مرّت 9 أعوام منذ أن عرف عالم «فورمولا 1» بطلاً للسائقين لا يحمل اسم لويس هاميلتون أو ماكس فرستابن. لكن وبحسب شبكة «The Athletic»، وبعد موسم 2025 المتقلّب، المليء بالدراما والتحولات والضربات المفاجئة، يقف لاندو نوريس على أعتاب إنهاء حكم فرستابن الممتد لـ4 مواسم... وتكرار إنجاز نيكو روزبرغ بالتتويج لأول مرة ببطولة العالم.
غير أن الطريق نحو المجد في «جائزة قطر الكبرى» هذا الأسبوع مليء بالتعقيدات الحسابية، والسيناريوهات الاستراتيجية، والتهديد المستمر من منافسَين شرسَين: أوسكار بياستري وفرستابن، اللذين يتنفسَّان خلف رقبته.
وضع البطولة قبل «جولة قطر»، جدول البطولة قبل الجولة قبل الأخيرة يكاد لا يُصدّق:
لاندو نوريس: 390 نقطة (7 انتصارات).
أوسكار بياستري: 366 نقطة (7 انتصارات).
ماكس فرستابن: 366 نقطة (6 انتصارات).
بياستري يحتل المركز الثاني لأنَّه يملك عدداً أكبر من الانتصارات مقارنة بفرستابن، رغم تساويهما في النقاط. أما نوريس وبياستري فكلاهما فاز بـ7 سباقات، ما يعني أن التعادل بينهما سيُحسَم عبر عدد المراكز الثانية.
«جائزة قطر» مهمة ليس فقط لأنها قد تحسم اللقب، وإنما لأنها آخر عطلة نهاية أسبوع بنظام سباق السرعة هذا الموسم، وبالتالي تحتوي على نقاط إضافية.
توزيع النقاط هذا الأسبوع
سباق السرعة (19 لفة - السبت): 8 نقاط للفائز - ثم 7 حتى 1 للنقطة الثامنة.
السباق الرئيسي (57 لفة - الأحد): 25 - 18 - 15 - 12 - 10 - 8 - 6 - 4 - 2 - 1 ولا توجد نقطة لأسرع لفة هذا الموسم.
المتاح إذن في سباق قطر هو 33 نقطة، وفي أبوظبي بعده 25 نقطة. أي أن البطولة تُحسم خلال 58 نقطة في أسبوعين، مع 3 سائقين قادرين رياضياً على الفوز باللقب.
نوريس يتقدَّم بفارق 24 نقطة فقط بعد سيناريو لاس فيغاس الصادم. كان يفترَض أن يتجه إلى قطر بفارق 30 نقطة، لكن استبعاده هو وبياستري بسبب تآكل القاعدة الخشبية - بزيادة 0.12 ملم فقط عند نوريس - ألغى مركزه الثاني ونقاطه الثمينة، وسمح لفرستابن بالعودة للمنافسة بقوة.
ورغم ذلك فإن مصير اللقب لا يزال بين يديه وحده.
طريق نوريس للقب... بالأرقام
السيناريو الأول... الفوز الحاسم: إذا فاز نوريس بسباق الأحد، وتفوّق بالنقاط على بياستري وفرستابن خلال كامل عطلة نهاية الأسبوع، فإنه يصبح بطل العالم مباشرة، مهما حدث في أبوظبي لاحقاً.
سيكون حينها قد حقَّق 8 انتصارات مقابل 7 لبياستري و6 لفرستابن، وسيحسم اللقب عبر قاعدة عدد الانتصارات حتى لو خسر كل نقاط أبوظبي.
السيناريو الثاني... الفوز دون فوز: إذا رفع نوريس فارق النقاط إلى 26 نقطة أو أكثر بعد سباق الأحد، فسيُتوج بطلاً للعالم.
لماذا 26؟ لأن أقصى ما يمكن لأي سائق تحقيقه في أبوظبي هو 25 نقطة، وبالتالي لن يستطيع أي منافس اللحاق به.
أمثلة بسيطة: لو أنهى نوريس ثانياً في السباقين (السبت/الأحد)، وأنهى بياستري وفرستابن ثالثين، سيرفع الفارق بـ4 نقاط ويصل إلى 28، ويتوّج بطلاً.
لو فاز نوريس بالسباق القصير، وأنهى الثالث في الرئيسي، بينما أنهى منافساه الخامس أيضاً فارق +4.
حتى الفوز بسباق السرعة + المركز الرابع في السباق الرئيسي قد يكفي إذا أنهى المنافسان في المركز السادس أو أسوأ. باختصار: يتوجب على نوريس فقط أن يتفوق على بياستري وفرستابن بفارق نقطتين خلال عطلة نهاية الأسبوع... ليصبح بطل العالم.
ماذا تقول لغة الأرقام؟
نوريس: أفضل مَن قدم أداءً منذ العطلة الصيفية، حيث فاز في المكسيك والبرازيل، حقَّق زمن انطلاق مذهلاً في فيغاس وسط ظروف مناخية عصيبة، الأداء ثابت... وسلوك الأبطال يظهر بوضوح.
فرستابن... العودة المرعبة
بعد أن كان متأخراً بـ 104 نقاط عن بياستري في زاندفورت، حقق 4 انتصارات في 8 سباقات، وصعد لمنصة التتويج في كل سباق لم يفز به.
ريد بول حقق طفرة هندسية هائلة منذ إدخال أرضية جديدة في مونزا، ونجح في حل معضلة ارتفاع السيارة. فرستابن الآن عاد ليصبح تهديداً مباشراً... ودون ضغط.
بياستري - الانهيار غير المتوقع: كان متصدراً بفارق 34 نقطة قبل أسابيع قليلة، لم يقف على منصة التتويج منذ مونزا (7 سبتمبر)، لم ينهِ أي سباق متقدماً على نوريس منذ ذلك الحين. رغم أنه يقود سيارة نوريس نفسها، فإن أداءه تراجع بشكل كبير.
الضغط... والخبرة... والفرصة الذهبية: لم يقترب نوريس من لقب العالم في مسيرته كما هو الآن.الضغط سيكون هائلاً: خطأ واحد فقط قد يُسقط حلم عمره بالكامل، فرستابن يدخل عطلة نهاية الأسبوع مثل ملاكم متمرّس: يعرف جيداً كيف تُدار معارك اللقب، لا يتأثر بالضغط، ولا يزال يرى في نفسه «الملك» الذي يجب ألا يُهزم. أما بياستري... فرغم تراجع مستواه، فهو يملك سرعة فطرية قد تدمر أي سيناريو بسهولة إذا وجد إيقاعه.
الخلاصة: المعادلات الحسابية تخدم نوريس، والمستوى الفني يخدمه، السيارة في أوجها. لكن... الهامش بين المجد والانهيار رفيع جداً، كل ما عليه فعله هو تقديم عطلة نهاية أسبوع شبه مثالية، لو نجح... فسيكتب التاريخ يوم الأحد من بوابة الدوحة.

