شهد الأداء العربي تقدماً خجولاً في مونديال بودابست لألعاب القوى الذي اختُتم الأحد، إذ زادت الغلّة ميدالية واحدة عن البطولة السابقة في مدينة يوغين الأميركية، مع ذهبيتين وبرونزيتين كانتا مناصفة بين الرجال والسيدات.
في يوغين، كان القطري معتزّ برشم والمغربي سفيان البقالي هما من أنقذا ماء وجه العرب بإحرازهما ذهبيتين، إلى جانب فضية الجزائري جمال سجاتي الذي لم يوفّق في المنافسات الأخيرة.
لكن في بودابست، مع ذهبيتي البقالي والبحرينية وينفريد موتيلي يافي، وبرونزيتي برشم والمغربية فاطمة الزهراء كردادي، ارتفعت الغلة العربية في تاريخ البطولة إلى 83 ميدالية بينها 34 ذهبية و24 فضية و25 برونزية، لكنها بقيت بعيدة عن قمة التألق العربي في نسخة 2005 في هلسنكي بأربع ذهبيات وفضيتين، ثم نسخة 2003 في باريس بأربع ذهبيات وفضية واحدة، وغوتبورغ 1995 بثلاث ذهبيات ومثلها فضية وبرونزيتين.
برونزية «تاريخية» لبرشم : في بودابست، كانت أولى الميداليات لبرشم على عادته، لكن لونها هذه المرة كان برونزياً، رغم أنه كان يسعى إلى ذهبية رابعة توالياً في الوثب العالي.
لكن الإيطالي جانماركو تامبيري كسر هيمنة «الصقر» القطري ليحلّ الأخير ثالثاً، في نتيجة وصفها هو نفسه بـ«التاريخية».
ولم يكن برشم محبطاً بما حقّقه، رغم أنه كان مرشحاً للفوز، وخصوصاً أنه سجّل أفضل قفزة هذا الموسم مع ارتفاع 2.36 م في بولندا منتصف يوليو (تموز).
لكنه رغم ذلك، قال لوكالة فرانس برس: «في أي بطولة يكون طموحنا الذهب والفوز، لكن سبحان الله هذه هي الرياضة يوم لك ويوم عليك».
وأضاف: «أراه تاريخاً لأنني حققت ثلاث ذهبيات وفضية واليوم برونزية، وبالتالي أصبحت اللاعب الوحيد في تاريخ الوثب العالي الذي يمتلك خمس ميداليات في بطولات العالم».
في القفزة الثاني عند 2.29 م، كان برشم أعلى من الحاجز بكثير وبدا مرتاحاً، حتى ظنّ البعض أنه قد يكسر الرقم القياسي العالمي للكوبي خافيير سوتومايور (2.45 م) في 1993.
لكن برشم قال: «هناك أخطاء تكتيكية حصلت. أنا لم أر الفيديو، سأشاهده مع المدرّب ونحاول إصلاح الأخطاء».
وأضاف: «الآن فترة استراحة ونعود مع المدرّب لنضع خطّة مدروسة للحدث المقبل وهو الأولمبياد».
البقالي لا يكلّ: افتتاح الذهب كان مغربياً، مع إحراز البقالي البطل الأولمبي للقبه الثاني توالياً في سباق 3 آلاف م موانع، متفوقاً على الإثيوبي لاميشا غيرما حامل الرقم القياسي العالمي.
وهذا اللقب العالمي الثاني توالياً للبقالي بعد يوجين العام الماضي، في أعقاب حصده أيضاً الميدالية الذهبية في أولمبياد طوكيو صيف عام 2021.
قال البقالي لفرانس برس بعد فوزه: «أنا سعيد جداً لفوزي بالذهبية الثانية توالياً، أتيت إلى هنا لأفوز بالذهب ولا شيء غيره».
وأضاف: «كانت لدي منافسة صعبة من حامل الرقم القياسي العالمي (غيرما)، لكنني تمكنت من فرض سيطرتي في اللفة الأخيرة. لم يكن الأمر سهلاً لكنني تمكنت من الفوز».
وكان البقالي تألق العام الماضي بشكل لافت، وأضاف اللقب العالمي إلى الأولمبي، منهياً الهيمنة الكينية على المسافة.
وبعدما كان فعلها في أولمبياد طوكيو صيف عام 2021، عندما أصبح أول عداء غير كيني يحرز اللقب منذ 1980، أكد البقالي (27 عاماً) مرة أخرى أنه «ملك» السباق واضعاً حداً لسيطرة الكينيين عليه لمدة 15 عاماً في بطولة العالم عندما نال الذهبية في يوجين الأميركية.
سابقة للكردادي: كانت الميدالية الثالثة مغربية أيضاً، لكنها برونزية، عندما أهدت فاطمة الزهراء كردادي سيدات المغرب أوّل ميدالية في سباق الماراثون ضمن بطولة العالم لألعاب القوى.
وفي ظروف رطبة وحرارة مرتفعة بلغت 29 درجة مئوية، حلّت كردادي خلف الإثيوبيتين أماني بيريسو شانكولي (ذهبية) وغوتيتوم جبراسيلاسي (فضية).
وقالت كردادي إن الميدالية تعني لها «بداية مسيرتي».
وأضافت: «لم تكن النتيجة مفاجئة لي لأني نزلت ثلاث مرات تحت حاجز ساعتين و23 دقيقة هذه السنة. والمرة الماضية في الرباط كانت الظروف مشابهة لبودابست».
وتابعت أن «النتيجة جاءت ترجمة لجهود مكثفة على مدى سنوات، كان حلمي أن أصعد إلى منصة تتويج، وها هو تحقق الآن».
يافي تثأر لنفسها: أما الختام، فكان ذهباً مع العداءة البحرينية وينفريد موتيلي يافي في سباق 3 آلاف م موانع.
في يوجين، خيّبت يافي الآمال عندما تسلمت في الأمتار الأخيرة من سباق 3 آلاف م موانع.
كانت حينها المرشحة الأبرز للظفر بميدالية على الأقل إن لم يكن الذهب بفضل امتلاكها أفضل توقيت في السباق ذلك العام.
لكن في بودابست كان الثأر لنفسها. فسجّلت البحرينية زمناً قدره 8:54.29 دقيقة، وهو خامس أسرع توقيت في التاريخ، لتنتزع الذهب على حساب الكينيتين بياتريس شيكبويش حاملة الرقم القياسي العالمي، وفايث شيروتيش.
قالت يافي بعد الفوز: «لقد كان سباقاً سريعاً، ولكنني شعرت أنني بخير وأدركت أنني سأمتلك القوة في اللفة الأخيرة. كان الأمر رائعاً، لم يخالجني هذا الشعور من قبل».