السعودية تضخ مليارات الدولارات لاقتناص الفرص الخام في أفريقيا

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: تنويع مصادر دخل المملكة ودعم تنمية القارة السمراء

الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه القمة السعودية - الأفريقية في الرياض الجمعة (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه القمة السعودية - الأفريقية في الرياض الجمعة (واس)
TT

السعودية تضخ مليارات الدولارات لاقتناص الفرص الخام في أفريقيا

الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه القمة السعودية - الأفريقية في الرياض الجمعة (واس)
الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه القمة السعودية - الأفريقية في الرياض الجمعة (واس)

قررت السعودية ضخ استثمارات بمليارات الدولارات لاقتناص الفرص الخام في القارة الأفريقية، في خطوة تؤكد عزم المملكة على تطوير التعاون والشراكة في دول القارة السمراء وتنمية التجارة والتكامل.

وأعلن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، خلال القمة السعودية الأفريقية، في الرياض يوم الجمعة، إطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية في أفريقيا، عبر تدشين مشروعات وبرامج بقيمة تتجاوز مليار دولار.

وكشف ولي العهد السعودي عن توجه بلاده إلى ضخ استثمارات جديدة في مختلف القطاعات بما يزيد على 25 مليار دولار، وتمويل وتأمين 10 مليارات دولار من الصادرات، بالإضافة إلى تقديم 5 مليارات دولار تمويل تنموي إضافي لأفريقيا حتى 2030.

نمو الإيرادات

وأشار خبراء إلى أهمية استغلال الفرص الاستثمارية غير المستغلة في أفريقيا للنهوض باقتصاد القارة، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد العالمي.

وأكد المختصون لـ«لشرق الأوسط»، أن ضخ المزيد من الاستثمارات السعودية يحقق تطلعات الدولة في تنويع مصادر الدخل ونمو الإيرادات غير النفطية وفق «رؤية 2030» ودعم التنمية في القارة السمراء.

وقال الدكتور أسامة العبيدي المستشار في القانون التجاري لـ«لشرق الأوسط» إن السعودية تتطلع إلى زيادة عدد سفاراتها إلى أكثر من 40 سفارة، متوقعاً أن تؤدي هذه السفارات دوراً مهماً في زيادة الاستثمارات السعودية في أفريقيا عبر تعميق وتدعيم العلاقات بين المملكة وتلك الدول.

جانب من القمة السعودية - الأفريقية التي عقدت في الرياض الجمعة (واس)

التجارة البينية

الدكتور العبيدي تحدث عن مساعي الرياض لزيادة استثماراتها في أفريقيا لما تشكله من فرص يمكن استغلالها لتحقيق عوائد مجزية للمملكة وللدول الأفريقية، في الوقت ذاته تساهم في تنويع وزيادة مصادر الدخل في السعودية ودعم التنمية في القارة السمراء. وبين أن المملكة تهدف إلى تعزيز وزيادة التجارة البينية مع الدول الأفريقية وإيجاد منصة للمصدرين والمستوردين بين الجانبين.

وأضاف المستشار أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي أطلق العديد من المشروعات والأنشطة الاستثمارية في عدد من الدول الأفريقية بقطاعات مختلفة، منها التعدين والطاقة والأغذية والزراعة والصحة والتعليم وغيرها من القطاعات بإجمالي 4 مليارات دولار (15 مليار ريال).

ونظرا للموقع الجغرافي الاستراتيجي للدول الأفريقية وقربها من القارتين الآسيوية والأوروبية، فإن أي تحسن في المناخ الاستثماري في القارة السمراء بقيادة المملكة سيساهم في تدعيم ونمو الاقتصاد العالمي.

المشاريع التنموية

يعتقد الدكتور إحسان بوحليقة مؤسس مركز جواثا الاستشاري أن اهتمام المملكة بتنمية دول القارة الأفريقية أمر امتد عبر العقود، عبر الدعم المباشر والمشروعات الممولة من قبل الصندوق السعودي للتنمية؛ حيث تجاوز مجموع تمويلها 11 مليار دولار.

وفي تعليقه لـ«الشرق الأوسط» يرى بوحليقة أن المؤتمر الاقتصادي السعودي العربي الأفريقي الذي عقد الخميس، جاء ليعطي زخماً اقتصادياً لتلك العلاقة مع القارة التي تأخذ دورها لتكون محوراً مهماً للاقتصاد العالمي ومرتكزاً لتجاوز العديد من تحدياته القائمة في مجالات الغذاء والبيئة والصناعة والسياحة والخدمات اللوجيستية. وأضاف أن المؤتمر الذي احتضنته الرياض هو بمثابة انطلاقة وفرصة للتكامل في جوانب عديدة، لا سيما التجارة الخارجية للسلع والخدمات، وإيجاد روابط لوجيستية مع القارة الأفريقية تعزز الدور الاقتصادي للموقع الاستراتيجي للمملكة بين ثلاث قارات.

وأكمل بوحليقة التذكير بأن السعودية تسعى إلى تعزيز شراكاتها مع التكتلات الاقتصادية كافة، بهدف عقد شراكات استثمارية وتجارية استراتيجية قائمة على المصالح المشتركة.

ميزان المدفوعات

مؤسس مركز جواثا الاستشاري أشار إلى النواحي المتعددة التي تملكها ‏القارة الأفريقية، ويقول إن اقتصاد القارة السمراء يتجاوز 3 تريليونات دولار، أكبر اقتصاداتها نيجيريا بـ1.2 ترليون دولار، متوقعاً أن ينمو اقتصادها هذا العام 4 في المائة ويتحسن أداؤه في 2024 إلى 4.3 في المائة.

التحدي العنيد أمام عدد كبير نسبياً من الدول الأفريقية يتمثل وفقا لبوحليقة في ميزان المدفوعات، وفي الحاجة للتمويل لتجاوز الصدمات الاقتصادية والتحديات المناخية، بما في ذلك المتطلبات الضخمة للالتزام بالحياد الكربوني.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وسوريا يناقشان مستجدات أوضاع المنطقة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وسوريا يناقشان مستجدات أوضاع المنطقة

ناقش الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، مع نظيره السوري بسام صباغ، الجمعة، مستجدات الأوضاع في المنطقة والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج عبد المجيد تبون خلال استقباله الأمير عبد العزيز بن سعود في القصر الرئاسي بالعاصمة الجزائر (واس)

بتوجيه من ولي العهد السعودي... وزير الداخلية يلتقي الرئيس الجزائري

بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي، التقى الأمير عبد العزيز بن سعود، وزير الداخلية، الخميس، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج السعودية تطلعت إلى تفعيل مخرجات الاجتماع الثاني لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد بما يحقق المصالح المشتركة (واس)

تأكيد سعودي على أهمية التعاون محلياً ودولياً لمكافحة الفساد

أكد مازن الكهموس رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية، أهمية تضافر الجهود لمكافحة الفساد بما يساهم في تحقيق الرخاء والازدهار للدول الإسلامية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)
رياضة عربية هايف المطيري (الاتحاد الكويتي)

الحكم ببراءة الرئيس السابق للاتحاد الكويتي لكرة القدم

قضت دائرة جنايات بالمحكمة الكلية في الكويت ببراءة الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم هايف المطيري ونائبه أحمد عقلة والأمين العام صلاح القناعي من التهم المنسوبة لهم.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

تأكيد سعودي على أهمية التعاون محلياً ودولياً لمكافحة الفساد

السعودية تطلعت إلى تفعيل مخرجات الاجتماع الثاني لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد بما يحقق المصالح المشتركة (واس)
السعودية تطلعت إلى تفعيل مخرجات الاجتماع الثاني لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد بما يحقق المصالح المشتركة (واس)
TT

تأكيد سعودي على أهمية التعاون محلياً ودولياً لمكافحة الفساد

السعودية تطلعت إلى تفعيل مخرجات الاجتماع الثاني لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد بما يحقق المصالح المشتركة (واس)
السعودية تطلعت إلى تفعيل مخرجات الاجتماع الثاني لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد بما يحقق المصالح المشتركة (واس)

أكد مازن الكهموس رئيس «هيئة الرقابة ومكافحة الفساد» السعودية، أن المملكة التي جعلت مكافحة الفساد ركيزة أساسية لتحقيق رؤيتها 2030، تدرك تداعيات جريمة الفساد العابر للحدود وأثرها على المجتمعات الإسلامية ونهضتها، مشدداً على أن تضافر الجهود على الصعيدين المحلي والدولي لمكافحة هذه الآفة يُساهم في تحقيق الرخاء والازدهار لدولنا الإسلامية ويدعم أهداف التنمية المستدامة فيها.

وأوضح الكهموس في كلمة السعودية خلال الاجتماع الوزاري الثاني لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد في الدول الأعضاء بمنظمة «التعاون الإسلامي» الذي استضافته العاصمة القطرية الدوحة، الأربعاء، أن المملكة تشرفت برئاسة واستضافة الاجتماع الوزاري الأول، تحت رعاية كريمة من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الذي أسفر عنه إقرار «اتفاقية مكة المكرمة» للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في مجال إنفاذ قوانين مكافحة الفساد.

وعدّ الكهموس أن «اتفاقية مكة المكرمة» للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تمثل الإطار الأمثل لتعزيز جهود مكافحة الفساد وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.

وأشار إلى القرار الصادر مؤخراً عن الدورة الخمسين لمجلس وزراء الخارجية بتاريخ 29 - 30 أغسطس (آب) الماضي المنعقد في الكاميرون الذي تضمن حث الدول الأعضاء على الإسراع بالتوقيع على «اتفاقية مكة المكرمة» للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في مجال إنفاذ قوانين مكافحة الفساد واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة للمصادقة عليها.

ورحب باعتماد الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مشروع قرار تقدمت به السعودية لتشجيع التعاون بين الدول الأعضاء مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمنظمات ذات الصلة لوضع منهجيات ومؤشرات لقياس الفساد.

وشهد الاجتماع، اعتماد مشروع قرار «اتفاقية مكة» للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي للتعاون في مجال إنفاذ قوانين مكافحة الفساد، التي تهدف لتعزيز التعاون بين سلطات إنفاذ قوانين مكافحة الفساد على نحوٍ يتم بالكفاءة والسرعة، وتشجع على الانضمام لشبكة مبادرة الرياض العالمية (GlobE Network)، التي توفر إطاراً قانونياً لتبادل المعلومات والتحريات بشكل مباشر وسريع، وتساهم في منع جرائم الفساد وتحجيم الملاذات الآمنة للفاسدين.

الكهموس أكد أن السعودية جعلت مكافحة الفساد ركيزة أساسية لتحقيق رؤيتها 2030 (واس)

كما نوه باستضافة السعودية، الأمانة العامة الدائمة للشبكة الإقليمية لاسترداد الأصول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA-ARIN)، ورئاسة المملكة لها في عام 2025، مؤكداً التزام السعودية بتحقيق أهداف ومصالح أعضاء الشبكة، بما يعزز سبل التعاون الفعّال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتطلَّع الكهموس في ختام كلمته إلى تفعيل مخرجات الاجتماع بما يحقق المصالح المشتركة للدول الإسلامية لمواجهة هذه الآفة والحد من الملاذات الآمنة لمرتكبي جرائم الفساد.

وتأتي مشاركة السعودية في الاجتماع حرصاً منها على تفعيل مبادراتها الدولية النوعية الرامية لمكافحة الفساد، ومشاركة المجتمع الدولي في الجهود المبذولة لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، والاستفادة من خبرات الدول، والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، وتبادل الخبرات في مجال مكافحة الفساد إعمالاً لما تضمنته اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وبما يتسق مع «رؤية المملكة 2030» التي جعلت الحوكمة والشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد أحد مرتكزاتها الرئيسية.

وشاركت السعودية في الاجتماع الوزاري الذي تستضيفه الدوحة خلال الفترة من 26: 27 نوفمبر (تشرين الثاني) بتنظيم من منظمة التعاون الإسلامي مع هيئة الرقابة الإدارية والشفافية في قطر، وترأس وفد المملكة مازن الكهموس.

يذكر أن الاجتماع الوزاري الأول لأجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي أتى بدعوة من السعودية خلال رئاستها القمة الإسلامية الرابعة عشرة، وتم تنظيمه بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، بحضور ومشاركة رؤساء أجهزة إنفاذ قوانين مكافحة الفساد، والمنظمات الدولية ذات العلاقة، ونخبة من المسؤولين والخبراء المحليين والدوليين.