سفيرة واشنطن: التحالف ضد «داعش» لم ينتهِ عمله بالعراق

قالت إن التنظيم لا يزال يمثل تهديداً

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد يستقبل (الأحد) السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوفسكي (إكس)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد يستقبل (الأحد) السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوفسكي (إكس)
TT

سفيرة واشنطن: التحالف ضد «داعش» لم ينتهِ عمله بالعراق

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد يستقبل (الأحد) السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوفسكي (إكس)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد يستقبل (الأحد) السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوفسكي (إكس)

قالت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوفسكي إن «تنظيم (داعش) لا يزال يشكل تهديدا في العراق». وأضافت في مقابلة مع «رويترز» نُشرت (الأحد) أن «عمل التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة مع العراق لهزيمة التنظيم بشكل كامل لم ينته بعد».

وكان مسؤولون عراقيون كبار، ومنهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قالوا مراراً إن التنظيم لم يعد يشكل تهديدا في العراق ولم تعد هناك حاجة للتحالف، حتى مع استمرار أعضاء التنظيم في تنفيذ هجمات في أماكن أخرى.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يستعد فيه رئيس الوزراء العراقي لزيارة واشنطن منتصف الشهر المقبل، في خطوة تحظى باهتمام محلي وإقليمي كبيرين، وفي ظل دعوات وضغوط من فصائل مسلحة لإعلان خروج القوات الأميركية من القواعد المتواجدة على الأراضي العراقية، وإنهاء مهمة «التحالف الدولي ضد داعش».

ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كثفت فصائل عراقية مسلحة من هجماتها على قاعدتي: «عين الأسد، وحرير» واللتين تضمان عناصر أميركية ضمن التحالف الدولي ضد «داعش»، وتطالب تلك الفصائل وسياسيون داعمون لها برحيل القوات الأميركية.

وقالت رومانوفسكي من مقر السفارة الأميركية ببغداد «يقدر كلانا أن تنظيم (داعش) لا يزال يمثل تهديدا هنا. ورغم تراجعه كثيراً، فإننا لم ننجز عملنا بشكل أساسي ونريد التأكد من أن القوات العراقية يمكنها مواصلة هزيمة داعش».

وجاءت تصريحات السفيرة بعد إعلان فرع «داعش» في أفغانستان مسؤوليته عن الهجوم على قاعة حفلات في روسيا يوم الجمعة قتل فيه 137 شخصاً.

وقالت السفيرة في تعليق إضافي بعد المقابلة «كما يذكرنا هذا الحادث (الهجوم في روسيا)، فإن (داعش) عدو إرهابي مشترك يجب هزيمته في كل مكان».

وأضافت «لهذا السبب تشترك الولايات المتحدة والعراق في الالتزام بضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم (داعش)، عبر سبل منها العمل معا لتشكيل مستقبل شراكة أمنية ثنائية قوية بين الولايات المتحدة والعراق».

وكانت السفيرة الأميركية التقت الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، الأحد، وأفاد بيان رئاسي بأن رشيد أكد حرص بلاده على «مواصلة بناء علاقات وطيدة تخدم المصالح المتبادلة وتحترم السيادة الوطنية، وتعزز التعاون المشترك في مختلف المجالات».

في غضون ذلك أعلن العراق، (الأحد) اعتقال تسعة من مسلحي «داعش» في عملية أمنية بمحافظة ديالى. وقالت خلية الإعلام الأمني التابعة لمكتب رئيس الوزراء العراقي في بيان «نتيجةً للجهود الاستخبارية التي يقوم بها جهاز الأمن الوطني لملاحقة فلول العصابات الإرهابية، وبعد توافر معلومات أمنية عن وجود عناصر لتلك العصابات في أحد بساتين محافظة ديالى، تم القبض على 9 منهم اعترفوا صراحةً بانتمائهم لـ(عصابات داعش)».

وعلى صعيد قريب، أفاد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، (الأحد)، بأن أجندة زيارة السوداني إلى واشنطن تتضمن ملفات ثنائية وإقليمية عدة ستغطي لقاءات رئيس الوزراء العراقي مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

وقال العوادي، لوكالة «الأنباء العراقية (واع): إن «العنوان الأساسي لزيارة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، إلى واشنطن، هو بحث آفاق العلاقة المستقبلية لما بعد التحالف الدولي، ثم الانتقال إلى العلاقات الشاملة بين الطرفين وبينها الجوانب الأمنية والعسكرية والتسليحية».

وأضاف أن «إنهاء مهمة التحالف الدولي سيكون الملف الأول ثم الانتقال إلى العلاقات الشاملة، وهنالك أرضية قانونية كاملة في الاتفاقية»

ونوه بأن «الزيارة كان مرتبا لها أن تكون في أواخر العام الماضي 2023، لكن الحرب على غزة أثرت في ذلك، لا سيما أن المواقف العراقية واضحة من حرب غزة، ولا يمكن أن تجرى الزيارة في وقت تتضامن مشاعر العراقيين والعرب عموماً والعالم ويتعاطفون مع الفلسطينيين، وبالتالي ستفقد مضامينها».

وبشأن جدية تفعيل الإطار الاستراتيجي وجدولة انسحاب «التحالف الدولي»، قال العوادي: «هذا الملف محسوم من الطرفين العراقي والأميركي» وفق قوله. وزاد: «الحكومة العراقية جادة بنسبة 100 في المائة في هذا الموضوع، ولا يمكن لرئيس الوزراء أن يجامل في هذا الموضوع أو يناظر فيه، إذ يتعلق بمستقبل العراق وسيادة البلد وغير قابل للمناورة».

وأكد أن «ما يقوله رئيس الوزراء هو ما يعمل عليه، وسيقوم ببحث العلاقات المستقبلية لما بعد التحالف الدولي، وستقود المفاوضات إلى نتائج إيجابية وجدول زمني للانسحاب»، مشدداً على أن «هذه الحقيقة غير قابلة للتشكيك».


مقالات ذات صلة

«التحالف» يسعى لوقف النار بين أنقرة و«قسد»

المشرق العربي عناصر من قوات «قسد» تتمركز في أحد ميادين الرقة (أ.ب)

«التحالف» يسعى لوقف النار بين أنقرة و«قسد»

يكثف التحالف الدولي بقيادة أميركا جهوده لوقف إطلاق النار بين تركيا والفصائل الموالية لها و«قسد» في شمال شرقي سوريا وسط تصعيد مستمر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ جندي أميركي يقف حاملاً سلاحه في قاعدة عسكرية قرب الموصل بالعراق (أرشيفية - رويترز)

«البنتاغون» يعترف بوجود أكثر من 2500 جندي أميركي في العراق

اعترفت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بوجود أكثر من 2500 جندي أميركي في العراق، وهو العدد الذي يجري إعلانه عادة بشكل دوري.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)

​اشتباكات عنيفة حول عين العرب ومخاوف من تفاقم الوضع الإنساني

وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين «قسد» وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا بعد هجومين متزامنين نفذتهما الفصائل على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يحدد 10 يونيو المقبل موعداً لتدشين مطار الموصل

أصدر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، توجيهات بتدشين مطار الموصل الدولي في 10 يونيو (حزيران) 2025.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي لقطة من فيديو لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» تطلق طائرة مسيّرة تحمل قذيفة مضادة للدبابات

الجماعات الكردية السورية في موقف دفاعي مع تغير ميزان القوى

مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا، وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق، تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي.

«الشرق الأوسط» (القامشلي - بيروت - أنقرة )

إسرائيل تتخذ إجراءات أوسع لتعزيز قواتها تحضيراً لإقامة أطول في غزة

أطفال من غزة (أ.ف.ب)
أطفال من غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تتخذ إجراءات أوسع لتعزيز قواتها تحضيراً لإقامة أطول في غزة

أطفال من غزة (أ.ف.ب)
أطفال من غزة (أ.ف.ب)

على الرغم من استمرار المفاوضات لمحاولة التوصل لوقف إطلاق نار في قطاع غزة يشمل صفقة تبادل أسرى، فإن إسرائيل ما زالت تتخذ إجراءات ميدانية وتتوسع فيها بهدف تعزيز قواتها وتعزيزها لإقامة طويلة.

وتقسم إسرائيل قطاع غزة إلى قسمين: المنطقة الشمالية التي تضم محافظتي غزة والشمال، والمنطقة الجنوبية، التي تضم مخيمات وسط القطاع، وكذلك محافظتي خان يونس ورفح. ومنذ إعادة بسط سيطرتها على محور ما يعرف بمستوطنة «نتساريم» سابقاً، أو ما يُسمى «ميدان الشهداء» فلسطينياً، إلى جانب محور «فيلادلفيا» أو ما يعرف فلسطينياً «صلاح الدين» على الحدود بين القطاع ومصر، وهي تعمل على توسيع هذين المحورين وتعزز أعداد قواتها، مع توفير وسائل قتالية وتكنولوجية مختلفة.

مخيم للنازحين في غزة (إ.ب.أ)

ومنذ بدء العملية العسكرية البرية في شمال قطاع غزة قبل نحو 80 يوماً في مخيم جباليا، وامتدادها إلى بيت لاهيا، ومنذ أيام إلى بيت حانون، لا تتوقف عمليات نسف المنازل والمباني، ما تسبب بدمار هائل لا يكاد يوصف، وغير معالم الأحياء هناك.

ولم يكن أفضل المتشائمين يتوقع أن تمتد هذه العملية كل هذه الفترة، بل كانت التوقعات توحي بأنها ستستمر لشهر واحد على الأكثر، لكن توسيعها كشف عن خطط أكبر تسعى من خلالها إسرائيل لإقامة منطقة عازلة من جهة، ومحاولة فرض سيناريوهات تتعلق بما يعرف بـ«اليوم التالي». وهناك سيناريوهات بدأت تشير إلى إمكانية احتلال أجزاء جديدة من شمال القطاع.

وبينما تغيب الحقيقة عن المشهد بالنسبة للفلسطينيين، بعد إجبار سكان غالبية تلك المناطق على النزوح، ولم يتبقَّ سوى القليل جداً من السكان الذين يتعرّضون لقصفٍ جوي وعمليات برية مفاجئة، وحصار في مراكز الإيواء وغيرها، وقتل واعتقال العديد منهم وإجبار النساء والأطفال على النزوح، تكشف تقارير صحافية إسرائيلية وأميركية عن إجراءات اتخذها الجيش الإسرائيلي على الأرض لإقامة ما يمكن أن يشبه منتجعات سياحية بهدف الترفيه عن جنوده من جانب، والتجهيز لإقامة ربما قواعد أو حتى مستوطنات في المستقبل، خاصة مع استمرار الدعوات الصادرة عن اليمين المتطرف لإعادة المستوطنات للقطاع المنكوب.

مشهد آخر من خان يونس (أ.ف.ب)

ووفقاً لتحليل أجرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، لصور الأقمار الصناعية عالية الدقة، فإن القوات الإسرائيلية هدمت أحياء بأكملها، وأقامت تحصينات عسكرية وبنت طرقاً جديدة، مع إخلاء المناطق من الفلسطينيين.

وتُظهِر الأدلة المرئية أن ما يقرب من نصف مخيم جباليا للاجئين قد هُدم أو أخلي بين 14 أكتوبر (تشرين الأول) و15 ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، ما أدى إلى ربط طريق قائم في الغرب بمسار مركبات موسع في الشرق، وإنشاء محور عسكري يمتد من البحر إلى السياج الحدودي مع إسرائيل.

وحسب تقرير نُشر في صحيفة «هآرتس» العبرية، فإن أكثر من 75 في المائة من مباني ومنازل شمال جباليا، دمرت بشكل كامل.

ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فإنه حتى الأول من ديسمبر الحالي، تم تدمير ثلث المباني في محافظة شمال غزة، بما في ذلك أكثر من 5000 في جباليا، وأكثر من 3000 في بيت لاهيا وأكثر من 2000 في بيت حانون، وفقاً لأحدث البيانات من مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة.

وأظهرت البيانات أيضا أن 60 في المائة من الدمار في مخيم جباليا وقع بين 6 سبتمبر (أيلول) و1 ديسمبر، واستمرت عمليات الهدم والتشريد في الأسابيع التي تلت ذلك.

مشاهد من الدمار في شمال القطاع (رويترز)

وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن الاحتلال الإسرائيلي حوّل شمال قطاع غزة، وخاصةً مخيم جباليا، وجزءاً من بلدة بيت لاهيا، إلى كومة من الركام، فيما تتواصل العمليات في أجزاء أخرى من البلدة، وكذلك الأمر في بيت حانون.

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الاحتلال الإسرائيلي يحاول فرض واقع جديد على الأرض، من خلال إقامة حواجز، ورافعات حديدية وتركيب كاميرات حديثة عليها لرصد كل التحركات، ووضع كرفانات (بيوت متنقلة) في منطقة الإدارة المدنية شرق جباليا، التي تحولت إلى ثكنة عسكرية متكاملة.

ولفتت إلى أن جيش الاحتلال وضع حاجزاً رئيسياً قرب ما يعرف بمنتج «النورس» السياحي غرب مخيم جباليا، على طريق الرشيد الساحلي، إلى جانب وضع كرفانات أيضاً في أقصى شمال منطقة العطاطرة، وبعض الأبراج العسكرية الخشبية إلى جانب رافعة مزودة بوسائل تكنولوجية مختلفة لرصد أي حركة.

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإنه تم إقامة منتجع سياحي صغير، وُضع بداخله حمامات، ومقهى لتقديم المشروبات الساخنة، ومطعم للوجبات السريعة، وصالات ألعاب رياضية، وعيادة طب أسنان، وصالون حلاقة، وغرفة مخصصة لإقامة صلوات تلمودية، وتشغيل محطة تحلية مياه البحر بإنتاج يومي يصل إلى 60 ألف لتر مكعب.

وبينت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي أقام 3 منتجعات مماثلة في مواقع عدة داخل قطاع غزة، وجميعها تُطل على البحر.

وقد تكون الصحيفة تشير إلى مواقع مماثلة في منطقة «محور نتساريم» من جانبه الغربي المطل على ساحل البحر المتوسط، وآخر على شاطئ البحر مع «محور فيلادلفيا» جنوب القطاع.

وتنفي إسرائيل علناً نواياها بالبقاء داخل قطاع غزة، وتُصر بشكل أكبر على التمسك بالبقاء بشكل أساسي على «محور فيلادلفيا» بحجة منع تهريب الأسلحة، بينما يعمل اليمين المتطرف داخل حكومة بنيامين نتنياهو، وكذلك قادة المستوطنين، على تشجيع إعادة المستوطنات والاستيطان، وإلغاء قانون أقر في الكنيست عام 2005، لفك الارتباط عن غزة من خلال تفكيك المستوطنات آنذاك، الذي على إثره تم تنفيذ عملية الانسحاب.

وزار قادة المستوطنين وأعضاء كنيست من اليمين المتطرف حدود قطاع غزة، مرات عدّة، وكانوا في بعضها يحملون مخططات إعادة بناء المستوطنات.

ويخشى سكان قطاع غزة من استمرار بقاء القوات الإسرائيلية على «محور نتساريم» ما يفصل شمال القطاع عن وسطه وجنوبه، كما كان الحال قبل الانسحاب في عام 2005، إلى جانب خشيتهم من إقامة مناطق عازلة أو حتى إقامة مواقع عسكرية جديدة داخل أراضي القطاع، على الحدود الشرقية والشمالية، أو إعادة المستوطنات، ما يعني احتلال القطاع مجدداً بشكل جزئي.

.

ويخشى سكان جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون بشكل خاص، من عدم القدرة على العودة إلى منازلهم وبقاء القوات الإسرائيلية لفترة طويلة هناك حتى ولو تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.

ويتهم وزير الجيش الإسرائيلي الأسبق، موشيه يعلون، الجيش بتنفيذ عمليات «تطهير عرقي» في جباليا، وقال: «بيت لاهيا لم تعد موجودة، وبيت حانون لم تعد موجودة، والآن يعملون على جباليا»، وهذا الأمر دفع الجيش وجهات سياسية في إسرائيل لمهاجمته.