كان الأمل أن تُحدث الـ440 مليون جنيه إسترليني، التي أنفقها ليفربول في الصيف، دفعةً هائلةً في رحلة الدفاع عن اللقب، لكن المهاجم الجديد العاجز عن التهديف لم يقدِّم ما يُثبت أن هذا الاستثمار كان قراراً صائباً.
وبحسب شبكة «التليغراف البريطانية»، قد ينظر أكثر أعضاء مجموعة ملكية ليفربول إدراكاً إلى حال «أمة آنفيلد» اليوم، ويتأملون بهدوء استنتاجاً غير شعبي بعد الهزيمة القاسية بثلاثية نظيفة أمام نوتينغهام فورست: «هذه آخر مرة ننفق فيها كل هذا المال في نافذة انتقالات واحدة».
لطالما اتُّهمت مجموعة «فينواي سبورتس غروب» خطأً في كثير من الأحيان بالتقشّف في الاستثمار، لكنها الآن بالتأكيد تشتاق لتلك الأيام التي كانت تُوصف فيها بأنها تتفوق على نفسها رغم قلّة الإنفاق.
أما اليوم، فالدفاع عن اللقب يتجه نحو أن يُعرَّف بأنه فصل من فصول «الإنفاق المبالغ فيه» و«الإخفاق الفادح»، في حين يتحول نجوم الصفقات القياسية إلى واجهة هذا الانحدار عبر سياسة تدوير «كاريكاتيرية».

لم يكن فلوريان فيرتز موجوداً في الخسارة أمام فورست ليكون عنواناً للتساؤلات حول قيمة صفقته. لا مشكلة، فقد تولّى ألكسندر إيزاك المهمة بفاعلية كاملة، محافظاً على النسق ذاته.
وسط ركام أسوأ خسارة لليفربول في عهد آرني سلوت على «آنفيلد»، ستبقى هناك بالتأكيد فئة تدرس «الظروف المحيطة»، وتجادل بأن مسألة نجاح إيزاك مسألة «وقت» لا «احتمال». جميل... لكن سيكون من المفيد لو قدّم أصحاب هذا اليقين «خطاً زمنياً» لبقية العام؛ ربيع 2026 مثلاً؟ أم يجب أن نصدّق أن شهر أغسطس (آب) المقبل معلَّم في روزنامة النادي بوصفه موعد ظهور أغلى لاعب في تاريخ ليفربول؟
حسناً... بدأ «إعداد ما قبل الموسم» الخاص بإيزاك يوم 1 سبتمبر (أيلول)، هل كان جزءاً من الصفقة أن يستمر ذلك «الإعداد» لنصف موسم كامل؟ هل من المعقول أن نتوقَّع أكثر مقابل 125 مليون جنيه إسترليني؟ هدف واحد في الدوري، أو تمريرة حاسمة قبل عيد الميلاد... ستكون بداية لطيفة، ماذا عن محاولة ركض سريعة واحدة؟ اعتراض كرة من مدافع متباطئ؟ شيء... أي شيء؟
من بين كل الأسئلة حول مساهمة إيزاك الضئيلة، يبقى سؤال واحد ثقيل: إلى أي درجة تدهّست لياقته عندما بدأ اعتكافه الذاتي للرحيل عن نيوكاسل؟كانت هناك روايات تشير إلى أنه كان يتدرّب مع ناديه السابق ريال سوسيداد. حسناً، ما نوع «الأندية الصحية» التي يشرفون عليها في إقليم الباسك؟
إذا كانت معسكرات إيزاك الصيفية مقتصرة على «الهرولة الخفيفة» فقد نفّذها بإتقان مذهل في ظهوره هذا الأسبوع، لا تسديدة على المرمى، لا صراع ثنائياً ناجحاً، لا تدخل، ولا فرصة كبيرة واحدة، كل هذا خلال 68 دقيقة... يا لها من حصيلة تُرثى.
كان ليفربول يمتلك خط هجوم يعمل كأنه آلة ضغط لا تتوقف، أمّا إيزاك فكانت الضغطة العالية الوحيدة التي مارسها منذ وصوله إلى «آنفيلد» هي المحافظة على أناقة بدلته الرسمية.
المهاجم الذي جاء إيزاك ليحل مكانه، داروين نونيز، كان يتعرَّض لانتقادات لاذعة رغم أنّ أداءه كان أفضل بكثير. نونيز افتقد الهدوء والدقة، لكنه كان نشطاً، محموماً، حاضراً دائماً، لم يكن ممكناً أن تغفل عنه. أما إيزاك، فكان من الممكن ألّا تلاحظ وجوده من الأساس حتى لحظة خروجه.
ولم يكن وحده في هذا الضمور، هناك مجهود جماعي حقيقي لإنجاح مهمة جعل إيزاك يبدو مثل كريستيان بينتيكيه في قميص ليفربول، أكثر منه نونيز أو النموذج الذهبي للمهاجم رقم 9 في النادي: روبيرتو فيرمينو.
الأمر ذاته ينطبق على العوامل التي جعلت فيرتز حتى الآن يبدو أقرب إلى نايغل كلوف بالقميص رقم 7، بدلاً من أن يكون بيتر بيردسلي الجديد الذي كان ينتظره الجميع.
كل ما جعل ليفربول عظيماً الموسم الماضي اختفى مؤقتاً، كل جزء في الملعب أصبح هشاً. الغيابات وبناء العلاقات الجديدة يمكن أن تكون تفسيراً، لكنها ليست عذراً. الفريق الذي كان يجد حلولاً لكل أزمة، أصبح هذا الموسم يفقد رباطة الجأش عند أول انتكاسة، ويحوّل المواقف الخطرة إلى كوارث.
الرسائل المهدّئة بأن «الأمور ستتحسّن» ستستمر، وبالنظر إلى جودة العناصر في فريق سلوت، فالمرجح أن التحسُّن سيأتي، ولو تدريجياً، حتى إن كان القادمون الجدد ما زالوا يحاولون إقناع الجميع بأن القميص ليس ثقيلاً عليهم.
لكن هذا لم يكن المخطط، كان المفترض أن يتقدم ليفربول بقوة من موقع صلب، لا أن يتراجع استعداداً لمحاولة جديدة الموسم المقبل.
جلس توم ويرنر، رئيس النادي، يشاهد كابوس الخسارة 0 - 3 من مقاعد الشرف، على الأرجح مسجلاً ملاحظاته الحمراء لإرسالها إلى قيادة «فينواي».
يمكن لنداءات الصبر والاستعطاف أن تستمر لأسبوع إضافي،لكنها لن تغيّر الحقيقة القاسية:
مالكو النادي على الأرجح ينظرون الآن إلى صفقاتهم القياسية بقلق متزايد، مدركين أنهم مدّوا أيديهم إلى جيوبهم، ليخرجوا بقطع غبار بدلاً من عملات ذهبية.

