التطوعي، البالغ مليون برميل يومياً، الذي بدأ تطبيقه في شهر يوليو (تموز) الماضي، حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل، وذلك بالتنسيق مع بعض الدول المشاركة في «أوبك بلس»، كما أعلنت روسيا من جانبها (الخميس) أنها ستعزز خفضها الطوعي لإمدادات النفط إلى 500 ألف برميل يومياً وتمدده حتى نهاية الربع الأول من عام 2024.

 

فاعلية التحرّكات السعودية

ورأى أوليغ إغناتوف، كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، أن الرياض لديها نفوذ على موسكو، ويأتي هذا في المقام الأول عبر النفط ومشاركة روسيا في «أوبك بلس»، ومن المحتمل أن تستخدم هذا النفوذ في مساعيها لوقف هذه الحرب، وتابع إغناتوف أن السعودية لها دور كبير مؤخراً، إذ تستطيع التحرك بفاعلية في ملف الحرب الأوكرانية، خصوصاً أن بإمكانها أن تجمع الجنوب العالمي، وكذلك الصين والهند، إلى الحوار، وقد تجلّى ذلك في الاجتماع الذي عُقد في جدة أغسطس (آب) الماضي.


مقالات ذات صلة

أوروبا 
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث إلى الرئيس السوري في زيارة غير مجدولة (أ.ف.ب)

بوتين يلتقي الأسد في موسكو ويحذر من تصعيد في المنطقة

أعلن الكرملين، أمس (الخميس)، أن الرئيس فلاديمير بوتين أجرى جولة محادثات مساء الأربعاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي وصل العاصمة الروسية.

رائد جبر (موسكو) «الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم بوتين مستقبلاً الأسد في موسكو (أ.ب)

بوتين والأسد يبحثان «التصعيد» في الشرق الأوسط

استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس (الأربعاء)، في موسكو نظيره السوري بشار الأسد، وفق مشاهد بثها التلفزيون الروسي، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (موسكو)

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
TT

السعودية تؤكد على التعاون السلمي لتحقيق الأمن العالمي

السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)
السفير عبد المحسن بن خثيلة يتحدث خلال مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (البعثة السعودية بجنيف)

أكدت السعودية على التعاون الدولي السلمي كوسيلة لتحقيق الازدهار والاستقرار والأمن العالمي، مشددة على أهمية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وضرورة تنفيذها بشكل كامل لتحقيق عالم خالٍ منها.

جاء ذلك في بيان ألقاه السفير عبد المحسن بن خثيلة، المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف خلال أعمال اللجنة التحضيرية الثانية لـ«مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار»، حيث دعا بن خثيلة إلى بذل جهود دولية أكثر فاعلية لتحقيق أهداف هذه المعاهدة وعالميتها، حاثاً الدول غير الأطراف على الانضمام إليها، وإخضاع جميع منشآتها النووية للضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وشدد على ضرورة وفاء الدول المسلحة نووياً بالتزاماتها بموجب المادة السادسة من المعاهدة، وأن الطريقة الوحيدة لضمان عدم استخدام تلك الأسلحة هي القضاء التام عليها، والحفاظ على التوازن بين الركائز الثلاث للمعاهدة، ومصداقيتها في تحقيق أهدافها، منوهاً بدعم السعودية للوكالة؛ لدورها الحاسم في التحقق من الطبيعة السلمية للبرامج النووية.

جانب من مشاركة السفير عبد المحسن بن خثيلة في افتتاح أعمال المؤتمر (البعثة السعودية بجنيف)

وأكد بن خثيلة الحق في الاستخدام السلمي للتكنولوجيا النووية بموجب المادة الرابعة من المعاهدة، مع الالتزام بأعلى معايير الشفافية والموثوقية في سياستها الوطنية ذات الصلة وأهمية التنمية الاقتصادية، داعياً جميع الأطراف للتعاون من أجل تعزيز الاستخدام السلمي لصالح التنمية والرفاه العالميين.

وبيّن أن المسؤولية عن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية تقع على عاتق المجتمع الدولي، خاصة مقدمي قرار عام 1995 بشأن المنطقة.

وأدان السفير السعودي التصريحات التحريضية والتهديدات التي أطلقها مؤخراً أحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام تلك الأسلحة ضد الفلسطينيين، عادّها انتهاكاً للقانون الدولي، وتهديداً للسلم والأمن العالميين.

ودعا إلى تكثيف التعاون بين الأطراف في المعاهدة لتحقيق نتائج إيجابية في «مؤتمر المراجعة» المقبل لعام 2026، بهدف تحقيق عالم آمن وخالٍ من الأسلحة النووية.