إسرائيل تبدأ «المرحلة الثالثة» في شمال غزة بعمليات اغتيال مركّزة

استهدفت قادة ونشطاء في «كتائب القسام» وناقلي الأموال

فلسطينيان بجوار جامعة الأقصى التي تحولت إلى ركان نتيجة القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيان بجوار جامعة الأقصى التي تحولت إلى ركان نتيجة القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تبدأ «المرحلة الثالثة» في شمال غزة بعمليات اغتيال مركّزة

فلسطينيان بجوار جامعة الأقصى التي تحولت إلى ركان نتيجة القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيان بجوار جامعة الأقصى التي تحولت إلى ركان نتيجة القصف الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ف.ب)

بدأت إسرائيل في الأسبوع الأخير انتهاج سياسة الاغتيالات المركّزة في شمال قطاع غزة ومدينة غزة، بعد الانسحاب الثاني من هناك، إيذاناً ببدء المرحلة الثالثة التي تقوم على ضربات مستهدفة بدل الاجتياحات والقصف الموسّع، وهي مرحلة تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل للعمل بها في كل مناطق القطاع.

وبخلاف ما يجري في جنوب القطاع من عملية برية واسعة يرافقها قصف موسع ومتواصل، وهي مرحلة اختبرتها إسرائيل في شمال القطاع في السابق، فإن قوات الاحتلال تقوم الآن في الشمال ومدينة غزة باختبار مرحلة الغارات الموجهة والمركزة التي تستهدف في غالبيتها منازل أو مركبات يستقلها نشطاء في الفصائل الفلسطينية.

وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش الإسرائيلي بدأ فعلياً عمليات الاغتيال ضد نشطاء ميدانيين في الفصائل الفلسطينية، خصوصاً نشطاء حركة «حماس»، وقد نجح في استهداف بعضهم وفشل في استهداف آخرين. وأضافت المصادر: «تتعامل الفصائل مع مرحلة مختلفة، وتتخذ احتياطات أمنية».

وبحسب مصادر «الشرق الأوسط»، فإن إسرائيل نجحت في اغتيال الكثير من القادة الميدانيين في شمال القطاع ومدينة غزة، لكنها فشلت في عملية كانت ستكون الأهم، عندما استهدفت عز الدين الحداد، قائد لواء مدينة غزة في «كتائب القسام»، بعدما قصفت أحد المنازل في حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، وكان يفترض أنه موجود به.

وهذه ليست أول محاولة لاغتيال الحداد، علماً بأن إسرائيل وضعته، مع بقية قادة «القسام» الأهم (قادة الألوية) وجميعهم أعضاء مجلس عسكري عام، على رأس قائمة الاغتيالات.

ونجا الحداد مرات عدة من الاغتيال أثناء الحرب.

مقر وكالة «الأونروا» في مدينة غزة (أ.ف.ب)

لكن إسرائيل نجحت في اغتيال نشطاء بارزين، في الأسبوع الأخير، أهمهم أحمد الغول، وهو قائد سرية عسكرية في «كتائب القسام»، بعد استهداف مركبة كان على متنها خلال مروره قرب ملعب فلسطين وسط مدينة غزة. والغول هو أحد أهم قادة كتيبة الشاطئ التي كان لها دور بارز في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ما دفع الجيش الإسرائيلي بعدها لوضع مخيم الشاطئ الساحلي، أحد أهم الأهداف في عمليته ضد القطاع.

وكان الغول قد قاد مجموعة مسلحة من «القسام»، شاركت في هجوم 7 أكتوبر، واتهمته إسرائيل بأنه كان مسؤولاً لفترات عن تدريب عناصر «القسام»، وشارك في عمليات تصنيع عبوات وصواريخ وأسلحة مختلفة، وهو ابن عم المهندس عدنان الغول القيادي البارز في «القسام»، والرجل الثاني في الكتائب بعد محمد الضيف، وكان قد اغتيل عام 2004 من قبل الجيش الإسرائيلي خلال ملاحقته برفقة الضيف.

كما اغتال الجيش الإسرائيلي علاء أبو حطب، أحد النشطاء الميدانيين البارزين في «كتائب القسام»، وهو المسؤول السابق في القوة البحرية التابعة للكتائب، قبل أن يتولى مسؤوليات أخرى.

وتعرض أبو حطب للقصف برفقة زوجته وأطفاله في مركبة كان على متنها بحي الشيخ رضوان، وقضوا جميعاً.

وكان أبو حطب قد تعرض في معركة «سيف القدس»، عام 2021 لمحاولة اغتيال مماثلة طالته في منزله بمخيم الشاطئ، إلا أنه نجا آنذاك.

ومن بين آخرين، اغتالت إسرائيل الناشط في «حماس» عبد الله أبو عتيلة عندما كان يقود مركبة قرب مفترق اللبابيدي في مدينة غزة، واتضح لاحقاً أنه كان ينقل مبلغاً كبيراً من المال يتعدى المليون ونصف المليون شيقل (الدولار يساوي 3.60 شيقل).

أبنية متضررة جراء المعارك في مدينة غزة في صورة تعود إلى 9 فبراير الحالي (أ.ف.ب)

وبحسب المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، فإن القصف تسبب باحتراق جزء من تلك الأموال الخاصة بـ«حماس» بينما تم إنقاذ جزء منها من قبل نشطاء الحركة.

وتستهدف إسرائيل تفكيك قدرات «حماس» العسكرية والمدنية وقد ركزت منذ بداية الحرب على مصادر تمويل الحركة بما في ذلك الصرافون ورجال الأعمال ومراكز الدعم الاقتصادي، وقصفت وداهمت أماكن تخزين «حماس» للأموال، كما لاحقت مركبات كانت تنقل بعض الأموال من مكان إلى آخر.

ومحاولات الاغتيال طالت كذلك الكاتب والمحلل أيمن الرفاتي الذي قُصف إلى جانب أفراد من عائلته بشارع الجلاء وسط مدينة غزة، لمجرد أنهم ينشطون في الحركة.

كما حاولت إسرائيل اغتيال وسام إسماعيل هنية نجل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، وقصفت منزله بعد لحظات فقط من خروجه من المنزل.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لحظات فصلت بينه وبين الموت.

ولم تقف الاستهدافات عند نشطاء «حماس»، فقد نفذت طائرات مسيّرة إسرائيلية هجوماً آخر استهدف مركبة عند مفترق بركة الشيخ رضوان، طال الناشط في «ألوية الناصر صلاح الدين» الجناح المسلح للجان المقاومة، معتز الغفري، الذي قضى برفقته زوجته وطفله. وتعد «ألوية الناصر صلاح الدين»، مجموعة مسلحة صغيرة نسبياً، لكنها ذات حضور داخل قطاع غزة، ومقربة من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وتضم بالأساس منذ تأسيسها في بداية انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000 نشطاء سابقين من فصائل فلسطينية مختلفة، بما فيها حركة «فتح».

والغفري، ناشط ميداني أصيب في بداية الحرب الحالية على القطاع، بجروح متوسطة، وخضع لعملية جراحية، قبل أن يتعافى حديثاً ويعاد استهدافه.

وبهذا تكون إسرائيل بدأت فعلياً المرحلة الثالثة من الحرب في شمال غزة والمدينة وهي مرحلة تركز على اغتيال مطلوب مع كل قصف، وليس قصف بنايات ومنازل وطرقات وأنفاق.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قد ضغطت قبل نهاية العام على إسرائيل من أجل التحول إلى عمليات «جراحية» أكثر دقة وأقل كثافة لتجنب قتل المدنيين على نطاق واسع.


مقالات ذات صلة

مصر تستهجن تصريحات لنتنياهو: تتضمن «تضليلاً متعمداً»

شمال افريقيا سيارات إسعاف مصرية تعبر معبر رفح باتجاه قطاع غزة في الأول من فبراير لنقل المرضى الفلسطينيين إلى خارج القطاع الفلسطيني (أ.ف.ب) play-circle

مصر تستهجن تصريحات لنتنياهو: تتضمن «تضليلاً متعمداً»

أعربت «الخارجية المصرية» عن استهجانها تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن حصار الفلسطينيين، واعتبرتها «تضليلاً متعمداً ومرفوضاً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وخلفه الرئيس السوري أحمد الشرع في أنقرة (إ.ب.أ) play-circle

إردوغان: خطة ترمب لتهجير الفلسطينيين ليس فيها ما يستحق الحديث عنه

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن مقترحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة «ليس فيها أي جانب يستحق الحديث عنه».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية جدارية لصور الرهائن المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة (أ.ب)

مخاوف إسرائيلية: نتنياهو ينصب الكمائن لهدم الهدنة

رغم انخراطه النسبي في اتفاق وقف إطلاق النار، ثمة شعور إسرائيلي سائد بأن بنيامين نتنياهو يخطط لإفشال المفاوضات ويسعى لنصب الكمائن لحركة «حماس».

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي نتنياهو يرأس اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر «الكابينت» 18 يناير (د.ب.أ) play-circle

إعلام إسرائيلي: مجلس الوزراء المصغر يجتمع الثلاثاء لبحث ملف مفاوضات غزة

أفادت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية بأن مجلس الوزراء الأمني المصغر سيعقد اجتماعاً، بعد غدٍ الثلاثاء؛ لمناقشة المرحلة التالية من مفاوضات وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي مقاتلو «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» لحظة تسليم الرهائن الإسرائيليين «للصليب الأحمر» اليوم (د.ب.أ) play-circle

وفد إسرائيلي يصل الدوحة لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة

قال أومير دوستري المتحدث باسم رئيس الوزراء نتنياهو إن الوفد الإسرائيلي وصل إلى العاصمة القطرية الدوحة لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حماس» منددة بتصريحات ترمب: غزة ليست عقاراً يباع ويشترى

عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (أرشيفية ـ رويترز)
عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (أرشيفية ـ رويترز)
TT

«حماس» منددة بتصريحات ترمب: غزة ليست عقاراً يباع ويشترى

عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (أرشيفية ـ رويترز)
عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» (أرشيفية ـ رويترز)

أدانت حركة «حماس»، اليوم (الأحد)، تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن «شراء وامتلاك غزة" بوصفها «عبثية" وتعكس جهلاً عميقاً بفلسطين والمنطقة.

وقال القيادي في «حماس» عزت الرشق، إن غزة ليست عقاراً يباع ويشترى، فهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأضاف: «غزة لأهلها ولن يغادروها إلا إلى مدنهم وقراهم المحتلة عام 1948».

وكانت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أفادت في وقت سابق من اليوم بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أبلغ صحافيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية بأنه ملتزم «بشراء وامتلاك» غزة.