يخوض المنتخب العراقي، مساء اليوم، واحدةً من أهم مبارياته في تاريخه الحديث، حين يلتقي نظيره السعودي في مواجهة مصيرية ضمن الملحق الآسيوي الحاسم المؤهِّل إلى نهائيات كأس العالم 2026، المقرَّر إقامتها في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وتُقام القمة المرتقبة على ملعب الإنماء في مدينة الملك عبد الله الرياضية بجدة، عند الساعة 21:45 بتوقيت السعودية والعراق، وسط حضور جماهيري غفير ينتظر أن يملأ المدرجات في ليلة كروية استثنائية تجمع «الأخضر السعودي» بـ«أسود الرافدين».
وبحسب وسائل الإعلام العراقية، تُعدّ المباراة بمثابة الفرصة الأخيرة للعراق من أجل بلوغ كأس العالم، إذ يدخل المنتخب العراقي اللقاء بخيار واحد لا بديل عنه، الفوز ولا غير. وأفادت بأن المهمة معقدة للغاية بالنظر إلى حساسية الموقف وضغط الجماهير، لكنها نقلت أجواءً من التفاؤل الكبير داخل معسكر المنتخب، مشيرة إلى أن الجهاز الفني بقيادة الأسترالي غراهام أرنولد عمل على إعداد اللاعبين من الجانبين النفسي والبدني، وغرس فيهم الإيمان بإمكانية تحقيق الإنجاز مهما كانت الظروف.
وأكدت التقارير أن أرنولد استعدّ للقاء بخطة دقيقة تعتمد على التوازن الدفاعي والارتداد السريع عند امتلاك الكرة، مع تطبيق ضغط متدرج لإغلاق المساحات واستغلال سرعة الأطراف في الهجمات المرتدة. وأوضحت أن المدرب حرص خلال التدريبات الأخيرة على اختبار أكثر من أسلوب تكتيكي تحسباً لتغيّر مجريات المباراة، مؤكداً أن الانضباط والتركيز سيكونان مفتاح العبور إلى كأس العالم.
ونشرت وسائل الإعلام العراقية التشكيلة المتوقعة لمنتخب العراق في المواجهة المصيرية، التي تضم في حراسة المرمى القائد جلال حسن، وفي خط الدفاع كلاً من آكام هاشم، وريبين سولاقا، وأحمد يحيى، على أن يتولى حسين علي، وميرخاس دوسكي شغلي مركزَي الظهيرين الأيمن والأيسر. وفي خط الوسط، يُتوقع أن يعتمد أرنولد على زيدان إقبال وأسامة رشيد في محور الارتكاز، مع وجود يوسف أمين وإبراهيم بايش على الطرفين لتأمين التوازن بين الدفاع والهجوم، بينما يتولى أيمن حسين قيادة خط المقدمة، مدعوماً بمهند علي الذي قد يتم الدفع به في الشوط الثاني لزيادة الضغط الهجومي. كما رجّحت المصادر أن يمنح المدرب فرصة المشاركة خلال مجريات اللقاء للثنائي ماركو فرج ومنتظر الماجد؛ لتعزيز النواحي الهجومية في الدقائق الأخيرة.
ونقلت وسائل الإعلام العراقية أن رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال قرَّر تكريم لاعبي المنتخب الوطني بمكافأة مالية بلغت 4 آلاف دولار لكل لاعب بعد الفوز على إندونيسيا، كما وعد بمكافأة كبيرة جداً في حال تحقيق الانتصار على السعودية والتأهل المباشر إلى كأس العالم. وأشارت إلى أن هذه الخطوة جاءت لتحفيز اللاعبين ورفع معنوياتهم قبل المواجهة التاريخية التي ينتظرها الشارع العراقي بفارغ الصبر.
وأكدت التقارير أن لاعبي العراق يدخلون اللقاء بمعنويات مرتفعة وثقة كبيرة، بعد سلسلة من النتائج الإيجابية التي حققها الفريق تحت قيادة أرنولد، الذي نجح في ترسيخ مبدأ اللعب الجماعي والروح القتالية داخل المجموعة. ونقلت عن المدرب أنه وجَّه رسائل واضحة للاعبين شدَّد فيها على أن «الضغط الحقيقي ليس علينا، بل على المنافس»، داعياً إياهم إلى اللعب بروح الشجاعة والمسؤولية لتحقيق الحلم الوطني.
وذكرت التقارير أن أرنولد وضع خطة لإدارة اللقاء على مدار 90 دقيقة بحذر شديد، مع إمكانية تغيير المراكز وفقاً لتطور النتيجة، مستنداً إلى الثقة في قدرة فريقه على الصمود وتسجيل الأهداف في اللحظات الحاسمة. وأشارت إلى أن الحصص التدريبية الأخيرة شهدت انضباطاً كبيراً من اللاعبين جميعاً، حيث ركز الطاقم الفني على الكرات الثابتة والتمركز الدفاعي السليم، إضافة إلى التنويع في أساليب الاختراق من الأطراف والعمق.
كما نقلت وسائل الإعلام العراقية تفاصيل تتعلق بالحضور الجماهيري الكبير، حيث تم طرح 3700 تذكرة جديدة بعد استردادها من السوق السوداء؛ نتيجة الإقبال الكثيف من الجالية العراقية في السعودية، والرغبة الجامحة في مساندة المنتخب في هذه المواجهة التاريخية. وأظهرت الصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد للجماهير العراقية التي رفعت الأعلام وردَّدت الأهازيج في شوارع جدة منذ الساعات الأولى من صباح اليوم.
وتصف الصحافة العراقية هذه المواجهة بأنها «أكبر مباراة لكرة القدم العراقية منذ 18 عاماً»، عادّةً أنها فرصة لاستعادة المجد الكروي والعودة إلى المونديال بعد سنوات طويلة من الغياب. وأكدت أن كل العيون في بغداد وبقية المدن العراقية تتجه الليلة إلى جدة، وأن مشاعر الفخر والقلق تختلط في قلوب الجماهير التي ترى في هذا الجيل نواة أمل جديدة لنهضة الكرة العراقية.
وعلى صعيد المقارنة الفنية، أشارت وسائل الإعلام إلى أن المنتخب العراقي يحتل المركز الـ58 عالمياً بقيمة سوقية تبلغ نحو 22 مليون يورو، بينما يبلغ متوسط أعمار لاعبيه 25 عاماً، ما يعكس مزيجاً متوازناً بين الخبرة والطموح. ويعتمد المنتخب على مجموعة من النجوم المحترفين في أوروبا، أبرزهم زيدان إقبال (4 ملايين يورو)، ومنتظر الماجد (2.5 مليون يورو)، وماركو فرج (2.2 مليون يورو)، وإيمار شير (1.3 مليون يورو). وترى أن وجود هذا العدد من اللاعبين المحترفين في القارة الأوروبية منح العراق ميزةً من حيث الجاهزية والاحتكاك القوي قبل هذه المواجهة.
وأشارت وسائل الإعلام إلى أن المدرب الأسترالي غراهام أرنولد، الذي يواصل مهمته مع العراق بعد مشوار ناجح في التصفيات، سبق له أن واجه المدرب الفرنسي هيرفي رينارد حين كان يقود منتخب أستراليا خلال تصفيات كأس العالم 2022، حيث تعادل المنتخبان 0 - 0 في سيدني، قبل أن يفوز المنتخب السعودي 1 - 0 في جدة. وتعدّ هذه المواجهة امتداداً لتلك المنافسة القديمة، لكن هذه المرة بشعار مختلف، حيث يقود أرنولد «أسود الرافدين» نحو حلم التأهل الثاني في تاريخ العراق، بعد مونديال المكسيك 1986.
وكتبت وسائل الإعلام العراقية أن المنتخب اختتم تدريباته، مساء الاثنين، في أجواء مثالية من الانضباط والتركيز، حيث أظهر اللاعبون التزاماً كبيراً بتعليمات الجهاز الفني خلال الحصة الأخيرة التي تخللتها تدريبات تكتيكية على الكرات الثابتة والتمركز الدفاعي والهجومي. وذكرت أن أرنولد شدَّد على أهمية غلق العمق الدفاعي واستغلال الكرات العرضية والتمريرات الطويلة نحو المهاجم أيمن حسين، الذي استعاد جاهزيته الكاملة بعد غيابه عن مواجهة إندونيسيا؛ بسبب الإصابة، مشيرة إلى أن اللاعب يمثل الورقة الأهم في هجوم العراق إلى جانب زيدان إقبال الذي يُعدّ المحرك الرئيسي في خط الوسط.
واختتمت التقارير بالتأكيد على أن مواجهة الليلة ليست مجرد مباراة تأهل، بل حدث وطني بكل المقاييس، إذ تقف خلف المنتخب حكومة وشعب وإعلام، في مشهد يوحِّد العراقيين حول حلم المونديال. وعدّت أن «أسود الرافدين» أمام لحظة فارقة يمكن أن تعيد للعراق مكانته بين كبار القارة الآسيوية، وتفتح صفحةً جديدةً من المجد الكروي الذي ينتظره جيل كامل من عشاق اللعبة.

