زيارة ولي العهد السعودي في مرآة الصحافة الفرنسية

«لو موند»: المعرض الدولي سيكون واجهة لإظهار تحولات المملكة

الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله إلى قصر الإليزيه وفي استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله إلى قصر الإليزيه وفي استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
TT

زيارة ولي العهد السعودي في مرآة الصحافة الفرنسية

الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله إلى قصر الإليزيه وفي استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الأمير محمد بن سلمان لدى وصوله إلى قصر الإليزيه وفي استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

منذ وصوله إلى العاصمة الفرنسية يوم 14 يونيو (حزيران)، تحظى زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي باهتمام وسائل الإعلام الفرنسية على مختلف أنواعها المكتوبة والمسموعة والمرئية. ويكفي النظر إلى الأعداد الكبيرة من الصحافيين التي كانت تنتظر وصوله إلى قصر الإليزيه ظهر الجمعة للتأكد من الأهمية التي يحظى بها وجوده في فرنسا.

وللمرة الأولى، سيبقى ولي العهد لفترة طويلة نسبيا في باريس بسبب تقارب ثلاثة استحقاقات رئيسية، أولها اجتماعه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه الذي حصل على مرحلتين، الأولى مغلقة والثانية ضمت الوفدين الفرنسي والسعودي. ويتمثل الثاني في انعقاد الجمعية العامة للمكتب الدولي للمعارض المخصص للاستماع لعرض ترشيحات الدول الأربع المتنافسة على استضافة معرض «إكسبو 2030»؛ وهي السعودية وإيطاليا وكوريا الجنوبية وأوكرانيا.

يكتسب هذا الاستحقاق أهمية خاصة في نظر الأمير محمد بن سلمان، والدليل على ذلك مزدوج: الأول، مشاركته شخصيا في الاحتفال الذي تقيمه المملكة عشية التئام الجمعية العامة حيث سيحضر غالبية ممثلي الدول الأعضاء في المنظمة الدولية فضلا عن كبار مسؤوليها. وفي هذا الإطار، اعتبرت صحيفة «لو موند» المستقلة أن استضافة الرياض للمعرض الدولي «ستكون واجهة رائعة لإظهار التحولات التي تشهدها السعودية للعالم أجمع». وأضافت الصحيفة أن ولي العهد أطلق في إطار «رؤية 2030» مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية لتنويع الاقتصاد، منوهة بالبعثة الكبيرة التي ترافقه من الوزراء ورجال الأعمال.

من جانبها، رأت صحيفة «لو فيغارو» أن حضور ولي العهد يبين «الأهمية التي تعلقها المملكة على هذا الحدث»، مضيفة أن الأمير محمد بن سلمان «يتابع شخصيا هذا الملف» وأنه يريد من وجوده في باريس الالتقاء بأكبر عدد ممكن من القادة الدوليين، وخصوصا الأفارقة للترويج لترشيح الرياض.

أما الاستحقاق الثالث فيتمثل في مشاركة الأمير محمد بن سلمان، إلى جانب 49 رئيس دولة وحكومة وكبار مسؤولي المنظمات الدولية والإقليمية وعلى رأسهم أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وأفادت مصادر فرنسية بأن ولي العهد قد يزو معرض بورجيه الدولي للطيران الذي يفتتح أنشطته الأحد وهو في نسخته الـ54، وأنه قد يستفيد من المناسبة للإعلان عن شراء طائرات «إير باص». وفي هذا السياق، كتبت صحيفة «لو فيغارو» أن ولي العهد يريد أن يحضر أول تحليق لطائرة تابعة لشركة «الرياض للطيران» الجديدة التي أعلن عن إطلاقها مؤخرا.

تنوه صحيفة «لو موند» في عددها ليوم السبت، بزيارة الأمير محمد إلى باريس والدور المتعاظم الذي أخذ يحتله إقليميا ودوليا، والسياسة «المستقلة» التي ينتهجها مثلا إزاء الولايات المتحدة الأميركية وكتبت: «يعي الأمير محمد بن سلمان أن دوره أصبح مركزيا ولا يمكن الالتفاف عليه وهو ينتهج سياسة غرضها الترويج للمصالح الاقتصادية للمملكة السعودية ولرؤية 2030 التي تشكل استراتيجيته لما بعد البترول». ونقلت الصحيفة، في تصويرها للدور الذي أخذت المملكة السعودية تلعبه، عن خبير لم تسمه، تأكيده أن «لا شيء في الشرق الأوسط يمكن أن يتم من غير السعودية وبالتالي من المهم لباريس التواصل مع ولي العهد».

لا يقتصر التشاور بين الرئيس ماكرون وولي العهد على شؤون الشرق الأوسط، على أهميته، بل يتناول الشأن الدولي حيث تحتل الحرب الأوكرانية نقطة الثقل. وفي هذا السياق، تلفت الصحيفة النظر إلى أن الرئيس ماكرون «يسعى لإقناع السعودية باستخدام نفوذها لدى روسيا لبلورة مخرج من الحرب الدائرة يحفظ سيادة وسلامة أوكرانيا» باعتبار أن الرياض تعد من العواصم القليلة في العالم التي تتحدث إلى الطرفين الروسي والأوكراني. وسبق للرئيس ماكرون أن رحب بقيام السعودية بدعوة الرئيس الأوكراني للتحدث إلى القادة العرب بمناسبة قمة جدة. وكانت باريس قد وضعت طائرة رسمية بتصرف زيلينسكي نقلته إلى جدة ومنها إلى هيروشيما في اليابان، حيث عقدت قمة مجموع السبع.

تشدد «لو موند» على الأهمية التي توليها باريس لنهج الرياض السياسي والاقتصادي وحرصها على تأكيد دعمها له، وهو ما برز في البيان الذي صدر مساء الجمعة عن قصر الإليزيه. ومن الملفات التي كانت موضع نقاش يبرز الملف اللبناني وأهميته وذلك على خلفية الفراغ على رأس مؤسسات الدولة اللبنانية ومخاطر المزيد من التفكك الذي سيصيبها في حال استمرار الوضع على حاله. وأفادت تقارير صحافية بأن الملفات الأخرى مثل عودة سوريا إلى الجامعة العربية والتطبيع الحاصل معها والسياسة الإيرانية في الإقليم وما تتوقعه الرياض من مسارها الجديد إزاء طهران وتبعاته، لم تكن بالضرورة موضع قراءة متطابقة بين الطرفين؛ ما يعني، في نظر مصادر فرنسية، أن الأمير محمد بن سلمان يأخذ بعين الاعتبار مصالح بلاده بالدرجة الأولى وهو النهج الذي يتبعه فيما يخص النفط وإنتاجه وتسويقه. بيد أن هذا التمايز ليس له تأثير على التقارب بين العاصمتين السعودية والفرنسية، والدليل على ذلك ما ورد في البيان الصادر عن الإليزيه وفيه «إعادة تأكيد فرنسا على التزامها بأمن واستقرار المملكة وجاهزيتها في مواكبة تعزيز قدراتها الدفاعية».

ما توقفت عنده الصحيفتان الرئيسيتان المذكورتان سارت على نهجه الصحف الأخرى. فصحيفة «جورنال دو ديمانش» أتت بالتفصيل على الملفات التي تناولها الأمير محمد بن سلمان والرئيس ماكرون في غداء العمل الذي شكل الإطار لقمتهما. وتوقفت الصحيفة الأسبوعية عند ما جاء في بيان الإليزيه الذي رأى أن الاجتماع كان هدفه «تبادل الرؤى الثنائية والانكباب على الملفات الكبرى أكانت إقليمية أم دولية، كالحرب في أوكرانيا».


مقالات ذات صلة

فرنسا: الجمعية الوطنية تُسقط مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة

أوروبا رئيس الحكومة الفرنسية ميشال بارنييه (إ.ب.أ)

فرنسا: الجمعية الوطنية تُسقط مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة

أُسقطت مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة الفرنسية في الجمعية الوطنية، قدّمها ائتلاف اليسار والاشتراكيين والخضر واليسار الراديكالي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا نتنياهو وماكرون (رويترز)

ما بين سطور «الحرب الكلامية» بين ماكرون ونتنياهو «رسالة للأميركيين»

دعوة ماكرون، هذه المرة، بدت كأنها أصابت «وتراً حساساً» بشكل خاص لدى نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري نتنياهو يصافح ماكرون في القدس أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ماذا وراء الخلاف الحاد بين نتنياهو وماكرون؟

أزمة حادة بين ماكرون ونتنياهو، والإليزيه يسعى لتطويقها... ورسالة فرنسية ضمنية إلى بايدن تدعوه «للانسجام» في المواقف.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

أسف الرئيس الفرنسي لما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي من «خيار» لجهة التدخل العسكري في لبنان، مع تأكيده حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة التطرف

نائب وزير الخارجية السعودي يتحدث في مؤتمر الأمم المتحدة حول ضحايا الإرهاب بمدريد (واس)
نائب وزير الخارجية السعودي يتحدث في مؤتمر الأمم المتحدة حول ضحايا الإرهاب بمدريد (واس)
TT

السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة التطرف

نائب وزير الخارجية السعودي يتحدث في مؤتمر الأمم المتحدة حول ضحايا الإرهاب بمدريد (واس)
نائب وزير الخارجية السعودي يتحدث في مؤتمر الأمم المتحدة حول ضحايا الإرهاب بمدريد (واس)

أكدت السعودية، الثلاثاء، أهمية تضافر الجهود الدولية على المستويات كافة للحد من الفكر والخطاب المتطرفين، واجتثاث الإرهاب من جذوره، وتمكين جميع ضحاياه من خلال التعليم والتأهيل، وتوفير الدعم والرعاية لهم.

وجدّدت الرياض في كلمة ألقاها المهندس وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، خلال مؤتمر الأمم المتحدة الدولي حول ضحايا الإرهاب، في العاصمة الإسبانية مدريد، إدانتها لهذه الآفة الإجرامية بأشكالها وصورها كافة، التي لا تبرر أعمالها بغض النظر عن دوافعها وأهدافها.

وأشار إلى مساهمة السعودية من خلال جهودها المختلفة في مكافحة تلك الآفة بدعم مساعي الأمم المتحدة لإحياء اليوم العالمي لضحايا الإرهاب، وتشارك العالم للاحتفال به، لافتاً إلى أن إحياء ذكرى الضحايا وحفظ حقوقهم وإنصافهم، وتوفير الدعم والرعاية لهم، ركن أساسي في المواجهة الشاملة للإرهاب.

وأعرب الخريجي عن ترحيب السعودية بجهود الأمم المتحدة ممثلةً في مكتبها ومركزها لمكافحة الإرهاب، منوهاً بأن المؤتمر الذي تستضيفه مدريد يؤكد التزام الجميع بمواجهة هذه الآفة واجتثاثها من جذورها، إذ إنها «تهدد الجميع وتتبرأ منها كل الأديان والأعراق».

وأوضح أن السعودية بذلت جهوداً في مكافحة الإرهاب والتطرف عبر وسائل التقنية، وسارعت إلى إنشاء المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال)، كآلية تُعنى برصده وتحليله لمواجهته والوقاية منه.

وأكد الخريجي مواصلة الرياض تعاونها باستمرار في إطار جهودها الدولية مع آليات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث استقبلت المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، وقد أشاد بتلك الجهود.