«نحن نعود إلى البيت»، بهذه الجملة أعلن نادي برشلونة رسمياً نهاية أطول رحلة اغتراب في تاريخه، ليعود الفريق أخيراً إلى كامب نو، يوم السبت، حين يستضيف أتلتيك بيلباو في «الدوري الإسباني»، بعد 909 أيام من الابتعاد بسبب مشروع التجديد العملاق الذي بلغت تكلفته 1.5 مليار يورو.
ووفق شبكة «The Athletic»، فإن رئيس النادي خوان لابورتا وصف العودة بأنها «لحظة تاريخية»، مؤكداً، في تصريحات إذاعية: «سيكون أمراً رائعاً أن نعود إلى ملعبنا من جديد».
كيف وصل برشلونة إلى هذه اللحظة؟
خطط تطوير كامب نو بدأت منذ 2007، لكن المشاريع تعثرت مراراً. عند عودة لابورتا للرئاسة في 2021، أعاد صياغة مشروع «إسباي برشلونة» بالكامل، وجرى التعاقد مع الشركة التركية «ليماك»، قبل الحصول على تمويل ضخم من «غولدمان ساكس»، لينطلق الهدم والبناء في صيف 2023.
لكن، كما يحدث دائماً في برشلونة، الأمور كانت أكثر تعقيداً مما توقّعه الجميع: تأخر وصول التصاريح من البلدية، مشكلات تقنية وهندسية، رحيل الاستشاريين الأصليين، ارتفاع أسعار المواد، احتجاجات عمالية، حتى ظهور حالة سلّ ضمن العمال! لتتراكم التأخيرات إلى أن أصبحت العودة المنتظرة في 2024 مجرد حلم بعيد.
كامب نو الجديد... ماذا تغير؟
الملعب القديم كان متأخراً اقتصادياً، مقارنة بالعمالقة الأوروبيين، 5 في المائة فقط من مقاعده كانت «VIP».
الآن، الوضع مختلف: حلقتان ضخمتان من مقصورات كبار الزوار بين الطابقين الثاني والثالث، غرف ملابس جديدة، ممر لاعبين جديد، مقاعد محسّنة وإضافات خاصة لذوي الاحتياجات.
برشلونة يتوقع دخلاً سنوياً إضافياً يقترب من 120 مليون يورو، بمجرد اكتمال المشروع.
لماذا أُجِّلت العودة كل هذا الوقت؟
أحد أكبر أسباب التأخير كان قرار النادي تغيير التصميم الأصلي، واستبدال الشركة المنفِّذة، وهو ما سبَّب: إعادة تخطيط هندسي كامل، اعتراضات الجيران بسبب الضوضاء والإضاءة، مشاكل في مسارات الإخلاء والمداخل، نقصاً في الأيدي العاملة، مشاكل في سلسلة التوريد.
ومع كل ذلك، لم يحصل النادي على ترخيص المرحلة الأولى، الذي يسمح بدخول 45401 مشجع، إلا هذا الأسبوع.
شروط العودة يوم السبت
الملعب سيُفتح جزئياً فقط: المدرجات المسموح بها: في الجانبين الشرقي والغربي وجنوب الملعب، غير مسموح رسمياً باستقبال جماهير الفريق الضيف (لا توجد منطقة آمنة للفصل)، دخول الجماهير عبر مداخل محسّنة ومسارات إخلاء جديدة.
وستكون هذه أول مباراة في كامب نو بعد التجديد لكل من: هانسي فليك، ماركوس راشفورد، باو كوبارسي، فيرمين لوبيز، وداني أولمو.
كم سيدفع المشجعون؟
هنا بدأت الضجة.
تذاكر «الباس» السنوي: اشترى 21 ألف مشجع الاشتراك (20-52 يورو للمباراة).
التذاكر العادية للمباراة: من 199 يورو إلى أكثر من 500 يورو.
تذاكر الـVIP: 1.050 € بجوار دكة البدلاء.
1.500 € للتجربة «الفاخرة» في صالة كبار الزوار.
لابورتا دافع قائلاً: «هذه أسعار استثنائية... ومع زيادة السعة ستنخفض في القريب».
وماذا عن «دوري الأبطال»؟
برشلونة يريد خوض مباراة 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبل ضد آينتراخت فرنكفورت في كامب نو، لكن لوائح «يويفا» تشترط تخصيص 5 في المائة لجماهير الضيوف، ولا توجد منطقة جاهزة لذلك حتى الآن. القرار سيصدر خلال الأيام المقبلة.
لابورتا: «أنا متفائل... نفعل كل ما هو مطلوب لعودة الفريق إلى الملعب الأوروبي».
متى سيكتمل الملعب؟
سؤال بلا إجابة واضحة...
الموعد الأول: يونيو (حزيران) 2026، الموعد الجديد: صيف 2027 (على الأقل)، السقف الجديد: قد يكتمل في 2028.
أما الهدف القريب فهو الحصول على ترخيص المرحلة الثالثة لرفع السعة إلى 62500 متفرج قبل نهاية العام.
لماذا العودة مهمة اقتصادياً وسياسياً؟
برشلونة بنى ميزانيته لهذا الموسم على إيرادات ملعب تصل إلى 226 مليون يورو.
كما يحتاج النادي لبيع 475 مقعداً «VIP» مقدماً، للحصول على 100 مليون يورو ضرورية لصفقات يناير (كانون الثاني) والصيف.
سياسياً... الانتخابات الرئاسية مقبلة بين مارس (آذار) ويونيو 2026، والعودة المتأخرة إلى كامب نو أصبحت ورقة ضغط ضد لابورتا، خصوصاً مع زيارة ميسي «السرية» للملعب الأسبوع الماضي، وظهور تشافي بجانب نائبة الرئيس إيلينا فورت، وعودة فيكتور فونت إلى الواجهة.
السبت سيكون يوماً احتفالياً، لكنه مجرد محطة في طريق طويل جداً.