اتجهت الأنظار (السبت) إلى مدينة جدة الساحلية، غرب السعودية، التي شهدت انطلاقة المباحثات الأولية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع»، في محاولة لوقف الحرب المندلعة بينهما منذ 3 أسابيع، والعودة إلى مسار العملية التفاوضية، بمشاركة المدنيين، على ضوء مبادرة سعودية أميركية.
ورحبت الرياض وواشنطن ببدء المحادثات من خلال بيان مشترك حث كلا الطرفين على «استشعار مسؤولياتهما تجاه الشعب السوداني والانخراط الجاد في هذه المحادثات، ورسم خريطة طريق للمباحثات لوقف العمليات العسكرية، والتأكيد على إنهاء الصراع وتجنيب الشعب السوداني التعرض لمزيد من المعاناة». وحث على «ضمان وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة».
ونوه البيان المشترك بجهود كل الدول والمنظمات التي أبدت تأييدها لعقد هذه المباحثات، بما في ذلك الآلية الرباعية المكونة من السعودية وأميركا وبريطانيا والإمارات، والآلية الثلاثية (الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد)، إضافة إلى الجامعة العربية.
كما حثت الرياض وواشنطن على استمرار بذل الجهود الدولية المنسقة لمفاوضات واسعة تشارك فيها كل الأحزاب السودانية.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قد أعرب، أمس، عن أمله في أن يقود الحوار بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، الجاري في مدينة جدة، إلى إنهاء الصراع، وانطلاق العملية السياسية، وعودة الأمن والاستقرار إلى السودان.
وأكد بن فرحان عبر حسابه الشخصي في «تويتر» أن استضافة الحوار بين طرفي الصراع في السودان في جدة «تأتي نتاج تكاتف دولي، وتمت بجهود حثيثة مع أميركا، وبالشراكة مع دول المجموعة الرباعية والشركاء من الآلية الثلاثية»، مرحباً بوجود ممثلين من القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» في مدينة جدة للحوار حول الأوضاع في وطنهم.
وثمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية الجهود والمساعي الحميدة التي تبذلها السعودية وأميركا مع جميع الأطراف، لتهيئة الأرضية اللازمة للحوار وخفض مستوى التوتر، بما يضمن أمن واستقرار السودان وشعبه الشقيق، ويسهم في تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
ورحب جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون، بالمبادرة المشتركة للسعودية وأميركا ببدء المحادثات الأولية بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات «الدعم السريع»، معرباً عن أمله في أن تسهم هذه المحادثات في الوصول إلى حل سياسي يحافظ على وحدة وتماسك مؤسسات الدولة، ويحقق تطلعات الشعب السوداني إلى الأمن والسلام والاستقرار والتنمية.
وأعربت منظمة التعاون الإسلامي عن ترحيبها بالمبادرة المشتركة السعودية الأميركية لإنهاء القتال في السودان، وأشاد الأمين العام للمنظمة، حسين إبراهيم طه، بالمبادرة التي قال إنها تنسجم مع نص البيان الصادر عن اللجنة التنفيذية للمنظمة في اجتماعها الأخير، الأربعاء الماضي، الذي دعا إلى الوقف الفوري للتصعيد العسكري بما يحافظ على مقدرات ومكتسبات الشعب السوداني، مطالباً بتغليب لغة الحوار والتحلي بضبط النفس والحكمة، والعودة بأسرع وقت ممكن إلى طاولة المفاوضات لمواصلة الجهود السلمية لحل الأزمة السودانية.
وناشد الأمين العام وفد التفاوض من الجانبين العمل على تثبيت الهدنة الإنسانية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والصحية للمتضررين من الأوضاع الإنسانية الصعبة الراهنة في السودان، والعمل الجاد على التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وتغليب المصلحة الوطنية العليا للسودان.
وثمن الأمين العام مجدداً جهود السعودية، رئيس القمة الإسلامية، لما بذلته من مساع حميدة واتصالات مع الأشقاء في السودان والأطراف الإقليمية والدولية المعنية، بهدف الوصول إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار والعودة إلى المسار السلمي.
من جهتها، سارعت القوى المدنية في السودان للترحيب بانطلاق المحادثات بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في مدينة جدة، استجابة للمبادرة الأميركية السعودية، معربة عن أملها في أن تقود المحادثات لوقف القتال ومعالجة الأوضاع الإنسانية، بما يمهد لحل سلمي سياسي مستدام.
وتجرى المحادثات بعد موافقة الطرفين على هدنة، كانت قد طرحتها السعودية وأميركا، لفتح ممرات إنسانية للمدنيين في مناطق الاشتباكات، واستكمال عمليات إجلاء الرعايا الأجانب.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، أمس، إن وفد الجيش سيناقش التفاصيل الخاصة بالهدنة التي يُجرى تجديدها بغرض تأمين وتهيئة الظروف المناسبة للتعامل مع الجوانب الإنسانية للمواطنين في الأوضاع الراهنة.
ووصفت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري مع العسكريين (الجيش و«الدعم السريع»)، بدء المباحثات بأنه خطوة أولى لوقف الانهيار المتسارع الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي.
وحثت في بيان، أمس السبت، قيادات الجيش و«الدعم السريع» على اتخاذ قرارات شجاعة لوقف القتال وإنهاء معاناة الشعب جراء هذه الحرب.
وعبرت القوى المدنية عن تقديرها لمساعي المملكة العربية السعودية وأميركا للترتيب لهذه المباحثات، للوصول إلى صيغة تنهي الحرب الدائرة الآن في البلاد.
وأكدت القوى المدنية أنها ستعمل على إنجاح مسار المحادثات السلمي بالتواصل المستمر مع المجتمع الدولي والإقليمي وقيادة الجيش و«الدعم السريع»، والقوى السياسية الأخرى الموقعة على الاتفاق الإطاري.
بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف: «نأمل في أن تتوصل هذه المحادثات لوقف كامل لإطلاق النار، يمهد لحل سياسي شامل».
وحذر يوسف في بيان من أبعاد التدخلات الداخلية والخارجية على استمرار الحرب التي ستؤدي إلى صعوبة وقفها.
وأضاف أن الطريق المثلى للحفاظ على وحدة السودان وسيادته الوصول إلى جيش قومي واحد، بعيداً عن السياسة.
وكان قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وقائد «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي»، قد وقعا في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتفاقاً إطارياً مع تحالف قوى «الحرية والتغيير»، وقوى أخرى داعمة لعملية الانتقال المدني، يقضي بخروج العسكريين كلياً من السلطة، والعودة إلى الثكنات، وتشكيل حكومة بقيادة مدنية.
وقطع اندلاع الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» في 15 من أبريل (نيسان) الماضي، الطريق أمام إكمال العملية السياسية، التي اقتربت من التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي.
وتقوم الآلية الثلاثية، المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الحكومية «إيقاد»، بتيسير العملية السياسية بين الأطراف السودانية، بدعم كبير من الآلية الرباعية التي تضم السعودية وأميركا والإمارات وبريطانيا.