وزير الخارجية الطاجيكي لـ«الشرق الأوسط»: خريطة طريق خليجية - وسط آسيوية للسنوات الـ5 المقبلة

مهر الدين أكد أن الظروف الجيوسياسية تحتم إنشاء صيغة جديدة للتعاون بين الكيانين

وزير الخارجية الطاجيكي سراج الدين مهر الدين
وزير الخارجية الطاجيكي سراج الدين مهر الدين
TT

وزير الخارجية الطاجيكي لـ«الشرق الأوسط»: خريطة طريق خليجية - وسط آسيوية للسنوات الـ5 المقبلة

وزير الخارجية الطاجيكي سراج الدين مهر الدين
وزير الخارجية الطاجيكي سراج الدين مهر الدين

في وقت أكد فيه استراتيجية العلاقات بين دوشنبه والرياض مع التوجه لتعزيز التعاون الثنائي المتعدد الأطراف، كشف دبلوماسي طاجيكي رفيع المستوى، عن قبول خطة عمل مشتركة كخريطة طريق بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى للأعوام «2023-2027»، مشدداً على أن الظروف الجيوسياسية، تحتم إنشاء صيغة جديدة للتعاون بين المنطقتين.

وقال سراج الدين مهر الدين، وزير الخارجية الطاجيكي، لـ«الشرق الأوسط»: «بطبيعة الحال، تخلق التحديات والأزمات القائمة مثل تنامي الجماعات الإرهابية والمتطرفة وتهريب المخدرات وتغيّر المناخ، تهديدات مشتركة لدول المنطقتين، والحاجة الماسة إلى حماية الاستقرار الأمني على حدود دول المنطقة؛ الأمر الذي يتطلب التعاون والتعاضد من دول المنطقتين». وفيما يلي تفاصيل الحوار:

* ما أهم أجندة القمة الخليجية - الآسيوسطية التي تنعقد في جدة؟

- أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعبّر عن خالص شكري وامتناني لخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء السعودي، والأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي على تنظيم هذه القمة التاريخية.

إن أهم القضايا المطروحة على جدول أعمال قمة دول آسيا الوسطى ودول مجلس التعاون الخليجي، تتمحور في رغبة دول المنطقتين في مزيد من تعزيز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف في جميع المجالات الحيوية، بما في ذلك المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والاجتماعية والسياحية والصحية والشبابية والرياضية.

نظراً للوضع الجيوسياسي سريع التغير اليوم، والتطورات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم، فإن ظهور هذه الفكرة، أي إنشاء صيغة جديدة للتعاون بين المنطقتين، هو مؤشر على الحاجة إلى مرحلة جديدة من التعاون بين دول المنطقتين.

إننا على يقين من أن الاهتمام الرئيسي للقمة الأولى لرؤساء دول المنطقتين، سينصبّ على هذه القضايا وعلى توثيق العلاقات والتعاون بين شعوبنا.

خطة خماسية

* هل ستكون هناك خطة عمل مشتركة؟

- من منبر «الشرق الأوسط»، أؤكد أنه تم قبول «خطة العمل المشتركة (خريطة الطريق) بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى للأعوام 2023-2027»، بمحتوى مقبول لجميع الأطراف خلال اجتماع وزراء الخارجية في سبتمبر (أيلول) 2022 في العاصمة السعودية الرياض، حيث شاركت وترأست وفد بلادي فيه. وسيصادق قادة الدول على خطة العمل المشتركة خلال قمة جدة وسبل تنفيذها وآفاق التعاون الفعال بين دول المنطقتين.

حفاظ السلم والأمن

* ما التحديات الماثلة أمام الطرفين بشكل خاص وأمام قارة آسيا والمنطقة بشكل عام؟

- من الواضح أن الأوضاع والتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، بالإضافة إلى تغيّر المناخ في المنطقة وفي كل العالم، أوجدت تهديدات ومخاطر مشتركة ليس فقط لبلداننا، ولكن للعالم الحديث بأسره.

إن الزيادة المستمرة في التحديات والتهديدات والاضطرابات والنزاعات العسكرية في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك الأزمات في الشرق الأوسط ومنطقة آسيا من ناحيةٍ والتهديدات المتعلقة بالمياه والصرف الصحي ونقص الغذاء والتغير المناخي المستمر إلخ، من ناحية أخرى أمور تحث جميع دول العالم على خوض كفاح مشترك من أجل الحفاظ على السلم والأمن الدوليين والإقليميين والحياة السلمية لشعوب العالم.

بطبيعة الحال، تخلق التحديات والأزمات القائمة مثل تنامي الجماعات الإرهابية والمتطرفة وتهريب المخدرات تهديدات مشتركة لدول المنطقتين وحماية الاستقرار الأمني على حدود دول المنطقة؛ الأمر الذي يتطلب التعاون والتعاضد من دول المنطقتين.

وفي هذا الصدد، ترحب جمهورية طاجيكستان بجهود حكومة المملكة العربية السعودية؛ لضمان تنمية دول العالم الإسلامي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، والتي تعدّ من وجهة نظرنا وسيلة فعالة لمكافحة تحديات أمنية حديثة. ونأمل أن يتم خلال هذه القمة مناقشة تعزيز التعاون بين دول المنطقتين في المجالات المذكورة أعلاه، وكذلك في مجالات التجارة والاستثمار والسياحة.

إن الظاهرة الملحة التي خلقت تهديدات مماثلة لبلدان كلتا المنطقتين ودول العالم بشكل عام تتمثل في تغير المناخ. وتجدر الإشارة إلى أن التعاون بين دول المنطقتين بما في ذلك جمهورية طاجيكستان والمملكة العربية السعودية بارز في هذا المجال.

إن المبادرات العالمية للبلدين في مجال المياه والمناخ والبيئة، بما في ذلك المبادرات العالمية لفخامة الرئيس إمام علي رحمان، رئيس جمهورية طاجيكستان، في مجال المياه والمناخ، والمبادرات البيئية للأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، المتمثلة في مبادرة «المملكة العربية السعودية الخضراء» ومبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»، حيث تهدف إلى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

ونحن ممتنون للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، لدعمها المستمر المبادرات العالمية لجمهورية طاجيكستان في مجالات المياه والمناخ والأمن الإقليمي. كما نقدّر دعم البلدان الشقيقة في المنطقة للمبادرة العالمية الخامسة لجمهورية طاجيكستان لإعلان عام 2025 «السنة الدولية لحماية الأنهار الجليدية».

روابط الألف عام

* ما تقييمكم للعلاقات السعودية - الطاجيكية؟

- نعرب عن ارتياحنا لمستوى ومضمون العلاقات السياسية بين طاجيكستان والسعودية، والتي تقوم على القيم الثقافية المشتركة والروابط التاريخية، التي تمتد لأكثر من ألف عام ومنهج الأخوة والتفاهم المتبادل واحترام المصالح المشتركة؛ إذ يجمع الشعبين الطاجيكي والسعودي قيم ثقافية وروحية عالية وروابط تاريخية وثقافية تمتد لأكثر من ألف عام.

كما أن العلاقات بين البلدين تنبني على قوة الصلات الأخوية القائمة بين القيادات العليا في البلدين، الرئيس إمام علي رحمان وأخوه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويعدّ التعاون بين البلدين، أحد التوجهات ذات الأولوية في السياسة الخارجية لجمهورية طاجيكستان، ونعترف بالمملكة العربية السعودية شريكاً مهماً لنا في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط.

أعطى الحوار والمفاوضات المنتظمة رفيعة المستوى والتوقيع على عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم دفعة جدية لمواصلة تطوير وتوسيع التعاون الثنائي. إن بلادنا ممتنة للتعاون مع المملكة في مختلف المجالات، بما في ذلك تنفيذ المشروعات الاجتماعية والإنسانية المهمة لطاجيكستان. نعتقد أن الفرص الكبيرة للتعاون متبادل المنفعة لم يتم استغلالها بالكامل بعد. نتطلع إلى مزيد من تطوير وتوسيع التعاون مع السعودية، وهو أمر مهم لكلا البلدين.

تطوير التعاون

* ما آفاق وطبيعة وحجم التعاون الثنائي؟

- بطبيعة الحال، فإن التعاون التجاري والاقتصادي هو أحد الاتجاهات ذات الأولوية في مجموعة العلاقات بين بلدينا، ومن الضروري زيادة حجم وتوسيع هيكل التجارة بين الطرفين وتوسيع التعاون في قطاع الاستثمار. وفي هذا الصدد، نستطيع أن نشير إلى مجال إنتاج السلع التصديرية المنافسة، وبخاصة مياه الشرب والفواكه والخضراوات الصديقة للبيئة؛ نظراً إلى الفرص الموجودة للبلدين، فإننا نعدّ تطوير التعاون في مجال السياحة مفيداً للجانبين. إن كل هذه المجالات من ضمن المجالات المهمة التي تخضع لاهتمامنا المستمر. سبق أن تم إنشاء مجلس الأعمال في البلدين؛ ولذلك فإن إقامة منتديات اقتصادية ومعارض للمنتجات الزراعية والصناعية وغيرها من الفعاليات المشتركة، تلعب دوراً مهماً. ولا بد من التأكيد على أن فرص مواتية موجودة لتوسيع التعاون في تنفيذ المشروعات المشتركة لأصحاب المشروعات من البلدين في المناطق الاقتصادية الحرة بجمهورية طاجيكستان؛ لذلك أدعو مستثمري المملكة الشقيقة، إلى الاستغلال الكامل لهذه الفرص.

وفي ظل ظروف اليوم، من أجل تطوير صناعة السياحة، من الضروري أن تصبح بلداننا أكثر وعياً بقدرات وفرص بعضها بعضاً. ولهذا السبب؛ سمحت حكومة طاجيكستان بدخول مواطني المملكة إلى طاجيكستان من دون تأشيرة منذ بداية عام 2022. وفي الوقت نفسه، في مارس (آذار) 2023 أطلقت شركة الطيران الطاجيكية (SOMON AIR) رحلات مباشرة على خط دوشنبه - جدة - دوشنبه ثلاث مرات في الأسبوع. ويعدّ هذا العامل مهماً لتطوير وتعزيز التعاون التجاري بين البلدين. ونرى أن التنفيذ الناجح للمشروعات المشتركة وتشجيع الاستثمار وتوطيد العلاقات في المجالات الأخرى ذات الاهتمام المشترك، سيمهد الطريق لتوسيع التعاون في قطاع السياحة.

وزير الخارجية الطاجيكي سراج الدين مهر الدين

إن من الأدوات المهمة لتطوير التعاون الثنائي هي نشاط اللجنة الحكومية المشتركة لدى البلدين في القضايا الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتقنية والثقافية. ونحن حريصون لمواءمة أنشطة اللجنة المشتركة مع الأهداف النبيلة للشراكة الاقتصادية والتجارية الاستراتيجية والأهداف الاستراتيجية للتنمية الوطنية لبلداننا لعام 2030.

نحن واثقون أنه ستتم متابعة نتائج الدورة الثالثة لاجتماع اللجنة الحكومية الطاجيكية - السعودية المشتركة ومنتدى الاستثمار الطاجيكي - السعودي والذي عُقد في العاصمة الطاجيكية مدينة دوشنبه بتاريخ 12 ديسمبر (كانون الأول) 2022 بحضور المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، وسيكثّف الطرفان أنشطتهما لتنفيذ برامج محددة.

المناخ ومكافحة الانبعاثات

* كيف تنظرون إلى تحديات حماية المناخ والرقمنة والتعاون الثنائي في هذه المجالات؟

- أثبتت موجات الجفاف والفيضانات غير المسبوقة، التي حدثت في السنوات الأخيرة في العالم، بما في ذلك منطقة آسيا الوسطى مرة أخرى أن تغير المناخ لا يزال يمثل إحدى مشكلات العالم الرئيسية.

إن جمهورية طاجيكستان مع 93 في المائة من أراضيها الجبلية معرّضة بشدة لتغير المناخ. تتسبب الكوارث الطبيعية المرتبطة بهذه العملية في أضرار بمئات الملايين من الدولارات على اقتصاد بلدنا كل عام، وفي كثير من الحالات تتسبب في خسائر في الأرواح. وتجدر الإشارة إلى أن حصة طاجيكستان في كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري صغيرة جدا، وفي هذا الترتيب تحتل بلادنا المرتبة الـ130، أي أنها تحتل مكانة رائدة بسبب انخفاض كمية هذه الانبعاثات. أكثر من 98 في المائة من الكهرباء في طاجيكستان تأتي من مصادر متجددة، أي «الطاقة الخضراء» وبخاصة الطاقة الكهرومائية؛ ووفقاً لهذا المؤشر نحن في المركز السادس على مستوى العالم.

استراتيجية «صفر - نفايات»

وفي الوقت نفسه، نخطط لزيادة حصتنا في تنفيذ استراتيجية «صفر - نفايات» من خلال تطوير «الطاقة الخضراء» بحلول عام 2050. اعتمدت حكومة طاجيكستان الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع تغير المناخ «2030» وعدداً من الوثائق الأخرى. تلعب الموارد المائية دوراً رئيسياً في عملية التكيف والمرونة مع تغير المناخ، فضلاً عن التخفيف من عواقبه. إن الزيادة في الكوارث الطبيعية المتعلقة بالمياه تسلط الضوء على الصلة التي لا تنفصم بين موارد المياه وتغير المناخ.

وفي الوقت نفسه، تقوم المملكة أيضاً بتنفيذ برامج واستراتيجيات مهمة في اتجاه مكافحة تحديات تغير المناخ وهذه المبادرات هي محل تقدير المجتمع الدولي بأسره. إن طاجيكستان مستعدة لتبادل الخبرات مع السعودية في مجال مواجهة التحديات المتعلقة بتغير المناخ وفي اتجاه رقمنة الاقتصاد.


مقالات ذات صلة

وزراء الخارجية لتوحيد الموقف الخليجي من القضايا الإقليمية والدولية في «قمة الكويت»

الخليج وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي بعد اجتماعهم في الكويت (كونا)

وزراء الخارجية لتوحيد الموقف الخليجي من القضايا الإقليمية والدولية في «قمة الكويت»

بحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، اليوم (الخميس)، التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية.

ميرزا الخويلدي (الرياض)
رياضة سعودية إيكامبي نجم الاتفاق الكاميروني يحتفل بأحد هدفيه في مرمى العربي (الشرق الأوسط)

«أبطال الخليج»: الاتفاق يضرب العربي بثنائية ويواصل انطلاقته المثالية

واصل الاتفاق السعودي انطلاقته المثالية في المجموعة الثانية من مرحلة المجموعات ببطولة دوري أبطال الخليج لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)

السفير الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع السعودية تنمو بخطوات مدروسة

ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)
TT

السفير الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: علاقاتنا مع السعودية تنمو بخطوات مدروسة

ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي خلال استقباله نائب الرئيس الإيراني في الرياض (واس)

قال مسؤول إيراني إن العلاقات مع السعودية تسير وفق خطوات مدروسة، مشيراً إلى أن التعاون بين البلدين وما يمتلكانه من موارد طبيعية وبشرية وغيرها يساهم بشكل مباشر في تحقيق النمو والازدهار للمنطقة.

وأوضح علي رضا عنايتي، السفير الإيراني لدى السعودية، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن تطور العلاقات وتعزيزها بين طهران والرياض يأتي استجابةً لتوجيهات وعزم القادة، مضيفاً: «لقد قطعنا خطوات ملموسة، ولا تزال هناك خطوات أخرى سنمضي بها لاستكمال هذه المسيرة».

جاءت تصريحات عنايتي على هامش إطلاق أول رحلة تجارية مباشرة ومجدولة بين مطار الدمام (شرق السعودية) ومطار مشهد الإيراني أمس (الثلاثاء) لأول مرة منذ سنوات، والتي سيكون لها «بالغ الأثر في تيسير التنقل بين البلدين والمدينتين، وتقرب الشعبين»، وفقاً للسفير.

وشدد عنايتي على أن نمو العلاقات بين البلدين جاء «تلبية لعزم القادة في هذا المجال»، مشيراً إلى ما أكده نائب الرئيس الإيراني خلال لقائه مع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أنه «لا رجعة عن هذه العلاقات».

كما اعتبر السفير الإيراني في الرياض زيارة رئيس هيئة الأركان السعودية لطهران مهمة في إطار التعاون الدفاعي بين البلدين، وقال: «زيارة رئيس هيئة الأركان مهمة في مجال التعاون الدفاعي بين البلدين، وقمنا بخطوات ولنا خطوات أخرى سنخطوها لنكمل هذه المسيرة».

السفير الإيراني علي رضا عنايتي خلال استقبال أمير الرياض له مؤخراً (إمارة الرياض)

ولفت إلى أن رحلات الطيران سابقاً كانت «مخصصة للعمرة بين المدن الإيرانية ومدينتي جدة والمدينة المنورة، أما هذه الرحلة فهي تجارية ومجدولة، وتتم يومي الثلاثاء والخميس بين مدينة الدمام السعودية ومشهد الإيرانية».

ووصف السفير هذه الخطوة بأنها مشجعة لتعزيز السياحة والتجارة بين البلدين، قائلاً: «على مدار أكثر من عام، تقدمنا بخطوات ملموسة ومدروسة لتعزيز العلاقات وتوطيدها، هناك تواصل مستمر بين القادة والمسؤولين، وعلاقات وثيقة بين وزيري الخارجية في البلدين، بالإضافة إلى ارتباطات شعبية تدعم هذا التوجه».

وتابع: «كل هذه الجهود تسهم في توطيد العلاقات التي أُسست على أسس الخير والمحبة، وهذه الخطوة تمثل امتداداً لما بدأناه في تعزيز العلاقات التي تشهد نمواً مستمراً في المجالات السياسية والدفاعية والثقافية والاجتماعية والسياحية، وستمتد لاحقاً إلى المجالات الاقتصادية والتجارية وغيرها».

وأعرب الدبلوماسي الإيراني عن شكره وتقديره «للمسؤولين السعوديين الذين سهلوا هذه الرحلات»، مشيراً إلى أن «الشكر موصول أيضاً للمسؤولين في كلا البلدين على جهودهم في ترتيبها».

صورة من تدشين أولى الرحلات التجارية المباشرة بين الدمام ومشهد لأول مرة منذ سنوات (السفارة الإيرانية)

دبلوماسية الزيارات

أوضح علي عنايتي أن الفترة الماضية شهدت تبادلاً لزيارات متعددة بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين، مشيراً إلى أن «هناك زيارات مستمرة بين البلدين في إطار الاجتماعات التي تُعقد في السعودية، ومن بينها مشاركة وزير الاقتصاد والمالية الإيراني في المؤتمر العالمي للاستثمار، حيث التقى وزيري الاقتصاد والتخطيط والاستثمار السعوديين، وناقش الطرفان أوجه التعاون الاقتصادي والتجاري».

واستطرد قائلاً: «كما قام وزير الزراعة الإيراني بزيارة للمشاركة في مؤتمر «كوب 16»، حيث التقى نظيره السعودي، وكانت هذه الزيارة فرصة للطرفين لاستكشاف مجالات تعاون تخدم مصالحهما المشتركة».

وأشار السفير الإيراني إلى أن «البلدين، بما يملكانه من إمكانيات هائلة وموارد طبيعية ومالية وبشرية، لديهما القدرة على التعاون في عدة مجالات تسهم في تحقيق النمو والازدهار للإقليم بأكمله».

خطوات مدروسة

يرى السفير الإيراني أن طهران والرياض تسيران بخطوات مدروسة لتنمية وتعزيز العلاقات في مختلف المجالات، مشدداً على الدور البارز الذي يمكن أن يلعبه المفكرون والأكاديميون في دعم وتنمية هذه العلاقات.

جانب من زيارة رئيس هيئة الأركان السعودية ولقاء نظيره الإيراني في طهران (وزارة الدفاع السعودية)

وأضاف: «شهدنا زيارة لرئيس مركز الدراسات والبحوث الدبلوماسية الإيرانية إلى المملكة، حيث التقى رئيس معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية، كما شارك في ندوة فكرية متخصصة في هذا المجال، وتم خلال الزيارة توقيع مذكرة تفاهم بين المركزين، ما يفتح آفاقاً أوسع لدراسة سبل توطيد العلاقات بين البلدين، ليس فقط من منظور الدبلوماسيين أو السياسيين، بل من خلال رؤية المفكرين والأكاديميين أيضاً».

وقال: «أعتقد أن للمجاميع الفكرية دوراً مهماً في تنمية هذه العلاقات وتوطيدها بما يخدم مصالح شعبي البلدين، هذه خطوات مدروسة ومضبوطة تُتخذ لإضفاء زخم أكبر وتعزيز أفق التعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة العربية السعودية الشقيقة».