إيمان خليف... لكمات «أولاد الجيران» دفعتها لارتداء القفاز

اللاعبة الجزائرية تشق طريقها إلى المجد الأولمبي رغم جدل «الهوية الجنسية»

إيمان تصرخ فرحاً بعد بلوغها نصف نهائي الملاكمة في الأولمبياد (رويترز)
إيمان تصرخ فرحاً بعد بلوغها نصف نهائي الملاكمة في الأولمبياد (رويترز)
TT

إيمان خليف... لكمات «أولاد الجيران» دفعتها لارتداء القفاز

إيمان تصرخ فرحاً بعد بلوغها نصف نهائي الملاكمة في الأولمبياد (رويترز)
إيمان تصرخ فرحاً بعد بلوغها نصف نهائي الملاكمة في الأولمبياد (رويترز)

شكّلت الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، المشاركة في أولمبياد باريس 2024، محوراً للجدل حول اختلافات تحديد الجنس في الرياضة، وازدادت حدة الجدل بعد انسحاب منافسة إيطالية أمامها في غضون 46 ثانية من بدء النزال بينهما.

وكانت إيمان قد فشلت في تجاوز اختبارات الأهلية الجنسية لدى الاتحاد الدولي للملاكمة في عام 2023، في حين تقول اللجنة الأولمبية الدولية إن لها الحق في المشاركة ضمن منافسات السيدات.

وتأهّلت إيمان إلى نصف نهائي الملاكمة اليوم، ضامنة ميدالية لبلادها في المحفل الدولي.

وولدت إيمان عام 1999، ونشأت تمارس كرة القدم في قريتها الريفية بولاية تيارت في الجزائر، والآن هي سفيرة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وسبق لها أن صرحت للمنظمة بأن لكمات الأولاد من جيرانها هو ما دفعها إلى ممارسة الملاكمة في سن 16 عاماً.

ولم يكن التدريب أمراً سهلاً بالنسبة لها، فمع عمل والدها لحّاماً للمعادن في الصحراء، كانت تبيع الخردة المعدنية، وكذلك الكسكس الذي تصنعه والدتها، من أجل توفير المال لاستقلال حافلة تقطع بها مسافة 10 كيلومترات (6 أميال) إلى أقرب صالة ألعاب رياضية.

وعن أكثر شيء يجعلها تشعر بالفخر، قالت إيمان في سيرتها الذاتية لدى «اليونيسيف»: «القدرة على التغلُّب على العقبات في حياتي».

وسرعان ما لفتت إيمان انتباه الاتحاد الجزائري للملاكمة، وشاركت في بطولة العالم للسيدات 2018، وقد احتلت المركز الـ17 بعد خروجها من الدور الأول.

ومثّلت إيمان الجزائر في أولمبياد طوكيو، وخسرت حينها أمام الآيرلندية كيلي هارينجتون في دور الثمانية، وأحرزت في عام 2022 المركز الثاني في بطولة العالم للسيدات، إثر خسارة النهائي أمام الآيرلندية إيمي برودهرست.

وفي عام 2023، وقبل ساعات من نزال الميدالية الذهبية في بطولة العالم في نيودلهي، جرى استبعاد إيمان بسبب فشلها في استيفاء معايير الأهلية للاتحاد الدولي للملاكمة.

وفشلت إيمان والملاكمة التايوانية لين يو-تينغ في الإيفاء بمعايير الأهلية لدى الاتحاد الدولي للملاكمة، التي تتضمن منع أي رياضية لديها كروموسومات «إكس واي» الذكورية من المشاركة في منافسات السيدات.

خلال مواجهتها مع المجرية لوكا هاموري (رويترز)

وذكر الاتحاد أن أياً من الملاكمتين لم تخضع لفحص هرمون «التستوستيرون»، وإنما خضعتا لاختبار منفصل ومعترف به.

وأضاف أن تفاصيل تلك الاختبارات تظل سرية، لكنه أشار إلى أن الملاكمتين أظهرتا ميزة تنافسية.

وجاء في اجتماع مجلس إدارة الاتحاد الدولي للملاكمة في مارس (آذار) 2023 أن «اللاعبتين لا تستوفيان أحد معايير الأهلية»، دون تحديد المعيار المقصود.

ولم يذكر الاتحاد ما إذا كان السبب هو وجود كروموسوم «إكس واي» الذي عادة ما يرتبط بالذكور، ولكن يمكن أن يشكل مؤشراً لدى الإناث على وجود اختلاف في اضطراب الجنس.

وفي يونيو (حزيران) 2023، جردت اللجنة الأولمبية الدولية الاتحاد الدولي للملاكمة من أهليته بوصفه هيئة عالمية للملاكمة بسبب الفشل في استكمال إصلاحات تتعلق بالحوكمة والتمويل وقضايا أخلاقية.

وتولت اللجنة إدارة منافسات الملاكمة في أولمبياد باريس، وسمحت لإيمان ولين بالمشاركة وفقاً لإرشادات الأهلية الخاصة بها.

وعندما انسحبت الإيطالية أنجيلا كاريني بعد 46 ثانية فقط من بدء نزالها أمام إيمان في دور الـ16 من منافسات وزن الوسط للسيدات، إثر تلقي عدة لكمات قوية، أثير الجدل من جديد حول تحديد الجنس.

وكان الملياردير إيلون ماسك، مؤسس شركة «تسلا» ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، والكاتبة البريطانية جيه كيه رولينغ قد انتقدوا مشاركة إيمان في الأولمبياد.

وقال خير الدين برباري، رئيس بعثة الجزائر في أولمبياد باريس، إن اللجنة الأولمبية الجزائرية تدعم إيمان، وقد تقدمت بشكوى إلى اللجنة الأولمبية الدولية بشأن الحملة «غير الأخلاقية».

ووصف والد إيمان الهجوم على ابنته بأنه «غير أخلاقي»، مؤكداً أنها شرّفت عائلتها.

وتنص أحدث إرشادات اللجنة الأولمبية الدولية الصادرة في عام 2021 على أن الإدماج يجب أن يكون هو الإجراء الافتراضي في مثل هذه الحالات، وأنه لا ينبغي استبعاد أي رياضية من منافسات السيدات إلا إذا كانت هناك قضايا واضحة تتعلق بالعدالة أو السلامة.

وقال توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية: «لدينا ملاكمتان ولدتا بصفتهما امرأتين، ونشأتا امرأتين، ولديهما جوازات سفر بوصفهما من النساء، وتنافستا لسنوات كثيرة بوصفهما من النساء، وهذا تعريف واضح لكونهما من النساء».

وقالت اللجنة الأولمبية الدولية أيضاً إن إيمان ولين كانتا «ضحيتين لقرار مفاجئ وتعسفي من قِبل الاتحاد الدولي للملاكمة»، وأنه تم استبعادهما في عام 2023 دون اتباع الإجراءات الواجبة.

وأضافت اللجنة أن الملاكمتين شاركتا في منافسات للسيدات قبل استبعادهما في 2023، بما في ذلك أولمبياد طوكيو، وبطولات عالم تابعة للاتحاد الدولي للملاكمة وغيرها.


مقالات ذات صلة

أولمبياد باريس: إخفاق عربي جماعي في الرماية و«القوى»

رياضة عالمية  السعودي حسين آل حزام خلال منافسات القفز بالزانة (الشرق الأوسط)

أولمبياد باريس: إخفاق عربي جماعي في الرماية و«القوى»

خرج العرب بخفي حنين من منافسات الرماية وألعاب القوى في أولمبياد باريس، رغم نتائجهم الجيدة في الدورات السابقة.

رياضة عالمية آل حزام وقع في أخطاء حالت دون استكمال مشواره الأولمبي (الشرق الأوسط)

أولمبياد باريس: أخطاء «آل حزام» تنهي مشواره مبكراً في «القفز بالزانة»

عاش العرب يوماً رياضياً مخيباً للآمال بخروجهم الجماعي من منافسات القوى والرماية دون أي بصمة تذكر. وذلك في منافسات أولمبياد باريس 2024.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية جوليين ألفريد وفرحة غامرة بعد الإنجاز الكبير (أ.ف.ب)

جوليين «المعجبة ببولت» تهدي جزيرتها الصغيرة إنجازاً أولمبياً كبيراً

حققت العداءة جوليين ألفريد ذهبية غير مسبوقة في سباق 100 م لجزيرتها المغمورة سانت لوسيا، السبت في أولمبياد باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس )
رياضة عالمية ليبرون جيمس يسجل في سلة بورتوريكو خلال مواجهة المنتخبين (أ.ب)

«أولمبياد باريس-سلة»: العلامة الكاملة لمنتخب الأحلام الأميركي

حقق "منتخب الأحلام" الأميركي العلامة الكاملة في دور المجموعات لمسابقة كرة السلة في دورة الالعاب الأولمبية في باريس عندما تغلب على بورتوريكو 104-83.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية فريق التتابع الأميركي المختلط خلال التتويج (أ.ف.ب)

ذهبية ورقم قياسي عالمي لأميركا في سباق التتابع للفرق المختلطة

 فازت الولايات المتحدة بالميدالية الذهبية في سباق أربعة في 100 متر تتابع للفرق المختلطة متنوع في ألعاب باريس بعدما حققت رقما قياسيا عالميا السبت.

«الشرق الأوسط» (باريس)

علاء عبد السلام... بطل رمي الجلة يعد برفع علم سوريا عالياً في باريس

النجم السوري وعد برفع عَلم بلاده عالياً في باريس (الشرق الأوسط)
النجم السوري وعد برفع عَلم بلاده عالياً في باريس (الشرق الأوسط)
TT

علاء عبد السلام... بطل رمي الجلة يعد برفع علم سوريا عالياً في باريس

النجم السوري وعد برفع عَلم بلاده عالياً في باريس (الشرق الأوسط)
النجم السوري وعد برفع عَلم بلاده عالياً في باريس (الشرق الأوسط)

يحمل السوري علاء عبد السلام، بطل ألعاب القوى في رمي الجلة «الكرة الحديدية»، على عاتقه مهمة إهداء بلاده ميدالية ذهبية في ألعاب باريس 2024 البارالمبية.

وعلاء يبلغ من العمر 31 عاماً، ومشاركته الدولية ليست الأولى؛ حيث سبق له أن خطف ميداليتين برونزيتين في رمي الرمح ورمي الكرة الحديدية في الدورة الآسيوية بإندونيسيا، وتسجيل أرقام مؤهلة في سلسلة العالم بدبي والجائزة الكبرى في الصين والجائزة الكبرى في تونس.

وكان عبد السلام قد شارك في عدد من المحافل المحلية والعربية والعالمية، حيث تمكّن، في تجمع لقاء الرياضات الخاصة التي أقيمت في خورفكان، من الظفر بذهبيتيْ دفع الكرة الحديدية ورمي الرمح تحت تصنيف 53.

ويتحدث علاء عبد السلام، لـ«الشرق الأوسط»، عن أبرز إنجازاته التي تركت بصمة في مسيرته، فيقول: «أبرز إنجازاتي هو ذهبية الدورة الآسيوية للشباب، إضافة لبرونزيتين في الدورة الآسيوية في جاكرتا 2018، ضمن رياضتيْ رمي الرمح والكرة الحديدية، وبرونزية غالية في الدورة الآسيوية التي أقيمت في الصين هانغتشو بالكرة الحديدية. وأنا فخور؛ كوني المتأهل الوحيد لألعاب باريس البارالمبية 2024، وأنا حالياً أشارك من معسكر داخلي في فندق تشرين، والتحضير جيد رغم أن الإمكانيات محدودة، وغياب المعسكرات الخارجية».

علاء عبد السلام يُتوّج خلال إحدى مشاركاته الدولية (الشرق الأوسط)

أما عن تمثيل بلاده وحُلمه الشخصي فيقول: «حلمي أن أحقق ميدالية ذهبية في باريس، وأنا أَعِد بتشريف اسم بلادي في هذا الحدث العالمي، رغم قلة الإمكانيات».

من جهته، قال محمد جمال العليوي، البطل السابق وعضو اتحاد ألعاب القوى السوري، وأمين سر اللجنة البارالمبية السورية، عن التحضيرات: «منذ بداية العام كان التحضير لأكثر من اللعبة من أجل تأهيل أكبر عدد من اللاعبين بأكثر من لعبة، ولم يبخل المكتب التنفيذي بدعم خطة الاتحاد من أجل ذلك، لكن وبسبب التطور الفني الحاصل على صعيد الرياضات البارالمبية على مستوى العالم، لم نستطع التأهل إلا في ألعاب القوى عن طريق اللاعب علاء عبد السلام».

يُذكر أن البطل السابق جمال العليوي درّب عدداً من الأسماء السورية البارزة، أبرزهم حميد منصور بطل العالم للناشئين عام 2009، وبطل آسيا والعرب، ومصعب عيشة صاحب برونزية بطولة آسيا عام 2010، وعدداً من البطولات العربية والدولية، وهبة العمر البطلة الدولية وبطلة عرب في رياضة رمي القرص.