عادت الابتسامة على وجه فينيسيوس جونيور مجدداً. سجل النجم البرازيلي 5 أهداف، وقدم 4 تمريرات حاسمة، ويقدم مستويات ساحرة بعدما كان أداؤه متبايناً خلال الموسم الماضي.
وخلال المباراة التي فاز فيها ريال مدريد على فياريال بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد في المرحلة الماضية من الدوري الإسباني، تألق فينيسيوس بشدة وأشعل حماس جماهير النادي الملكي من جديد.
سجل راقص السامبا هدفين، وكان أفضل لاعبي الفريق من حيث عدد المراوغات الناجحة (6 مراوغات)، والفرص التي خلقها (6 فرص)، وإجمالي التسديدات (5 تسديدات)، والتمريرات في الثلث الهجومي (46 تمريرة).
وبعد عام من حصوله على المركز الثاني في جائزة الكرة الذهبية، يبدو أن فينيسيوس قد تقبل أيضاً فكرة أن قيادة كيليان مبابي للهجوم أصبحت أمراً لا شك فيه، حيث يواصل الثنائي التعاون بشكل رائع لمساعدة ريال مدريد في تصدر جدول ترتيب الدوري الإسباني الممتاز.
لكن خلف الكواليس - حسب غيليم بالاغ على موقع «بي بي سي» - فإن مستقبل اللاعب البرازيلي البالغ من العمر 25 عاماً مع ريال مدريد، أكثر غموضاً الآن من أي وقت مضى، حيث لا تزال محادثات تمديد عقده لما بعد عام 2027 متعثرة.
انتقل فينيسيوس من فلامنغو إلى ريال مدريد في عام 2018، وفاز بثلاثة ألقاب للدوري الإسباني الممتاز، ولقبين لدوري أبطال أوروبا؛ لكن إلى متى ستظل ابتسامته تزين ملعب «سانتياغو برنابيو»؟
مستقبله في ريال مدريد أقل يقيناً من أي وقت مضىقال تشابي ألونسو، مدربه الجديد في ريال مدريد: «أحب أن أراه مبتسماً دائماً، فهذا أمر بالغ الأهمية». فعندما يبتسم النجم البرازيلي، يُشيد به البعض باعتباره رمزاً للأمل؛ بينما يتهمه آخرون بالغرور والغطرسة. وعندما يحتج، يُوصف بعدم الاحترام.
وإذا التزم الصمت والهدوء، يُقال إنه غير راضٍ عن عقده. وإذا بكى، يُطلب منه التحلي بالصبر. وبالتالي، فإن أي رقصة أو احتفال أو شكوى، يتحول كل ذلك إلى ما يشبه استفتاء على شخصيته.
لكن أداءه الحالي، الذي يعد أفضل بداية له في موسم منذ انتقاله إلى ريال مدريد، أسكت كل المشككين والمنتقدين. لكن هؤلاء المشككين قريبون دائماً - خلف الميكروفون، أو على لوحة المفاتيح، أو في المدرجات - ومستعدون للانقضاض على أي خطأ. فإسبانيا، أو على الأقل جزء منها، تحتفل بأهدافه، لكنها تُراقب سلوكه عن كثب.
وفوق كل ذلك، يبدو مستقبل فينيسيوس في ريال مدريد أقل يقيناً من أي وقت مضى.
بعد كأس العالم للأندية، كانت محادثات التجديد بين اللاعب والنادي على وشك الانتهاء. ووافق فينيسيوس حتى على تخفيض مطالبه المتعلقة بالراتب، معلناً رغبته في تمديد التعاقد حتى عام 2030. وكان الطرفان قريبين جداً من الاتفاق، ثم تجمد كل شيء.
تزامن ذلك مع وصول المدير الفني الإسباني تشابي ألونسو، لكن الأمر يتعلق أكثر بتوقف اللاعب ومستشاريه عن الحديث، حتى يفهموا دوره في صفوف الفريق، خصوصاً بعدما أصبح مبابي هو النجم الأبرز، وبالنظر إلى أن تشابي وعد رودريغو بإشراكه على الجهة اليسرى، وهي المعركة التي فاز بها فينيسيوس في الوقت الحالي.
داخل مقر تدريب النادي في فالديبيباس، لا يشكك كثيرون في قدرات وإمكانات فينيسيوس، لكن إعادة تشكيل صفوف ريال مدريد تحت قيادة ألونسو - تدوير اللاعبين، وتركيز المدير الفني الشاب على البنية التكتيكية - جعلت فينيسيوس أحد الخيارات الكثيرة على الجهة اليسرى.
ولم يعد النجم البرازيلي ذلك اللاعب الذي يضمن مكانه في التشكيلة الأساسية دائماً، بالشكل الذي كان عليه الأمر تحت قيادة كارلو أنشيلوتي. وبالتالي، يريد فينيسيوس أن ينتظر ليرى كيف ستسير الأمور.
يشعر النادي بضرورة اتخاذ قرار نهائي بحلول الصيف المقبل، بما في ذلك إمكانية الرحيل إذا لم يوقع اللاعب على عقد جديد. وكل أسبوع يمر دون وضوح في الرؤية، يغذي الشعور بأن اللاعب الذي فاز بكل الألقاب الكبرى ولا يزال من بين لاعبي النخبة في العالم، لا يزال يكافح بطريقة ما من أجل القبول.
ومع ذلك، تجب الإشارة إلى أن العداء تجاه فينيسيوس حقيقي، وله أسماء وتواريخ وأحكام قضائية، فقد تعرض اللاعب للإهانة في ملاعب إسبانيا، وأدلى بشهادته في محاكمات بعد تعليق دمية سوداء ترتدي قميصه على أحد الجسور.
وشهد تعرض عدد من الجماهير لعقوبات مع وقف التنفيذ بسبب توجيه إساءات عنصرية له في فالنسيا ومايوركا، ويعود الفضل في ذلك إلى حد كبير لجهود رابطة الدوري الإسباني الممتاز، لضمان عدم إفلات مثل هذه الأفعال من العقاب في ثقافة قضائية لطالما تعاملت مع لغة كرة القدم و«المزاح» بتساهل كبير.
ومع ذلك، ففي كل مرة يتفاعل فيها فينيسيوس - مشيراً إلى المدرجات، أو طالباً من الحكام التصرف، أو رافضاً التظاهر بأن ما حدث لم يحدث - تعود الأصوات نفسها التي تقول: «نعم، إنهم يهينونه، لكن يتعين عليه أن يتصرف بشكل أفضل»!
يجب أن يدرك الجميع أن احتجاجه واستفزازه ينبعان من المصدر نفسه، وأن إيماءاته وغضبه ومقاومته، كل ذلك ينبع من العيش في بيئة تتطلب منه الابتسام بينما يتعرض هو للإهانة!
عندما يلعب أي لاعب أسود في إسبانيا فإنه يكون تحت رقابة مستمرة، ويتحول كل حركة إلى اختبار ثقافي، ويتم الحكم على كل تعبير من خلال نظرة تتطلب الخضوع.
تؤكد كرة القدم الإسبانية دائماً أنها ليست عنصرية، وربما يكون هذا جزءاً من المشكلة. يتكرر هذا الصراع في نهاية كل أسبوع؛ في الملاعب والاستوديوهات على حد سواء. فإذا رقص فينيسيوس بسعادة، يقال إنه يتحدى الجمهور!
ولا يزال القانون الأخلاقي الإسباني يخلط بين الهدوء والفضيلة، فهو يُكافئ اللاعب الذي يحافظ على هدوئه، والذي لا يُثير غضب الجمهور، والذي يُجسّد صورة النجم المهذب، لكن هذا القانون وُضع في عالم كرة قدم لم يعد موجوداً الآن.
فلاعبو اليوم ليسوا أصناماً صامتة؛ بل مواطنون عالميون ومشهورون ويروجون لعلامات تجارية عالمية، وأحياناً نشطاء. وبالتالي، فإن ظهورهم يعد أداة مهمة. ويُدرك فينيسيوس أن وجوده وتحديه يحملان معنى كبيراً.
ومع ذلك، وبدلاً من التعامل مع ذلك على أنه شكل من أشكال الشجاعة، يعدّه كثيرون استفزازاً. لم يُسَأ فهمه لأنه يتصرف بشكل سيئ؛ بل يُساء فهمه لأن وجوده يُزعزع مفاهيم قديمة حول من يُعرّف الاحترام.










