لطالما حلم جاو ييتانغ باللعب لمصلحة منتخب الصين لكرة القدم، وقد تحقق حلمه هذا الصيف، لكن ليس بحذاء رياضي على أرض الملعب، بل عبر هاتف ذكي.
ومع ازدياد شعبية كرة القدم الإلكترونية عالمياً، تسعى الصين لتحقيق النجاح على الملعب الافتراضي، بعد عقود من الإخفاقات في الرياضة الواقعية. وقد أعلن «الاتحاد الصيني لكرة القدم» عن خطط لتشكيل منتخب وطني خاص برياضة كرة القدم الإلكترونية؛ مما أنعش الآمال لدى لاعبين مثل جاو. وكان اللاعب قال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إذا تمكنت من الانضمام إلى المنتخب الوطني، فسأبذل قصارى جهدي من أجل الفريق».
وصل جاو (21 عاماً)، الذي تخرج حديثاً، إلى نهائي بطولة «إي فوتبول» لهذا العام في طوكيو، وحل وصيفاً. وكان هذا أفضل إنجاز دولي للصين في اللعبة المعروفة سابقاً باسم «برو إيفولوشن سوكر»، التي تهيمن على مجال رياضة كرة القدم الإلكترونية إلى جانب «إي إيه سبورتس إف سي أونلاين».
ويقول «الاتحاد الصيني لكرة القدم» إن فريقه سيشارك قريباً في فعاليات الرياضات الإلكترونية التي ينظمها «الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)» و«الاتحاد الآسيوي (إيه إف سي)».
ورغم الشعبية الكبيرة لكرة القدم الحقيقية في الصين، فإن هذه الرياضة لطالما عانت من فضائح التلاعب بنتائج المباريات والفساد. وكان الرئيس، شي جينبينغ، قد صرح في وقت سابق بأنه يرغب في أن تستضيف الصين كأس العالم وأن تفوز بها. لكن المنتخب الوطني للرجال يحتل المركز الـ93 في تصنيف «فيفا»، وقد فشل مجدداً في التأهل إلى «كأس العالم 2026». وقد تكون رياضة كرة القدم الإلكترونية بوابة المجد المنتظر؛ فالصين تُعدّ من كبرى أسواق الألعاب الإلكترونية في العالم، ولاعبوها من بين الأفضل في ألعاب الرياضات الإلكترونية الأخرى. لكن بالنسبة إلى اللاعبين المحترفين، فإن السعي وراء المجد في ألعاب الفيديو الخاصة بكرة القدم أقل ربحاً بكثير من المنافسة على الجوائز الكبرى في ألعاب خيالية مثل «ليغ أوف ليجندز» أو «دوتا2»، فالاحترافية في كرة القدم الافتراضية، على عكس الرياضات الإلكترونية الأخرى، لا تزال في مراحلها الأولى.
وقال لاعب الرياضات الإلكترونية السابق «موناكو»، الذي فضّل استخدام اسمه المستعار لتجنب الإساءة عبر الإنترنت: «الجوائز المالية قليلة جداً. من الصعب كسب لقمة العيش من اللعب بشكل احترافي وبدوام كامل». وأضاف أن الفوز بجميع البطولات لن يدرّ على اللاعب أكثر من 70 ألف يوان (9800 دولار) سنوياً قبل الضرائب، مع غياب الرواتب الثابتة. وفي المقابل، يمكن للاعبين في الألعاب الإلكترونية الأوسع شهرة مثل «ليغ أوف ليجندز» أن يحصلوا على رواتب بملايين الدولارات، إلى جانب عقود الرعاية. وقال بان شوين، مدير قسم الرياضات الإلكترونية في نادي تشانغتشون ياتاي الصيني: «ربما لا يوجد سوى 10 أشخاص في كل الصين يمكنهم كسب لقمة العيش من لعب رياضة كرة القدم الإلكترونية». يحاول نادي تشانغتشون أن يتميز عن الآخرين، وقال بان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن النادي الوحيد في الدوري الصيني للدرجة الأولى، وربما النادي الوحيد في الصين، الذي يستثمر باستمرار في الرياضات الإلكترونية».
وقد حلت أندية أخرى فرقها الخاصة بالرياضات الإلكترونية أو تتردد في إنشائها؛ لأنها تُعدّ خاسرة مالياً. ومن أسباب انخفاض الانتشار والقيمة التجارية لرياضة كرة القدم الإلكترونية أن «مستوى المشاركة في ألعاب كرة القدم أعلى»؛ وذلك لأنها تتطلب عادة معرفة بكرة القدم الواقعية، وفق بان، الذي يهدف ناديه إلى جذب مزيد من الجماهير الشابة عبر الرياضات الإلكترونية.
ورغم أن الفرق الصينية شاركت سابقاً في بطولات عالمية لرياضة كرة القدم الإلكترونية، فإن البلاد ليست ضمن قائمة المشاركين في «كأس العالم - فيفا إي» المقبلة، وهي بطولة «إي فوتبول» التي ستُقام في ديسمبر (كانون الأول) بالسعودية.
وعلى مستوى العالم، أصبحت رياضة كرة القدم الإلكترونية جزءاً ثابتاً من المشهد الرياضي، فقد انطلقت بطولة الدوري الإنجليزي الإلكتروني في عام 2018، وأصبحت الرياضات الإلكترونية، بما فيها ألعاب كرة القدم، حدثاً رسمياً يمنح ميداليات في «دورة الألعاب الآسيوية» الأخيرة التي أُقيمت عام 2023. اكتشف جاو، المعروف بلقب «دينغ» أو «المعلم دينغ» في مجتمع رياضة كرة القدم الإلكترونية، لعبة فيديو لكرة القدم لأول مرة عام 2018 بوصفها وسيلة للاسترخاء بين الحصص الدراسية وتدريبات كرة القدم. وقال: «إذا كنت تشاهد كثيراً من مباريات كرة القدم الواقعية، أو تلعب كثيراً منها، فستكون لديك رؤيتك الخاصة بشأن كيفية النجاح في الرياضات الإلكترونية».

