من واقع تجربة، مؤتمرات مارسيلو بيلسا تحتاج إلى قدرة تحمل عالية؛ منه ومن الصحافيين على حد سواء. مؤتمره التعريفي مع ليدز يونايتد عام 2018 استمر قرابة 80 دقيقة، وطواله كان بيلسا يلتفت إلى مترجمه ليسأله إن كان يحتاج إلى استراحة.
المدرب الأرجنتيني يملك كذلك سجلاً طويلاً من الاجتماعات الطارئة التي يعقدها فجأة وقت الضغط، دون تنبيه مسبق لما ينوي قوله. وهذا ما حدث ليلة أمس في أوروغواي، حيث بدأت الشقوق تظهر في عهده مدرباً للمنتخب الوطني.
استدعى بيلسا وسائل الإعلام عقب الخسارة القاسية (5-1) أمام الولايات المتحدة يوم الثلاثاء. السؤال المنطقي كان: هل سيستقيل؟
لم يفعل. لكن ما تلا ذلك كان مواجهة مطوّلة، مثيرة، امتدت 105 دقائق كاملة؛ حيث كان بيلسا متحمساً، جالداً لذاته، وغارقاً في التأمل الذاتي. الصحافي فيليبي كارديناس تابع كل التفاصيل لشبكة «The Athletic»، وبعد قراءة تحليله يصبح من المستحيل تقريباً التنبؤ بثقة بما إذا كان بيلسا قادراً على الخروج من هذه الأزمة.
أوروغواي تأهلت فعلاً إلى كأس العالم المقبلة بسهولة نسبية، ما يجعل القلق الحالي يبدو غريباً، لكن الهالة التي منحتها شخصية بيلسا للفريق عند وصوله عام 2023 تلاشت. النتائج تتراجع، والعقم الهجومي يزداد، والتمرد داخل غرفة الملابس بات مسموعاً. بعض الصحافيين في البلاد باتوا يطالبون بإقالته.
في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشف لويس سواريز، المهاجم الذي قرر بيلسا الاستغناء عنه، عن توترات داخلية، وجاءت تصريحات قائد المنتخب الحالي فيديريكو فالفيردي، لتؤكد ما قاله سواريز. بيلسا لن يرحل، ويضع عينه على مونديال يونيو (حزيران). والاتحاد المحلي يبدو متمسكاً به... لكن هل يستطيع النجاة من هذا النفق؟
طوال ساعة و45 دقيقة في مونتيفيديو، لم يحاول بيلسا، المعروف بشخصيته الحادة وابتعاده العاطفي عن اللاعبين، تبرئة نفسه من أي شيء. وهذه أبرز تصريحاته: «أنا مولّد للتوتر. عندما أصل، يصبح الجو متوتراً. لهذا لا أظهر كثيراً. أنا خجول، ومهووس، وشخص آلي. لا أحب الفوضى. هذه عيوبي. من الصعب أن أتصرف بعفوية أو أن أكون ودوداً».
وأردف: «أنا سامّ. تعاملُك معي يجعلك أسوأ حالاً. هل تفهمونني؟ هناك أشخاص سامّون لا يرون سوى الأخطاء التي يصححونها، لا يرضون عن شيء. لا تظنوا أنني أستمتع بذلك».
أما عن انتقادات سواريز فقال: «لم أرد على اتهاماته علناً، لكن تحدثت مع اللاعبين داخلياً. كل شيء مضى. لا أحمل ضغينة ولا أسعى للانتقام».
المؤتمر تخللته إشارات غريبة عن أطقم الأسنان، وبراد بيت، والطماطم، والجراجات، وغناء التانغو. الصحافيون واجهوه، والأجواء كانت مكهربة. بعد قراءة تحليل فيليبي، تدرك حجم المهمة أمام بيلسا.
قبل 18 شهراً، كنت لتتجنب مواجهة أوروغواي في سحب قرعة كأس العالم. الآن، المنتخب يقف على «جليد رقيق» أكثر من أي متأهل آخر.

